بجواز سفر صديقه

راصد 

جمال زويد

قلنا وسنظل نقول انه بحسب منطق الأشياء فإن أي حملة للقضاء على العمالة الهاربة والسائبة (فري فيزا) في بلد مساحته الإجمالية لا تتعدّى نحو (650) كم، وما يقارب نصفها غير مأهولة بالسكان؛ تستطيع هذه الحملة القضاء على هذه الظاهرة المستشرية في بضعة أيام أو أسابيع على الأكثر، إذا توافرت الجدية اللازمة دونما حاجة الى أي صدف أو مفاجآت كتلك التي نشرتها الصحافة المحلية قبل بضعة أيام عن اكتشاف عامل أجنبي يعيش أربع سنوات في البحرين باسم صديقه الذي بعدما عاد إلى بلاده باع هذا الصديق جواز سفره بالتأشيرتين الصالحتين للدخول والإقامة. وبالفعل دخل هذا الصديق البحرين بالجواز المزور والتأشيرات المزورة، وأخذ ينتقل من عمل إلى آخر في طول البلاد وعرضها حتى تم ضبطه ليس بسبب التزوير وإنما لأن إقامته منتهية، وهناك أثناء التحقيق معه – وليس قبله – بسبب إقامته المنتهية تم اكتشاف سالفة التزوير!

أربع سنوات يعيشها هذا العامل في البحرين بجواز وتأشيرات مزورة من دون أن تتمكن الجهات المختصة من اكتشافه، وأعتقد أنه من الطبيعي أن هذا العامل استخرج بطاقة سكانية وزار المراكز الصحية وتعامل مع البنوك والمصارف وما شابهها من مرافق وخدمات تحتاج اليها في العادة العمالة الأجنبية مرّ عليها بمحرراته المزورة هكذا سلاما سلاما، وذلك فضلاً عن أنه هارب وعضو في سلك (الفري فيزا)! ولنا أن نتصوّر أن هنالك عشرات أو مئات وربما آلاف – من يدري – من هؤلاء موجودون بيننا بجوازات أو تأشيرات مزوّرة في انتظار صدف أو مفاجآت شبيهة بتلك لاكتشافهم ، ومن يدري عدد السنوات التي قضوها بيننا، أربع سنوات، أقل أو أكثر.

ويزيد من فرضية وجود عمالة أجنبية بجوازات أو تأشيرات مزورة أو حتى عمالة مجرمة تم تسفيرها ومنعها من الدخول مجدداً إلى مملكتنا الغالية لكنها عادت بجوازات جديدة أخرى، لا يوجد ما يمنعها من ذلك طالما أننا مازلنا لا نطبق نظام البصمة الإلكترونية التي نحسب أنه عند العمل بها سيتم الحدّ من هذه الأمور وتفاديها.

أحاول دائماً أن أصدق أن العمالة الأجنبية الهاربة التي تقدّر بعشرات الآلاف – إذا صحّت الأرقام – عملية غير منظمة، إذ لا يوجد من يُسهّل لهم الهروب، ولا يوجد من يأويهم، ولا يوجد من يُوفر لهم أعمالاً بديلة، ولا يوجد من يستغلهم، ولا يوجد من يرشدهم ويوجههم. وتبعاً لذلك لا توجد حاجة جدية لملاحقتهم والقبض عليهم في أوكارهم ومآويهم وحفظ حقوق الكفلاء وأموالهم، ولا توجد حاجة إلى البصمة الإلكترونية فيمكنهم أن يأتوا بجوازات أصدقائهم ويمكن للمجرمين منهم العودة إلينا بجوازات جديدة ويمكن ويمكن….