رفض شبه جماعي

يطبق مع نهاية العام – رفض شبه جماعي لإلغاء الكفالة! 

تحقيق: محمود النشيط

أثار تصريح وزير العمل الدكتور مجيد بن محسن العلوي بأن إلغاء كفالة العامل الأجنبي سيطبق بنهاية العام الجاري، بلبلة في اوساط العمل حيث توقع الكثير من التجار ورجال الاعمال بأنه سوف يخلف الكثير من العواقب الوخيمة على السوق وانه سيترك آثارا سلبية على العديد من المشاريع التي يلتزم أصحاب الأعمال بمواعيد محددة لإنجازها.

 وهذا القرار هو جزء من المادة 25 من قانون العمل، ويدخل ضمن مشروع ماكنزي الذي طرح قبل عامين تقريبا، وكثر اللغط حوله بسبب بعض النقاط التي لا تتلاءم وحجم سوق العمل البحرينية، إلا أن تطبيق هذا النظام يأتي وفق ما وقعت عليه مملكة البحرين من اتفاقيات مع منظمة التجارة الحرة الأمريكية والأوروبية، وبالتالي فان هذا الأمر لابد أن يفعل على أرض الواقع وخاصة أن هيئة تنظيم سوق العمل، وصندوق العمل يمثلان جزءا من هذا المشروع الذي جمدت بعض فصوله في حينها بينما نفذت أخرى على الفور وتلمس المعنيين الفوائد منه كما يؤكد المراقبون. ما طرحه رجال الأعمال والتجار من رفض لفكرة إلغاء نظام الكفالة جاء لأنه قد يسبب الفوضى، وأن أعمال مئات الشركات والمؤسسات من الممكن ان تتعطل، بسبب الحرية المطلقة التي يتمتع بها العامل في التنقل من عمل لآخر، ولن تكون لأرباب العمل السيطرة عليه للالتزام ببنود العقد المعمول بها حالياً، والتي تقرها قوانين العمل والهجرة والجوازات بأن يعمل لمدة عامين قابلة للتجديد، وأنه بإمكان العامل رفض الرجوع إلى كفيله بعد ذلك إذا ما وجد عملا أفضل دون مسئولية كفيله الأول.

كذلك أشار الرافضون للقرار بأن المسألة القانونية التي يتحملها الآن الكفيل هي ضمان للأمن العام والمجتمعي، وأن هروب العمالة ساهم في تفشي ظواهر كثيرة لم تعرفها البلاد، وبفضل الجهود الصادقة تم السيطرة عليها، إلا أن مع القرار الجديد سوف تزداد وتتفاقم، ولن تنفع حينها ذرائع حقوق الإنسان، وان حرية العمل المطلقة تنفع مع تفاقم المشكلة التي تحتاج إلى تحرك سريع من قبل ممثلي الشعب في مجلس النواب، وفي مجلس الشورى الذين هم معنيون في المقام الأول بصفتهم نخبة من التجار الذين هم كفلاء لأعداد كبيرة من العمال وملتزمون بمشاريع قد تتأثر إذا ما فكر العمال الذين صرفوا على استقدامهم الكثير ودربوهم ثم يقررون الانتقال إلى كفيل آخر لمجرد أنه سيرفع راتبهم ما بين 5 إلى 10 دنانير فقط. مناقشة المادة (25) ومن المشاركين معنا في هذا التحقيق عبدالعزيز الشملان الذي قال: لقد شاركت في اجتماعات غرفة تجارة وصناعة البحرين، وقد تم طرح المادة 25 من قانون العمل للنقاش وتم البحث فيها لأهميتها القصوى من عدة جهات، وأجمع القائمون بنسبة كبيرة على أنها لا تصلح في السوق البحرينية لما له من وضعية خاصة، يجب ان تكون المواد القانونية أكثر ملاءمة له، وخاصة أن إعطاء العامل الأجنبي مطلق الحرية في التنقل من دون رأي الكفيل أمر في غاية الغرابة، وخاصة أننا نعاني كثيراً العمالة السائبة المخالفة للقانون، وستكون لنا بعد ذلك عمالة سائبة جديدة تحت مظلة القانون من دون الاكتراث إلى ما سوف يخسره أرباب العمل جراء هذا التنقل.

وأضاف الشملان: لقد أشبعنا المادة 25 من القانون الكثير من النقاش وقد شاركنا في ذلك بعض النواب، ورئيس جمعية المقاولين، وبعض رجال الأعمال بحضور الرئيس التنفيذي لهيئة صندوق العمل الذي قال إنه سوف ينظر في الأمر لحين البت فيه، مع العلم بأن مجلس النواب سوف يناقش هذا القرار في جدول أعماله بتاريخ 8 مايو الجاري، ونتأمل أن تكون هناك نتائج إيجابية، تحول بين خسارتنا نحن الكفلاء على حساب المكفول الذي سوف يحظى بحرية مقابل خسارتنا بعد ان نتحمل أعباء استقدامه من بلده ودفع مصاريف التأشيرة والفحص الطبي وتوفير السكن والتدريب، ليكون بعد ذلك جاهزاً للتنقل من دون أي معايير لحقوق أصحاب الأعمال الذين قد يخسرون الكثير جراء قرار العامل المفاجئ في أغلب الأحيان، مما سوف يؤخر أعمالي وأضطر إلى أن أبحث عن البديل الذي يحل مكانه.

زيادة للتسيب وقال سامي آل نوح ان قرار إسقاط الكفالة هو ضمن نقاط برنامج ماكنزي الذي كان عليه لغط كبير، منذ ان تم طرحه لأول مرة، وقد عقدت حينها العديد من اللقاءات التشاورية للوقوف على جميع الجوانب ومدى ملاءمتها للسوق البحرينية التي لها وضعية خاصة، تتفق ربما مع السوق الخليجية التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية في القيام بمختلف المهن تقريباً، وتختلف في جوانب مع السوق الأوروبية والأمريكية التي ربما هي تنفذ هذا القرار بحذافير معينة وليست مطلقة كما يتداول الآن.

وأضاف آل نوح: أن ما تناقلته الصحافة المحلية مؤخراً، على لسان وزير العمل الدكتور مجيد بن محسن العلوي أن القرار سوف ينفذ بنهاية العام والسماح للعمالة بالتنقل بين مختلف الوظائف من دون قيد أو شرط، وهذا الأمر سوف يحدث بلبلة كبيرة في مختلف القطاعات خاصة تلك التي تلتزم بالاتفاقيات لانتهاء أعمال مقررة في موعد محدد، وهذا القرار يجعل كل صاحب عمل غير مستقر حتى انتهاء المشروع تحسباً لأي طارئ قد يحدثه نقل العمالة، والتي في الغالب ستكون من دون حتى مقدمات.

ماذا لنا وما علينا أما سيدة الأعمال إلهام سلطان الفارس فقالت: ان قرار إلغاء الكفالة جاء ليعزز مفهوم حقوق الإنسان، وضد سياسة الاتجار بالبشر، وللمحافظة على السمعة الطيبة التي نحظى بها دائماً، إلا أن هذا الأمر سيكون له مردود سلبي في الغالب على مصلحة التجار وأصحاب الأعمال الذين يعولون كثيراً على التزام عمالهم باللوائح والقوانين التي تقول إنهم ملزمون بالعمل حسب مدة العقد، وأن صاحب العمل معني بالاحتفاظ بجواز السفر، والمسئول الأول أمام السلطة القانونية عن العامل من وقت وصوله البلد لحين سفره، وهذا الأمر معمول به في معظم دول الجوار.

وتضيف الفارس: نحن الآن في ظل مثل هذه القرارات لا نعرف ما لنا وما علينا، والأمر بات يحمل تناقضات فمشروع ماكنزي يدعو إلى توظيف البحرينيين وزيادة الرواتب، وخطة وزارة العمل تهدف الى القضاء على العمالة الأجنبية، في الوقت الذي يطالبوننا فيه ان نسقط الكفالة عن العمال الذين أستقدمهم وأصرف عليهم الكثير في جانب الهجرة والجوازات والصحة والجهاز المركزي للإحصاء والسكن والتدريب، ومن ثم نمنحهم الحرية في أن يقرروا مصير التنقل كيفما شاءوا، ليبدأ العامل بممارسة نوع من الضغط الذي يجعلني رهينته خشية الاضرار بي، والغريب أيضا أنه عندما تطرح القوانين فانها لا تفرق بين أصحاب العمل الذين لديهم 30 أو 5000 عامل، أو الذين رأس مال تجارتهم آلاف مقابل الملايين، مما يعني أن تصنيف القوانين لابد أن يعطي هذه المحاور الأهمية المناسبة، من أجل الوصول إلى صيغة توافقية ترضي جميع الأطراف، لا أن تترك من دون تحديد، ومن أجل أن يعرف الجميع ما لهم وما عليهم عند طرح أي قرار من أجل غايات معينة، تكون فيها مصلحة المكفول على الكفيل المعني بحقوقه الكاملة، من دون أن يحصل على أي حق منه، مما يجعلنا جميعا ندعو للتريث وبحث الأمر أكثر جدية وفي أكثر من زاوية لعدم الاضرار بمصلحة أصحاب الأعمال.

توزيع خبرات كذلك شاركت في الرأي ذاته سيدة الأعمال ابتسام محمد علي قائلة: ان قرار إسقاط الكفالة هو بمثابة توزيع خبرات أصحاب الأعمال الذين يستقدمون العمال من الخارج ويصرفون عليهم الشيء الكثير، ومن ثم يقوم بتدريبهم وتعليمهم بعض أسرار العمل ليتلقفهم بعض من أصحاب العمل المبتدئين للنهوض بأعمالهم ومشاريعهم من دون الاكتراث للأول الذي جلب هذه العمالة من أجل أن تخدمه، لا أن تخدم غيره على حسابه، وهو ما سوف يكون بعد أن يسقط حق الكفيل في المسئولية على العامل الأجنبي الذي سوف يكون جواز سفره في يده ويحق له التنقل أي وقت شاء وربما حتى من دون سابق إنذار مما يعني زيادة رقعة الفوضى التي هي أصلا موجودة الآن بسبب النسبة الكبيرة من العمالة السائبة في البلد، والتي لم يتم القضاء عليها إلى الآن وسوف يزيدها القرار الجديد إذا ما طبق نهاية العام.

وتواصل ابتسام قائلة: ان قانون العمل الآن يجيز للعامل إذا ما رغب في ترك العمل إشعار كفيله بالرغبة في ذلك، مما يعطيه الوقت الكافي لإيجاد البديل في مدة أقلها ثلاثة أشهر، وهذا الأمر أرحم بكثير من القرار الجديد، رغم مرارة الأول خاصة إذا ما عرفت بأن العامل الذي سوف يتركك يحمل كما هائلا من الخبرة العملية التي صرفت عليها الشيء الكثير من أجل الارتقاء بعملك والمحافظة على اسمك في السوق سوف يعمل عند منافسيك من أجل زيادة بسيطة في الراتب، وهذا الأمر من حقه الطبيعي الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال معارضته، رغم الأثر السلبي الذي يخلفه، وبالتالي أدعو باسمي وباسم جميع أصحاب الأعمال الذين سوف يتأثرون كثيراً، إلى إعادة النظر في هذا القرار والبحث عن سبل وطرق جديدة وحديثة تعزز مكانة الطرفين الكفيل والمكفول من دون الإضرار بأحد.

 خسارة أصحاب الأعمال إلى ذلك قال رجل الأعمال جابر الطويل ان قرار إسقاط الكفالة سوف يحدث مشكلة كبيرة في البلاد، وخاصة أن القرار الجديد يسقط بما مقداره 50% من المسئولية التي يتحملها الآن الكفيل ضد العامل، مثل الاحتفاظ بجواز السفر، وتحديد مدة الإقامة، والموافقة على التنقل إلى كفيل آخر، مقابل أن يعمل عندي بأجر محدد، بعد الانتهاء من جميع الإجراءات القانونية أمام الجهات الرسمية، وتوقيع عقد معه حسب المدة المتفق عليها، ويخضع للتدريب والتأهيل لكي يكون قادرا على أداء عمله وفق المطلوب، وهذا الأمر يعمله الجميع، وبالتالي ليس من العدل بعد كل ذلك يحق له ما لا يحق لي أن يترك العمل ويعمل في مكان ربما يكون منافسا لي من اجل أنه حصل على زيادة معينة في راتبه لا أكثر، وأنا المسئول عنه أمام السلطة القانونية في البلد إذا ما فعل أي شيء من دون علمي بعد تركه العمل مباشرة وحتى قبل أن يتم الاتفاق على نقل الكفالة من عدمها، وهو أمر في غاية الخطورة والتجني على أصحاب الأعمال الذين بلا شك سوف يقابلون هذا القرار بالرفض لما سوف يلحق بهم من أضرار كثيرة على المستوى القريب والبعيد، رغم ما نعنيه الآن من تفشي لظاهرة هروب العمالة التي لم تجد وزارة العمل ولا الهجرة والجوازات حلا لها إلى الآن ويمكن أن تتفاقم أكثر بعد ذلك، وليس العكس كما يروج البعض من ان هيئة تنظيم سوق العمل وصندوق العمل سيكون لهما الدور البارز في هذا الأمر.

ويواصل الطويل: لقد كان لنا لقاء سابق مع وزير العمل الدكتور مجيد العلوي ورفعنا له شخصياً هذه المخاوف واعتراضاتنا على هذا القرار، ونحن أصحاب الخبرة في هذا المجال، وليس تجنياً من أجل مصلحة خاصة وغنما من أجل مصلحة البحرين بشكل عام، وتعزيز قانون العمل بما يضمن الحقوق والواجبات على الجميع، وهذا أمر نابع من الحس الوطني، ومن القراءة السريعة للمتغيرات التي يمكن أن تحدثها مثل هذه القرارات إذا ما طبقت على ارض الواقع في نهاية العام.

تعرّف القانون الجديد إلى ذلك حمل رأي الدكتور يوسف المشعل الرأي الآخر فيما ذكره سلفه حيث قال: ان تعرّف قانون العمل الجديد هو المطلب الآن، حيث ان الكثير مما جاء في مشروع ماكنزي أصبح واقعا ملموسا على أرض الواقع بعد تأسيس هيئة سوق العمل، وصندوق العمل ضمن الخطة الجديدة، ومنهم تنفيذ القرار الذي أعلن وزير العمل تنفيذه مع نهاية العام، وبالتالي يجب النظر إلى المستقبل، وتفحص القانون وخاصة المادة 25 التي لا أرى أي ضرورة لمناقشة الموافقة على تنفيذها مع عدمه الآن، بينما تكمن الضرورة في كيفية العمل بها، والمطالبة بقانون العمل المختلف، بما يتناسب والمرحلة القادمة، وخاصة أن المرحلة الحالية ليس فيها بنود كثيرة مقارنة بالقانون الجديد وبنوده الكثيرة والكفيلة بالتجار حماية أنفسهم ومصالحهم.

وأضاف المشعل: القانون أقر من نهاية العام 2006 ومر عام 2007 وللأسف لا القطاع الخاص في غرفة التجارة وصناعة البحرين، ولا مجلسا النواب والشورى اللذان يضمان شريحة كبيرة من التجار ورجال الأعمال لاحظوا بعض البنود وتحركوا لمناقشة المادة أو غيرها كما ينبغي، حتى أصبح الأمر الآن مفروغا أن يتم النقاش فيه حتى إذا ما طرح في مجلس النواب بأي صفة كانت، وإنما العمل المطلوب الآن هو وضع ضوابط جديدة من خلال قانون العمل الجديد، وهذه الأمور التي تصدر في سوق العمل جاءت طبيعية ردة فعل توقيع مملكة البحرين اتفاقيات عالمية، مثلا في مجال حقوق الإنسان، ومع منظمة العمل الدولية، واتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأخرى مع الاتحاد الأوروبي.

ويواصل الدكتور المشعل قائلاً: الآن على الجميع مناقشة الموضوع من الناحيتين الإيجابية والسلبية، ومقارنتها مع ما جاء في المادة من القانون، فلا يعقل أن تجلب لك مهندسا يحمل شهادة الهندسة ولأن كفيله يرغمه على العمل بمهنة عامل أو مشغل أو سائق، ولا تريد منه أن ينتقل إلى عمل أكثر ملاءمة إذا ما وجد نفسه فيه، من دون أن يشعر بأنك حبل مربوط على رقبته تحد من حريته وحركته، مما تجعله مجبوراً على الهرب ومخالفة القانون، وأن القانون الجديد سوف يكفل له هذا الحق، ويسانده في ذلك كما يساند أصحاب العمل من الكفلاء هيئة تنظيم سوق العمل وبدعم من صندوق العمل وجميعهم يعملون تحت مظلة قانون العمل الجديد، وما جاء به مشروع ماكنزي المدعوم من مجلس التنمية الاقتصادية لتحرير سوق العمل، والسماح الحر بحركة العمال في العمل بغض النظر عن جنسياتهم.