حذروا من الأحلام الشفوية في الاستراتيجية المستقبلية
اجتماعيون:العمالة الأجنبية «خطر».. وتحسين ظروف العمل «ضرورة اقتصادية»
الوقت – رباب أحمد:
توجس اجتماعيون، خيفة من تأثير التغيرات الحاصلة في كل دول الخليج، بما فيها البحرين، التي شهدت طفرة في عدد السكان في السنوات الأخيرة، خصوصا في ظل الاستراتيجية الموسعة التي اعتمدتها البحرين، وصولا إلى العام 2030 وسعيا إلى مستوى معيشي أفضل لكل مواطن.
وفيما أجمعوا على أن ”المواطن يظل هدف وغاية التنمية”، أشار بعضهم إلى ”الأزمات الاجتماعية، الناتجة من طغيان الذكور من العمالة الأجنبية”، فيما طالب اجتماعيون آخرون ”تحسين ظروف العمل في الأعمال ذات المردود المادي المنخفض، بحيث تجذب البحرينيين لها”.
من جهته، تطرق الباحث الاجتماعي عبدالله حداد إلى الرؤية الاستراتيجية للبحرين حتى العام ,2030 مشيراً إلى أنها ”أخذت بعين الاعتبار احتياجات المواطنين السياسية والاجتماعية والتعليمة والاقتصادية لضمان وقوفهم مع الدولة”.ورأى الحداد أنه ”ليس كافياً، وعد المواطنين بالوصول للهدف، في عام محدد، وإنما قناعتهم ورقابتهم ونشاطهم المكثف، لنقول بأن الدولة عملت بأقصى ما يمكن وفي جميع الاتجاهات لتحقيق الرفاهية للمواطن”.
وأضاف أن ”وضع مرئية لعشرين عاماً مقبلة، أمر إيجابي ويجب أن نحسن إدارتها، لكنها في الوقت نفسه مشكلة كبيرة إن لم نوفق في وضعها، فهي تحدد أحلامنا وطريقة التطور”.
وتابع ”لو كانت الأحلام شفوية لا مجال لتطبيقها، وإنما مجرد سرد عبارات وألفاظ وخطط، لا يمكن تطبيقها أو الوصول بها إلى الحد المطلوب فإننا نكرس الفشل في نفسية المواطن”.
من طغيان الذكور بالعمالة الأجنبية
وأشار الحداد إلى أن ”ضمان عدم الفقر، والتشجيع على الإنتاج والإبداع ومحاسبة مروجي المخدرات وإعطاء الأسرة القدرة الكافية لتعليم الأولاد والمتابعة في قضايا التسرب، وضمان عدم ظلم الأب أو الولي لأسرته بآليات وتشريعات متطورة، كل ذلك سيخفف الأزمات الاجتماعية”.
ولفت إلى أن ”الجريمة والانحراف والتفكك الأسري، مظاهر لأزمات اجتماعية (…) هذه المشكلات لن تنتهى تماما بهذه الحلول؛ لأنها نابعة من طبائع الإنسان نفسه وأنانيته”، حسب تعبيره.
وقال الحداد ” لدينا كثير من المشكلات التي تتحدانا وإن لم نضع لها تصورات جوهرية تمس الحلول ويتم مناقشتها من كل الفعاليات ومؤسسات المجتمع المدني فلن نحقق ما نصبو اليه”.
الحداد الذي أكد أن دور ”طغيان الذكور من العمالة الأجنبية، في خلق عدم توازن بين طرفي الجنس”، بين أن هذا الأمر ”سيشكل أزمات من نوع الاختطاف والدعارة وغيرها، وعدم القدرة على وضع المواطن في خط الإنتاج الحقيقي وليس على الجهاز المكتبي البيروقراطي، الذي لن يقلل من الاعتماد على العمالة الأجنبية ولن يرفع الأجور، ولن يضع القطاع الخاص قائدا للعملية الاقتصادية، أيضاً”.
تحسين ظروف العمل يجذب البحرينيين
تخالف عضو جمعية الاجتماعيين البحرينية هدى محمود، الحداد في الرأي، إذ تنفي أن تكون خطورة العمالة الوافدة، تكمن في ازدياد عدد العمالة في البلاد من الرجال، بل في ”معضلة الخلل في التركيبة السكانية، فزيادة عدد الأجانب، على المواطنين أو تساويه، أمر مخيف، يهدد المواطن، وحينها لا يمكننا أن نلوم المواطن، إن كانت له اتجاهات سلبية تجاه الوافدين”.
وتابعت”فهو محاصر في مجتمعه، ولا يتمتع بالخدمات، وإن أثمرت هذه الزيادة في عدد الوافدين إلى انفتاح البلاد، والتطور العمراني فيها، وهذا ما تشهده دول مجلس التعاون”.
وأضافت محمود أنه ”من واجب الدولة أن تحول الأعمال التي يفر منها المواطنون، وتتطلب جهداً كبيراً، وتتسم بمردود مادي ضئيل، إلى أعمال جاذبة من خلال تحسين ظروف العمل بها، وتطوير استحقاقات العاملين فيها، ومنحهم الحد الأدنى من الحقوق، مما سيسهم في جعلها فرص عمل لقطاعات كثيرة”.
في سياق آخر، اعتبرت محمود، رؤية البحرين للعام ,2030 والساعية للتنمية المستدامة من خلال التخطيط المسبق ”البداية لإدراك الدولة أهمية التخطيط المسبق للأمور، وبالتالي السعي في احتواء الأزمات، ووضع حلول لها”.
وعن تأثير التغيرات الديمغرافية التي تشهدها البلد على الصعيد الاجتماعي، قالت المحمود ”هذه العمالة إحدى عوامل الجريمة في البلاد، لكن تحسين ظروف معيشتها، سيساهم في اقتلاع جذور الدعارة والانحراف”.
الارتقاء بمستوى معيشة المواطن ضمانة للسلم الاجتماعي
في سياق متصل، طالب رئيس جمعية الاجتماعيين خلف أحمد خلف ”العمل على الارتقاء بمستوى معيشة المواطن في الفترة القادمة، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة، باعتبار ذلك ضمانة لتحقيق السلم والأمن الاجتماعي المنشود، خصوصا في ظل هذا الارتفاع الفاحش للأسعار وتدني الرواتب وشدة المنافسة من قبل العمالة الوافدة”.
ولفت خلف إلى ”اهتمام الدولة الكبير في هذه الفترة بتجديد وتطوير البنى التحتية، وخصوصا فيما يتعلق بتوسعة الطرق والشوارع باعتبارها تشكل إحدى مقومات التنمية”، مشددا على أن ”المواطن يظل هدف وغاية هذه التنمية، الأمر الذي يستوجب وضع السياسات والبرامج الاجتماعية الكفيلة باحتضان الشباب واستثمار طاقاته وقدراته، وتمكين الأسرة من رعاية وتنشئة أبنائها، التنشئة القادرة على مواجهة التحديات”.
وتابع ”سواء المتولدة من طغيان العمالة الأجنبية، أو تزايد الظواهر والمشكلات كتعاطي المخدرات والدعارة واختطاف الأطفال وغيرها مما قد لا يقتصر أسباب تزايدها وانتشارها على تلك العمالة، وإنما نتاج انكشاف مجتمعنا بفعل العولمة وطغيان وسائل الاتصال الحديثة والإعلام والانفتاح على الثقافات والمجتمعات”.
وفيمــا يتصل بدور التنميــة المســتدامة في تعزيــز الأمن في البــلاد، أكد خــلف أن ”التنمـــية إذا ما استطــاعت أن تلبي متطلـــبات الحيــاة الكريمـــة لكل مواطن، من السكن المنــــاسب والعـــمل اللائق، وقبل ذلك التعليم الذي يؤهله لدخول سوق العــمل، وغيرها من متطلبــات حقوقه كحرية التعبير والمشاركة السياسية بعيدا عن الاستبعاد والإقصاء والتمييز، مثل هذه التنمية ستكون الضمانة الأكيدة لتحقيق السلم والأمن الاجتماعي”.
وطالب خلف ”ضرورة تضمين الرؤية الاستراتيجية للبلاد، ضبط التغيرات الديمغرافية، لتكون في حدود معدلات النمو الاعتيادي والمتوقع للسكان، بعيدا عن أي طفرات أو زيادات مفاجئة”.
خلف الذي رفض تصنيف رؤيته على أنها سيــاسية، أكد على ”تبعات الطفرات في عدد السكان المواطنين والوافدين، الاقتصادية والاجتماعية، الأمنية، والآخذة في التفاقم”.