الصيادون: إنذار أخير قبل الإضراب العام

اعتصم الصيادون أمس (السبت) بفرضة المحرق مطالبين الحكومة بدراسة وتنفيذ 5 مطالب، أو اللجوء لخيار الإضراب العام في حال لم يتم التجاوب مع المطالب عقب مهلة عدة أيام من الاعتصام. وطالب الصيادون خلال اعتصامهم بصرف تعويضات مجزية للمتضررين منهم إثر تدمير الموائل والفشوت البحرية ودفان السواحل، وإسقاط رسوم هيئة تنظيم سوق العمل الشهرية على العمال (10 دنانير عن كل عامل)، وتنفيذ توصيات لجنة التحقيق البرلمانية في أعمال الدفان والردم البحري، وصرف رواتب تقاعدية مدى الحياة للصيادين المسجلين رسميا الذين انقطع عملهم وتضرروا بفعل الدفان وانخفاض المخزون السمكي. بالإضافة إلى إنشاء صندوق لدعم الصيادين.

——————————————————————————–

في اعتصام استنكروا خلاله تدمير الفشوت والسواحل وموائل الأسماك
الصيادون يساومون الحكومة على تنفيذ 5 مطالب… أو الإضراب
المحرق – صادق الحلواجي

استعرض الصيادون في اعتصام نظموه أمس (السبت) 5 مطالب ساوموا الحكومة على دراستها وتنفيذها. أو القبول بخيار الإضراب العام في حال لم تتجاوب الأخيرة مع المطالب عقب مهلة عدة أيام من الاعتصام.

وجاءت مطالبات الصيادين متمثلة في صرف تعويضات مجزية للمتضررين منهم إثر تدمير الموائل والفشوت البحرية ودفان السواحل، وإسقاط رسوم هيئة تنظيم سوق العمل الشهرية على العمال (10 دنانير عن كل عامل)، وتنفيذ توصيات لجنة التحقيق البرلمانية في أعمال الدفان والردم البحري، وصرف رواتب تقاعدية مدى الحياة للصيادين المسجلين رسميا الذين انقطع عملهم وتضرروا بفعل الدفان وانخفاض المخزون السمكي. بالإضافة إلى إنشاء صندوق لدعم الصيادين.

كما طالب الصيادون ضمن اعتصامهم بفرضة المحرق أمس بتدخل الحكومة وإيقاف الحملة العشوائية المنفذة حاليا على السواحل بحجة التنمية المستدامة والاستثمارية، مشيرين إلى أن المشروعات التي تتذرع الحكومة بالموافقة على إنشائها لعودة مصلحتها على المواطنين بات أمرا مكشوفا، لأنهم لا يستفيدون منها بقدر ما يتضررون، فالصيادون والمجالس البلدية والجمعيات البيئة والسياسية كلها تواجه ذلك لما تترتب عليه من آثار سلبية على الجميع.

كما انتقد الصيادون صمت وتجاهل المسئولين في الحكومة لتوجيهات رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة لحلة مشكلات الصيادين، وأفادوا بأن كل الأبواب مغلقة، والجميع يتظاهر بالتزامه بالقانون في الوقت الذي يعبث فيه آخرون من دون أدنى رقابة ومحاسبة تحت مظلة التنمية والنهضة العمرانية وغيرها من الشعارات والمصطلحات التي أصبحت استهلاكية.

من جهته، علق أمين سر الجمعية البحرينية للصيادين عبدالأمير المغني لـ «الوسط» على هامش الاعتصام، وقال: «إن الاعتصامات والإضرابات ليست عادة أو نهجا من استراتيجية ورؤية الجمعية، لكن الواقع أصبح فارضا نفسه علينا، ولم تتوافر أية وسيلة ثانوية لإطلاع المسئولين على حقيقة المشكلة على رغم مرور نحو 61 اجتماعا في غضون الأعوام الماضية».

وأضاف أن «الأسماك التي كانت متداولة في أيدي الفقراء أصبحت صعبة حتى على الأغنياء نظرا لارتفاع الأسعار بسبب انخفاض المخزون البحري الناتج عن تدمير مباحر الأسماك وانعدام السواحل العامة الصالحة للصيد وتكاثر الأسماك فيها».

وفي حديثه عن التعويضات، أفاد المغني بأن «مسألة التعويضات ليست الحل بالنسبة للصيادين، ولم يطالبوا بها أبدا كحل، لكنها حق من حقوقنا، ولو خُيرنا بين بقاء الموائل والمصائد أو التعويضات، لقبلنا بالأولى».

مشيرا إلى أن «الاستراتيجية العشوائية لإدارة الثروة السمكية هي من تتحمل تدمير كل الثروة السمكية في البلاد، فالبواخر المعنية بشفط وجرف الرمال والحفر بهدف المشروعات الاستثمارية المنضوية تحت شعار التنمية المستدامة والاستثمارية وغيرها من العبارات، مازالت تعمل ليلا ونهارا على رغم توصيات لجنة التحقيق البرلمانية في هذا الشأن».

وبين أمين سر الجمعية أن «بعض المناطق من المياه الإقليمية البحرينية أصبحت نسبة توافر الأسماك فيها صفرا عند مقارنتها بالعقود الماضية، ولذلك أصبح الصيادون يلجأون إلى عرض البحرين والمناطق البعيدة والقريبة من الحدود الإقليمية مع البلدان المجاورة سعيا للحصول على مخزون سمكي، لأن الشفاطات والحفارات التي تنقل الرمال من عرض البحر للسواحل من أجل الدفان لم ترحم البيئة ودمرتها تماما، وخصوصا أن تداعيات ذلك تصل لمناطق محيطة بعيدة».

في رده على سؤال لـ «الوسط» بشأن عدد الصيادين المتضررين، أوضح المغني أن الجمعية طالبت من إدارة الثروة البحرية في الهيئة العامة لحماية البيئة بأعداد الصيادين مرات عدة، لكنها لم تلقَ أي تجاوب بشأن ذلك. منوها إلى رخص جديدة تصدر لصيادين مؤخرا، على رغم عدم استيعاب البحر لأعداد أكبر من الرخص.

وفي تبيانه لسبب رفض الصيادين دفع رسوم الـ 10 دنانير عن كل عامل شهريا، وخصوصا أن الهيئة اعتبرته مبلغا زهيدا مقارنة بالامتيازات المقدمة لهم، قال أمين سر الجمعية: «إن المبلغ ليس كثيرا بالطبع لأصحاب الرواتب الشهرية الباهظة، وبالنسبة أيضا للذين لا يعلمون ماذا تعني الـ 10 دنانير للأسر الفقيرة أو الميسورة الحال وتعمد فقط على صيد السمك. فهذا المبلغ يعني 10 كيلوات من اللحم، أو 10 كيلوات من الرز وغيرها من المواد الغذائية».

وأما رئيس الجمعية جاسم الجيران، فقد اعتبر الاعتصام أمس بمثابة رسالة وتذكير المسئولين والقيادة السياسية بأنه مر على الاعتصام والإضراب السابق أكثر من عام، لكن من دون جدوى ولا تفعيل للوعود. وقال: «إن المشكلات نفسها مازالت قائمة، وملف الصيادين بقي مغلقا من دون النظر في المطالب ولو حتى من جانب واحد».

وتساءل الجيران عن سبب تجاهل شريحة كبيرة من المجتمع، في الوقت الذي ترتفع وتيرة تضررهم بفعل الدمار الحاصل في كل السواحل والهيرات.

من جانبه، استنكر الرئيس الفخري للجمعية وحيد الدوسري عدم اهتمام المجلس النيابي عموما بمطالب البحارة، قائلا: «إنه على مدى 6 سنوات لم يكن هناك تفعيل لأدوات المجلس النيابي من أجل تحقيق مطالب البحارة (…) وطوال هذه الأعوام لم يتخذ المجلس النيابي موقفا جديا بشأن قضايا الصيادين، على رغم التحركات التي يقوم بها بعض النواب، والذين اجتهدوا من أجل إبراز قضايا الصيادين والبحارة».

وأضاف أن «مجلس الشورى يتحمل جزءا من المسئولية، إذ إن المسئولية ليست فقط على عاتق المجلس النيابي، وخصوصا أن مشكلة الصيادين مشكلة مشتركة بين المجلس النيابي ومجلس الشورى».

وطالب بضرورة الحفظ على الثروة السمكية وعلى الثروة البحرية، وخصوصا أن هذه الثروات ملك عام ولابد من وقف التلاعب بها. كما طالب الدوسري بضرورة تعويض البحارة المتضررين ووقف رسوم هيئة تنظيم صندوق البحارة وإنشاء صندوق دعم الصيادين في أسرع وقت ممكن.

توصيات لجنة التحقيق البرلمانية

وتحدث على هامش الاعتصام رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في تجاوزات الدفان والردم البحري ناصر الفضالة، مشددا على ضرورة التزام الحكومة بتنفيذ توصيات اللجنة التي وردت ضمن تقرير متكامل، وقال: «إن التقرير جاء ليس لأن تحتفظ به الحكومة في الأدراج. كما أن مقترح استحداث صندوق خاص لدعم الصيادين أمر حتمي ويجب أن ينفذ».

وأضاف «لابد من محاسبة المسئولين والوزارة المخالفة في الإضرار بالبيئة تحت شعارات التنمية والاستثمار، فوزارة شئون البلديات والزراعة على سبيل المثال يجب أن تتحقق كثيرا في المشروعات التي توافق عليها، وكذلك الحال بالنسبة للهيئة العامة لحماية البيئة».

وآزر الفضالة الصيادين وحثهم على الإصرار والثبات بشأن مطالبهم وعدم التفرق واليأس بمجرد تطاول الوقت على المطالب.

3 ملايين دينار تحل المشكلة

من جهته، اقترح رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة البرلمانية جواد فيروز أن توفر الحكومة موازنة 3 ملايين دينار لحل المشكلة. وأوضح أن «مليونا ونصف المليون تخصصها الدولة كتعويض للبحارة تدفع نيابة عنهم لهيئة تنظيم سوق العمل (رسوم الـ 10 دنانير عن كل عام). ومليون ونصف المليون أخرى تخصص كتأمين تقاعدي للصيادين، وهو ما يمكن تحقيقه عبر صندوق دعم الصيادين».

وأضاف أن «الصندوق يجب ألا يكون معتمدا بالكامل على الموازنة العامة للدولة إن كانت الأخيرة تتحفظ على المقترح من هذا الجانب، بل يجب أن تساهم الشركات الاستثمارية المستثمرة التي تدفن السواحل وتجرف الرمال».

واعتبر فيروز أية حلول ثانوية عدا صندوق دعم الصيادين تعتبر ترقيعية ووقتية، ولن تفيد الصيادين مستقبلا بشيء.

واستدرك النائب عبدالله العالي الحديث، مبينا أن الصيادين في حاجة إلى رواتب مستمرة، إلى جانب وضع نظام ضمان تقاعدي لهم ولأبنائهم في ظل ظروف تدهور المخزون السمكي الناتج عن كل ما ذكر. بالإضافة إلى ضرورة التنسيق مع دول مجلس التعاون في عمليات الصيد، لأن الكثير من الصيادين يتم حبسهم ومصادرة أدواتهم بمجرد تخطيهم الحدود الإقليمية من دون علم حتى، ونظرا لانعدام المخزون السمكي محليا، على أن تكون هناك مساحة مفتوحة مقترحة لذلك