اقتحم بعض المعتصمين من أصحاب العمل اليوم الثلاثاء الموافق 3 أغسطس 2010 مبنى هيئة تنظيم سوق العمل متشحين بقطع ملابس سوداء رافعين أصواتهم ومتهجمين على موظفي الهيئة بالقول ومروعين العملاء من المواطنين والأجانب الذين تخدمهم الهيئة، وتطاولوا على موظفي الهيئة ورئيسها التنفيذي بصفته الوظيفية بألفاظ نابية تخدش اعتباره.
مما جعل الهيئة مضطرة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، إذ أن موظفي الهيئة هم موظفون عموميون يمثلون الدولة ولا يوجد فارق بينهم وبين أي موظف آخر في الجهات الرسمية ولا يقل احترامهم عن احترام أي موظف آخر، وهم يقومون بواجبهم حسب الإجراءات واللوائح، لذلك كله بدأت هيئة تنظيم سوق العمل باتخاذ الإجراءات القانونية ضد أولئك الذين تطاولوا على موظفيها واقتحموا مبناها في صورة غير حضارية متشحين بقطع أقمشة سوداء حاملين لافتات الاحتجاج رافعين أصواتهم بالسب والتطاول والتجريح مما ألقى الرعب والروع في قلوب الموظفين والمتعاملين من المواطنين والأجانب.
وإن الهيئة لتأسف على اتخاذ هذا الإجراء القانوني الذي يهدف إلى حماية كرامة الموظفين وأمنهم والحفاظ على هيبة جهة حكومية تعمل ليل نهار في خدمة عملائها من مواطنين ومقيمين، إلا أن التصرف الذي بدر، ولم يكن للمرة الأولى، من بعض الذين استمروا في التطاول والسب ورفع الصوت بقصد إحراج المسئولين واتهامهم بما ليس فيهم قد جعل من اتخاذ هذا القرار أمرا لا مناص منه بعد أن بلغ السيل الزبى.
ونعيد هنا تذكير الجمهور والرأي العام بأن هيئة تنظيم سوق العمل أنيطت بها مهمة جسيمة من مهمات المشروع الإصلاحي وهي مهمة تنظيم سوق العمل بالتعاون مع الجهات الأخرى مثل صندوق العمل “تمكين” ووزارة الداخلية إلى جانب وزارة العمل والصحة والجهاز المركزي للمعلومات وغيرها، والهيئة تعمل في نطاق القانون رقم 19 لسنة 2006 بشأن تنظيم سوق العمل وتسعى جاهدة لتطبيقه بلا استثناء على الجميع بشكل جديد ومختلف وسريع.
ومنذ بدء تدشين خدماتها في يوليو 2008، وهي تواجه مقاومة من بعض أصحاب الأعمال، وهي مقاومة طبيعية نحترمها ونتفهم رؤاها، وعمدت الهيئة إلى عقد اجتماعات مكثفة مع كثير من المقاومين وأخذنا بوجهات نظرهم وتبنينا بعض تلك الآراء التي كان من شأنها تطوير العمل واستمعنا إلى كل من زعم التعرض للضرر، فالهيئة ليست معصومة من الخطأ والخطأ في عملنا وارد، ولكن نفخر أن لدينا آلية واضحة في معالجة الخطأ ولا يأتي ذلك إلا من خلال الحوار والتغذية الراجعة.
إلا أن بعض أصحاب الأعمال، الذين لا يزيد عددهم عن أصابع اليدين، دشنوا حركة اعتصامات متواصلة يطالبون فيها بمطالب لا دخل للهيئة بها مثل قضية الرسوم، ومع ذلك اجتمعت بهم الهيئة في بادئ الأمر واستمعت إلى رؤاهم وشكاواهم بكل رحابة صدر وطلبت منهم إثبات الضرر في مؤسساتهم بوقائع وحقائق كي نتمكن من رفع الأمر إلى مجلس إدارة الهيئة لاتخاذ الإجراءات المناسبة ومساعدتهم في حدود صلاحياته ولرصد تأثير إجراءات الهيئة ورسوم تصاريح العمل بشكل علمي ومدروس، إلا أنهم لم يقدموا للهيئة ما يثبت تضررهم وخسائرهم حتى يومنا هذا.
ووصل الأمر ببعضهم إلى محاولة ابتزاز المسئولين في الهيئة بمنطق “إن لم تمرروا معاملاتنا وتزيلوا مخالفاتنا في انظمتكم، فسنعتصم أمام المبنى، ونحرض الآخرين”، وهو أمر لم ولن تذعن له الهيئة ولن تسلم به تحت أي حال فالجميع أمام القانون سواء ولا توجد استثناءات إلا في إطار القانون.
ومع ذلك، فقد قدرنا اعتصاماتهم الأسبوعية وتحريضهم للآخرين أمام المبنى وفرغنا لهم المواقف المخصصة لسيارات التفتيش كي ينعموا بمكان آمن للاعتصام والتعبير عن رأيهم، بل أن بعض المسئولين في الهيئة كان ينزل إليهم لينظر إن كانوا بحاجة إلى أي تسهيل للاعتصام، إلا أن هذا الرقي في التعامل من قبل الهيئة قوبل بجحود ومعاملة غير حضارية من قبل بعضهم، ممن يظن أن الحق يدور معه وكل من عداه مخطئون.
وبودنا أن نتساءل، من أين لبعض “المفلسين” و “المتضررين” و “المخالفين للأنظمة” كل هذا الدعم لمواصلة اعتصامات طويلة الأمد مزودة بكراسي ولافتات ولوحات ملونة ويافطات وأجهزة ومكبرات صوت وسيارات نقل وعمال يركبون تلك التجهيزات ونعوش ورايات، فمن أين لهم كل ذلك؟
لذا، وبعد تجرؤهم على اقتحام المبنى متشحين بقطع أقمشة سوداء، في مظهر غير حضاري ويسيء إلى سمعة واقتصاد المملكة ويعطل الهيئة في تقديم خدماتها للمراجعين، حيث لا يخفى على احد بأن الهيئة تستقبل يوميا العديد من المراجعين والمستثمرين الأجانب بالإضافة إلى كبار الشخصيات من زوار المملكة، فإن الهيئة تأسف مرة أخرى لاتخاذها هذا الإجراء. فلكل شيء حدود وأن قيام البعض بتحريض كل من يمر بهم والجمهور المتعامل مع الهيئة للاعتصام وعدم التعامل مع الهيئة، وتعاملهم غير الحضاري مع موظفي الهيئة وترهيب المتعاملين والموظفين داخل مبنى جهة رسمية والتطاول على شخص الرئيس التنفيذي والمسئولين في الهيئة بما ليس فيهم، كل ذلك وغيره جعل من المحتم على الهيئة اتخاذ الإجراءات القانونية بعد أن وصل الأمر إلى منتهاه، ولا يمكن احتمال هذه التصرفات من قبل الهيئة من موظفين ومسئولين ومنسوبي الجهات الأخرى الموجودة في الهيئة والمتعاملين في الهيئة من مواطنين ومقيمين أجانب.