أكد وزير العمل رئيس مجلس ادارة هيئة تنظيم سوق العمل الدكتور مجيد بن محسن العلوي أن برنامج الخروج الميسر حقق نتائج طيبة خلال فترة قصيرة، وكشف الوزير في لقاء خاص اجراه معه القائم باعمال مدير وكالة انباء البحرين (بنا) السيد جهاد سلمان الجودر أن أعداد العمالة غير النظامية في سوق العمل المحلي انخفضت من 43 الف عامل اجنبي غير نظامي إثر اطلاق برنامج الخروج الميسر الى اقل من 34 الف عامل، مؤكداً أن الهيئة تواصل جهودها ومهامها دون توقف وانه لا تراجع لإصلاح التشوهات التي تراكمت في سوق العمل الوطني طيلة 30 عاماً..
وفيما يلي تفاصيل اللقاء.
الى أين وصل برنامج الخروج الميسر الذي اطلقته مؤخراً هيئة تنظيم سوق العمل؟
– د.مجيد العلوي:
لقد حقق برنامج “الخروج الميسر” الذي أطلقته هيئة تنظيم سوق العمل بالتعاون مع وزارة الداخلية نجاحاً طيباً وملموساً وواضحاً، وخلال فترة قصيرة وقياسية من اطلاق البرنامج، وهذا البرنامج يأتي في إطار حراك جاد متكامل لإنهاء ظاهرة العمالة غير النظامية، وينبغي أن أؤكد أن رؤية البحرين الاقتصادية 2030 كانت ولا زالت، حافزاً رئيساً للعمل بجد لإنهاء ظاهرة العمالة غير النظامية، فالرؤى التي تتضمنها الرؤية تعتمد بشكل كامل على التخطيط العلمي الدقيق الذي لا يقبل العشوائية، والذي يتطلب سوق عمل منظمة لا تعاني من تشوهات تمنعها من الاستجابة للخطط، هذا الحافز الرئيس حرك راكد جميع المؤسسات الرسمية والأهلية المعنية للتعاطي بكامل الجدية مع معالجة تشوهات سوق العمل وظاهرة العمالة غير النظامية، فكانت توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الاعلى في نوفمبر من العام الماضي 2009 بتوحيد جهود كل المؤسسات الرسمية المعنية بهذه الظاهرة في إطار واحد جامع، والتي تجسدت في الاجتماع التنسيقي الأول لوزراء العمل والداخلية والصحة والعدل، الذي انعقد بتوجيهات من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الاعلى، وتمخض عنه تشكيل لجنة عليا للإشراف على الحملة الوطنيـة لمعالجة ظاهـرة العمالة غير النظامية، جمع فريق عمل وطني من الوزارات الأربع بالإضافة الى وزارة شؤون البلديات ووزارة الصناعة والتجارة، والنيابة العامة، يتولى مهام تخطيط وتنفيذ وتنسيق الخطة الوطنية لإنهاء ظاهرة العمالة غير النظامية بالمملكة ومكافحة كل أشكال المتاجرة بالبشر، إذ ليست ضرورات الداخل المحلي – وإن كانت هي الرافعة الأساسية لجهود إنهاء العمالة الأجنبية غير النظامية – فحسب تحتم معالجة الظاهرة، بل تمثل التزامات المملكة الحقوقية الدولية دافعاً تزداد أهميته يوماً إثر يوم، خاصة مع الصعود الدولي للمملكة كبلد جاذب للاستثمارات الدولية ويتأسس على أسس قانونية تحمي الحقوق، لذلك قلت ان برنامج الخروج الميسر يأتي جزءا من كل متكامل يشترك فيه الجميع.
لا أحد يشكك في جدية التوجه لإنهاء العمالة غير النظامية، لكن السؤال الذي يطرحه الشارع التجاري هو: هل هذه الجهود كافية لإنهاء الظاهرة في وقت قصير ومحدد؟
– لا أحد ينتبه الى أننا نعالج تشوهات نحو ثلاثة عقود أو أكثر، وأقول بوضوح أن معالجة هذه الظاهرة التي تراكمت خلال اكثر من 30 سنة لا تتأتى خلال أيام، بل تتطلب جهوداً مستمرة على جميع الاصعدة وبتعاون جاد من جميع المؤسسات المعنية سواء بالقطاع الرسمي أو الأهلي، وهذه الجهود بالفعل بدأت تعطي نتائجها بشكل واضح، قبل نحو عام كنا نتحدث عن نحو 58 ألف عامل أجنبي هو متوسط تقديرات العمالة الأجنبية غير النظامية في البحرين، وهي تمثل نحو 10 بالمائة من إجمالي العمالة الأجنبية بالبحرين في كل الأحوال، واليوم نحن نتحدث عن 34 الفاً، وبالجهود المستمرة للجنة العليا للإشراف على الحملة الوطنيـة لمعالجة ظاهـرة العمالة غير النظامية، وبجهود اللجنة التنفيذية التي يترأسها الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل علي أحمد رضي، سنستمر في انهاء هذه الظاهرة واجتثاثها نهائياً ومن جذورها.
وليس من الانصاف أن يطالب احد من هيئة تنظيم سوق العمل ان تقوم بإنهاء هذه التراكمات التي حدثت خلال عقود في بضعة ايام، خاصة مع العمل والجهود الدؤوبة سواء التي تقوم بها الهيئة او المؤسسات الرسمية الشريكة في الحملة الوطنية.
هذه الظاهرة لا تختص بالبحرين فحسب فهناك دول كبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية واليونان وغيرها تعاني من نفس هذه الظاهرة.
اني اؤكد أننا وضعنا القطار على السكة الصحيحة، وظاهرة العمالة غير النظامية التي صنعها جشع البعض عبر تجاوز القوانين بشتى الطرق والاساليب، نظراً لتعدد الجهات الرسمية المسئولة عن الترخيص للعمالة الأجنبية سابقاً، تمت تجفيف منابعها من خلال تأسيس هيئة تنظيم سوق العمل وتدشين عملها في مايو 2007 كمؤسسة رسمية تختص بتنظيم شؤون العمالة الوافدة، وكجهة موحدة رسمية معنية بتراخيص العمالة الوافدة الأمر الذي لا يدع مجالاً لتجاوز الأنظمة.
لقد كانت معاملات الترخيص لجلب عمالة وافدة تقتصر على المعاملات الورقية في مرحلة ما قبل الهيئة، وكان المجال واسعاً أمام المتلاعبين يصل في بعض الأحيان حتى الى تزوير مستندات وهمية للتوافق مع اشتراطات الوزارات لجلب عمالة وافدة، غير أن حوسبة عمل الهيئة بالكامل أغلق عشرات المسارب والثغرات التي كان يستغلها المتلاعبون بالعمالة السائبة لتحقيق أرباح غير شرعية بإغراق سوق العمل المحلي بالآلاف من العمال الأجانب الباحثين عن عمل، وليصنعوا سوق عمل سوداء خارج إطار القوانين بالكامل، إذ اعتمدت الهيئة على تقنيات حاسوبية متطورة لا مجال فيها للتلاعب، أبسطها تحصيل البيانات البيولوجية للعمالة الأجنبية (بصمة الأصابع) وبحيث لا يمكن للعامل المخالف الذي يتم ترحيله الى بلاده أن يعود للمملكة بجواز سفر جديد وبيانات جديدة، ناهيك عن إمكانية التحقق الفوري من هوية العامل في موقع عمله حتى إن لم يحمل أوراقاً ثبوتية، حيث ترتبط الأجهزة الكفية التي يحملها المفتشون في مواقع التفتيش بقاعدة بيانات تستجيب لحظياً والكترونياً بشكل فوري ودقيق لا مجال فيه للأخطاء.
ناهيك عن التنسيق التكاملي وتبادل المعلومات بين المؤسسات في معالجة ظاهرة العمالة غير النظامية في المملكة، والربط الالكتروني بين الهيئة والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة برخص عمل الاجانب مثل وزارة الداخلية، الصناعة والتجارة، والصحة، إنني أؤكد بثقة أن عصر العمالة الاجنبية السائبة انتهى دون رجعة.
ماهي مهام اللجنة العليا المشرفة على الحملة الوطنية لمعالجة ظاهرة العمالة غير النظامية؟
– تختص اللجنة العليا بالإشراف العام على الحملة الوطنية لمعالجة ظاهرة العمالة غير النظامية، تتولى مهام رسم السياسة العامة للمشروع ومتابعة عمل اللجان الفرعية الأخرى العاملة في المشروع، كما تتولى الإشراف على الحملة الإعلامية، وتذليل الصعوبات والمعوقات التي قد تعترض سير العمل في المشروع. وفيما نص القرار الوزاري على أن تقوم اللجنة بإعداد تقارير دورية بشأن نتائج الحملة ورفعها اللجنة الوزارية معالجة العمالة غير النظامية، كما تتمتع بصلاحيات الاستعانة بأهل الخبرة أو ذوي الشأن لمناقشتهم والاستماع لآرائهم، وتضم اللجنة 16 عضواً يمثلون 9 مؤسسات بالقطاعين الحكومي والأهلي ذات العلاقة بظاهرة العمالة غير النظامية.
هل يمكن ان نقول إن اللجنة العليا للإشراف على الحملة الوطنيـة لمعالجة ظاهـرة العمالة غير النظامية، حققت انجازات واضحة وذات اثر كمي ملموس؟
– بالتأكيد ودون شك لنا أن نفخر جميعاً في البحرين بما أنجزته اللجنة العليا للإشراف على الحملة الوطنيـة لمعالجة ظاهـرة العمالة غير النظامية، وبما حققته اللجنة التنفيذية برغم العراقيل والتحديات وفي وقت قصير نسبياً، إذ تعرفون جميعاً حجم الصعوبة التي تواجه أي إصلاح كان وفي أي مجال، فكيف بإنهاء ظاهرة تراكمت لاكثر من 30 عاماً؟
وأقول بكل ثقة لقد نجحنا وخلال اقل من عام من العمل الشاق المضني بالتعاون مع جميع الشركاء بالقطاعين العام والخاص، من إنجاز نتائج لم تتحقق طيلة ثلاثة عقود، ولا أبالغ فيما أقول والارقام شاهدة، إنني أجزم به وبكل ثقة أن ظاهرة العمالة غير القانونية في تناقص مستمر، وبالأرقام الصحيحة والدقيقة.
هذه الانجازات ليست إنشاءً وليست غير قابلة للقياس الكمي، بل إن أحد أهم مخرجات هيئة تنظيم سوق العمل يتمثل في رصد تغيرات سوق العمل الوطني كمياً وكيفياً بدقة وبأرقام موثقة لا مجال للتشكيك فيها، وبأعلى درجات الشفافية، حيث تلتزم الهيئة بنشر تقاريرها بحيث يتاح للجميع فرصة الاطلاع عليها، فضلا عن تمتعها بلجنة للتدقيق مع الالتزام بإجراء تدقيق الأداء للهيئة من قبل مدقق أداء خارجي ذي مكانة دولية، وأؤكد على دقة البيانات والإحصائيات والدراسات التي تنتجها الهيئة لأنها ومنذ التأسيس اعتمدت على نظام حاسوبي تم تصميمه خصيصاً لتنفيذ مشروع إصلاح سوق العمل يتضمن حوسبة جميع الإجراءات الرسمية لاستقدام العمالة الوافدة عبر الشبكة الحكومية للمعلومات، ونظام إدارة العمالة الوافدة وهو الأول من نوعه على الصعيد الدولي ويستهدف الربط الالكتروني بين جميع الوزارات والمؤسسات الرسمية الحكومية المعنية بسلسلة إجراءات استقدام العمالة الوافدة، بما يشمل الجهاز المركزي للمعلومات والإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة ووزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الصحة، ووزارة العمل، والهيئة العامة للتأمين الاجتماعي.
لقد قلتم أن مشروع اصلاح سوق العمل يأتي ضمن اطار رؤية 2030، هل يعني هذا ان اصلاح السوق مشروع مستدام؟ بما فيه بالطبع انهاء ظاهرة العمالة غير النظامية؟
– بالتأكيد أن مشروع اصلاح سوق العمل هو أحد مرتكزات المشروع الاصلاحي الذي يقوم على اصلاح الاقتصاد واصلاح التعليم واصلاح سوق العمل، والذي جاء ترجمة قوية وثابتة وناضجة لرؤى حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى لمستقبل البحرين في العهد الاصلاحي، وقاد هذه الترجمة الراسخة صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الاعلى الامير سلمان بن حمد آل خليفة.
وتم تأسيس هيئة تنظيم سوق العمل لتنفيذ الرؤى الإصلاحية الملكية لتجسيد اجمل الأيام لمستقبل البحرين ومستقبل ابنائها، ولقد جاءت مواكبة لشمولية الرؤية الإصلاحية بمختلف ملفاتها، إذ ليست الهيئة مجرد جهاز الكتروني او حاسب آلي ضخم ينظم معاملات سوق العمل الوطني، بل دورها اكبر من ذلك بكثير إذ هي دون مبالغة أحد أهم أدوات المشروع الاصلاحي ويتكامل دورها مع المؤسسات الإصلاحية الوطنية الزميلة متكاتفة لتعمل كرافعة للمستقبل الوطني على صعيد مختلف الملفات، سواء الملف الاقتصادي، او الحقوقي فيما يتعلق بحقوق أصحاب الأعمال والعمال، او الإنساني فيما يتعلق بالعمالة الوافدة وحفظ كرامتهم الإنسانية، او حتى الأمني بمفهومه الايجابي ومن زاوية حماية أمننا الاقتصادي والاجتماعي تجاه مخالفات سوق العمل التي تشوهت عميقاً نتيجة لاختراق أنظمة العمل التي تنظم تدفق العمالة الوافدة، ومدة بقائها، وضبط سلوكها، إذ أن مهمة إنهاء العمالة غير القانونية- على سبيل المثال تأتي كجزء (تفصيل) من مهمة الهيئة الرئيسة وهي إصلاح سوق العمل بشكل كلي، وينبغي أن يُفهم هذا الجزء من خلال المهمة الرئيسة، وعليه أقول إن من أهم أهداف إصلاح سوق العمل توفير بيئة عادلة ومنصفة يستطيع عبرها كل من صاحب العمل والعامل البحريني المساهمة في تنمية مجتمعنا الوطني وفق أسس اقتصادية واجتماعية تمكن المواطن البحريني من تحقيق أهدافه في حياة كريمة وحرة له وللأجيال القادمة، وتوجه القيادة السياسية للمملكة كل اهتماماتها من أجل أن يكون سوق العمل رافدا للتنمية ومصدراً لتعزيز الأمن والاستقرار، من جديد أؤكد أن الهيئة ليست تختصر في إصدار تصريح عمل لعامل وافد فحسب ولا تختزل في كونها جهاز حاسوب آلي ضخم ينتج البيانات والمؤشرات برغم الأهمية القصوى لهذين المنتجين الأخيرين.
اضف الى ذلك أن مشروع إصلاح سوق العمل قدّم النموذج منذ لحظاته الأولى كأحد أهم المبادرات الإصلاحية التي سعت الى إشراك المواطنين وممثليهم في البرلمان الوطني بالإضافة الى ممثلي أصحاب الأعمال والعمال، حيث شاركوا في صياغة سياسات هذا الإصلاح بدءا من ورشة العمل التي دشنها سمو ولي العهد في 2004، وانتهاء بتكريس مبدأ التشاور مع الجمهور في قانون رقم 19 لعام 2006 والمختص بإنشاء هيئة تنظيم سوق العمل، هذا المبدأ الذي يضاعف من قوة الحوار الاجتماعي المؤسسي، تجسد عقب تأسيس الهيئة في التركيبة الثلاثية لمجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل، والتي تقدم أول نموذج لهيئة حكومية يشترك في توجيهها وعلى أسس ديمقراطية توافقية ممثلين عن جميع الأطراف المعنية مباشرة بالسوق وهم التجار ممثلين في الغرفة التجارية، العمال ممثلين بالاتحاد العام للنقابات، وأعضاء من الحكومة كقطاع رسمي.
الى أي مدى اضحى مشروع اصلاح السوق ضرورة لتحقيق النهضة الاقتصادية للمملكة؟
– إن مبدأ إصلاح سوق العمل قد أصبح ضرورة عملية وسياسية حازت على إجماع شعبي واسع، وان كانت بعض سياسات هذا الإصلاح مثل الرسوم وانتقال العمالة قد واجهت ولا تزال معارضة، بعضها ناجم من سوء الفهم وبعضها الآخر نتيجة الخوف من النتائج وعدم الرغبة في مواكبة متغيرات العصر والتكيف معها، وكل ذلك يمكن تفهمه ولكن ينبغي كذلك أن ندرك بأن هناك طريقا شاقا ومهما علينا أن نقطعه جميعا، حكومة وعمالا وأصحاب أعمال، إنه طريق الإصلاح الهادف الى توفير قاعدة مستدامة لنمو سليم وليس مشوها لسوق العمل، سوق عمل يمكنه أن يكون نموذجا يحتذى ويقف في صفا متكاتفا مع منجزات البحرين السياسية والاقتصادية التي لاقت الإشادة من كافة منظمات وبلدان العالم.
نحن نتحدث اليوم عن قاعدة معلومات ضخمة ترتبط ارتباطا تقنيا تلقائيا متصلا مع الوزارات والمؤسسات المعنية، بالإضافة إلى إمكانات جمع وتخزين جميع بيانات العمالة الوافدة مركزياً، بما يضمن البت في طلبات استقدام العمالة الوافدة خلال 24 ساعة، ويوفر النظام ربطاً للهيئة مع الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة لإجراء التدقيق الأمني واستصدار شهادة عدم الممانعة وضبط وربط تصريح الإقامة وتأشيرة العمل، ومع الجهاز المركزي للمعلومات لإصدار بطاقة الهوية، وتوفير مدخل إلى البيانات والمسوحات، ومع وزارة الصحة لحجز موعد العامل الوافد لإجراء الفحص الطبي وتطبيق إجراءات التأمين الصحي للوافدين، كما يوفر النظام ربطاً مع قاعدة معلومات وزارة الصناعة والتجارة ومدخلاً للهيئة إلى معلومات صاحب العمل لجهة تسجيل المؤسسة وتفاصيل أنماط الشركات ومجالات عملها، وقد أتاح لنا النظام الجديد أن نكتشف حالات تزوير وتغيير قام بها بعض العمال الوافدين الذي خرجوا من المملكة وحاولوا معاودة الدخول بجوازات سفر جديدة، تم اكتشافهم من خلال بصمة اليد وفي منفذ المطار وقبل أن يتمكنوا من الدخول للمملكة.
امام انجازات كمية ونوعية بهذا المستوى لماذا يلاقي مشروع اصلاح السوق معارضة شديدة من بعض اصحاب الاعمال؟
– إن وجود معارضة من فئة محدودة من اصحاب الاعمال لمشروع اصلاح السوق امر طبيعي جداً، وهو نابع من سوء فهم بحيثيات المشروع، وبالأخص بموضوع رسوم العمالة الوافدة، لقد خضع قرار الرسوم-بالذات- لمداولات ومحاورات واسعة انعقدت رسميا بمقر غرفة تجارة وصناعة البحرين في 2008، وكانت مفتوحة لجميع التجار والمهتمين، مشاورات علنية شفافة خرج مجلس إدارة الغرفة منها بتوصيات نقوم بتنفيذها الآن، وليس هذا منةٌ من احد او غيرها من المؤسسات الحكومية، بل إن مبدأ المشاورة منصوصٌ عليه بالمرسوم بقانون الصادر من حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى في مايو 2006 بتأسيس هيئة تنظيم سوق العمل، والذي ينص في بنوده نصاً بإلزام الهيئة باتخاذ قراراتها بالتشاور مع القطاعات والإطراف المعنية وهي غرفة التجاة والصناعة ممثلة لقطاع الاقتصاد الوطني، والاتحاد النقابي ممثلا للقطاع العمالي، وقد أجريت على مدى نحو عام كامل مشاورات موسعة حول كل نقطة من نقاط الرسوم الجديدة، وتم تنظيم تلك المشاورات من خلال اللجنة الاستشارية الموسعة بين الإدارة التنفيذية للهيئة والقطاعين المعنيين بالرسوم، وكل تلك المشاورات موثقة.
وأود هنا أن أؤكد انه لا يمكن عبر الآلية المعتمدة بمجلس إدارة سوق العمل، والتي أقرت من قبل مجلسي النواب والشورى وصدرت بمرسوم ملكي، أن تتخذ أي قرار دون توافق بين الإطراف المعنية بسوق العمل والممثلة في مجلس إدارته، والقضية أساساً ليست مجرد مبلغ يتم تحصيله سواء زاد المبلغ أو نقص، بل ينبغي أن يكون واضحاً أن الهيئة تعمل بتوافق تام مع الرؤية الاقتصادية الوطنية للبحرين 2030، وتساهم بشكل كبير في تحقيق هدفها الرئيس ألا وهو رفع المستوى المعيشي للمواطنين، ومن منطلق تحقيق هذا الهدف نعمل على جعل البحريني هو الخيار المفضل في سوق العمل، إذ يتأسس مفهوم تنظيم سوق العمل على تحقيق التنافسية بين الأيدي العاملة الوطنية وبين العمالة الوافدة، على أساس إلغاء الأفضلية في الرواتب والمميزات للعامل الأجنبي من خلال رفع كلفته، مما يجعل صاحب العمل البحريني يتجه الى خيار العامل الوطني، والمتابعون لمشروع تنظيم سوق العمل يدركون جيدا بأن الرسوم وقرار حرية انتقال العامل إلى صاحب عمل آخر وغيرها من القرارات، ما هي إلا أدوات الغاية منها تقليص فجوة تكاليف العمل والمميزات بين العامل البحريني والعامل الأجنبي لبلوغ الهدف الأسمى المتمثل في جعل البحريني الخيار المفضل في سوق العمل وفقا لمعايير تنافسية عادلة وتوفير وظائف ذات قيمة عالية للبحرينيين.
وينبغي الانتباه الى أن كلفة الرسوم كانت في حدود 600 دينار سنوياً بالإضافة الى 75 ديناراً شهرياً على كل عامل أجنبي، بمعنى أن الرسوم التي كان ينبغي أن يتم فرضها لتعديل الموازنة بين العامل المواطن والعامل الأجنبي كان ينبغي أن تكون ثلاثة أضعاف ما هي عليه الآن بالنسبة للرسوم التي تحصل كل عامين، بالإضافة الى انخفاض الرسوم الشهرية حالياً بنسبة 5،7 ضعفاً عما كان ينبغي فرضه بحسب الدراسات، إلا أن مجلس إدارة الهيئة ارتأى وبتوافق أعضائه المكون من أطراف العمل الثلاثة، أن يتم إقرار رسوم الحد الأدنى وهي التي يتم تحصيلها حالياً والبالغة نحو 200 دينار سنوياً، بالإضافة الى رسم عشرة دنانير شهرياً، وذلك القرار اُتخذ بالتدخل الحكيم لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، وهذه الرسوم الحالية تسد جزءاً من فجوة الرواتب بين العامل الوطني والأجنبي.
إن رسوم العمالة الأجنبية رسوم يتم تحصيلها مقابل خدمات متكاملة، وهي تتضمن رسوم الفحص الطبي الذي تجريه وزارة الصحة للعامل الأجنبي، ورسوم الإقامة التي تصدرها الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة، ورسوم البطاقة السكانية التي يصدرها الجهاز المركزي للمعلومات، إذ أن جميع رسوم تلك الخدمات الحكومية المقررة بقوانين مشمولة ضمن رسوم الهيئة.
بل إن النظام الحاسوبي الجديد الذي تعتمده الهيئة لإجراء معاملات القطاع التجاري والمرتبط بجميع المؤسسات الحكومية المعنية برخص العمل من الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة ووزارة الصحة والجهاز المركزي للمعلومات ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة العمل، والذي أتاح للقطاع التجاري تسهيلات لم تكن يوماً متوافرة، واختصر عليهم الجهد والمال والوقت في تقديم خدماته ضمن نظام المحطة الواحدة، وعلى أعلى قدر من التبسيط والتطوير التقني وبحيث باتت متطلبات إنهاء إجراءات القطاع التجاري لا تتطلب أكثر من لمسة زر على الحاسب الآلي وهم يجلسون على مكاتبهم، وبحيث انتهى دون رجعة العهد الذي كانت فيه احتمالات التعطل واردة في التنقل بين أكثر من جهة رسمية لتخليص المعاملات.
وفيما يتعلق بموضوع عدم وضوح الرؤية الاقتصادية، فإننا بصدق نتساءل هل يمكن أن تكون هناك رؤية مستقبلية أكثر وضوحاً من الرؤية الاقتصادية الوطنية التي بين أيدينا اليوم؟! هل توجد رؤية اقتصادية في المستوى الخليجي أو الدولي تناولت بكل شفافية ووضوح وأخضعت لمشاورات شارك فيها جميع أطراف المجتمع وأُخذت فيها بالاعتبار وجهات نظر الجميع مثل رؤيتنا الاقتصادية؟! هل توجد رؤية اقتصادية أخرى في العالم تضمنت تفصيلاً وبرمجة وخططاً واضحة مرتبطة بقياس مؤشرات أداء مثل الرؤية الاقتصادية الوطنية؟!
ويهمنا أن نوضح إن احد المشاريع الرئيسة لمشروع الإصلاح يأتي مشروع صندوق العمل ”تمكين” وهي المؤسسة الرديفة والزميلة التي يتكامل بها عمل هيئة تنظيم سوق العمل، إن الصندوق يعتمد بشكل رئيس على ما تقوم الهيئة بتحصيله من رسوم قانونية، ويسير شؤون ”تمكين” مجلس إدارة يحوز القطاع الوطني الخاص بالغالبية، وليس لصندوق العمل أن يقوم بتنفيذ مشاريعه الرائدة على صعيد إصلاح السوق ورفع كفائته وتدريب البحرينيين وتأهيل الكوادر الجديدة الداخلة بسوق العمل على المهن الفنية التخصصية، دون موارد تتمثل في ما تحصله الهيئة من رسوم وليست جبايات ولا ضرائب، بل رسوم مقابل خدمات التسجيل والترخيص.
فالمبالغ المحصلة من الرسوم تذهب بنسبة 80% لدعم مشاريع صندوق العمل يعاد ضخها في سوق العمل مباشرة من خلال “تمكين”، وتتوجه بشكل رئيس وكامل إلى تطوير مؤسسات القطاع الخاص الاقتصادية، عبر رفع كفاءتها وتمويلها ضمن مشروع تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والى تأهيل وتدريب الكوادر الوطنية البحرينية لتكون الخيار الأفضل في سوق العمل المحلي عبر عقد الدورات التأهيلية التخصصية في المهن الفنية العليا والمتوسطة، وليست إنجازات تمكين بغائبة عن أحد.
ماذا عن مراجعة نسبة البحرنة؟
– فيما يختص بمراجعة نسبة البحرنة، فإن الهيئة عاودت دراسة وتحديد نسب البحرنة بحسب القطاعات والنشاط، حيث قامت بتحديد نسب البحرنة لكل نشاط تجاري وبمجموع 2000 نشاط، وتم تحديد نسب البحرنة لكل نشاط تجاري بالارتكاز على جداول مرجعية لنسب البحرنة لجميع الأنشطة التجارية المعتمدة من قبل وزارة الصناعة والتجارة مصنفة حسب حجم فرع السجل التجاري للمنشأة، وقد تم إعداد هذه الجداول بالاستناد إلى الواقع الفعلي الراهن لنسب البحرنة المتحققة في مختلف المنشآت، حيث تم تخفيض نسب البحرنة في جميع القطاعات الاقتصادية، إذا ما تم مقارنتها مع القرار رقم 7 لسنة 1996 المطبق في وزارة العمل، فعلى سبيل المثال لا الحصر: قطاع المقاولات (النسبة 8%)، قطاع المبيعات كانت في السابق نسب البحرنة المقررة تبلغ ابتداء 50% (في المقترح الجديد تتراوح بين 20% إلى 50% حسب حجم الفرع). كما أن قطاع الصالونات تم تخفيضها من 50% إلى (10% إلى 25% حسب حجم الفرع).
وتمثل هذه الجداول نقطة انطلاق لتطبيق النظام في مرحلته الأولية وبالارتباط بالرسوم الجديدة، على أن يتم تطويرها لاحقا عبر إجراء مشاورات قطاعية يشترك بها ممثلو أصحاب الأعمال والعمال، وذلك بهدف تحديد أدق لمستويات البحرنة والمهن التي يمكن أن يشغلها البحرينيون، علماً بأنه تم الأخذ بعين الاعتبار أن نسب البحرنة المقترحة مرتبطة بمستويات الرسوم الجديدة المقترحة وهي (200 دينار لسنتين + 10 دنانير شهريا).
وهذه النجاحات التي تحققت وبالأخص في التنسيق في تحديد نسب البحرنة، لم تكن لتتحقق لولا التنسيق الشراكي الوثيق بين الهيئة ووزارة العمل وبالتعاون مع جميع المؤسسات ذات العلاقة بسوق العمل، والذي انعكس على التمكن من السيطرة على نسب البطالة بين الأيدي العاملة الوطنية، وبجهود فريق عمل الوزارة سجلت نموذجاً مبتكراً للأنماط التي ينبغي أن يكون عليها التنسيق والتكامل بين المؤسسات الوطنية.
وفيما يتعلق بقرار احتساب البحرينية العاطلة بموظفين بحرينيين اثنين في نظم البحرنة فيستفيد منه أصحاب الأعمال حين يقدمون تعهداً لدى وزارة العمل بتوظيف عمالة وطنية، إذ أنه يتم احتساب توظيف البحرينية عن اثنتين في نظام التعهدات وذلك عند قيام صاحب العمل بتوظيف أنثى بحرينية يتم احتسابها-لدى وزارة العمل- بعدد اثنتين فمثلا إذا كان نظام التعهدات يتطلب أن يقوم صاحب العمل بتوظيف عدد 10 بحرينيين وقام بتوظيف 5 إناث، فإن وزارة العمل تعتبره ملتزماً بالتعهد ويتم رفع التعهد عنه في نظام الهيئة.
ولا يتم احتساب هذا العدد في مؤشرات “حاسبة البحرنة” في هيئة تنظيم سوق العمل لأن تطبيق هذا المبدأ يترتب عليه ارتفاع نسبة البحرنة بصورة لا تعكس الواقع، وبالتالي سيتم منح تصاريح عمل إضافية لأصحاب الأعمال خارج النظام، مما يؤدى إلى إغراق سوق العمل بالعمالة الأجنبية وانخفاض نسبة البحرنة في سوق العمل، بل سيؤدى إلى استغلال توظيف الإناث بشكل وهمي من أجل الحصول على تصاريح عمل إضافية.