الكفيل

على طريق مملكة البحرين عشرات الألوف من العمالة المهاجرة للعمل في الخليج والجزيرة العربية تتطلع الى الحرية والانعتاق من عبودية الكفيل.. وامتلاك حرية الانتقال والعمل في المجالات والاماكن التي ترتضيها لنفسها دون ضغوط او تدخل من أحد

ان استلاب حرية اختيار العمل يتناقض مع طبيعة النظام الاقتصادي الحر القائم على حرية الاختيار في العمل.. من واقع ان عبودية نظام الكفيل يتعارض مع البنية الاقتصادية للنظام الرأسمالي المناقض للعبودية في «استغلال» الايدي المنتجة وتقييد حريتها وارادة خياراتها في العمل.. وكان للنظام الاقتصادي الرأسمالي دور مهم في التاريخ في الاجهاز على عبودية الانتاج والمنتجين وتحرير العبيد وتكريس حريتهم وانعتاقهم على وجه الارض .. ولم تكن التدابير الرأسمالية في تحرير العبيد واعطائهم حرية بيع قوة عملهم في سوق النخاسة الرأسمالية من اجل سواد عيونهم ورحمة بهم.. وانما من اجل تحريك ماكنة الاستغلال والاضطهاد الرأسمالي في جني الارباح وتراكم فائض القيمة. وقد ولت العبودية الى غير رجعة.. الا ان بقاياها ما برحت في عقول ونفوس انظمة اجتماعية مختلفة ولم يكن ما يعرف بنظام الكفيل سيئ الصيت في الدول العربية إلا شكل من اشكال بقايا العبودية المقنعة.. وليس من العبث ان تتضافر الرأسمالية الاوروبية والامريكية في تكريس الجهود الاعلامية والدفع بالضغوطات اللوجستية وتفعيل دوائر حقوق الانسان ومنظمة التجارة العالمية بالعمل على ازالة ما يعرف بنظام الكفيل.. وقد كان ضيم نظام الكفيل منافيا لحقوق الانسان الذي تجابه قمعه وضيمه الملايين من العمال والموظفين الوافدين الى المناطق العربية في ظروف ما يعرف بنظام الكفيل.. وتشير الاحصائيات: بان السعودية تحتل المرتبة الاولى في استيعاب العمالة المصرية التي تبلغ حوالي مليون و400 الف نسمة بنسبة 80٪ تليها قطر 300 الف عامل بنسبة 15٪ تليها الكويت 250 الف عامل ثم الامارات 230 الف عامل خلاف الالوف المؤلفة من العمال الفلبينيين والهنود والباكستانيين والبنغال وغيرهم. فتجارة الاقامة وما يعرف »بالفيزة« السائبة واقع حراك »بزنس« يدر أرباحا خيالية.. حيث يقوم تجار الاقامة بفتح شركات وهمية وبطرق ملتوية او بنفوذ جهات متنفذة (…) ودفع رشاو مجزية في استقدام مئات العمال من الخارج نظير ان يدفع العامل مبلغا من المال مقابل الحصول على سمة دخول.. وعندما يصل العامل لا يجد عملا ويصبح يتسكع على اعتاب ما يعرف بالعمالة السائبة المخالفة للقانون والتي تصبح عرضة للمساءلة والسجن والترحيل.. وتغص المحاكم الشرعية والقانونية بالمئات من العمال الذين يتعرضون الى الاضطهاد وفي القبض على وثائق سفرهم من قبل الكفيل ورفض اعادة جوازات سفرهم الا بعد ان يدفعوا ما صرف عليهم من رسوم اجراءات اقامتهم.. ودائما ما يتم الاتفاق على رواتب وأجور معينة.. الا ان الكفلاء كثيراً ما يخلون بهذه العقود يحيث تتدنى اجورهم ورواتبهم الى النصف.. يقول د. خالد عبيد كما تروي على لسانه مجلة روز اليوسف: »اتفقت على العمل باحدى المستشفيات الاستثمارية الخاصة وابرمت الاتفاق مع الكفيل وكان محددا فيه مدة العقد وساعات العمل بما يعادل ثلاثمائة دينار.. الا انني بعد ان ذهبت الى هناك فوجئت بفترة العمل تزيد عما تم الاتفاق عليه بـ 7 ساعات يوميا اضافية على الفترة التي تم الاتفاق عليها وبراتب اقل في حدود 150 ديناراً وعندما رفضت هذا الوضع اجبرني الكفيل على دفع ثمن التأشيرة« اما المهندس صفوت ابراهيم فيقول: »كنت اعمل لمدة 20 سنة واذا بالكفيل يطلب مني فجأة بعد عشر سنوات من العمل المتواصل التوقف عن العمل ويصادر راتب 8 اشهر كان يحتجزها عنده وعندما شكوته في وزارة الداخلية لم اصل الى نتيجة واضطررت للخضوع في نهاية الامر«. ان حوداث كثيرة مماثلة ومتعددة المآسي في الدول العربية بشكل عام.. ناهيك بما يعرف بسجون الترحيل التي تعج بها بعض الدول العربية والتي تكتض بالالوف من العمالة الوافدة والتي تنتظر بفارغ الصبر ترحيلها.. اما عمالة الخدم والخدامات فحدث ولا حرج من قسوة ظروف ما يعانونه من جلد واغتصاب وتعذيب وتنكيل في ظل نظام الكفيل الذي يجسد واقع عبودية الانسان لأخيه الانسان!! ان احترام الحقوق الانسانية للعمالة الوافدة.. يعني احترام حقوق الانسان في ذات مواطنة الوطن في الدول.. والنظام الذي لا يحترم ولا يصون ولا يرعى حقوق الانسان للعمالة الوافدة.. فانه بالضرورة لا يحترم ولا يرعى ولا يصون حقوق الانسان في وطنه. تحية لمملكة البحرين الرائدة في هذا الاجراء الانساني النبيل والسباقة في دفع نظام الكفيل الى بقايا التاريخ