«محمد جلال» .. قـوة «الجاغـوار» الإنجليزية

«محمد جلال» .. قـوة «الجاغـوار» الإنجليزية

«محمد جلال» .. قـوة «الجاغـوار» الإنجليزية

قصة شركة عمرها أكثر من 60 عاما

الوقت – مازن النسور:

كان هادئا للوهلة الأولى، لكن سرعان ما استشعرنا بقوته، كما سيارة ”الجاغوار” التي تمتلك شركته وكالتها في البحرين.

 متمرس، فاهم أصول اللعب في الأسواق. استطاع هو وأخوته بتوزيع المهام بعناية، من الوصول في المجموعة إلى بر الأمان، فلا آثار واضحة للأزمة المالية على أعمالهم.

بدأ بالقصة منذ البداية.

كيف تأسست مجموعة محمد جلال وأولاده، تحدث عن مسيرة والده. عن المقاولات.

 وعن بناء أول جسر بين المنامة والمحرق، وعن الرسوم المفروضة على العابرين.يدير جلال محمد جلال وهو المدير العام للمجموعة، أعمالا بـ200 مليون دولار، في قطاعات عدة أهمها السيارات والمقاولات والتموين وتجارة مواد البناء والديكور والآلات والمعدات والمصاعد، والمياه المعبأة، وتوريد السجائر.

تداعيات الأسواق

عارض جلال القائلين بأن البحرين لم تتأثر بالأزمة المالية، مؤكدا أن ذلك ليس منطقيا، فهي جزء من المنظومة الاقتصادية العالمية، فضلا عن أنها مركزا ماليا إقليميا،(…) هناك الكثير من التأثيرات خصوصا في قطاعات الأعمال والتجارة.

وأضاف ”أعتقد أننا ما زلنا في منتصف الطريق المتعلق بتداعيات الأزمة، (…) هناك بعض مؤشرات التحسن التي ستظهر بشكل أوضح مطلع العام المقبل، لكنها تسير ببطء شديد”.

وحول وجهة نظره بالإجراءات التي اتخذتها الجهات المعنية لمواجهة ذلك، بدا جلال مرتاحا تجاهها، مؤكدا أن ”المصرف المركزي والجهات والمعنية الأخرى قامت بواجبها بخصوص ذلك، فالبحرين – بحسب رأيه – بدأت بالوقاية والعلاج منذ ظهور أول مؤشر للأزمة، وهي استطاعت تخفيف وطأتها بشكل كبير”.

وتابع ”أعتقد أن الاعتراف بالمشكلة نصف الحل، وهو ما كان في المملكة، على عكس الدول الأخرى التي نفت وقالت أنها بعيده عن التداعيات”.

وتابع ”أكثر المشاكل تكمن في غياب السيولة، وإحجام البنوك عن التمويل”. مع انه وجد لها العذر، فالظروف خطيرة من وجهة نظره، إلا انه عاد لينتقد المغالاة في التحفظ والحذر الشديد.

وأوضح جلال أن ”التجار أوصلوا صوتهم إلى المصرف المركزي للتدخل لدى البنوك فضلا عن الدور الذي قامت به غرفة الصناعة التجارة من خلال مخاطبتها سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة مباشرة، (…) اتخذت بعض الإجراءات، وبدأت الأمور تتحلحل شيئا فشيئا، والسيولة أصبحت تعود إلى السوق ولكن بنسبة طفيفة”.

السيارات اكبر المتضررين

وعلى صعيد مجموعة محمد جلال قال ”تأثرنا كغيرنا من المؤسسات العاملة في السوق، فلم يكن هناك أحد بمنأى عن الأزمة، (…) الضرر الأكبر أصاب قطاع السيارات حيث تراجع الطلب وانخفضت نسبة المبيعات بنسبة تراوحت بين 30% و35% على أقل تقدير”.

وتمتلك مجموعة محمد جلال وكالات سيارات جاغور البريطانية وسازوكي اليابانية.

وحول طرق العلاج أوضح أن ”الشركة خفضت الأسعار بنسبة 10% وطرحت العديد من العروض التي تتعلق بتسهيلات الدفع والصيانة والتأمين وغيرها بهدف تصريف المخزون الكبير الذي بحوزتها”.

وتابع ”الملاحظ أن قطاع السيارات بشكل عام وفي مختلف الأسواق سواء المحلية أو العالمية تلقى ضربة موجعة بسبب الأزمة. من يقول أنه لم يتأثر فهو غير دقيق”.

حتى السيارات الفارهة والتي تعد الجاغوار واحدة منها تأثرت أيضا، على الرغم من أن زبائنها من فئة معينة وغالبا ما تكون ثرية، مرجعا السبب الرئيسي من وراء ذلك إلى توقف القروض لدى البنوك فهي أكثر ما أضر بالسوق.

وحول المستقبل أكد جلال أن ”أسعار السيارات سترتفع، بسبب تراجع سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسية، فضلا عن أن الشركات الصانعة لم تخفض الأسعار – كما يعتقد البعض – بل اتجهت إلى تقليل حجم الإنتاج فقط”.

وأكد بهذا الخصوص أن ”شركته حصلت على السيارات الجديدة أي موديلات 2009 و2010 بالأسعار الاعتيادية، (…) أعتقد بأن ذلك ينطبق على معظم الأنواع، على الرغم من أن الشركات الصانعة تمر بظروف مالية صعبة”.

القطاعات الأخرى

وأضاف جلال ”جاء قطاع الإنشاءات (المقاولات) في المرتبة الثانية من حيث التأثر بظروف السوق، فالمشروعات تقلصت خصوصا الحكومية ما قلل حجم الأعمال بشكل عام”.

وأكد أن ”الشركة أرجأت مشروع مجمع تجاري ومكاتب كان من المزمع إنشاؤه في منطقة السيف بكلفة تقديرية تصل إلى 100 مليون دولار”. وبين أن ”المشروع الذي أعلن عنه في ،2008 يضم محلات تجارية ومكاتب وبعض المرافق العامة، (…) سننتظر لحين هدوء الأسواق”.

وتابع ”كادت الشركة أن تؤجل مشروع معرض الجاغوار الذي أقيم في منطقة سترة، لكنها ارتأت تنفيذه للكثير من الاعتبارات”.

وقال جلال أن ”ظروف الأسواق وحالة الكساد النسبي التي تصيب أعمال الشركة دفعتنا إلى تقليص العمالة ولكن بنسبة طفيفة جدا لم تتجاوز الـ5% في جميع الأعمال”.

الإنفاق الحكومي والنمو

وحول إذا ما كان يؤيد دعوة الاقتصاديين الحكومة لزيادة الإنفاق للمضي بالنمو قدما، قال ”جميعنا يعلم محدودية الإمكانيات الحكومية، وبالتالي هي تتعامل بحسب إيراداتها، بل على العكس فهناك بعض المديونية، لكنني أعتقد بأنه ليس من الأنسب زيادة حجم الدين الخارجي، فهو لا يصب بالمصلحة العامة للمملكة”.

وزاد جلال ”المعروف أن البحرين تتبع سياسة مالية متحفظة وحكيمة، وهي استطاعت بها تجاوز الكثير من الأزمات التي عصفت بالأسواق في السنوات الماضية”.

هيئة سوق العمل

وانتقد جلال طريقة هيئة تنظيم سوق العمل في تنفيذ قرار إلغاء الكفيل والسماح للعمالة بحرية الانتقال، مؤكدا انه مع التخلص من هذا النظام الذي مضى عليه أكثر من خمسين أو ستين عاما، ولكن ليس بهذه السرعة، (…) ثلاثة شهور لا تكفي للاستعداد وترتيب الأوضاع”.

وتابع ”أنا مع القرار، حيث يجب معاملة العمالة بإنسانية وباحترام، فضلا عن حاجة البحرين للتماشي مع متطلبات منظمات العمل وحقوق الإنسان، لكن كان من الواجب تشكيل لجنة تضم جميع الأطراف المعنية وذات العلاقة، وأن يؤخذ برأيها لوضع طريقة مثلى للتطبيق”.

وأكد أن ”الفكرة تكمن في ضمان الحقوق وتعريف الواجبات، (…) ترك المسألة بهذا الشكل من دون ضوابط سيوقع الضرر بأصحاب الأعمال، خصوصا فيما يتعلق بالمنافسة وأسرار العمل وغيرها”.

وعاد ليشير إلى انه ”ليس من المعقول أن تكون منظمة العمل والهيئات الدولية الأخرى طلبت التنفيذ مباشرة، فهي تعي تماما كيف تتم الأمور في الأسواق، وما هو الوقت اللازم للتخلص من نظام يطبق منذ فترة طويلة ومارسه أصحاب الأعمال”.

وفيما يتعلق برسوم سوق العمل، دعا جلال إلى ضرورة جعلها مرنة ومتحركة بحيث تحدد نسبتها بحسب ظروف السوق والاقتصاد بشكل عام، (…) مثلا في أوقات الرخاء والانتعاش يمكن رفع الرسوم، أما في ظل الأزمات والكساد فيجب تخفيضها أو إيقافها وهكذا”.

كما طالب بفرضها كنسبة وتناسب بحسب حجم الشركة، فليس من المنطق أن يترتب على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نفس المبالغ التي تتحملها الشركات الكبرى”.

وتابع ”جاءت فكرة رسوم العمل بهدف دعم الاقتصاد لا الإضرار به، والقطاع الخاص هو من يحرك الاقتصاد ويرفده”.

وعاد جلال ليتساءل: تقول الهيئة بأنها تنفق الأموال على التدريب، أين الكفاءات البحرينية المدربة ؟ على مر السنوات والتجار يدفعون للتدريب، لكن البرامج لا توفر التخصصات التي نحتاجها، (…) أعتقد أن إيلاء التدريب للقطاع الخاص أجدى وأفضل لصالح السوق ولصالح المملكة، فهو أقدر على تنفيذ ذلك”.

كما انتقد الإبقاء على نسبة البحرنة، على الرغم من أن الهيئة قالت عندما فرضت الرسوم بأنها ستلغيها وستفتح المجال أمام إمكانية توريد العمالة بسهولة للمحافظة على العمل والنمو لحين تجهيز البديل البحريني.

المحافظة على الشركة عائلية

أنا أؤيد الفريق الذي يقول أن المشاكل تبدأ في الشركات العائلية والتي قد تصل بها إلى التفكك مع دخول الجيل الثالث، والسبب يعود إلى تغيير الأفكار والخطط وتبدل طريقة العمل من وجهة نظر المسؤولين الجدد، فالمؤسس عادة ما يعمل مع أولاده بانسجام، وهو ما لا يتوافر بعد ذلك.

ويعتبر جلال وهو من الناشطين في جمعية الشركات العائلية البحرينية، مشكلة توزيع المهام والمسؤوليات القشة التي قد تقسم ظهر البعير.

وعلى صعيد مجموعة محمد جلال وأولاده يقول ”نحن إلى اليوم – أي أنا وأخوتي – ومع وجود والدي – أطال الله بعمره – نعمل بانسجام تام، حيث الخطط والبرامج واضحة وكذلك الأمر بالنسبة للمهام والواجبات. لكن من يعلم ماذا سيعمل أولادنا ؟

من المعروف أن العلاج الشافي لأي مشاكل قد تهدد الشركات العائلية هو تحويلها إلى مساهمة عامة – طرحها باكتتاب عام – أو عمل إطار آمن بحيث يتم مأسسة الشركة (إعتماد الحوكمة) وهو ما يعني وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، لكن ذلك من وجهة نظري يصعب تطبيقه في أسواق الخليج.

نحن في مجموعتنا بدأنا التفكير جديا بطرح أعمالنا الرئيسية في اكتتاب عام، (…) من المحتمل أن نطبق ذلك عقب انتهاء الأزمة بشكل نهائي والتخلص من تأثيراتها على الأسواق، أي ليس قبل 4 أو 5 سنوات من الآن.

التأسيس.. وانطلاق العمل

وأسس محمد جلال (الوالد) الشركة في ،1947 بعد أن كان بدأ حياته العملية في دكان متواضعة مع والده (الجد) لبيع الأرز والمواد الغذائية في مدينة المحرق.

ويقول جلال ”ذهب والدي بعد ذلك للعمل في شركات النفط بالمنطقة الشرقية في السعودية، أي في أوائل عقد الخمسينيات، ولكنه لم يمكث طويلا، حيث ما لبث أن رجع إلى البحرين بعد جمعه لرأس مال صغير لتبدأ مسيرة محمد جلال وأولاده.

أطلق شركة مقاولات، والتي حصلت على عقد حكومي لبناء جسر يربط المنامة بالمحرق في نهاية الخمسينيات، مقابل مبلغ من المال وجزء من الرسوم التي تحتسب على مستخدمي الطريق.

وبعد المقاولات، حصل الوالد على وكالة سيارات انجليزية، كانت تعد الأكبر من بين الشركات العالمية في ستينيات القرن الماضي، والتي أغلقت بعد ذلك، حيث كانت تصنع أنواع ”الهلمن” و”الهامبر”.

عاد لقطاع المقاولات بقوة مرة أخرى، حيث أسس شركة كبيرة نسبيا في أواخر الستينيات، وبالتعاون مع رجل أعمال لبناني شهير يدعى أمين البستاني، أطلقا عليها اسم ”كات”.ثم بعد ذلك جاءت وكالة سيارات جاغوار البريطانية في نفس الفترة تقريبا ثم سازوكي اليابانية في السبعينيات.

لكن العمل مع جاغوار تعثر في بداية الأمر بسبب المقاطعة العربية لبعض المنتجات، لتعود الأمور جيدة بعد انتهاء المقاطعة.

بطاقة

جلال محمد جلال من مواليد ،1950 درس المرحلة الأولى في البحرين، ثم حصل على الثانوية العامة (التوجيهي) من لبنان، لينطلق إلى بريطانيا لدراسة إدارة الأعمال.
وهو أكبر إخوته الأربعة، متزوج وله ولدان أحدهما في الجامعة بأمريكا، والآخر ما زال على مقاعد المدرسة.

ويعتبر جلال أن جيله والجيل الذي بعده لم يتعب كما الآباء والأجداد، لكنه عاد ليؤكد أن والده الذي تقاعد منذ نحو 3 سنوات، علمه وأخوته الكثير ودفعهم إلى السوق مبكرا، (…) غلطنا وخسرنا وتعلمنا من أخطائنا ونمينا الأعمال.