اتجاهات
فيصل الشيخ
10 أكتوبر 2009
هذه مشكلة حقيقية تواجه البحرينيين خاصة الخريجين حديثا، إذ بعد القرارات الأخيرة لسوق العمل وما أثير حول حرية انتقال العامل الأجنبي بما يضمن حقوقه، نجد بأننا في موقع للمطالبة أيضاً بـ ”ضمان” حقوق العامل البحريني أو الموظف الحديث الذي يواجه مشكلة حقيقية تتمثل بالعقود المؤقتة.
في وقت نجد فيه اتجاه الدولة نحو تقليص عدد الموظفين في القطاع الحكومي نظراً لتضخم العدد في مقابل عدم توازي هذا العدد مع متطلبات العمل بحيث أصبحت لدينا بطالة مقنعة، في هذا الوقت نجد أن كثيراً من القطاعات الحكومية سواء وزارات أو مؤسسات وحتى هيئات شبه حكومية تتجه إلى اعتماد سياسة التوظيف بالعقود المؤقتة.
صحيح أن الباحث عن عمل سيجد له موقعاً ليعمل فيه ويتكسب من وراءه بما يعينه على متطلبات الحياة والتزاماتها، لكن العقود المؤقتة التي تتجدد إما سنوياً أو ينتهي سريان مفعولها لها تأثير خطير أولاً على نفسية هذا الموظف ومن ثم على مستقبله، بحيث أول ما يكون مهدداً فيه هو ”أمنه الوظيفي”.
من يتم التعاقد معهم وفق هذه العقود لا يمتلكون حق الاستقطاع الشهري لصندوق التقاعد، إذ مدة الوظيفة وإن طالت وامتدت لسنوات لن تحتسب في مدة الخدمة التي بموجبها يتحدد المبلغ النهائي عند التقاعد، بمعنى أنها سنوات ضائعة.
خطر آخر يتهدد الموظف بعقد مؤقت يتمثل في إمكانية إنهاء خدماته هكذا بفرقعة إصبع، فيجد نفسه عاطلاً بين لحظة وأخرى، هذا ما نعنيه بالأمن الوظيفي الغائب في مثل هذه الوضعية المقلقة.
حتى بالنسبة للهيئات أو القطاعات أو الأقسام التي قد تأتي لحظة ما يرى فيها المسؤولون ضرورة إلغاءها ودمجها في قطاعات أخرى، أو إلغاءها كليا، إذ في مثل هذه الوضعية أول من سيتم تصفيتهم هم أصحاب العقود، والمشكلة أنه لا يوجد ما يضمن حقوقهم.
دائماً ما كان يقال عن الوظيفة الحكومية بأنها أضمن من الوظيفة في القطاع الخاص، إذ من يدخل الحكومة ويقيد كموظف في ديوان الخدمة المدنية لا يمكن فصله أو تقليل راتبه إلا بموجب بنود لائحة العقوبات، أي إن قام بارتكاب خطأ شنيع جداً، لكن المشكلة أن قطاعات عديدة في الدولة بدأت تنهج أسلوب التعاقد مع الموظفين بنظام العقود.
هناك أمثلة حصلت في وزارات، حين جلب وزير ما عدة مسؤولين في مناصب رفيعة ووظفهم عبر عقود لا تمر على ديوان الخدمة المدنية، وتصرف رواتبهم من ميزانية الوزارة، هنا تحصل المشكلة حين يتم تغيير الوزير حيث يصبح مصير هؤلاء الموظفين عبر عقود وارتبط وجودهم بوجود المسؤول الرفيع على ”كف عفريت”.
أعرف شخصاً عمل في الحكومة لسنوات ثم توجه للقطاع الخاص ثم عاد للحكومة بناء على طلب من المسؤولين عن القطاع المعني، لكنه تفاجأ بتوظيفه بعقد ما يعني احتمال تعرضه لكافة الأمور المذكورة أعلاه بسبب غياب ”الأمن الوظيفي”. إضافة لذلك هناك قطاعات عديدة في الدولة تتجه بقوة للتوظيف من خلال العقود تحت مبرر البحث عن الكفاءات والجديرين بالتحول لموظفين في الدولة، لكن للأسف هذه السياسة من شأنها الإضرار بنفسيات المواطنين أولاً وأخيراً وتمنعهم من البحث عن الاستقرار المعيشي.
المفارقة الغريبة أننا نمضي بقوة لتأسيس قاعدة قوانين تحمي العمالة الأجنبية وتحفظ حقوقها وتمنع التلاعب في مصيرها في الوقت الذي بات البحريني فيه يبحث عمن يضمن له ”أمنه الوظيفي”.
مؤلم فعلا حين نرى الواقع ينقلب ويتحول بموجبه البحريني إلى موظف ”فري فيزا