وسط حرية انتقال العامل الأجنبي.. ضاعت حقوق أصحاب العمل

أحمد زمان

إشــــراقـــــة

2009-05-24

عندما اخذ المواطن (خ . ك) يصرخ ويقاطع النائب إبراهيم بوصندل والدكتور منذر الخور من غرفة تجارة وصناعة البحرين وبقية المنتدين مساء الأربعاء الماضي بجمعية الأصالة الإسلامية، ظننت أن هذا المواطن البحريني يبالغ أو أنه يتصنع الموقف، ولم أكن أعرف أن هذا المواطن قد أخذت به أزمة سوق العمل مبلغها، وأنه أحد المقاولين الذين تضرروا أيما تضرر من رسوم العمل ومن قرار حرية انتقال العامل الأجنبي.. أخذ هذا المواطن يصرخ في وجوه النواب الحاضرين.. إبراهيم بوصندل وجاسم السعيدي وحمد المهندي وعبدالحليم مراد:” يا جماعة نريد حلاً .. إذهبوا إلى الملك، لقد أفلسنا ، عمالنا يهربون ، وسواقنا يمتنعون عن العمل خوفا من القوانين الجديدة.. أنا مريض، ارتفع الضغط عندي، أصبحت أكلم نفسي طوال الوقت لو كان بيدي لهاجرت من البلاد “.. ولم يستطيع بوصندل – الذي كان يدير الحوار – من السيطرة عليه إلا بعد مدة..
هذه عينة ، وهذا نموذج من المواطنين الذين أصابهم قرار حرية انتقال العامل الأجنبي في مقتل، وأمثاله كثيرون، بعضهم أفلس وبعضهم في طريقه إلى إعلان الإفلاس، وبعضهم توقف عن العمل.. فهل صحيح ما قاله النائب عبدالحليم مراد بان التنظيمات الأخيرة التي أطلقها وزير العمل و هيئة تنظيم سوق العمل الهدف منها إشاعة الفوضى في البلاد؟! وهل صحيح ما أعلنه النائب إبراهيم بوصندل من أن الهدف منها خلخلة السوق البحريني وأن هذه القرارات والقوانين يمكن ان نطلق عليها (بالحزمة الناسفة)؟ وهل صحيح ما ذكره نظام كمشكي رئيس جمعية المقاولين البحرينية بالندوة من أن هذه القوانين جعلت العصمة في يد العامل الأجنبي وتناست حقوق أصحاب العمل من البحرينيين؟ وهل هناك بالفعل أيد خفية لتخريب الاقتصاد البحريني؟ وهل الوصف الذي أطلقه النائب حمد المهندي من أن قوانين إصلاح سوق العمل هي كالقطار الذي يسير بأقصى سرعة دون فرامل؟
أسئلة كثيرة طرحت خلال تلك الندوة المثيرة والتي تخللتها مشادات وشكاوي مريرة من أصحاب العمل الصغار الذين جأروا بالشكوى من هذه القوانين وطالبوا بالتراجع عنها حتى لا تضيع أسر وتفلس شركات وتغلق مؤسسات صغيرة كثيرة.
فهل كانت هذه القوانين خطوة متعجلة غير مدروسة جاءت نتيجة لاملاءات خارجية ولارتباط البحرين باتفاقيات التجارة الحرة واتفاقية القضاء على التمييز ومحاربة الاتجار بالبشر وغيرها من المعاهدات الدولية التي تتحدث عن حقوق العمال وحرية انتقالهم وانتقال رؤوس الأموال وغيرها؟
نظام كمشكي قال في الندوة بان وزير العمل تحدث قبل أيام خلال لقائه بغرفة التجارة عن استعباد العامل الأجنبي.. ونحن نقول بأننا نحن المستعبدون، فنحن ندفع 21 نوعا من الرسوم نظير عمل العامل لدينا من تذاكر سفر وإقامة وجوازات وبطاقة سكانية وتأمين صحي وعلاج وسكن ومعيشة.. الخ، وفي النهاية تأتي القوانين الجديدة لتسمح لهذا العامل بان ينتقل بحرية من رب عمل لآخر.. فمن هو العبد ومن هو السيد؟
ويضيف: الآن هناك هروب مستمر من العمال، وسوف يستمر مع القوانين الجديدة و(بالقانون) وهذا سيؤدي إلى ضعف الإنتاجية وتعطل الكثير من المشاريع، كما سيؤدي إلى تسرب المعلومات من العامل إلى رب العمل الجديد وفي هذا (خراب البصرة)!!
حمد المهندي قال إن كتلة الأصالة كانت معترضة منذ البداية على هذه القوانين وأبلغت اعتراضها لولي العهد، لكن المشكلة أن الكتل النيابية لها مصالح ومطامح ولذلك وافقت، وكان على رأس الكتل الموافقة كتلة الوفاق ظنا منها أن هذه القوانين ستحل مشكلة البطالة ، ولكن هيهات.. ويؤكد أن البحرين تريد أن تحسن صورتها في الخارج على حساب رب العمل البحريني.
وما الحل الآن بعد أن وقع الفأس في الرأس؟ الحلول كثيرة منها اللجوء إلى المحكمة الإدارية للطعن في بعض مواد قانون العمل الجديد مثل المادة (5 ب) التي تنص على مشاورة ذوي الشأن وهذا ما لم يحدث.. وهناك لجنة تنسيقية بين الكتل النيابية عليها مراجعة القانون من جديد والاعتراض عليه، وهناك رأي طرح في الاجتماع الأخير بين الغرفة ووزارة العمل والاتحاد العام لعمال البحرين وهيئة تنظيم سوق العمل وهو تشكيل لجنة رباعية لتنظيم عملية الانتقال ووضع ضوابط لها.. يقول عثمان شريف عضو الغرفة بان موقف الغرفة كان صارما خلال الاجتماع ، وهناك من طرح نقل القضية إلى رئيس الوزراء والبعض طالب بالوصول إلى جلالة الملك عن طريق عريضة شعبية يوقع عليها كل متضرر من هذه القوانين تعرض فيها مخاوف وسلبيات هذه القوانين.
وكرة ثلج قوانين تنظيم سوق العمل وحرية انتقال العامل الأجنبي لازالت تتدحرج وتكبر، ولا أستبعد أبدا أن تتحول كتلة الثلج هذه إلى كتلة نار تحرق الاقتصاد البحريني وتشيع الفوضى فيه..
فهل من مجير؟!! وهل من مغيث؟!!