أعد الحوار وكتبه: عبدالرحيم فقيري
في إطار حوار فكري هادف، استضاف وزير العمل السيد جميل حميدان الأسبوع الماضي، رئيس تحرير «أخبار الخليج» الأستاذ أنور عبدالرحمن بمكتبه، حيث دار الحوار الذي تناول سلسلة من القضايا المحلية التي تهم القطاعين التجاري والصناعي وقضايا العمل والعمال بصفة عامة.. أكد خلاله الوزير أن وزارته لن تألو أي جهد في تقديم كل التسهيلات التي من شأنها دعم مؤسسات القطاع الخاص، بما يعزز دورها في المشاركة في تنمية الاقتصاد الوطني، باعتبارها شريكة استراتيجية للقطاع الحكومي في إحداث النهضة الاقتصادية الشاملة، بما يتوافق مع استراتيجيات الرؤية الاقتصادية 2030.
وثـمّـن الوزير الدور الكبير الذي تضطلع به صحيفة «أخبار الخليج»، إزاء القضايا الوطنية والإقليمية والعالمية، وقال: «نحن نثمن الدور الرائد الذي تضطلع به صحيفتكم حيال القضايا الوطنية والقومية، وحرصها الدائم على رصد ومراقبة، كل ما يجري على الساحة، وتناولها بكل موضوعية ونزاهة ومسئولية، في ظروف تصبح فيه للكلمة أهميتها».
وشكر رئيس التحرير، الوزير جميل حميدان على ثقته الكبيرة في العاملين بدار «أخبار الخليج»، وقال: «نحن نواصل عملنا انطلاقا من إيماننا الراسخ بأن المنطق في حد ذاته ليس كافيا لتكوين الرأي العام واستمالة الآخرين ودفعهم نحو الإيمان به، بل إن المنطق هو أن تمتلك المعلومة وتقوم بتحليلها على أسس علمية تكون قاعدة صلبة للرأي». إلى جانب ذلك، كشف الوزير النقاب عن اعتزام الوزارة، إطلاق مشروع جديد لـ(ضمان جودة المؤهلات المهنية) قريبا، وسيتم وفقه تحديد المعايير اللازمة لتلقي التدريب في كل المجالات التي توفرها الوزارة لتدريب البحرينيين.
ومن المؤمل أن يعالج هذا المشروع، الخلل القائم بين مهارات المخرجات للداخلين إلى سوق العمل، والمتطلبات الحقيقية من المهارات في سوق العمل.
خضوع الوافدين للإمتحانات
وقال الوزير إن «جميع العاملين الجدد الذين يتم استقطابهم من خارج البلاد للعمل في البحرين، سيخضعون لامتحانات (قياس جودة المؤهلات)، ولن يمنحوا تصريحات للعمل في المجال الذي استقدموا لشغله، إلا في حال نجاحهم في تلك الامتحانات، وسيكون ذلك عاملا حاسما لتقريب المسافة بين حاجات سوق العمل والمتطلبات الفعلية لاستقدام الوافدين من قبل مؤسسات القطاع الخاص».
وعلق رئيس التحرير قائلا: «أصحاب المطابع والورش والمصانع في البحرين يعانون اليوم من تبعات سياسة فرض نسب التوطين المقررة من قبل الوزارة بـ35% من مجموع القوى العاملة في المؤسسة الخاصة، في الوقت الذي لا تتوافر فيه هذه النسبة من العمالة المحلية المدربة التي تحتاج إليها هذه المؤسسات التي يغلب على أعمالها طابع المهارات الفنية العالية، فإلى أين تمضي الوزارة في هذا الشأن؟».
وقال الوزير: «لقد أرسينا في الوزارة سياسات عامة تقضي بالتعامل مع هذا الأمر بكل مرونة وتجاوب ممكن مع مؤسسات القطاع الخاص، ووضعنا في أولويات اعتباراتنا، عدم تكليفها أكثر مما تطيق، وعدم فرض التزامات مالية مرهقة لها، من دون أن تكون لها عوائد ونتائج إيجابية على مجمل سوق العمل الذي تعتبر مؤسسات القطاع الخاص جزءا فاعلا فيه».
إن «الوزارة حاليا تنطلق من مجموعة من القواعد التي تنظم آليات التعامل مع هذه المسألة، منها أننا نقوم بمراجعات مستمرة لنسب التوطين في مؤسسات القطاع الخاص، والتعرف على جميع المشكلات التي تعاني منها هذه المؤسسات في التفاعل مع القوانين الضابطة للتشغيل، على أن تتولى الوزارة مسئولية حل أية معضلات تواجه أي مؤسسة خاصة عاملة في السوق، ونحن نرحب بالاستماع إلى كل أصحاب الأعمال، والتعرف على مشكلاتهم والمساهمة في وضع الحلول المناسبة لها، وباب مكتبي مفتوح لكل من لديه معضلة أو قضية لم تحل».
من القواعد أيضا -والكلام لا يزال للوزير- أن هناك «تحديثا مستمرا للضوابط والأنظمة الخاصة بالتوظيف، وتتجه الوزارة اليوم بقوة نحو تكريس مفهوم أن استيفاء مؤسسات القطاع الخاص بنسب التوظيف المقررة من قبل الوزارة، لن يكون الفيصل الذي يمنح وفقه أصحاب الأعمال الحق في الحصول على تراخيص لاستقدام الوافدين الذين تحتاج أعمالهم إلى أياديهم، بل ستكون نوعية الوظائف التي يشغلونها هي الحكم والفيصل في ذلك، بعد أن ثبت لدينا أن منطق إلزام المؤسسات بنسب توطين معينة، لم يحقق النتائج التي كانت مرجوة من ورائه».
القاعدة الثالثة التي تعتمدها وزارة العمل حاليا، هي «المرونة مع أصحاب الأعمال، من خلال اعتماد نظام التعهدات المستقبلية، وإعطائهم وفقها مهلا وفترات زمنية تصل إلى 3 أشهر، للإيفاء بوعودهم بتوطين بعض الوظائف في مؤسساتهم، مقابل حصولهم على التسهيلات اللازمة لجلب العمالة الأجنبية».
وأضاف أن هذه القواعد في مجملها «تؤمن توافر فرص عمل مجدية للداخلين الجدد إلى سوق العمل، واستمرار تدفق الوظائف، وهو الأمر الذي جعل نسب البطالة والأوضاع الاقتصادية في البحرين مستقرة، ومكنت البلاد من طي عامين من الأزمة، كما مكنت العمالة المواطنة من التواجد في كل منافذ العمل ومواقعها في المصانع والورش ومنشآت البيع بالتجزئة وغيرها من المواقع في سوق العمل المحلي».
وأردف الوزير: «تردنا الكثير من الشكاوى من أصحاب الأعمال حول تصرفات فردية من بعض العاملين البحرينيين، غير أن تلك تبقى تصرفات فردية لا يخلو أي مجتمع من المجتمعات منها، ولكن بالمقابل، فإن الوزارة على استعداد لتقديم التسهيلات اللازمة لكافة المؤسسات الخاصة، للتعامل بإيجابية مع هذه الأوضاع، والاستمرار في عملية إدماج واستيعاب المواطنين ضمن كوادر أعمالها».
ولذلك فإنني «أدعو أصحاب المؤسسات الخاصة إلى التريث قبل إطلاق الأحكام، وتصعيب اندماج المرأة في سوق العمل، فثمة مسئوليات اجتماعية يجب أن تؤديها هذه المؤسسات تجاه المجتمع الذي ينبغي أن يتمتع بحياة كريمة، والحياة الكريمة لن تتحقق في ظل ارتفاع نسب العاطلين عن العمل.. ذلك ما يجب أن يتريثوا له ويدرسوه بأناة».
القطاع الصناعي.. الأكثر جذبا
وقال رئيس التحرير معلقا: «لكن المشكل هنا هو عدم مواءمة العمالة الوطنية المتوافرة، مع المتطلبات الفعلية للوظائف المتاحة في المصانع والورش والمطابع».
يجيب الوزير «يعتبر القطاع الصناعي أحد أهم القطاعات الجاذبة القادرة على استقطاب العمالة الوطنية الحرفية أو الاحترافية، من حملة مختلف المؤهلات التعليمية الأساسية، ونظرا إلى تنوع المهن والحرف والفرص الوظيفية في هذا القطاع، فهو قادر على إدماج 70% فأكثر من مجمل أعداد الباحثين عن العمل من حملة الشهادة الثانوية العامة فما أقل».
خطة لتوجيه التدريب المهني
«لقد أجرينا دراسة ميدانية علمية، وثبت لنا أن القطاع الصناعي هو أكثر القطاعات التي سوف تؤمن مستقبلا جيدا لفرص عمل مجدية للمواطنين، وبناء عليها، فإن الوزارة بصدد إطلاق خطة لتوجيه التدريب المهني وتعزيز مخرجات المهن الحرفية، وسيتم توفير كل الدعم اللازم للمعهد الوطني للتدريب الصناعي، والمعاهد التي لديها القدرة على تدريب مثل هذه الكوادر، كما سيتم توسيع طاقاتها الاستيعابية، وتوفير مكافآت تشجيعية وحوافز لتطوير عمليات التدريب في هذا المجال ابتداء من العام الجاري، وهو ما سوف يفتح أمامنا آفاقا جديدة لاستمرار تدفق فرص عمل مجدية تتواءم في مؤهلاتها مع متطلبات القطاع الصناعي والورش».
وأضاف «هذه الخطوة سوف تعزز انسيابية توظيف المخرجات من برامج التدريب للقطاع الصناعي في مؤسسات القطاع الخاص، من دون الإخلال بقدرات هذه المؤسسات على استيعابها لهم، أو تحمل أعباء وتكاليف تشغيلهم، حيث ستستمر الوزارة في تحمل تكاليف الفوارق بين الأجور المدفوعة من قبل مؤسسات القطاع الخاص، ومستويات الأجور المحددة من قبل الوزارة، حتى يتأهل الموظف لتسلم مهام وظيفته بحرفية عالية واقتدار ومسئولية».
توفير فرص العمل الكريمة
وقال الوزير: إن «الحكومة ممثلة في وزارة العمل، معنية بتوفير فرص العمل الكريمة للمواطنين من مختلف الشرائح، وتعزيز قدراتهم ومهاراتهم المهنية لتمكينهم من المنافسة والاندماج في سوق العمل، وجعلهم الخيار الأفضل لدى أصحاب الأعمال بشكل طوعي».
ومن هذا المنطلق، فإن وزارة العمل «تقوم بدراسة احتياجات أصحاب العمل من العمالة الوطنية بشكل دوري ومستمر، كما تقوم بطرح البرامج التدريبية اللازمة لتطوير الباحثين عن العمل وتمكينهم للعمل في المهن الحرفية أو الاحترافية، بمختلف مستوياتها الفنية والإدارية، مع عدم الإضرار بمصالح القطاع الخاص وأصحاب الأعمال، وتقديم التسهيلات اللازمة في هذا الشأن، من خلال نظام التعهدات، الذي يجيز لأصحاب الأعمال الحصول على احتياجاتهم من العمالة الأجنبية، مع الالتزام بتوظيف العمالة الوطنية المناسبة، خلال فترات زمنية متفق بشأنها كما أسلفت».
تعزيز دور الشباب
وتابع: «نحن نركز في الفترة المقبلة على تعزيز دور الشباب في سوق العمل، من خلال طرق مجالات مستقبلية واعدة تستوعب شبابا بحرينيا متسلحا بالمهارات اللازمة المطلوبة في سوق العمل، كما نكثف جهودنا حاليا في زيادة البعثات والمنح والتدريب والتأهيل اللازمين لتمكين الشباب من الانخراط في سوق العمل وهم على درجة عالية من المهارة والمعرفة بمتطلبات الوظائف التي يشغلونها».
وعن تقييمه لنماذج التدريب التي تقدمها مؤسسات مثل تمكين وبنك البحرين للتنمية وغيرها من المؤسسات، قال الوزير: «إنها محاولات تفتقر حتى الآن إلى الربط بين ما تقدمه من برامج وتمويلات، وبين التخطيط المركزي لتأهيل العاطلين عن العمل وربطهم بسوق العمل».
المخرجات الداخلة إلى سوق العمل
من جانب آخر، قال إن «أسواق العمل في البحرين تستقبل أعدادا تتراوح بين 7 إلى 8 آلاف خريج جديد، يتم استيعاب 50% منهم في مختلف مجالات العمل، فيما يظل الباقي رقما صعبا، تعمل الوزارة بمجهودات حثيثة لتدريبهم وتأهيلهم ودفعهم إلى سوق العمل».
و«أستطيع هنا القول إن أكثر من نصف البحرينيين الداخلين إلى سوق العمل سنويا، مؤهلون تماما، وأنا فخور جدا ببعض النماذج التي أبلى فيها البحرينيون بلاءً حسنا، وهمنا أن نحافظ على نسب البطالة المنخفضة في البحرين».
ولكن «لدينا مشكلة أن العنصر النسائي المحسوب في نسب البطالة، يشكل تحديا من نوع آخر، فالكثير من الإناث تضع في تصورها أنها سوف تعمل في نطاقات عمل محددة جدا حين تخرجها، وبالتالي فإن اهتمامهن بكسب المهارات من خلال التدريب للمجالات التي يفكرن بالعمل فيها، هو اهتمام ضئيل جدا، وهو ما يفقدهن عنصر المنافسة حين تكون معنية بالدمج في سوق العمل، فضلا عن المشكلات التي تسببها مزايا العمل المتاحة للإناث والمرأة لدى مؤسسات القطاع الخاص».
وأضاف الوزير: «نحن نؤمن بأن على الوزارة تقديم مخرجات مؤهلة ومدربة تدريبا جيدا لتسلم مهامهم في مختلف مؤسسات القطاع الخاص، ولن نسمح بأن تتحمل هذه المؤسسات أي أعباء مالية، قد تنجم عن نقص مهارات المخرجات التي تقوم بتوظيفها، حيث تتكلف الوزارة جميع الأعباء المالية اللازمة لزيادة وصقل مهارات المخرجات حتى بعد توظيفهم واستيعابهم في تلك المؤسسات».
البطالة.. حقيقة وأرقام
وحول نسب البطالة في البحرين حاليا والنسب المتوقعة خلال السنوات الخمس المقبلة، وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب في الفئة السنية بين 19 و25 إلى 28%، قال الوزير: «إن الوزارة تقوم باحتساب معدل البطالة من خلال احتساب إجمالي القوى العاملة الوطنية (وهو حاصل جمع إجمالي العاملين البالغ عددهم 177000 فرد بحسب آخر تعداد عام 2010، مع إجمالي عدد العاطلين)، ونتوقع أن تكون قراءة نسب البطالة في البحرين خلال السنوات المقبلة، أفضل من اليوم، وعلى الأسوأ، فإنها لن تكون أعلى من المعدلات التي تم تسجيلها خلال السنوات الخمس الأخيرة» (جدول مرفق).
كما تقوم الوزارة حاليا، بمشاريع متقدمة تتعلق بتوظيف وتدريب الباحثين عن عمل، وخاصة في ما يتعلق بفئات الشباب، وذلك لضمان مستقبلهم الوظيفي، إما من خلال إدماجهم مباشرة في سوق العمل، وإما من خلال إعادة تأهيلهم بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل، وهذا يأتي في سياق استراتيجيات الوزارة الرامية إلى تعزيز دور التدريب المهني في توفير عناصر بشرية وطنية مدربة تدريبا يتلاءم مع الاحتياجات الحقيقية لسوق العمل.
مخرجات غير مؤهلة
وقال رئيس التحرير معلقا: «مخرجات المدارس الحكومية في البحرين غير مؤهلة للاندماج والانخراط في سوق العمل مباشرة، إنها مخرجات تحتاج إلى تدريب وتأهيل بعد التخرج، إنهم بحاجة إلى كورسات مكثفة باللغتين العربية والانجليزية، وتعليمهم أبجديات الحساب التجارية المتوافق مع طبيعة البحرين التجارية.. عالم المبيعات هو بمثابة صمام الأمان لضمان تدفق الوظائف، فكل المؤسسات الاقتصادية بدءًا من المصارف وانتهاء بمصانع التجزئة بحاجة إلى التسويق وبيع منتجاتها، ولكن ليست هناك برامج قوية تؤهل مثل هذه المهارات».
وقال الوزير: «للأسف، ما زال الوقت مبكرا جدا عندنا، حتى نقطة الوصول إلى دراسة ميول متلقي العلم، والتعرف على استعداداته الشخصية، وقدراته ومهاراته، ثم البدء بتنميتها، حتى يختار التخصص الذي يبرع فيه، ولذلك تجد من بين المجموعات التي تقوم الوزارة بتدريبها أو تنمية مهاراتها، من لا يقبل بنتائج التقييم التي يخرج بها المرشد الوظيفي، والنتيجة أن الكثيرين ممن تلقوا تدريبات علمية وعملية لمهن محددة، عملوا بعد التخرج في مجالات بعيدة عن المجالات التي تلقوا فيها التدريبات، وهو ما يعتبر هدرا للمال العام الذي تكلفته الدولة بلا طائل».
وأضاف أن «الوزارة من خلال أجهزتها المختصة، تعمل حاليا على تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم، والاحتياجات الفعلية في سوق العمل من المهارات المطلوبة، حيث تقوم هذه الجهات بتنظيم كورسات للمهارات التي تدعم المجالات التي تلقى فيها الخريج علومه المدرسية، وهو ما نسميه بالتدريب التمهيدي، ثم إن لدينا نوعا آخر من التدريب، وهو ما نسميه بالتدريب الاحترافي، كما أن لدينا جهودا تدريبية لمهارات غير مطلوبة في سوق العمل، لكننا نجد من يتقدم لتلقي تدريبات فيها، وخاصة في مجالات تتعلق بالعلوم الأكاديمية».
واستدرك الوزير: «ذلك لا ينفي بالطبع أن هناك بعض الخريجين، يعكفون على الحصول على فرص تدريبية تصقل مهارات وتخصصات حقيقية يتمتعون بها، وهذا النوع هو أكثر المتدربين استثمارا للمهارات التي يملكونها في مجال ما».
تجارب رائدة.. لكنها مهملة
وقال رئيس التحرير معلقا: «شركة نفط البحرين (بابكو) قدمت للمجتمع البحريني منذ الخمسينيات من القرن الماضي، تجارب عالمية رائدة في مجال التدريب والتوظيف وتسليح المتدربين بمعايير وأخلاقيات عمل عالية جدا، لماذا لا تطبق نسخة كربونية من تلك التجربة الثرية في سوق العمل، حتى يتمكن أصحاب الأعمال في القطاع الصناعي من الحصول على مخرجات بحرينية عالية الكفاءة؟».
وأجاب الوزير: «على الرغم من أنني لا أحبذ التقييم من خلال عقد مقارنة بين الجيلين.. جيل الخمسينيات والجيل الحالي، فإن الجيل الحالي لا يخلو من نماذج مشرفة، إلى جانب النماذج المؤلمة من المخرجات والداخلين الجدد لسوق العمل.. نعم لقد كان لبابكو والشركات الكبرى في البحرين والمنطقة سيرة مشرقة ومتكاملة، لأنهم كانوا ينطلقون من قاعدة تخطيط شامل، لا تتوقف أهدافه عند تدريب الخريج على مهنة محددة ثم إعلان تخريجه، بقدر ما كانوا يهتمون، بتسليح المتدرب بكل ما يصقله ليس في إطار العمل فحسب، بل حتى في تسليحه بالضوابط الأساسية التي ينبغي أن يتعامل وفقها في الشارع والبيت».
«لقد كانت شمولية التدريب عندهم تعني تسليح المتدرب وتعليمه المعايير الأخلاقية ومتطلبات الأمن والسلامة، ومزايا الانضباط في العمل والتعامل مع مفرداته من منطلقات معايير أخلاقية عالية، وتوفير كل ما يتطلبه المتدرب من مقصف وملابس وغيرها، في إطار الاستثمار في العنصر البشري بأفضل الوسائل المتاحة».
«المؤسف أن كثيرا من المؤسسات العاملة في مختلف الأسواق، تعتبر ذلك هدرا للموارد المالية، على الرغم من أن الاستثمار في العنصر البشري هو من أنجح الوسائل التي تجعل الموظفين والعمال المنتسبين إلى هذه المؤسسة أو تلك، يبدعون في أعمالهم، وتجعلهم مخلصين جدا للمؤسسة التي ينتمون إليها، لأنهم يشعرون معها بالانتماء إلى المؤسسة والاطمئنان على استقرارهم، وبالتالي يؤثر ذلك إيجابا على إنتاجهم وإنتاجية الشركة، والمؤسسات التي تمارس مثل هذه الاستراتيجية في علاقاتها مع الموظفين، إنما تستهدف استثمارا طويل الأجل، على عكس الذين يظنون أن ضغط المصروفات وحرمان الموظفين من مزاياهم، يكسبهم بعض الأموال، لكنهم يتغافلون عن أن حياة مؤسساتهم قصيرة بنفس قصر استثماراتهم».
وعلق رئيس التحرير: «هناك تحول كبير في عقلية الإنسان البحريني والخليجي بصفة عامة، فقد لاحظنا أن الإنسان الخليجي الذي كان يضع -أينما تذهب- الإنسان الغربي على رأس قسم التسويق والمبيعات لمنتجات مؤسسته، بات يؤمن بأن الإنسان الخليجي أقدر بكثير في إنجاز واجباته في هذا الحقل.. أنا أشهد من خلال المؤسسات التي أديرها أن الإنسان البحريني بات رائدا في هذا المجال، ويعمل بصورة مقنعة وأكثر جدوى من أي وافد من الشرق أو الغرب، ولذلك فإنني أنصح شخصيا، بأن تركز الوزارة على تدريب الشباب البحريني على امتهان هذه المهنة التي تعتبر عوائدها أفضل وأكبر من عوائد الكثير من المهن الأخرى، وهو حقل عمل رائد جدا، لأنه ما من مؤسسة من المؤسسات التي تعمل في قطاع من القطاعات تبيع منتجاتها أو خدماتها، إلا وهي بحاجة إلى موظفين بارعين في قطاع التسويق والبيع».
وعلق الوزير من جانبه: «الوزارة تعمل وفق مرحلتين أساسيتين فيما يتعلق بضخ المخرجات إلى وظائف فعالة في سوق العمل، المرحلة الأولى هي مرحلة التوظيف وإنهاء البطالة، والثانية هي التشغيل الكامل للخريج، وتوجيهه إلى الوظائف الفعالة، مع عودة الثقة إلى سوق العمل البحريني مجددا.
تلك ثروة حقيقية للوطن والمواطن، ونتوقع أن ننمي قدراتنا مؤسسيا على استقبال الاستثمارات الوافدة، ولن ينجح ذلك كثيرا إذا لم يكن لدينا طواقم عمل وموظفون أكفاء قادرون على المساهمة في استقطاب المزيد من الاستثمارات إلى وطنهم، والمساهمة في استقرار الاستثمارات العاملة أصلا في أسواق البحرين».
ونعتقد أن «الشعور بالحس الوطني يتطلب من مؤسسات القطاع الخاص، أن تعمل على الدفع بهذا الاتجاه، كما أن عليها الاستثمار، بشكل جيد، فرصة بوادر الثقة القوية التي بدأت تنشأ بين الموظفين والمؤسسات التي يعملون بها، وأعتقد أن هذه الثقة التي توافرت بين الطرفين اليوم، تكرس مظهرا من مظاهر التعافي في الاقتصاد البحريني، وهو ما سوف يدفع الجميع إلى تحقيق معدلات عالية من الإنتاجية والنجاح».