العبسي يكشف لـ «الأيام» تفاصيل الخطة الشاملة لمعالجة العمالة غير النظامية:50 ألف عامل غير نظامي و7% الزيادة السنوية

اعلن الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل اسامة العبسي عن تفاصيل الخطة الشاملة لمعالجة العمالة غير النظامية والتي من شأنها الحد بنسبة 60% من ظاهرة العمالة المخالفة والتي وصل عددها الان الى 50 الف عامل غير نظامي. وقال العبسي في حوار لـ «الأيام» ان الهيئة تقوم الان بالاعداد لتفاهمات مع المؤسسات المعنية بشؤون العمال في الدول الرئيسية الاخرى المصدرة للعمالة الاجنبية في البحرين بعد ان تم التوقيع على مذكرة تفاهم مع بنغلاديش مؤخراً.

واشار العبسي الى ان هذه التفاهمات من شأنها تضيق الخناق على العمالة غير النظامية في بلد المصدر عبر حصر معاملات استقدام العمالة لدى وكالة حكومية واحدة في بلد المصدر، ووضع الية الكترونية تتضمن التأكد من بيانات العامل البيولوجية وبصمته قبل قدومه لمعرفة ان كان سبق ترحيله من البحرين.

في السياق ذاته، حذر العبسي من امكانية تضاعف عدد العمالة الاجنبية غير النظامية في البحرين خلال الخمس سنوات القادمة ما لم يتم تنفيذ خطة شاملة لمعالجة هذه الظاهرة مؤكداً ان الزيادة السنوية لهذه العمالة غير النظامية تبلغ نحو 7% سنوياً. واعتبر العبسي تأسيس مركز الايواء لترحيل العمالة غير النظامية يأتي كمرحلة أساسية من حزمة مراحل متكاملة لمعالجة العمالة غير النظامية بشكل شامل. وفيما يلي نص المقابلة:

– وقعتم مذكرة تفاهم مع وزارة الداخلية لتأسيس مركز ايواء جديدة للعمالة غير النظامية، ما الهدف من هذه الخطوة؟

هذه الخطوة يتم بمقتضاها تأسيس مركز الإيواء للعمالة غير النظامية ذي طاقة استيعابية تبلغ 300 عامل تمهيداً لترحيلهم، وتتولى الداخلية توجيه عدد من منتسبيها للتواجد بمقر الهيئة لمراقبة ودعم ومساندة مفتشيها ممن لهم صفة مأموري الضبط القضائي أثناء تحققهم من تطبيق أحكام قانون تنظيم سوق العمل وضبط المخالفين لأحكامه، كما تتضمن المذكرة التطبيق الفوري للاجراءات القانونية، حيث تتولى الداخلية -ممثلة بإدارة البحث والمتابعة الأمنية- توفير ودعم مفتشي هيئة تنظيم سوق العمل بعدد من أفراد الأمن للمرافقة الأمنية أثناء زيارات التفتيش اليومية التي تقوم بها الهيئة في مختلف المحافظات لضبط العمالة غير النظامية. وبلا شك ان وزارة الداخلية بدورها تبذل جهداً كبير بهذا الاتجاه.

– كيف يمكن لمركز إيواء أن يسهم بالحد من هذه الظاهرة؟

 دعيني اوضح هذه النقطة، ان تأسيس مركز إيواء يشكل الأرضية التي تقوم عليها خطة الهيئة لمعالجة ظاهرة العمالة غير النظامية جذرياً، حيث يأتي إنشاء مركز الإيواء مكتمل المواصفات ومطابق لمعايير حقوق الانسان يستوعب حوالي 300 شخص ‏مخالف، وتقوم الداخلية -وفق المذكرة- بعرض ‏الأجانب المخالفين لأحكام قانون تنظيم سوق العمل على الجهات المختصة، وتتخذ الجهتان ‏الإجراءات المطلوبة تمهيداً لترحيلهم إلى خارج المملكة طبقاً للقانون بأسرع وقت وأقل التعقيدات، وتخصص كل جهة عدداً كافياً ‏من الموارد البشرية اللازمة لاتمام هذه الإجراءات بالسرعة الممكنة وخلال المدد القانونية، جميع هذه الخطوات تأتي في اطار الخطة الشاملة التي اقرها مجلس ادارة الهيئة وهي نتاج الدعم المباشر من مجلس الوزراء. لدينا خطة شاملة لا يمكن ضمان نجاحها من دون وجود مركز الإيواء، إذ يتم حالياً مخالفة العامل الأجنبي غير النظامي وإخلاء سبيله وذلك نظراً لعدم وجود مركز الإيواء لتوقيفه لحين موعد ترحيله، فهو يخلى سبيله رغم انه مخالف لأنظمة العمل والإقامة ويتيح لنا القانون ترحيله لكن لا يتيح لنا حبسه في غير مركز الإيواء مخصص لهذا الغرض لأنه ليس مجرماً بالمعنى القانوني للكلمة، وبحسب القانون يمكن ايقافه لحين ترتيب موعد وإجراءات ترحيله، لذلك مركز الإيواء هذا سيشكل أرضية خطة الهيئة الشاملة للمعالجة.

– ما هي أبرز ملامح الخطة الشاملة للهيئة لإنهاء هذه الظاهرة؟

من المهم جدا ان اوضح أن الجهات المعنية بالعمالة غير النظامية بالمملكة وضعت خلال العقدين الماضيين العديد من الخطط على المستوى المحلي لمعالجة هذه الظاهرة وبناء على الزيادة في عدد العمالة السائبة سنويا فانه من المؤكد ان هذه الخطط لم يحالفها النجاح بالقدر الذي كان مؤملا منها رغم صدق النوايا والحس الوطني الذي كان يقف وراءها، وشخصياً كنت مطلعا طيلة تلك الفترة على هذه الخطط، وفيما لا أقلل أبداً من جهود القائمين على تنفيذها، أؤكد أن الهيئة استفادت فائدة كبرى من تلك التجارب وعملنا بالهيئة على تلافي الثغرات التي ظهرت في تلك الفترة، والاستفادة من ناتج تجاربها لوضع خطة شاملة يجري تنفيذها على أكثر من صعيد وبالشراكة مع مختلف المؤسسات الرسمية والاهلية المعنية بالعمالة الأجنبية، وبالتعاون مع الدول المصدرة للعمالة، ولقد راعينا بالخطة أن تتضمن جميع المفردات ذات العلاقة بمعالجة الظاهرة على مختلف المستويات وعلى الصعيدين الرسمي والأهلي، والمحلي والدولي، خطة الهيئة تتمحور على اربعة محاور رئيسية أولها تأسيس فريق تفتيش داخل الهيئة يكون قويا ومجهزا، فبدأنا بزيادة اعداد المفتشين من 36 إلى 55 في العام الماضي وسيرتفع إلى 75 بانضمام 20 مفتشا جديدا خلال أيام قلائل في أول أبريل القادم، وتم تجهيزهم بأجهزة بصمات الكترونية نقالة جديدة نستبدل بها القديمة وتجهيزات أخرى تدعم فاعليته، ثم جاء وقت يساهم فيه الشركاء بقدر كاف لضمان التكامل متمثلا بتوفير كادر كبير من رجال الامن لمرافقة مفتشي الهيئة في كل زياراتهم اليومية -وليس فقط في الحملات المشتركة- وكذلك انشاء مركز الايواء، تضمن الخطة ايضاً محور تنظيم العلاقة مع الدول المصدرة للعمالة حيث ‏اكتشفنا أن من يقف خلف استشراء ظاهرة العمالة غير النظامية وجود شبكات منظمة لتزويد المنطقة ‏بالعمالة المخالفة، وعلى إثر دراسة متخصصة للظاهرة، تأكد أن هناك سوقا متكاملة ويطلق عليها اصطلاحا «تجارة التأشيرات/الفري فيزا» فيها الموردون والمصدرون والوسطاء والسماسرة وكذلك الضحايا للأسف… اجتمعوا جميعا على التكسب غير المشروع من وراء الاضرار بالتاجر الملتزم واستنزاف موارد المملكة وتعريض أمن المجتمع البحريني للخطر، وتشمل هذه المنظومة الاجرامية ضمن ما تشمل إنشاء سجلات تجارية وهمية غير قائمة على أرض الواقع واستغلال حاجة بعض الفئات الضعيفة في المجتمع لاستخراج تلك السجلات بأسمائها تهربا من المسؤولية، وان انتعاش هذا السوق تقف خلفه عملية منظمة في البلدان المصدرة للعمالة تشرف على انسيابية عملياته خارج حدود المملكة وبالتالي خارج سيطرتنا، وهذا يؤدي بنا إلى حقيقة هامة وهي أنه من دون محاربة هذه العوامل الأساسية التي يرتكز عليها استشراء ظاهرة العمالة غير النظامية بالبحرين بصورة خاصة، والخليج العربي بصورة عامة، فستكون الجهود المحلية غير قادرة على إيجاد حل حقيقي ودائم بل وحاسم لهذه الظاهرة التي تتسبب في تشوهات سوق العمل المحلي والإقليمي. دراساتنا كشفت نتائجها أن غالبية الترتيبات غير القانونية لمثل هذه الممارسات تتم في بلد المصدر، وينظمها وسطاء غير قانونيين، يستغلون حلم البسطاء بالهجرة لتحسين وضعهم المادي فيتقاضون منهم أموالا طائلة ليزجوا بهم في شوارعنا ومناطقنا السكنية، الامر الذي يتطلب وضع آليات مع الجهات الرسمية في بلد المصدر للسيطرة على هذه الممارسات وايقافها.

ومن هذا المنطلق قمنا بزيارة مؤخرا إلى بنغلادش حيث تشكل العمالة البنغالية ثاني أكبر كتلة عمالية وافدة بالمملكة، وتضمنت المناقشات التنسيق مع الوكالة الحكومية المسؤولة عن تصدير العمالة البنغالية في مختلف الشؤون العمالية لأصحاب الاعمال الذين يرغبون في جلب عمال بنغاليين، واعتمادها كمرجعية وحيدة في شؤون العمالة البنغالية، وذلك لاستبعاد الوسطاء وسماسرة تراخيص العمل.

الزيارة كانت مثمرة حيث بحثنا آلية الكترونية أكثر تطوراً للتأكد من سلامة الإجراءات قبل مغادرة العامل لبنغلاديش متوجهاً للعمل بالمملكة، تتضمن التأكد من بياناته البيولوجية وبصمته الشخصية بمطابقتها مع قاعدة بيانات الهيئة قبل سفره، لمعرفة إن كان قد سبق ترحيله من البحرين حتى لو غير بياناته في جواز السفر، كما تم الاتفاق على أن يتم إجراء جميع معاملات استقدام العمالة البنغالية إلى البحرين حصريا عن طريق الوكالة الرسمية البنغالية المتخصصة والمعتمدة حكومياً، وبالتنسيق والتعاون الوثيق مع سفارة بنغلاديش بالمملكة لضمان حقوق كلٍ من العمال وأصحاب الأعمال، واستبعاد تدخل السماسرة والوسطاء في العملية.

ونقوم حالياً بالإعداد لتفاهمات مماثلة مع المؤسسات المعنية بشؤون العمال في الدول الرئيسية الاخرى المصدرة للعمالة الأجنبية إلى البحرين، وهذه التفاهمات كفيلة بإنجاز 60 بالمائة من حلول ظاهرة العمالة غير النظامية عن طريق تضييق الخناق عليها في بلد المصدر، وتبقى نسبة 40 بالمائة للمعالجة المحلية، اود ان اشير الى وجود تنسيق على صعيد وزارات العمل بمجلس التعاون لدول الخليج العربية في مناقشة مشروع «نظام حوكمة حوار ابوظبي» مع الدول الاسيوية المصدرة والمستقبلة للعمالة التعاقدية، وحوار ابوظبي هو الية تشاورية طوعية غير ملزمة لتطوير دورة العمل التعاقدي».

– ماذا عن المحورين الآخرين للخطة الشاملة؟ ونسبة المعالجة الباقية؟

هناك المبادرة بطرح مقترحات عملية بتعديلات قانونية تدعم جهود مكافحة ‏هذه الظاهرة، وتفعيل البنية القانونية للتحرك في مكافحة العمالة غير النظامية، وأبرز تلك المقترحات تطوير قانون الهيئة بتحميل صاحب العمل الجالب للعمالة غير القانونية قصدا جزءا كبيراً من المسؤولية، قانون الهيئة حالياً وكما تعرفون يعاقب صاحب العمل الذي يشغل العامل غير النظامي بجزاء وغرامة مالية تبلغ الف دينار، وفي حالة العود يمكن أن تتضاعف ويمكن أن تصل إلى الحبس، كما يعاقب القانون العامل غير النظامي بترحيله ومنعه من العودة للعمل بالمملكة مرة أخرى، لكن هناك أيضا مسؤولية على صاحب العمل الذي من الأساس يجلب قصداً العمالة الأجنبية بقصد المتاجرة فيها، وهذه فئة تزداد يوما بعد يوم، وبالتالي فإن تطوير القوانين يجب أن يأخذ بالاعتبار هذه الفئة من أصحاب السجلات الوهمية التي تتاجر برخص العمل وتغرق السوق بالعمالة غير النظامية، لا بد من وجود آلية تضمن حماية اصحاب الأعمال الملتزمين بالقانون الذين قد يفاجأون بهروب العمالة الاجنبية منهم دون أن يكونوا من فئة المتاجرين بالعمالة، ونحن بهذا الإجراء القانوني في مخالفة المتاجرين بالعمالة الاجنبية نحمي أصحاب العمل الملتزمين والذين طالما طالبوا بإجراءات لحمايتهم من المنافسة غير الشريفة في السوق. والموضوع بالفعل من الضروري الالتفات لخطورته.

-كم بلغ عدد العمالة غير النظامية اليوم؟

أحدث احصائيات الهيئة تشير إلى وجود أكثر من 50 ألف عامل أجنبي مخالف والتي اصطلح على تسميتها بـ»العمالة السائبة»، وتؤكد دراسات الهيئة أنه وبرغم التدقيق والتحقق من الطلبات الواردة للهيئة إلا أن الزيادة السنوية لهذه العمالة غير النظامية تبلغ نحو 7 بالمائة سنوياً، وإن لم ننفذ خطة شاملة لمعالجة هذه الظاهرة سيتضاعف عدد العمالة الاجنبية غير النظامية خلال السنوات الخمس القادمة، لذلك نحن مصرون على تنفيذ الخطة الشاملة مع الحرص على جميع اعتبارات الحقوق العمالية والانسانية ودائما وفق القوانين وبمراعاة الأنظمة المحلية والدولية، وأيضاً بمراعاة مصالح جميع الأطراف في سوق العمل المحلي لمنع أية انعكاسات سلبية تؤثر على اقتصادنا ومجتمعنا، لذلك يركز المحور الرابع طرح حزمة من البرامج التوعوية ضمن حملة إعلامية شاملة تستهدف كافة فئات المجتمع ‏باعتبار أن حل هذه المشكلة مسؤولية مجتمعية كما ستطال حملات التوعية الإعلامية العمال والتجار بكل فئاتهم، وستتوجه الحملة التوعوية إلى العمال وبلغاتهم الأم وتتضمن رسائل توعية بالأنظمة وبحقوقهم وواجباتهم، وبحيث يتم سد ذرائع عدم العلم بالأنظمة، وقد تم كمرحلة أولى من الحملة التوعوية إنجاز رسائل التوعية بعدة لغات للعمالة الاجنبية يتم عرضها في وسائل النقل العامة، حيث أكدت دراساتنا أن غالبية العمالة الأجنبية تستخدمها للتنقل مما يجعل من وسائل النقل العامة هذه الأكثر مثالية لضمان وصول رسائل الحملة إلى أكبر عدد ممكن من العمال باختلاف جنسايتهم ولغاتهم.

-هل من اتجاه نحو إطلاق ما يسمى بـ «فترة سماح» لتصحيح أوضاع المخالفين قبل البدء في هذه الخطة؟

دعيني اسال كم من فترة سماح تمت في الماضي؟ في رأيي الشخصي ما يسمى بفترات السماح لم تنجح بل فاقمت المشكلة، ففي واقع الامر تكرار فترات السماح أدى إلى أن يتعمد المخالف كسر القانون لعلمه أن فترة سماح ستأتي لا محالة ليستفيد منها, وبالتالي نرى أعداد العمالة المخالفة يزداد بعد فترات السماح وليس بالعكس، وعليه فإنني لا أرى جدوى من إطلاقها مرة أخرى».

-الم يحن الوقت لكافة الاطراف ان تتعاون معكم من اجل القضاء على هذه الظاهرة التي شوهت سوق العمل البحريني وامتهنت كرامة وافدين كثر؟

اؤكد ان هيئة تنظيم سوق العمل عازمة على القيام بدورها التنظيمي، وليس فقط الخدماتي والذي لا نقلل من أهميته، فنحن هيئة دورها «تنظيم سوق العمل» وسوق العمل جزء من المنظومة الاقتصادية على المستوى الفردي لدى كل صاحب عمل، والمستوى الشمولي الوطني، فإن نظم سوق العمل قلت التشوهات في القطاع الخاص ونهض بدوره الوطني كمحرك رئيسي للاقتصاد. ونحن مع قناعتنا بأهمية وحجم الموضوع، مؤمنون بأن حل هذه المشكلة لا يقف فقط عند أبواب الهيئة، ونمد أيدينا للتعاون مع الجميع، فبالاضافة لوزارة الداخلية فالهيئة ممثلة في جميع لجان المحافظات ذات العلاقة، ونتعاون مع وزارات البلديات والصحة والعمل، وننسق مع غرفة التجارة ومختلف الجهات التي تمثل القطاع الاقتصادي، ونثق أن شركاءنا في القطاعين الحكومي والاهلي لا يقلون عنا في اهتمامهم بحماية مجتمعهم معالجة العمالة غير النظامية، فالعمل المشترك بين جميع الاطراف هو الضمانة الاكيدة للنجاح،‏ خاصة وأن معالجة ظاهرة العمالة غير النظامية تحقق الصالح العام للجميع.

كما يهمني أن أؤكد أن المعالجة الجذرية للعمالة غير النظامية بكل تفاصيل الخطة الشاملة تأتي ضمن ضوابط القانون البحريني والدولي، وضمن احترام مقررات حقوق الإنسان التي تكفلها القوانين الدولية, إذ نحن نعي أننا تتعامل مع مخالفي أنظمة الإقامة وتراخيص العمل كمخالفين للقانون وليس كمجرمين، مع حفظ حقوقهم وكرامتهم الإنسانية.