العبسي: تشديد قانوني بعد كورونا بشأن استقدام عمالة فوق الحاجة وتسريحها بالسوق

منصة تساعد أصحاب العمل على الاستفادة من العمالة الموجودة.. العبسي في حوار مع «الأيام»:

  • من الإصابات بين العمالة الوافدة لعمالة قانونية ومساكن «صاحب العمل» هي العنصر المؤثر
  • أعداد الإصابة بين العمالة الوافدة لم تفاجئنا لأن السلطات مَن بادرت لفحصها
  • لن يكون مقبولاً­ وجود عمال مخالفين متى عادت القدرة على الترحيل
  • لا للتضييق على القطاع الخاص بعد «كورونا» بل التدقيق على استقدام العمالة
  • نسبة الإصابة بين «الخدم» وعائلات الوافدين الأقل والسبب «لا مساكن مكتظة»
  • أعداد المخالفين متغيّرة وتم تصحيح أكثر من 17 ألف وضع عامل خلال شهر ونصف
  • العمالة الوافدة ليست مصدرًا للمرض أو ناقلة له وإنما ابتليت به
  • ملتزمون بدعم القطاع الخاص في فترة التعافي الاقتصادي ما بعد كورونا

كشف الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل أسامة بن عبدالله العبسي عن الاتجاه لإطلاق منصة افتراضية تساعد أصحاب العمل على الاستفادة من فترة تصحيح أوضاع العمالة، والوصول الى العمالة الموجودة في السوق المحلية التي تلبي احتياجاتهم، في ظل عدم إمكانية استقدام عمالة من الخارج.

وقال العبسي في حوار خصَّ به «الأيام» إن المنصة الافتراضية التي سيتم إطلاقها قريبًا جاءت للتعامل مع إشكاليات يواجهها أصحاب العمل بعد أن أصبح استقدام العمالة من الخارج غير متاح في ظل انتشار جائحة كورونا (كوفيد 19) عالميًا، إذ تسهل الآلية على أصحاب العمل الوصول الى العمالة الموجودة في السوق المحلية، والقادرة على تلبية احتياجاتهم من العمالة، كذلك الاستفادة من فترة الإعفاء من الرسوم التي أطلقتها الهيئة منذ مطلع أبريل وتستمر حتى نهاية العام الجاري.

وشدّد العبسي على أن القوانين المتعلقة بترحيل العمالة المخالفة لم تتغير، بل الذي توقف هو القدرة على الترحيل في ظل الظروف الراهنة، مؤكدًا أهمية الاستفادة من فترة تصحيح الأوضاع، إذ لن يكون مقبولاً وجود مخالفين متى ما عادت القدرة على الترحيل.
ونفى العبسي أن يكون هناك اتجاه للتضييق على القطاع الخاص فيما يتعلق بتلبية احتياجاته من العمالة ما بعد رحيل كورونا، والحاجة إلى التعافي الاقتصادي، بل سوف يكون هناك تدقيق على واقعية الحاجة إليها، وتشديد قانوني مع من يأتي بعمالة وافدة دون الحاجة إليها، وتسريحها بالسوق.

على صعيد آخر، أكد العبسي أن توزيع الحالات القائمة والمصابة بفيروس (كوفيد 19) وفق فئات العمالة الوافدة لم يتغير، إذ إن 90­% من العمالة الوافدة المصابة هي عمالة قانونية، فيما مازالت نسبة الإصابة بين العمالة غير القانونية أقل من 10­%.

وأوضح العبسي أن طبيعة المعيشة ونوعية السكن تشكل التأثير الأكبر في فرص الإصابة اليوم بين العمالة الوافدة، وهو ما يفسّر انخفاض نسبة الإصابة بين عاملات المنازل «الخدم»، إذ لا تتعدى نسبة الإصابة بينها 1­% وهي نسبة أقل من مستوى أعدادها في البلاد بكثير، فيما لم تتجاوز نسبة الإصابة بين عائلات الوافدين الأجانب أكثر من 1.3­%، إذ لا تسكن هذه الفئات من الوافدين في مساكن عمال مكتظة، على خلاف العمالة الوافدة القانونية التي يختار صاحب العمل مساكنها. وفيما يلي نص الحــوار:

] اليوم بعد مرور نحو 3 شهور على إعلان أول حالة قائمة لفيروس (كوفيد 19) في البحرين، أصبحت العمالة الوافدة الأكثر في الحصيلة اليومية لأعداد الحالات القائمة، ولا شك أن الفيروس هو المسؤول عن الجائحة، لكنه حتمًا ليس المسؤول عن إشكاليات العمالة الوافدة «سكن العمالة، شرعية إقامتها، حاجة السوق الواقعية لهذا العدد»، وإن دفعت الأزمة بهذه الملفات إلى الواجهة، ما تعليقكم؟

– دعينا نتفق من البداية على أن العمالة الوافدة ليست ناقلة للفيروس، وإنما اُبتليت به، وعند تسجيل أي حالة إيجابية سواء لمواطن أو مقيم تقوم السلطات المعنية على الفور بتتبع المخالطين لهذه الحالة، أي المحيط الاجتماعي الذي يختلط به. بالنسبة للعمالة الوافدة، فالعامل الوافد واقعيًا محيطه الاجتماعي عمالة وافدة أخرى، وليس مواطنين. أما بالنسبة لربط انتشار الفيروس بالعمالة غير القانونية، فكما تعلمون لقد أعلنا قبل نحو شهر من الآن إصابة نحو 1909 عمال وافدين بفيروس كورونا (كوفيد 19)، وأوضحنا حينها تفاصيل الحالات القائمة وفق كل فئة من العمالة الوافدة.

واليوم بعد نحو شهر من ذلك الإعلان، وبعد أن زادت الأعداد ووفق تحليل البيانات، نجد أن توزيع الحالات القائمة لم يتغير، إذ مازالت العمالة غير القانونية تشكل نسبة الإصابة بينها أقل من 10%، أي أن 90% من العمالة الوافدة التي أصيبت بالفيروس هي عمالة وضعها قانوني، وتعمل بمنشآت حقيقية، وهو ما يؤكد أن الزيادة بأعداد الإصابات بين العمال لم يغير من واقع التوزيع السابقة، وأنها تتركز بين العمالة القانونية التي تشكل غالبية العمالة الوافدة. ولو أردنا التركيز على توزيع هذه العمالة، سنجد أن 94.6% من الحالات القائمة تعمل بوظيفة لدى صاحب عمل، فيما نجد أن الحالات القائمة بين العمالة المنزلية «خدم المنازل» لا تتعدى 0.9% من مجموع الحالات القائمة للوافدين، أي أقل من 1%.

بالطبع نسبة الإصابة بينها أقل بكثير من مستوى أعدادها في البلاد، لكن التأثير بذلك يعود إلى المحيط الاجتماعي الذي تختلط فيه العاملة المنزلية، فواقعيًا تشكل الأسرة التي تعمل لديها العاملة المحيط الاجتماعي الذي تختلط فيه، وهذا ما يحدّ من فرص اختلاطها، كذلك لو تناولنا الملتحقين بالعامل الوافد -أي عائلات الوافدين-، نجد أن الإصابة بينهم 1.2% من مجموع الحالات القائمة للوافدين، وهي كذلك أقل من نسب أعدادهم في البلاد. أما حاملو تصريح العمل المرن فيشكّلون 3.3% من مجموع الوافدين الذين سجلت إصابات بينهم، وهذا التوزيع أقل من الطبيعي لمعدل الحالات القائمة وفق أعداد كل فئة من المقيمين الأجانب.

] هل معطى العدد وحده الذي يؤثر بزيادة أعداد الحالات القائمة بين فئات العمالة الوافدة؟

– بالطبع لا، بل نوعية العمل وطبيعة المعيشة والسكن ذات تأثير، فمثلاً نسبة إصابة العمالة المنزلية ليس لها علاقة بنسب الإصابة بين العمالة الوافدة القانونية، ولا بإجمالي أعداد العمالة المنزلية في البحرين، بل تتوازى مع نسب الإصابة بين المواطنين المحليين؛ لأن عاملات المنازل واقعيًا يقيمون في بيوت العائلات التي يعملون لديها نظرًا لطبيعة عملهم، كذلك نسب الحالات القائمة بين الملتحقين بالعمالة الوافدة -أي عائلات العمالة الوافدة-، فالملتحقون لا يسكنون بمساكن عمال، إذًا نحن أمام معطى واقعي، وهو أن طبيعة السكن هي التي تؤثر على فرص الإصابة، وليس نوعية التصريح الذي يحمله العامل الوافد، أو ما إذا كان مخالفًا أو غير مخالف، أو يحمل تصريحًا مرنًا أو لا يحمل، فمثلاً نسبة تمثيل الحالات القائمة من العمالة الحاملة للمرن أقل من نصف تمثيلهم النسبي، ولو كان القياس يعتمد على النسبة والتناسب فقط، فيجب أن تتضاعف نسبة الحالات القائمة بينهم، وتفسير ذلك أن حاملي التصريح المرن يمكن أن تؤثر بهم حملات التوعية حول التباعد الاجتماعي؛ لأنهم يملكون القرار باختيار السكن، فيما قرار السكن للفئات الأخرى من العمالة الوافدة هي لدى صاحب العمل، وليس العامل. بالطبع لسنا بصدد إلقاء اللوم الآن؛ لأنه لن نصل من خلاله إلى شيء، بل نريد أن نتفهم الإشكالية التي نواجهها حتى نستطيع أن نعالجها.

] إذا كنا نتفق تمامًا أن طبيعة السكن هي التي تزيد أو تقلل من فرص الإصابة بالفيروس، وأكبر دليل على ذلك نسب الحالات القائمة المنخفضة بين «خدم المنازل» -رغم أعدادهم كبيرة- و«عائلات العمالة الوافدة»، إذًا نحن نتحدث عن أصحاب الأعمال الذين يوفرون السكن للعامل.
أين مسؤولية أصحاب الأعمال اليوم؟ وكيف تفاعلوا مع الاحترازات التي فرضها الفيروس؟

– للأمانة، هناك أصحاب أعمال بادروا وتفاعلوا مع الوضع قبل حتى أن نطلب منهم تحقيق التباعد الاجتماعي بمساكن العمال لديهم، إذ بادر الكثير منهم إلى أخذ الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية، سواء في السكن أو وسائل النقل، كذلك قياس حرارة العمال، بل بعضهم قام بإنشاء شبه عيادة، وحجر احترازي احتياطي، خشية انتقال العدوى بين جميع العمال لديهم، لكن بالطبع هناك تفاوت بمستوى الاستجابة للاحترازات من قبل أصحاب العمل.

] هل هناك أي إجراءات بحق أي صاحب عمل لم يتحرك لتعديل وضع سكن العمال لديه؟

– نحن نبحث عن التعاون مع صاحب العمل، وليس اتخاذ إجراءات ضده، لأننا ندرك حجم تداعيات الفيروس على الأعمال التجارية، لكننا حتمًا تعلمنا الكثير من تفاصيل الظرف الحالي كما ذكرت، إذ تم وضع العديد من الإشكاليات تحت المجهر، ولا بد من تعاون أصحاب الأعمال في ظل هذه الظروف.

] دعني أعود لبداية فيروس كورونا (كوفيد 19). لدينا نحو 700 ألف وافد مقيم في البحرين، وقد كان السؤال المطروح كيف ستصلون إلى هذا العدد من المقيمين الأجانب، خصوصًا فئات العمالة السائبة، العزاب، متدني التعليم. كيف تعاملت الهيئة مع هذا التحدي الكبير؟

– كما تعلمون هناك جزئية تختص بها الهيئة ضمن الجهود الوطنية المبذولة للتصدي لـ(كوفيد 19)، تقوم على ثلاثة جوانب، منها توعوية وإجرائية وجوانب تشجيعية. في البداية كان هناك خطر استشعرنا به منذ نهاية فبراير الماضي، وهو إمكانية وجود عامل مصاب لكنه يخشى الذهاب إلى الفحص، أو تلقي العلاج، وهذه كانت المشكلة الأساسية التي تقع على عاتقنا، ونحن هنا لا نتحدث عن عامل مخالف لديه إشكالية بإقامته في البلاد فحسب، بل حتى عامل قانوني لديه مخاوف بناها على اعتقاد او إشاعة أن إصابته بالفيروس قد تؤدي إلى خسارته لعمله، أو عدم دفع أجوره، أو ترحيله عن البلاد. لذا كان التحدي كيف يمكن أن نصل إلى عامل بسيط قد لا يتحدث لغتك، ولا يدرك بياناتك الرسمية، فكان لا بد من الاتجاه للوعي الذي يلامس قناعته، وليس إيصال معلومة رسمية فقط، لذلك اتجهنا إلى المجتمع المدني لهذا العامل، ودور عباداته، وسفاراته، كذلك لدينا شبكة من الشخصيات الاجتماعية المؤثرة في أوساط المقيمين الأجانب، وقد استفدنا كثيرًا من هذه الشبكة التي لديها أدوات تأثير معنوية على العامل، وقادرة على إيصال المعلومة له بلغته وثقافته. وقد كانت الرسالة الأساسية هي أنه لن يُضرّ أي وافد يصاب بالفيروس، بل سيحظى بالرعاية الطبية اللازمة، وفق توجيهات القيادة، ولن يتم ترحيله حتى لو كان مخالفًا، ولن يخسر الوافد وظيفته بسبب إصابته بالفيروس، هذه الرسالة التي تركزت عليها جهودنا في بداية التعامل مع بداية ظهور الفيروس فيما يتعلق بالعمالة الوافدة، وهدفها الأول ألا يخاف الوافد من التبليغ عن الاشتباه في الإصابة، ونحن مستمرون بهذه الرسالة. الجانب الثاني كان إطلاق فترة تصحيح أوضاع القانونية للعمالة المخالفة، والتي بدأت منذ مطلع أبريل، وتستمر حتى نهاية العام الجاري، وهذه الفترة لا تؤثر إيجابيًا على تصحيح الوضع القانوني للعامل فحسب، بل تعزز من ثقة العامل، وعدم تخوّفه من الذهاب للعلاج في حال أصابته بالفيروس.

الإجراء الثالث هو الإعفاء من الرسوم، وهي فترة يستفيد منها صاحب العمل، لكن الهدف منها هو تشجيع صاحب العمل الذي يحتاج إلى عمالة خلال هذه الفترة على توظيف عمالة متوافرة في السوق المحلي؛ نظرًا لعدم إمكانية استقدام عمالة من الخارج، كذلك تشجيع صاحب العمل على عدم الاستغناء عن العمالة التي تعمل لديه كي لا يتحولوا إلى عمالة غير قانونية. وللأمانة نجحنا بهذه الآلية، وهو ما أدّى إلى انخفاىض أعداد العمالة المخالفة خلال الشهرين الماضيين رغم الظروف الحالية.

] أريد أن أتوقف عند تصريح العمل المرن. هناك من يرى أن صياغة العمل المرن لم تنجح بمعالجة ظا
هرة العمالة السائبة، وهناك من يرى أن التصريح المرن ليس سوى إبقاء العمالة السائبة، ولكن تحت مسمى «العمل المرن»، ما تعليقكم؟

– منذ بداية إطلاق العمل المرن لم ندّعِ أننا وضعنا حلاً لا تشوبه شائبة، بل أكدنا أنها تجربة يجب البناء عليها وتطويرها على أساس منطقي يستند إلى الأرقام والواقع على الأرض. ولو نظرنا إلى صياغة المرن خلال الأعوام الثلاثة الماضية نجد أن الأرقام تثبت وجود علاقة عكسية بين أرقام تصاريح المرن وبين أعداد العمالة السائبة، وكلما كنا نشهد زيادة بأعداد تصاريح العمل المرن كلما كانت تقل أعداد العمالة المخالفة، وكلما كانت ترتفع رسوم تصريح المرن كانت تزيد أعداد العمالة المخالفة، وهذه إحصاءات لم نخترعها، بل واقع الأرقام. لكننا نؤكد أنها تجربة يجب تطويرها والبناء عليها وفق الأرقام والواقع المثبت.

لم ندّعِ أن المرن وضع حلاً نهائيًا لمشكلة العمالة السائبة، لكنه أثر على أعداد العمالة السائبة بصورة إيجابية ومثبتة على المدى الطويل، وإلى الآن إيجابيات التصريح المرن تفوق سلبياته، حتى في التعامل مع واقع نسب الاصابة بـ(كوفيد 19) بين العمالة الوافدة؛ لأن العامل الذي يحمل المرن بات يملك قراره، وبالتالي عندما يتم انتقاد التصريح المرن من منطلق اقتصادي، فيجب أن يُبنى الانتقاد على أسس تدعمها الأرقام والحقائق، حتى نستطيع أن نطور النظام على أسس واقعية، وليس الحكم عليه بأنه فاشل دون حتى تقديم جوانب الفشل التي بُني على أساسها الحكم. ما نحتاج إليه هو النقد البنّاء الذي نستطيع البناء عليه.

] أعلنتم قبل نحو أسبوع أن 17 ألف عامل وافد استفادوا من فترة تصحيح أوضاعهم القانونية. كم مجموع العمالة الوافدة المخالفة في البحرين؟ وكيف أثرت تداعيات الفيروس على واقع الأرقام بالنسبة للعمالة؟

– كان لدينا 59 ألفًا من شهرين، والآن هم 51 ألف عامل مخالف، لكن قبل كل شيء يجب أن نؤكد أننا نتعامل مع عدد متغير وليس ثابتًا؛ لأن اليوم هناك عمالة مخالفة تصحّح أوضاعها وتصبح قانونية، في المقابل هناك عمالة قانونية تفقد وظائفها، أو يقوم صاحب العمل بعدم التجديد لها، أو يلغي صاحب العمل تصريحها، فتصبح عمالة مخالفة، أما فئة ترك العمل «الهروب» فقد انخفضت بشكل كبير خلال الظروف الراهنة، لذلك اليوم 99.9% من العمالة الوافدة التي أصبحت عمالة مخالفة أي «المخالفين الجدد» هي نتيجة قيام صاحب العمل بإلغاء تصريح عملها، أو عدم التجديد لها.

بالطبع التوازن الذي نحتاج إلى الحفاظ عليه هو أن تكون أعداد العمالة المخالفة التي تتحول إلى عمالة قانونية أكبر من أعداد العمالة القانونية التي تصبح مخالفة، ووفق الأرقام فقد شهدنا -ولله الحمد- انخفاضًا لأعداد العمالة المخالفة خلال شهري أبريل ومايو، إذ تمكنّا خلال شهر ونصف من تصحيح أوضاع أكثر من 17 ألف عامل، وهذا العدد أكبر من أعداد العمالة القانونية التي أصبحت مخالفة خلال الظروف الراهنة، وبالتالي انخفض أعداد المخالفين بنحو 8 آلاف حتى الآن.

] كم تشكّل فئة التاركين للعمل «الهروب» من مجموع العمالة المخالفة في البحرين؟ وهل يحق لهذه الفئة تصحيح أوضاعها خلال فترة التصحيح الحالية؟

– 3.7% من مجموع العمالة المخالفة في البحرين هم عمالة تاركة للعمل، وهذه الفئة في الوضع الطبيعي لم تكن لتستطيع أن تعمل بشكل قانوني، أو تحصل على تصريح مرن، لكن الآن أصبح بإمكان هذه الفئة أن تصحّح أوضاعها خلال فترة التصحيح.

] إذا قلنا إن هناك حتى الآن أكثر من 17 ألف عامل مخالف استفادوا من فترة التصحيح، ما العدد الذي تستهدفون الوصول إليه خلال هذه الفترة؟

– كان ومازال دائمًا هدفنا هو ألا يبقى عامل واحد مخالف في البحرين، لكن اليوم عندما نتحدث عن تصحيح أوضاع العمالة الوافدة، فلا بد من توافر أربع معطيات، وهي وجود حاجة وطاقة استيعابية لاستيعاب هذه العمالة عند أصحاب العمل، ووجود رغبة عند العامل المخالف لتصحيح وضعه، ووجود آلية مشجّعة من قبل الحكومة لفترة تصحيح الأوضاع، وجود حلول لمشاكل تجديد الجوازات منتهية الصلاحية للعمالة المخالفة من قبل سلطات بلادها.

] دعني أتوقف عند إشكالية تجديد الجوازات منتهية الصلاحية للعامل الوافد. إلى أي مدى يشكّل هذا الجانب عائقًا أمام تصحيح وضع العامل المخالف؟ وكيف يبدو تعاون سفارات العمالة الوافدة بالتعامل مع قضايا عمالها في ظل ظروف الفيروس؟

– لا شك أن جواز سفر العامل منتهي الصلاحية يشكّل أحد المعوقات التي تواجهنا للمضي بتصحيح أوضاع العمالة خلال فترة التصحيح، فالسفارات في الأوضاع الاعتيادية لا تقوم بتجديد الجواز المنتهي هنا في البحرين، بل كانت تعتمد آلية إرسال الجواز إلى السلطات المعنية في بلدها الأم لإصدار جواز سفر جديد، ومن ثم إعادته. ومع وجود تداعيات كورونا، واستحالة إرسال الجوازات وإعادتها عبر الحقيبة الدبلوماسية، لم تتمكن الكثير من السفارات من تجديد الجوازات منتهية الصلاحية لرعاياها، إذًا نحن أمام معوق، لا يرتبط بإجراءاتنا، بل إجراءات دول أخرى ووضع عالمي صعب.

بالطبع نحن ندرك تمامًا أن هناك ضغوطًا كبيرة على بعض السفارات نتيجة لهذه الأوضاع غير المسبوقة، لكن بشكل عام تجاوب السفارات كان جيدًا، وبعض السفارات وعدت بإتمام تمديد عمل الجواز هنا في البحرين دون الحاجة إلى إرساله للدولة الأم، ونحن في الانتظار. وللأمانة، المجتمعات المدنية لجاليات العمالة الوافدة لعبت دورًا كبيرًا باستيعاب الكثير من الضغوطات، وتقديم المساعدة لجالياتها، لاسيّما الذين فقدوا عملهم أو وجدوا أنفسهم بلا مسكن، كذلك تعاونهم مع السلطات البحرينية، هذه جهود لا يمكن التقليل من دورها الإيجابي بالتعامل مع الجائحة.

] ماذا عن تصحيح أوضاع العمالة المخالفة من جنسيات دول ليس لدينا أصلاً سفارات لدولهم في المملكة، ومنها دول أفريقية مثلاً؟

– بالطبع نواجه إشكالية أكبر بالتعامل مع تصحيح أوضاع هذه الفئة، ونحاول إيجاد آليات مناسبة عبر سفاراتهم في دول شقيقة.

] في مؤتمر صحفي عُقد قبل نحو شهر، أكدتم أن الظروف المترتبة جرّاء فيروس كورونا لم تلغِ القوانين المتعلقة بترحيل العامل الوافد، لكنكم في الوقت نفسه وضعتم آليات تحمي العامل المخالف من الترحيل، وعلى الجانب الآخر هناك أصوات تطالب بترحيل العمالة المخالفة، وتستند إلى القانون، ما تعليقكم؟

– قوانين البلد لا تجزأ، والشخص الوافد يجب أن يكون مقيمًا في البحرين بناءً على وضع قانوني، ووجوده بوضع غير قانوني أمر غير مقبول، وهذا من صميم سيادة الدولة وقوانينها، ولقد كنا نحاول دومًا حتى ما قبل ظروف كورونا إيجاد آليات مناسبة لتصحيح أوضاع العمالة، ومن كان لا يصحّح وضعه كنا نقوم بترحيله عن البلاد وفق القانون، وهذا القانون لم يتوقف، وإنما الذي توقف هو القدرة على ترحيل العمالة المخالفة إلى بلادها في ظل وضع الطيران حاليًا، لذلك ما قمنا به هو توفير القدرة للعامل على تصحيح وضعه، أما الذي يصرّ على البقاء بصورة مخالفة فيجب أن يرحّل عن البلاد فور ما تتوافر القدرة على الترحيل، ومن لم يستفد من هذه الفترة التصحيحية فليتحمل النتيجة فور ما تعود خطوط الطيران، فلا يمكن قبول شخص استمر بمخالفة القوانين رغم الفرصة التي مُنحت له لتصحيح وضعه، لذلك نحن نشجّع على الاستفادة من هذه الفترة.

] في جانب آخر من الملف ذاته، اليوم لا تستطيع أي مؤسسة استقدام عمالة من الخارج بفعل تداعيات كورونا، وفي الوقت ذاته يشكّل وجود الطاقة الاستيعابية لدى أصحاب العمل لاستيعاب العمالة الموجودة في السوق أحد المعطيات التي يرتكز عليها تصحيح أوضاع العمالة المخالفة، أو بالأحرى عدم تحول العمالة الوافدة القانونية التي خسرت عملها إلى عمالة مخالفة، فكيف يستطيع صاحب العمل اليوم أن يصل إلى العمالة الوافدة الموجودة في السوق المحلية، والتي تلبي احتياجاته؟

– هذه إحدى الإشكاليات التي يواجهها بعض أصحاب العمل، ليس في البحرين فحسب، بل على مستوى المنطقة، لأن الاعتماد كان على توفير العمالة الوافدة عبر الاستقدام من الخارج، والآن هذه الآلية لم تعد متاحة، وفي الوقت نفسه لا توجد آلية للتواصل مع العمالة الموجودة أصلاً في السوق، لذلك أكثر من دولة اتجهت لإنشاء منصّات وسوق عمل افتراضي، وذلك كي يصل صاحب العمل إلى العامل الوافد الموجود في سوق العمل المحلية. وقد عملنا على تأسيس هذه المنصّة الافتراضية كي نساعد صاحب العمل على الاستفادة من فترة تصحيح الأوضاع وفترة الإعفاء من الرسوم، كذلك ليستفيد من العمالة الوافدة الموجودة في السوق وتلبي احتياجاته من العمالة في ظل عدم إمكانية الاستقدام من الخارج، وسوف نقوم بإطلاقها قريبًا.

] أشادت المنظمة الدولية للهجرة بتعاطي البحرين مع العمالة الوافدة، وقال رئيس بعثتها في البحرين محمد الزرقاني -في تصريح سابق لـ«الأيام»- إن البحرين قدمت نموذجًا عبر أفضل الممارسات للتعامل مع ملف العمالة الوافدة في ظل انتشار جائحة كورونا، بتقديركم هل هذه الإشادة تعكس الواقعية والتوازن الذي تعاملت به البحرين مع وضع غير مسبوق؟

– أود الإشادة بعلاقات البحرين مع المنظمة الدولية للهجرة، وهي علاقات قديمة، وكان من المفترض أن يقوم رئيس المنظمة انتونيو فيتورينو بزيارة المملكة خلال هذا العام قبل ظهور فيروس كورونا (كوفيد 19)، كما يوجد في البحرين مقر بعثتها الذي يغطي دولاً مجاورة. بالطبع ملف العمالة الوافدة يشكل تحديًا على مستوى المنطقة، والمكتب بدوره يقارن بين الآليات الحكومية التي اتبعت بالتعامل مع هذا التحدي في ظل هذه الظروف، وقد وجد أن الآلية التي تعاملنا من خلالها واقعية، فواقعيًا ستنتهي هذه الظروف، لكن لن تنتهي حاجة سوق العمل إلى العمالة الوافدة، وعمليًا لا يمكن الآن ترحيل العمالة، حتى لو أراد العامل أن يعود إلى بلاده طواعية، فهذا الأمر مرتبط بمطارات مغلقة، ومرتبط بقدرات الأنظمة الصحية في بلدانها لاستيعاب عمالتها المغتربة العائدة في الحجر الصحي الاحترازي، وهو موضوع عالمي، لذلك نحن تعاملنا مع الوضع من منظور إنساني واقتصادي، ما أدّى إلى نتيجة إيجابية بالسيطرة على التعامل مع الفيروس بين أوساط العمالة الوافدة، رغم ما يعتقده البعض.

] لماذا تعتبرون أننا في وضع سيطرة على الفيروس بين العمالة الوافدة، رغم ارتفاع أعداد الحالات القائمة من العمالة الوافدة من مجموع الحالات القائمة بشكل يومي؟

– لو ذهبنا لطبيعية اكتشاف الإصابة بين العمالة الوافدة، سنجد أن أكثر من 90% من الحالات القائمة للعمالة الوافدة لم تظهر عليها حتى أعراض الفيروس، ولم يكن ليتم اكتشاف إصابتها لو لم تبادر السلطات الصحية البحرينية إلى فحصها عبر حملات الفحص، سواء الفحص العشوائي، وفي أماكن العمل، وأماكن السكن، والفحص الموجّه. البحرين اتبعت آلية الوصول إلى الحالات عبر حملات الفحص، وليس انتظار ظهور الأعراض لإخضاعهم للفحص، ولو كان فحص العمالة يقتصر على من تظهر عليهم الأعراض فقط لكانت أعداد العمالة الوافدة التي سُجّلت إصابتها رسميًا أقل بكثير، وبالتالي عندما نقول سيطرنا على الفيروس بين العمالة الوافدة؛ لأن السلطات الصحية هي من تبادر إلى اكتشاف الحالات، وقد رفعت قدراتها على إجراء الفحوصات، ورفعت قدرات استيعابها لمراكز العزل والعلاج والحجر الصحي الاحترازي بصورة كبيرة، واليوم لو نظرنا إلى تطبيق «مجتمع واعي» سنجد أنه -حتى اليوم- حوالي 20% من تعداد المملكة خضعوا للفحص.

] ماذا ما بعد انتهاء فيروس كورونا، هل ستتغير إجراءات استقدام العمالة الوافدة أمام القطاع الخاص الذي هو واقعًا من يستقدم العمالة الوافدة وليس القطاع العام؟ وماذا عن الذين استغلوا السجلات التجارية للمتاجرة بالإقامات، وتركوا لوطنهم، لحكومتهم، لاقتصادهم، لمجتمعهم آلافًا من العمالة المخالفة للتعامل معها؟

– لا شك أن تعاطي العالم أجمع سوف يتغير بالتعامل مع عدة مسائل ما بعد كورونا؛ لأنها ظروف غير مسبوقة، وأظهرت العديد من الإشكاليات. نحن ملتزمون بالعمل والتعاون مع القطاع الخاص، وعدم التضييق عليه، وعندما نتحدث عن القطاع الخاص فهناك تداعيات لكورونا يحتاج هذا القطاع إلى التعافي منها ما بعد انتهاء الفيروس، لذلك نحن ملتزمون بدعم القطاع الخاص بفترة التعافي الاقتصادي ما بعد كورونا بما لا يضر الاقتصاد ولا المجتمع، لذلك لا أعتقد بوجوب التضييق على استقدام العمالة الوافدة إذا توافرت الحاجة إليها، لكن سوف يكون هناك تعامل قانوني أشد مع من يأتي بعمالة وافدة دون الحاجة إليها وتسريحها بالسوق، وبالتالي هو تدقيق لا تضييق.

] ماذا عن سكن العمال الذي هو مرتبط بعدة جهات حكومية -وفق اختصاصها- وينتظر أن تقدم مرئياتها حول مشروع قانون سكن العمال؟ وهل طرح مناطق محدّدة يُسمح للعمالة بالسكن بها طرح واقعي؟

– هناك الكثير من الأفكار المطروحة حول سكن العمال. بتقديري أن طرح مناطق محدّدة لا يبدو طرحًا واقعيًا بالنسبة للبحرين، لعدة معطيات، منها أن المساحات المتوافرة قليلة، ولا توجد لدينا القدرة لتحقيق ذلك، خصوصًا إذا وضعنا في الاعتبار العمال الذين يعملون بقطاعات خدمية، ويتطلب أن يكون مسكنهم على مسافة معقولة من أماكن عملهم، كذلك وضع مناطق مخصصة فقط لسكن العمال يُعد تمييزًا لا يتناسب مع دستور البلاد، ولا يبدو أصلاً واقعيًا، لذلك أنا شخصيًا لا أتفق معه، لكنني أتفق مع مبدأ تحديد الطاقة الاستيعابية لكل مبنى في البحرين بمنأى عمّا إذا كان سكانه مواطنين أم وافدين، بحيث يسمح في كل مبنى بعدد محدّد من السكان يتناسب مع الطاقة الاستيعابية على أساس المساحة والخدمات والموقع، ومسؤولية صاحب المبنى أو من يديره عدم تجاوز هذه الطاقة. بشكل عام سكن العمال يجب أن ينظم، وجميع الجهات المعنية تتفق حول أهمية تنظيم هذا الملف، لكن يبقى الاتفاق حول آلية التنظيم.

] ماذا عن التأمين الصحي؟

– اليوم صاحب العمل يدفع تكلفة الرعاية الصحية الأولية، لكن مشروع التأمين الصحي الذي يتم العمل عليه الآن تحت إشراف المجلس الأعلى للصحة، ويشمل المواطنين والوافدين، سوف يغطي الرعاية الصحية بشكل أكبر.