رضي لـ «الوقت»: حرية انتقال العامل «لا تعني انفلات الأمور» .. «سوق العمل» لم تؤسس من أجل المخالفات بل لتصحيح الأوضاع (2/2)

الوقت – حسن عبد الرسول:
قال الرئيس التنفيذي لهيئة سوق العمل إن حرية انتقال العامل الوافد «لا تعني أن الأمور ستفلت من زمامها كما يخشى البعض»، حيث نصت المادة 25 على حق الانتقال من دون الإخلال بالحقوق المقررة لصاحب العمل، في إشارة صريحة إلى مراعاة القانون لمصالح أصحاب الأعمال.


وأوضح رضي في مقابلة أجرتها «الوقت» معه، وتنشر اليوم الحلقة الثانية والأخيرة أن «أطراف سوق العمل لا تقتصر على أصحاب الأعمال والعمال البحرينيين فقط، حيث إنه نتيجة لأن غالبية العاملين في القطاع الخاص من العمالة الوافدة، فإن هناك معايير عالمية تحتم التعامل معهم وفق أسس إنسانية وحضارية».
وأضاف أن «أسواق العمل التي لا يمتلك فيها العمال حق انتقالهم بحثاً عن فرص عمل أفضل تعتبر جامدة وغير تنافسية ومشحونة بأسباب التوتر»، مشيراً إلى أن «الثبات الذي اعتدنا عليه لا يعني بالضرورة الاستقرار، وفي عالم أصبحت فيه القدرة على المنافسة شرط البقاء يبقى مفتاح النجاح بيد من يمتلك القدرة والعزيمة على التكيف مع الحقائق الجديدة ويوازن بين المصالح المختلفة على أساس عادل وسليم».
وشدد رضي على أنه «يجب التعامل مع العامل الوافد بوصفه إنساناً وليس بضاعة، ويستلزم ذلك منا أن نحترم حقوقه الإنسانية ومنها حقه في اختيار عمله».

رصد مؤشرات الانتقال بصورة منتظمة

* هل لقانون حرية انتقال العامل أي ثمرات إيجابية بعد أن مضى على تطبيقه 4 أشهر؟
– تعلمون أن قياس وتقييم إيجابيات أي قانون أو نظام جديد يتطلب أن يأخذ النظام فرصته ووقته اللازمين للتطبيق قبل إجراء أي تقييم، ولا يمكن أن نقوم بإصدار تقييم على النظام الجديد قبل اختباره على أرض الواقع وتنفيذه، إذ لم يمر على النظام الجديد غير بضعة أشهر ونيف، حيث بدأ تطبيقه اعتباراً من أول أغسطس/آب الماضي، ولم تتشكل بعد محكات حتى نقوم بتقييمه وإجراء ما يستوجب ذلك التقييم من تصويبات لتوجيه النظام الوجهة الصحيحة، لكن ما يمكن أن أؤكده أن انتقال العامل يمثل أحد العناصر المهمة في سير آليات سوق العمل بصورة طبيعية، لأن الانتقال سيفيد كلا من صاحب العمل والعامل على حد سواء، الأول سيستفيد من قنوات السوق المحلية في توفير العمالة التي يحتاجها، وبالتالي يكون قادراً على التغلب على نقص المهارات والكفاءات في بعض المهن، والثاني سيستفيد عبر تحسين شروط وظروف عمله، وعندما تسوء الظروف لا يستطيع العامل أن يختار وظيفته بحرية، فإن مستويات الأجور ستتجمد عند مستوى معين يقاوم أي تحسين في مستوياتها.

العامل إما أن يبقى مستمراً في عمله بمستوى الراتب «المتدني بالنسبة لمستويات المعيشة في البحرين، ولكنه مرتفع بالمقياس مع ظروف البلد الذي أتى منه»، وهو ما سيؤدي إلى عزوف البحرينيين عن قبول هذه الأعمال، أو قد يسعى العامل الوافد إلى تحسين وضعه عبر الهروب من صاحب العمل، والمحصلة النهائية تتجسد باستمرار بقاء مستويات الأجور متدنية «لأن أسعارها تتحدد بأجور العمالة الوافدة غير القادرة على الانتقال»، واستمرار ظاهرة هروب العمال، وفي المقابل سيجد صاحب العمل نفسه مجبراً على اللجوء إلى الأسواق الخارجية لسد النقص في حجم ونوعية العمالة التي يحتاجها.

وفي ظروف سوق العمل في البحرين نرى أن مثل هذا الوضع، ساهم في زيادة معدلات استقدام العمالة الوافدة بصورة مستمرة نظراً إلى عدم توافر خيارات محلية لسد النقص في الأيدي العاملة التي يحتاجها أصحاب الأعمال، ومن هنا يمكننا أن ندرك الأسباب التي دعت إلى أن يكون هناك حرية لانتقال العامل الوافد بعد قدومه للعمل في البحرين، ولا تعني هذه الحرية أن الأمور ستفلت من زمامها كما يخشى البعض، حيث نصت المادة 25 على حق الانتقال من دون الإخلال بالحقوق المقررة لصاحب العمل بموجب أحكام القانون، وفي ذلك إشارة صريحة إلى مراعاة القانون لمصالح أصحاب الأعمال.

وقد اهتم مجلس إدارة الهيئة بموضوع الانتقال خصوصاً، حيث عقدت سلسلة من الاجتماعات لمناقشة الضوابط التي ستحكم عملية الانتقال، وأكد أهمية أن يكون صاحب العمل الجديد ملتزماً بالبحرنة لدى انتقال العامل الوافد إليه، كما أن الهيئة سترصد مؤشرات الانتقال بصورة منتظمة ودقيقة للوقوف على أية تغيرات في أداء السوق، ويجب أن نستوعب أن أسواق العمل التي لا يمتلك فيها العمال حق انتقالهم بحثاً عن فرص عمل أفضل تعتبر أسواقاً جامدة وغير تنافسية ومشحونة بأسباب التوتر، إنها أسواق معزولة عن العالم، كما أن الثبات على ما أعتدنا عليه لا يعني بالضرورة الاستقرار، وفي عالم أصبحت فيه القدرة على المنافسة شرط البقاء يبقى مفتاح النجاح بيد من يمتلك القدرة والعزيمة على التكيف مع الحقائق الجديدة ويوازن بين المصالح المختلفة على أساس عادل وسليم.

إنهاء العمالة غير النظامية
جزء من إصلاح سوق العمل

* ما دور هيئة تنظيم سوق العمل في السيطرة والحد من انتشار العمالة السائبة والوهمية؟
– دور الهيئة أساسي في إنهاء وتصفية ظاهرة العمالة غير النظامية، وأريد هنا التأكيد على تصحيح المصطلح والتأكيد على ضرورة استخدام مصطلح «العمالة غير النظامية»، فمن مهمات هيئة تنظيم سوق العمل وأهدافها الرئيسة إنهاء العمالة غير النظامية، وضمان اتزان سوق العمل، ومهمة إنهاء العمالة غير النظامية تأتي كجزء من مهمة الهيئة الرئيسة وهي إصلاح سوق العمل بشكل كلي، وينبغي أن يُفهم هذا الجزء من خلال المهمة الرئيسة، وعليه أقول إن من أهم أهداف إصلاح سوق العمل توفير بيئة عادلة ومنصفة يستطيع عبرها كل من صاحب العمل والعامل البحريني المساهمة في تنمية المجتمع وفق أسس اقتصادية واجتماعية تمكن المواطن البحريني من تحقيق أهدافه في حياة كريمة وحرة له وللأجيال المقبلة.
وتوجه القيادة السياسية للمملكة كل اهتماماتها ليكون سوق العمل رافداً للتنمية ومصدراً لتعزيز الأمن والاستقرار، لذلك كان مشروع إصلاح سوق العمل الذي دشنه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، من أهم المبادرات التي سعت إلى إشراك المواطنين وممثليهم في البرلمان، إضافة إلى ممثلي أصحاب الأعمال والعمال، في صوغ سياسات هذا الإصلاح بدءاً من ورشة العمل التي دشنها سموه في ,2004 وانتهاءً بتكريس مبدأ التشاور مع الجمهور في قانون 19 للعام 2006 والمختص بإنشاء هيئة تنظيم سوق العمل.

وهذا المبدأ، يضاعف من قوة الحوار الاجتماعي المؤسسي والمتجسد في التركيبة الثلاثية لمجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل، وقد أصبح مبدأ إصلاح سوق العمل، ضرورة عملية وسياسية حازت على إجماع شعبي واسع، وإنْ كانت بعض سياسات هذا الإصلاح مثل الرسوم وانتقال العمالة، قد واجهت ولاتزال معارضة، بعضها ناجم من سوء الفهم وبعضها الآخر نتيجة الخوف من النتائج وعدم الرغبة في مواكبة متغيرات العصر والتكيف معها، وكل ذلك يمكن تفهمه ولكن ينبغي كذلك أن ندرك بأن هناك طريقاً شاقاً ومهماً علينا أن نقطعه جميعاً حكومةً وعمالاً وأصحابَ أعمال، إنه طريق الإصلاح الهادف إلى توفير قاعدة مستدامة لنمو سليم وليس مشوهاً لسوق العمل، سوق عمل يمكنه أن يكون نموذجاً يحتذى ويقف في صف متكاتف مع منجزات البحرين السياسية والاقتصادية التي لاقت الإشادة من منظمات وبلدان العالم كافة، وحتى نتمكن من دفع مسيرة إصلاح سوق العمل قدما إلى الإمام، لابد لنا من التغيير القائم على أسس ومبادئ عادلة ومنصفة للجميع.

الإبقاء على الأوضاع الراهنة ليس إصلاحاً

* ما فلسفة الهيئة في التعامل مع العامل الوافد؟
– إن الإبقاء على الأوضاع الراهنة لا يعتبر إصلاحاً، بل تراجع عن فكرة الإصلاح من الأساس، وعلينا أن ننتبه إلى أن أطراف سوق العمل لا تقتصر فقط على أصحاب الأعمال والعمال البحرينيين فقط، بل نتيجة أن غالبية العاملين في القطاع الخاص هم من فئة العمالة الوافدة، فإن هناك معايير عالمية تحتم التعامل معهم وفق أسس إنسانية وحضارية التي تجد جذورها كذلك في قيمنا العربية والإسلامية العريقة، كما نصت المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه «لكل شخص حرية اختيار عمله بشروط عادلة».
وكل شخص يعني كل إنسان بغض النظر عن جنسيته أو هويته، إننا نتعامل مع العامل الوافد بوصفه إنساناً وليس بضاعة، ويستلزم ذلك منا أن نحترم حقوقه الإنسانية ومنها حقه في اختيار عمله. إننا نشير إلى هذه المسألة لأننا نعتقد بأنها لم تأخذ حجمها الصحيح لدى المعترضين على انتقال العمالة الوافدة.

ومن المهم أن نوضح أن قرار انتقال العامل الأجنبي اتخذ من قبل مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل، بالتشاور والموافقة والتوافق مع غرفة تجارة وصناعة البحرين، إذ إن الغرفة وهي ممثلة في عضوين ضمن مجلس إدارة الهيئة، أدخلت تعديلات على القرار بحسب رؤيتها، وتم حفظ حقوق جميع الأطراف في هذا الشأن من خلال قانون العمل بالقطاع الأهلي الجديد الذي ينص على إنشاء محكمة عمالية تتخذ من وزارة العمل مقراً، وذلك بالاتفاق والتنسيق مع وزارة العدل.

وزارة العدل هي من تفصل

وعلى هذا الأساس، فإن المرجعية في حال حدوث خلافات على انتقال العامل الأجنبي إلى صاحب عمل آخر بين صاحب العمل والعامل، ستكون القوانين ووزارة العدل هي من تفصل فيها، إذ إن حق التقاضي مكفول ويمكن لأي متضرر اللجوء للقضاء، وفي كل الأحوال فإن أي طلب يقدمه العامل الأجنبي لإعلان رغبته بالانتقال يجب أن تتخذ هيئة تنظيم السوق قراراً بقبوله أو رفضه حسب الأنظمة التي يتضمنها القانون الجديد، وفي كل الأحوال لن يعتبر الانتقال قانونياً من دون موافقة الهيئة.

وتنص ضوابط النظام الجديد على أنه يجب على العامل في حالة رغبته في الانتقال قبل انتهاء أو إلغاء تصريح العمل الصادر بشأنه، أن يخطر صاحب العمل الأول بخطاب مسجل بعلم الوصول في المدة المحددة للإخطار بإنهاء عقد العمل طبقاً لأحكام القانون أو عقد العمل المبرم بين الطرفين، على ألا تتجاوز ثلاثة أشهر من التاريخ المحدد للانتقال، كما ألزم القرار صاحب العمل الآخر أن يتقدم بطلب إلى الهيئة لاستصدار تصريح عمل بشأن استخدام العامل الراغب في الانتقال، وذلك طبقاً للقواعد والإجراءات المبينة في القرار رقم (76) لسنة ,2008 وأن يرفق بالطلب صورة من الإخطار المشار إليه في المادة السابقة وما يفيد إرساله بعلم الوصول.

وتضمن القرار أن تقوم الهيئة بفحص طلب صاحب العمل الآخر لاستصدار تصريح العمل بشأن استخدام العامل الراغب في الانتقال للتحقق من توافر البيانات والمعلومات المطلوبة، ويجوز للهيئة تكليف صاحب العمل الآخر باستيفاء ما يكون لازماً للبت في الطلب من بيانات أو معلومات أو مستندات، وذلك في 3 أيام عمل من تاريخ تقديم الطلب، على أن تلتزم الهيئة بإصدار قرار بالبت في الطلب في ثلاثة أيام عمل من تاريخ استيفاء كافة البيانات والمعلومات والمستندات المطلوبة وموافقة الجهات المعنية، وإذا صدر القرار برفض الطلب وجب بيان أسباب الرفض. وفيما نظّم القرار الوزاري سريان تصريح العمل الصادر لصاحب العمل الآخر باستخدام العامل من تاريخ سداد الرسوم المقررة، أوجب القرار الوزاري على العامل الذي يرغب في الانتقال بعد انتهاء أو إلغاء تصريح العمل الصادر بشأنه لأسباب ترجع إلى صاحب العمل، أن يخطر الهيئة بذلك على الأنموذج الذي تعده لهذا الغرض قبل انتهاء مدة التصريح بفترة لا تقل عن ثلاثين يوماً أو في خمسة أيام عمل من تاريخ إخطاره بإلغائه، ويجوز توجيه هذا الإخطار بشكل إلكتروني، ويمنح العامل في هذه الحالة مهلة مقدارها ثلاثون يوماً لتمكينه من الانتقال، ويحظر عليه خلالها مزاولة أي عمل.

ونصّ القرار على أنه لا يكون للعامل الأجنبي حق الانتقال، ومنح المهلة المشار إليهما في المادة السابقة، في أي من الحالات المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة (25) من القانون رقم (19) لسنة 2006 بشأن تنظيم سوق العمل، وهي «إذا فقد شرطاً أو أكثر من شروط منح التصريح، إذا صدر ضده حكم جنائي نهائي بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، إذا خالف شروط تصريح العمل الصادر بشأنه».