انخفاض القوة الشرائية.. تقلص التبرعات.. وتفاؤل بتحسين الأجور

كتب – محمد الموسوي:
تباينت آراء عدد من الشخصيات الناشطة في قطاعات الاقتصاد, العمل الخيري, والعمل النقابي, حول تداعيات الآزمة المالية العالمية على تلك القطاعات, ففي الوقت الذي أدت الأزمة, بحسب رئيس لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة تجارة وصناعة البحرين عبدالحكيم الشمري, الى تراجع القوة الشرائية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة تتراوح ما بين 20 الى 40%, أكد الناشط الاجتماعي حسين مدن أن الأزمة ألقت بظلالها على العمل الخيري, إذ انخفضت نسبة استجابة البنوك والشركات الكبيرة الى طلبات التبرع الى نسبة 7% بعد أن كانت في حدود الـ 25%, فيما أكد الأمين العام المساعد في الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين كريم رضي أن «الاتحاد متفائل بأن لا تؤثر الأزمة على توصيات مؤتمر الأجور».
الشمري: 20 ألف مؤسسة
انخفضت قوتها الشرائية من 20 – 40%

أكد رئيس لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة تجارة وصناعة البحرين عبدالحكيم الشمري أن «مما لا شك فيه أن الأزمة المالية العالمية تركت آثارا كبيرة على جميع القطاعات, ويأتي في طليعة تلك الآثار الأثر النفسي الذي أثر بشكل معين في سلوك المستثمرين والمؤسسات التمويلية, وفيما يتعلق بالحديث حول الآثار الممتدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة, فإن ذلك يعني الحديث عن نسبة 90% من مؤسسات القطاع الصناعي, الأمر الذي يوضح حجم الأهمية التي تكتسبها تلك المؤسسات».
وأضاف «من خلال متابعة السوق نلمس بعض البطء في القرارات المتخذة فيما يتعلق بتمويل هذه المؤسسات من قبل البنوك, وبشكل خاص مشاريع التوسع في الحقل الصناعي أو فتح الاعتمادات المصرفية لاستيراد بضائع خارجية» لافتا الى أن «القوة الشرائية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة تراجعت بنسبة تتراوح ما بين 20 الى 40%, الأمر الذي أثر سلبا على دورة السيولة في السوق المحلي, كما أن بعض تلك المؤسسات العاملة في الحقلين الصناعي والتجاري وحتى الاستثماري, بدأت في اعادة حساباتها استعدادا لأسوأ الاحتمالات, في حال وصلت آثار الأزمة المالية الى منطقة الخليج».
وفيما يتعلق بالحديث حول أعداد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السوق البحريني, قال الشمري «لاتوجد احصائيات نهائية في هذا الاطار, ففي الوقت الذي نتحدث فيه نحن في غرفة تجارة وصناعة البحرين عن ما يقرب من 20 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة, يذهب السجل التجاري الى الحديث عن أعداد تتراوح ما بين 60 الى 70 ألف مؤسسة».
وأضاف «بحكم رئاستي للجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الغرفة, فإننا نرى ضرورة لفت الانتباه الى الدور الذي نقوم به من خلال مراقبة الوضع عن كثب حول الآثار المترتبة على رفع هيئة تنظيم سوق العمل لرسوم جلب العمالة الوافدة, ونحن نولي الاهتمام الكبير لهذا الجانب نظرا للتأثيرات البالغة الناتجة عن ذلك والتي لا يمكن تجاهلها» مشيرا الى أن «ما نأمله في هذا الاطار, هو أن تثمر المتابعات والتحليلات عن المؤشرات الايجابية لهذه الرسوم, وإلا ستعاد مناقشة موضوع الرسوم مرة أخرى متى ما رأى مجلس ادارة الغرفة ضرورة لذلك, وهذا الحديث يدل على أن باب الحديث حول تلك الرسوم لم يقفل بعد».
ونفى الشمري أن تكون بعض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قد أغلقت نتيجة لتضررها من تلك الآثار, منوها الى أن «هذا الحديث لا يلغي شعورنا بالتفاؤل حيال مستقبل الاقتصاد البحريني, نتيجة للعديد من العوامل, على رأسها المشاريع القادمة, الزيادة السكانية, اتباع سياسة الأجواء المفتوحة, وفتح الباب للمستثمرين في السوق المحلي, اضافة الى دخول الكثير من المرافق الحيوية مرحلة التشغيل».

مدن: تبرعات البنوك انخفضت للنصف

من جهته, قال الناشط الاجتماعي حسين مدن ان «للأزمة المالية العالمية تأثيرا على مؤسسات العمل الخيري سواء كانت جمعيات أو صناديق خيرية, ويتمثل ذلك التأثير بشكل واضح في انخفاض حجم الميزانية التي تخصصها البنوك والشركات الكبيرة للعمل الخيري» مشيرا الى أن «في فترة ما قبل الأزمة المالية العالمية كانت نسبة الاستجابة من قبل تلك المؤسسات لأية طلبات تقدم لها من أجل الحصول على تبرعات للعمل الخيري تبلغ 25%, أما الآن فإن النسبة لاتتجاوز الـ 7%».
وأضاف «للتدليل على ذلك, قمنا في الفترة القليلة الماضية بإرسال 30 رسالة لعدد مماثل من البنوك والشركات الكبيرة, لتكون النتيجة حصولنا على استجابة من قبل 3 مؤسسات فقط, وذلك بسبب تأثيرات الأزمة المالية العالمية على القطاع التجاري» منوها الى أن « المؤسسات الثلاث المشار اليها كانت جميعها بنوك, وهي لم تتأثر في ناحية الكيف نظرا لعدم أو قلة تأثر تلك البنوك مقارنة بغيرها».
ونفى مدن أن يتسبب ذلك الانخفاض في حجم المساعدات التي تتحصل عليها مؤسسات العمل الخيري الى تهديد وجودها, معتبرا أن «ذلك الانخفاض انحصر في نطاق التبرعات القادمة من قبل الشركات الكبيرة, ولم يمتد الى تلك القادمة من جهة المؤسسات المتوسطة أو رجال الأعمال, الأمر الذي يدفعنا للقول ان الأسر البحرينية التي تحصل على مساعدات المؤسسات الخيرية, والبالغ عددها قبل عام من الآن 10 آلاف أسرة, لاتزال في مأمن من تداعيات الآزمة المالية العالمية».
وبحسب مدن فإن «التبرعات المادية تمثل أكبر دخل للصناديق الخيرية, تليها الحصالات والتبرعات والاشتراكات, أما الأقل دخلا فهي دخل اللجان والاستثمارات, ويبلغ عدد الصناديق التي تحصل على مساعدات من أقل من 10 مؤسسات 24% من اجمالي عدد الصناديق الخيرية البالغ 83 صندوقا, أما غالبية الصناديق (56%) فيحصلون على مساعدة من 10 إلى 30 مؤسسة, فيما يحصل صندوق واحد فقط على مساعدة أكثر من 51 مؤسسة».

رضي: متفائلون بتوصيات مؤتمر الأجور

من جهته قال كريم رضي ان «حكومة البحرين وعلى رأسها رئيس الوزراء يؤكدان أن البحرين لم تتأثر بتداعيات تلك الأزمة, وذلك عائد بشكل أساسي الى التنوع الذي يمتاز به اقتصاد مملكة البحرين» مشيرا الى ان «الاعتماد على هذه التأكيدات يدفعنا للقول بأن التوصيات الصادرة عن مؤتمر الأجور يفترض أن تأخذ طريقها نحو التفعيل».
وأضاف «مواجهة الحكومة للتداعيات الناشئة عن الآزمة المالية العالية تتم بطريقتين, فإما أن تقوم بمساعدة الناس على تخطي تلك التداعيات, أو أن تتركهم يواجهون تلك التداعيات لوحدهم, ونتيجة للتأكيدات الصادرة من قبل الحكومة, والمشار اليها سابقا, فإن الخيار الأول هو الذي يجب أن يطبق».
ونفى رضي حصول الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين على رد مكتوب على التوصيات المرفوعة من قبل مؤتمر الأجور, مشيرا الى أن «كل ما حصل هو مقابلتنا لنائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة, والذي وعدنا من جهته بالاهتمام بتلك التوصيات» منوها الى أن «التفاؤل يدفعنا لتوقع تفعيل الحكومة لتلك التوصيات, والتي كانت عبارة عن مرئيات عامة ناتجة عن مؤتمر الأجور, ويمكن الاشارة هنا الى أبرز ما جاء فيها, كأن يكون هنالك مراعاة للحياة المعيشية وتقلباتها من خلال وضع حد أدنى للأجور, على أن يكون قابلا للمراجعة في ظل التقلبات الاقتصادية, والاشارة الى موضوع الخصخصة, وضرورة أن لايكون ذلك على حساب الطبقة العاملة, اضافة الى قيام الحكومة بدورها في دعم السلع الأساسية بما يسهم في تخفيف المصروفات عن كاهل الأسرة البحرينية».
وردا على سؤال يتعلق بتوقعاته حول تأثير الأزمة المالية العالمية على مصير المادة الخاصة بتطبيق حرية انتقال العامل الأجنبي من قبل هيئة تنظيم سوق العمل, قال رضي «بالنسبة لي أرى أن تلك الأزمة يجب أن تجعلنا نقوم بالسيطرة على وضع العمالة الأجنبية لا أن يظل الباب مفتوحا على مصراعيه لاستقطاب المزيد منها».