أراد وزير العمل في الأفكار التي بسطها في مقاله المنشور منذ أسبوع, والتي على ضوئها كتبنا ما كتبناه من حلقات في هذا المكان, أن يستثير القلق لدى المخلصين لهذه الأوطان والحريصين على مستقبلها, خاصة حين أشار إلى أن هناك سباقا غير متكافئا بين معدلات النمو السكاني للمواطنين والتي تتراوح بين 2 – 3% سنوياً ومعدلات نمو السكان غير المواطنين والتي تبلغ حوالي 6.8% سنوياً, أي ما يقارب ستة أضعاف المعدل العالمي البالغ 1.5%. وفي النتيجة فانه ينبه إلى المخاطر القانونية المترتبة على ذلك, حين لن يعود بوسع دول المنطقة إدارة الظهر إلى الالتزامات الدولية التي تلزمها بالتقيد بشروط جديدة في التعاطي مع العمال الأجانب المقيمين بيننا, وأعطى وزير العمل نماذج من الاتفاقيات الدولية التي عليها تترتب مثل هذه المفاعيل, ومن أبرزها اتفاقية الأمم المتحدة لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم, التي ترسي حقوقاً للعمالة الأجنبية وأفراد أسرهم شبيهة لتلك التي تكفلها الدولة لمواطنيها دون اعتبار للوضع الخاص في منطقة الخليج الذي يتسم بالخلل البين في التركيبة السكانية, حيث يشكل مواطنو هذه الدول أقلية في محيط من العمال الوافدين. وتضمن هذه الاتفاقية, على نحو ما أشار د. مجيد العلوي حقوقاً تشمل جميع أفراد أسرة العامل الأجنبي تحت عنوان «لم شمل الأسرة», بما في ذلك حقوق العمال الموجودين بصورة ٍ غير شرعية. ومن أبرز الحقوق الاستثنائية التي تقررها هذه الاتفاقية: «الحق في التنظيم: مشاركة العمال وأفراد أسرهم في الحياة العامة وممارسة الحقوق السياسية, حق الإقامة ولم الشمل بأزواجهم وكذلك بأولادهم المُعالين غير المتزوجين,الحق في التعليم مع تيسير تعليم اللغة والثقافة الأصليين, الحق في الحصول على الخدمات الاجتماعية بما في ذلك الحصول على مسكن ضمن مشاريع الإسكان الاجتماعية الحكومية لضمان المساواة في المعاملة مع رعايا الدولة». وبالإضافة للحقوق الواسعة التي تمنحها هذه الاتفاقية للعمال الأجانب هناك اتفاقية العمل الدولية رقم (97) لسنة 1949 بشأن العمال المهاجرين, والتي تنص في الفقرة(1) من مادتها رقم (8), على أنه: «لا يجوز أن يعاد العامل المهاجر الذي قبل للعمل على أساس دائم ولأفراد أسرته المصرح لهم بمرافقته أو الالتحاق به, إلى بلده الأصلي أو إلى البلد الذي هاجر منه بسبب عدم تمكنه من عمله لإصابته بمرض أو وقوع حادث له بعد وصوله ما لم يرغب الشخص المعني في ذلك أو ينص عليه اتفاق دولي تكون الدولة العضو طرفاً فيه». ويُشير الوزير كذلك إلى توصية العمل الدولية رقم (86) لسنة 1949 لاستكمال بيان الأحكام المهمة في الاتفاقية (97) لتنص على: «أن يؤخذ طول مدة إقامة المهاجر المذكور في إقليم المهجر بعين الاعتبار وأنه لا يجوز من حيث المبدأ إبعاد أي مهاجر عن هذا الإقليم إذا كان يقيم فيه منذ أكثر من خمس سنوات». والسؤال, بعد كل هذه التوضيحات, ألم يحن بعد وقت التبصر في المستقبل, والنظر بمسؤولية إلى أهمية معالجة هذه الظاهرة التي كنا طرفاً في صنعها, ولكننا لسنا اليوم من يُقرر آليات استمرارها, وما يترتب على هذا الاستمرار من عواقب.