* الحفاظ على الفئة الأولى في مكافحة الاتجار بالأشخاص للعام الثاني يضعنا أمام مسؤولية إنسانية
* الدول المتقدمة والمنظمات الدولية ترى في مشاريع البحرين نماذج متقدمة تقدم لدول أخرى
* الوعي الإعلامي والمجتمعي رسخا قناعة العالم بجهود البحرين في مكافحة الاتجار بالأشخاص
* إطلاق مشاريع تطوير بيئة العمل مثل “مركز دعم وحماية العمالة الوافدة” و”الإحالة الوطني” و”تصريح العمل المرن”
* تأسيس البحرين مركز خبرة وتدريب إقليمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص قصة نجاح
* عززنا دورنا في تطوير بيئة العمل ومكافحة الاتجار بالأشخاص لنحقق الإنجاز للعام الثاني
* “الإحالة الوطني” يضمن الإدارة الفعالة والموثقة لكل قضية ترد إلى أي جهاز في الدولة
* اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار وخطتها التنفيذية سبتمبر المقبل
* “تصريح العمل المرن” الأول من نوعه في إيجاد الحلول بالقانون لصاحب العمل والمواطن
* تطبيق نظام “حماية الأجور” تجريبياً.. وبصورة كاملة بداية 2020
* عالجنا عدداً كبيراًَ من القضايا منذ تدشين “الإحالة الوطني” في فبراير 2017
* “حماية الأجور” يضمن فعالية “البحرنة” ويكافح التوظيف الوهمي
* دول تحذو حذونا وتطلق أنظمة مشابهة لـ”تصريح العمل المرن” بعد نجاح التجربة البحرينية
* أهم أهداف صندوق دعم ضحايا الاتجار التشجيع على التعاون مع سلطات التحقيق والسلطات العدلية
* التوازن المبني على تحليل احتياجات السوق ومراعاة حقوق أطراف العمل وحفظ سلطة الدولة شدَّ اهتمام العالم
* النسخة الرقمية من نظام الإحالة الوطني.. الأولى عالمياً
* “حماية الأجور” يسهم في تقليل تحويلات العمالة الأجنبية للخارج
* إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية تكفل الرقابة على التزام صاحب العمل بسداد أجور العاملين
* النسخة الرقمية لـ”الإحالة” منحتنا القدرة على تشخيص الحالات ومعالجتها استباقياً
* الاهتمام الدولي بجهود البحرين أوجد فكرة تأسيس مركز تدريب بحريني يقدم خدماته إقليمياً
* تزايد الدعوات لتقديم الدورات بيّن لنا حجم وقوة وتمكّن خبرائنا وانتقالهم إلى العالمية
أجرى الحوار – وليد صبري
كشف الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص أسامة بن عبدالله العبسي عن “تأسيس مملكة البحرين مركز خبرة وتدريب إقليمي في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، حيث يعمل على وضع المعايير وتدريب المدربين وتخريج الخبراء في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص”، معتبراً “الأمر قصة نجاح، وقصة بناء على النجاح”، مشيراً إلى أنه “من المقرر إطلاق المركز بخبرات أممية العام المقبل”.
وأضاف العبسي، في حوار خص به “الوطن”، في ذكرى اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، أن “الحفاظ على الفئة الأولى في مكافحة الاتجار بالأشخاص للعام الثاني على التوالي يضعنا أمام مسؤولية إنسانية”، لافتاً إلى أن “الدول المتقدمة والمنظمات الدولية ترى في مشاريع البحرين نماذج متقدمة تقدم لدول أخرى”.
وأوضح العبسي أن “الاهتمام الدولي بجهود البحرين أوجد فكرة تأسيس مركز تدريب بحريني يقدم خدماته إقليمياً”، مبيناً أن “البحرين عززت دورها في تطوير بيئة العمل ومكافحة الاتجار بالأشخاص لتحقق الإنجاز للعام الثاني على التوالي”.
ورأى العبسي أن “الوعي الإعلامي والمجتمعي رسخا قناعة العالم بجهود البحرين في مكافحة الاتجار بالأشخاص”.
الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص تحدث عن “إطلاق مشاريع تطوير بيئة العمل مثل “مركز دعم وحماية العمالة الوافدة” و”الإحالة الوطني” و”تصريح العمل المرن””.
وذكر أن “”نظام الإحالة الوطني” يضمن الإدارة الفعالة والموثقة لكل قضية ترد إلى أي جهاز في الدولة”، كاشفاً عن أن “النسخة الرقمية من نظام الإحالة الوطني تعد الأولى عالمياً”، مبيناً أن “النسخة الرقمية لـ”الإحالة” منحتنا القدرة على تشخيص الحالات ومعالجتها استباقياً”، موضحاً أن “البحرين عالجت عدداً كبيراًَ من القضايا منذ تدشين “الإحالة الوطني” في فبراير 2017″.
وتطرق العبسي إلى الحديث عن “تصريح العمل المرن” موضحاً أنه “الأول من نوعه في إيجاد الحلول بالقانون لصاحب العمل والمواطن”، مشيراً إلى أن “دول تحذو حذونا وتطلق أنظمة مشابهة بعد نجاح التجربة البحرينية”.
وفيما يتعلق بنظام “حماية الأجور”، كشف العبسي عن “تطبيق النظام” تجريبياً.. وبصورة كاملة بداية 2020″، لافتاً إلى أنه “يسهم في تقليل تحويلات العمالة الأجنبية للخارج، ويضمن فعالية “البحرنة” ويكافح التوظيف الوهمي “.
وشدد العبسي على أن “أهم أهداف صندوق دعم ضحايا الاتجار التشجيع على التعاون مع سلطات التحقيق والسلطات العدلية”، مضيفاً أن “تزايد الدعوات لتقديم الدورات المتعلقة بمكافحة الاتجار بالأشخاص بيّن لنا حجم وقوة وتمكّن خبرائنا وانتقالهم إلى العالمية”. وإلى نص الحوار:
إنجاز للعام الثاني
* حققت مملكة البحرين الفئة الأولى في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص للعام الثاني على التوالي وفقاً لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية، كيف تنظرون إلى ذلك؟ ومن هي الجهات التي أسهمت في تحقيق هذا الإنجاز؟
– ما تحقق من إنجاز للعام الثاني على التوالي يعد تأكيداً على الجهود التي بذلتها المملكة خلال السنوات الماضية، وهذا دليل على أن المملكة تعمل وفق استراتيجية عليا دقيقة وضعتها المملكة انطلاقاً من المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، ووفق رؤية حكومية موحدة ومتكاملة لصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، ومشروعٍ إصلاحي شامل لسوق العمل بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد، التزمت بها كافة الجهات، للارتقاء ببيئة العمل في المملكة، وحفظ حقوق جميع أطرافها.
كما أن هذا الإنجاز يؤكد أن ما حققته البحرين في العام 2018 لم يكن وليد حظ، وإنما كان مستحقاً بدليل استمرارنا فيه، بل واستمرارنا في التفرد بهذه المكانة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فما تم تحقيقه بني على أسس صحيحة وصلبة مكنتنا خلال سنوات قلائل من الارتقاء من الفئة الثانية تحت الملاحظة في العام 2014 إلى الفئة الثانية في العام 2015 لنستقر فيها لمدة 3 سنوات، وقد عملنا خلال الفترة الماضية وتحديدًا في السنوات الأربع الماضية على إطلاق العديد من المبادرات والمشاريع التي تسهم في تطوير بيئة العمل ومنها مركز دعم وحماية العمالة الوافدة ونظام الإحالة الوطني إلى جانب تصريح العمل المرن وغيرها.
وقد رأت الدول المتقدمة والمنظمات الدولية في مشاريع مملكة البحرين نماذج متقدمة تقدم إلى دول أخرى، مما فرض الاعتراف بتقدم المملكة وآلياتها في مواجهة هذه الجريمة الدولية، واستحقينا التقدير الدولي بتحقيق الفئة الأولى وفقاً لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية المعني بتصنيف الدول في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص خلال العام 2018.
ولأننا نعلم بأن الوقوف على السلُّم يعني التراجع، حرصنا على أن نبني على ما تحقق ونعزز دورنا في مجال تطوير بيئة العمل ومكافحة وسائل الاتجار بالأشخاص فطوّرنا مشاريعنا ومبادراتنا لنحقق الإنجاز للعام الثاني على التوالي، مع العلم بأن الحفاظ على هذه الفئة يعد أصعب من الوصول إليها، فما كان مطلوباً منا في الفئة الثانية يختلف عن المطلوب للمحافظة على الفئة الأولى، والدول التي كنا نقارن بها في الفئة الثانية تختلف عن التي نقارن بها حالياً في الفئة الأولى.
أما بالنسبة للجهات التي أسهمت في هذا الإنجاز فهناك جهات رئيسة وهي تلك الممثلة في اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وهي وزارة الخارجية، ووزارة الداخلية، والنيابة العامة، والمجلس الأعلى للقضاء، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وهيئة تنظيم سوق العمل، بأجهزتها المختلفة.
إلى جانب ذلك، هناك عامل مهم جدًا أسهم في هذا الإنجاز وينظر له العالم بجدية وهو الوعي الإعلامي والمجتمعي، فخلال السنوات الأربع الماضية عملنا على تنمية الحس الإعلامي بموضوع الاتجار بالأشخاص، ونظمنا ورشة وطنية للصحافة والإعلام حول الاتجار بالأشخاص بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات في دول مجلس التعاون شارك فيها أكثر من 30 إعلامياً يمثلون وزارة شؤون الإعلام، بأجهزتها المختلفة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء، إلى جانب الصحف المحلية.
تطور الوعي المجتمعي بهذه الجريمة، وتصدي الإعلام لها، وتوعيته لأوجهها وطرقها من عمليات الاستغلال والابتزاز والاتجار وغيرها، يدلل على مدى النضج الشعبي، وهو ما ينظر إليه العالم بعين الاهتمام، حيث يؤكد ذلك أن الجهود ليست حبراً على ورق، أو جهوداً لتصحيح ما بعد الجريمة، وإنما يشير إلى تكامل بين أجهزة الدولة، ومسؤولية من قبل الإعلام المحلي، ووعي اجتماعي وثقافي شعبي راسخ ينبذ الممارسات والتصرفات غير الحضارية، أعتقد أن الخبرة التراكمية لدى الإعلام والمجتمع أديا إلى تطور نظرة المجتمع الدولي الذي بات يميز بين المملكة وبين بقية دول المنطقة.
مسؤولية إنسانية
* ما هي دلالات تحقيق مملكة البحرين للفئة الأولى كدولة وحيدة وأولى في منطقة الشرق الأوسط، وما هو انعكاس هذا التصنيف على المملكة محلياً ودولياً؟
– طبعاً التفرد بهذا المركز يعني أننا في مملكة البحرين أمام مسؤولية إنسانية بالدرجة الأولى، مسؤولية أن نكون مثالاً يحتذى به، وبيت خبرة يدعم جهود المنطقة العربية وليس الخليجية فقط في هذا المجال، فجريمة الاتجار بالأشخاص هي جريمة ضد الإنسانية قبل أن تكون ضد القانون وضد الأشخاص، ومكافحتها والتميز في مجال مكافحتها يعني أننا يجب أن نكون قدوة وبيت خبرة يدعم مكافحة هذه الجريمة في المنطقة العربية.
مكافحة الاتجار بالأشخاص
* جريمة الاتجار عابرة للحدود، ما هو تعريف جريمة الاتجار على المستوى العالمي، وما هو حجمها وصورها في البحرين؟
– جريمة الاتجار عرفها القانون رقم “1” لسنة 2008 بشأن مكافحة الاتجار بالأشخاص، تعريفاً مطابقاً لبروتوكول باليرمو للأمم المتحدة “اتفاقية منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية”، وهو ما يعني أن القانون البحريني حديث ومتطور ومطابق للتوجهات الدولية.
وينص القانون على أن الاتجار بالأشخاص يقصد به “تجنيد شخص أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله بغرض إساءة الاستغلال، وذلك عن طريق الإكراه أو التهديد أو الحيلة أو باستغلال الوظيفة أو النفوذ أو بإساءة استعمال سلطة ما على ذلك الشخص أو بأية وسيلة أخرى غير مشروعة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة. وتشمل إساءة الاستغلال، استغلال ذلك الشخص في الدعارة أو في أي شكل من أشكال الاستغلال أو الاعتداء الجنسي، أو العمل أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء”.
كما “يعتبر اتجاراً بالأشخاص تجنيد أو نقل أو تنقيل أو إيواء أو استقبال من هم دون الثامنة عشرة أو من هم في حالة ظرفية أو شخصية لا يمكن معها الاعتداد برضائهم أو حرية اختيارهم، متى كان ذلك بغرض إساءة استغلالهم ولو لم يقترن الفعل بأي من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة السابقة”.
هذا نص القانون وبالنظر إلى هذه التعريف نجد أن جريمة الاتجار هي جريمة استغلال، وهناك أوجه لهذا الاستغلال وهناك طرق لذلك، أما الطرق فتأخذ مجموعة متنوعة من الأساليب، والتي قد تكون عن طريق الترهيب، الخديعة، الحيلة، الجهل، المديونية، الإيذاء النفسي والجسدي، وبالطبع استغلال الطفولة أو جهل الضحية.
أما أوجه هذا الاستغلال فيمكن تقسيمها إلى ثلاثة أوجه، الأول هو الاستغلال الجنسي بكافة أشكاله، وهو واضح للعيان، يسهل التعرف عليه وتشخيصه والتعامل معه، أما الوجه الثاني فيتمثل في نزع الأعضاء، وهي ولله الحمد ليست موجودة في مملكة البحرين. أما فيما يتعلق بالوجه الثالث فيتمثل في استغلال مواقع العمل كالعمل الجبري أو الخدمة قسراً، أو العبودية المرتبطة بالمديونية أو الاستعباد أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، وهذا الوجه يشكل تحدياً كبيراً، فبعض الممارسات قد لا ترقى لأن تكون جرائم اتجار لعدم توفر النية، ولكن تتوفر فيها أركان أخرى، حيث إن هناك استغلالاً للعامل أو العاملة عن طريق الترهيب أو عن طريق ربطه بمديونية، أو عن طريق عدم دفع أجره أو عن طريق خصم جزء من أجره وكلها متى ما توفرت سوء النية تصبح من جرائم الاتجار بالأشخاص.
هدفنا بالدرجة الأولى توعية المجتمع بهذه الممارسات وأن ينظر الشخص إلى نفسه وإلى وضع العامل لديه، وأن يتساءل مع نفسه، هل هذا العامل مستضعف بدرجة تسلب حقه الإنساني في اتخاذ خياراته، فكلما عززنا من هذا الجانب التوعوي خطونا خطوات سريعة في التخلص من هذه الجريمة.
خطة استراتيجية شاملة
* تحدثتم في تصريحات سابقة عن وضع خطة استراتيجية شاملة لمكافحة الاتجار بالأشخاص؟ متى سيتم إطلاقها، وما هي المبادئ والمرتكزات التي ترتكز عليها؟
– فعلاً، أقرت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص في اجتماعها الأخير خلال شهر مايو الماضي الإطار العام للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، بعد أن قدمت الجهات الحكومية الممثلة في اللجنة تصوراتها على هذا الإطار.
وقد باشرنا في وضع تفاصيل الاستراتيجية، بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة ذات العلاقة بهدف الاستفادة من الخبرات التراكمية لهذه المنظمات في وضع مثل هذه الاستراتيجيات للعديد من الدول، كما سنحرص على وضع خطة عمل لتنفيذ هذه الاستراتيجية واسنادها إلى الجهات ذات العلاقة في الوزارات والأجهزة المعنية، حرصاً على تطبيقها بالصورة الأفضل.
كما ذكرت حالياً نعمل على تفاصيل الخطة والخطة التنفيذية لها ونتوقع عرضهما على اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص بعد فصل الصيف أي خلال شهر سبتمبر أو أكتوبر المقبل لاعتمادها ورفعها من خلال القنوات الرسمية لتصبح استراتيجية وطنية.
فكرتنا الأساسية في هذه الاستراتيجية هي أن يملك الشخص الخيار، وأن يعلم أن لديه الخيار، وأن يمارس الشخص خياراته، وأن يعلم جميع الأطراف أنَّ لديه حقوقاً ولديه القدرة على اتخاذ القرار، أي أننا نريد أن نرتقي بمفاهيمنا حتى يملك الضحية خيارات تخلصه من الواقع الذي يعيشه.
نظام الإحالة الوطني
* تقرير الخارجية الأمريكية أشار إلى مجموعة من المشاريع التي طبقتها مملكة البحرين والتي استحقت ثناء دولياً وأسهمت في تحقيق هذه المرتبة العالية، ومنها نظام الإحالة الوطني، تصريح العمل المرن، ونظام حماية الأجور، إلى جانب صندوق دعم ضحايا الاتجار بالأشخاص، إذا أردنا أن نتناول كل مشروع على حده، ونبدأ بنظام الإحالة الوطني ما هي الأهمية التي يشكلها هذا النظام في مجال مكافحة الاتجار؟
– نظام الإحالة الوطني هو نظام يضمن الإدارة الفعالة والموثقة لكل قضية ترد إلى أي جهاز من أجهزة الدولة وكيفية التعامل معها، وقد أطلقنا نظام الإحالة لأول مرة في فبراير 2017 وكنا ولا نزال الوحيدين في المنطقة العربية الذين يمتلكون ويعملون بمثل هذا النظام، ورغم ذلك لم نتوقف ونكتفي بهذا القدر وإنما عملنا على تطوير نظام الإحالة وإطلاق النسخة الإلكترونية منه في نوفمبر 2018، وبذلك أصبح نظامنا الأول عالمياً -بحد علمي- الذي يعمل بشكل إلكتروني كامل على الرغم من سعي العديد من الدول ومنذ فترة طويلة إلى ذلك إلا أننا كنا سباقين في هذه الخطوة.
أما أهمية الانتقال إلى النسخة الرقمية من نظام الإحالة الوطني فتتمثل في أنها لم تعطنا فقط القدرة على الإدارة الفعالة لكل قضية ومتابعتها وتوثيقها، وإنما أصبح مصدراً رئيساً للمعلومات، تجمع من خلاله كل الاتصالات التي تردنا، وكل قضية وشكوى، مما منحنا القدرة على تجميع كل القضايا واستخلاص الإحصائيات منها، ومعرفة طبيعة المشاكل المتكررة، وفي أي القطاعات ومن أي الجنسيات، وأي فئات عمرية إلى جانب تحديد طبيعة الممارسات.
وقد منحنا ذلك تشخيص الحالات والسعي نحو معالجتها بشكل استباقي ووضع حلول لها، هذا أخذ بعداً واهتماماً دولياً.
كما تمكنا بفضل “نظام الإحالة الوطني” ومشاريع أخرى كمركز حماية ودعم العمالة الوافدة والخط الساخن للمركز 995، من خلق آلية مبسطة تحوز على ثقة شريحة واسعة من العمالة التي ربما تعرضت للاتجار أو محاولة اتجار أو ربما كانت لديها قضايا لا ترتقي لتكون اتجاراً لعدم وجود نية الاستغلال، أو شكوى نتجت عن عدم دراية ومعرفة قانونية بالحقوق والواجبات، كل ذلك تعاملنا معه مما ولد نوعاً من الثقة دفع هذه الفئات إلى التواصل معنا.
وقد بلغ مجموع الحالات التي تلقيناها منذ تدشين نظام الإحالة ما يقارب 9 آلاف حالة، عالجنا عدداً كبيراً منها بمجرد الإرشاد والتوجيه والتوعية، سواء للعامل أو من خلال التواصل مع صاحب العمل، فيما تم إحالة عدد من القضايا التي تحمل شبهة اتجار إلى النيابة العامة للتحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة، وهي قضايا – لله الحمد – محدودة بفضل ما يتمتع به المجتمع من حس عالٍ بالمسؤولية والثقافة الدينية والأخلاقية.
تصريح العمل المرن
* ينظر العالم إلى تصريح العمل المرن بدرجة عالية من الأهمية، ما الذي يميزه عن بقية الأنظمة الخاصة بسوق العمل؟
– كما تفضلت، ينظر العالم إلى نظام تصريح العمل المرن باهتمام بالغ، وهو ما يمكن ملاحظته في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2018 وكذلك 2019، علاوة على تقارير الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية، ويكمن هذا الاهتمام في كون هذا النظام هو الأول من نوعه الذي يوجد حلولاً لحاجة اقتصادية لصاحب العمل والمواطن بطريقة ينظمها القانون، وفي ذات الوقت تحمى حقوق العامل، نعتقد أن هذا التوازن المبني على تحليل احتياجات السوق ومراعاة حقوق أطراف العمل إلى جانب حفظ سلطة الدولة شدَّ اهتمام العالم، وبتنا نسمع عن قيام بعض دول الجوار بالحذو حذونا فأطلقت أنظمة مشابهة بعدما اطلعت على نجاح التجربة البحرينية.
“حماية الأجور”
* نظام حماية الأجور، هو أحد المشاريع الواعدة التي تعتزم المملكة تنفيذها والتي ستشرف عليها هيئة تنظيم سوق العمل، متى سيتم إطلاق المشروع؟ وكيف سيعمل النظام، ومن سيستفيد منه؟
– أساس العلاقة في سوق العمل هو الأجر مقابل الجهد، ومتى ما تم الجهد فقد استحق الأجر، ووجب دفعه، هذا ما نعمل على التأكد من تحقيقه من خلال نظام حماية الأجور والذي من المتوقع تطبيقه تجريبياً قريباً، على أن يبدأ التطبيق الكامل مع بداية العام الجديد.
يهدف النظام إلى أن يصل الحق إلى صاحبه في الوقت المعلوم وبالقدر المعلوم، وهذا النظام متى ما كان فاعلاً سوف يحمي صاحب العمل كما يحمي العامل، ويوثق هذه العلاقة. سيحمي العامل لأنه سيتأكد من التزام المؤسسات والشركات بدفع أجور العمال في الوقت المحدد، وسيضمن عدم التلاعب في البحرنة والتوظيف الوهمي، وبالتالي تصبح البحرنة فاعله بصورة أكبر وتوفر المزيد من الوظائف للبحرينيين، كما سيمكن الشركات من متابعة ومعالجة أي أخطاء محاسبية. كما أنه سيقلل من حالات التنازع لدى المحاكم العمالية والشكاوى لدى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وغيرها من الاختلافات لأنه يوثق هذه العملية ويضمن حقوق جميع الأطراف.
وقد أصدر مجلس الوزراء الموقر القرارات التنظيمية التي تمكن هيئة تنظيم سوق العمل من الإشراف على عملية سداد أصحاب العمل لأجور العاملين لديهم من خلال البنوك والمصارف المرخص لها من مصرف البحرين المركزي.
ومن أجل التطبيق الدقيق لهذا النظام فستقوم الهيئة بإنشاء قاعدة بيانات إلكترونية تكفل الرقابة على التزام صاحب العمل بسداد أجور العاملين لديه.
نتوقع كذلك أن يسهم “حماية الأجور” في التقليل من تحويلات العمالة الأجنبية للخارج ودفعهم إلى الاحتفاظ بنسبة أكبر منها في داخل المملكة، ويعزى السبب في ذلك إلى أن العمالة الآن تحول معظم ما تجنيه إلى بلدانها لعدم وجود آلية تمكنها من الاحتفاظ بها بشكل آمن ولكن مع تطبيق النظام سيكون مبلغه محفوظاً بالبنك، ويمكنه التحويل والسحب متى شاء ذلك في داخل المملكة أو من بلده.
* صندوق دعم ضحايا الاتجار يحمل لمسة إنسانية كبيرة، كيف يعمل الصندوق وما هو عدد المستفيدين منه حتى الآن؟
– أقر مجلس الوزراء الموقر تأسيس هذا الصندوق إيماناً بوجوب حماية الدولة للجميع ومساعدة الضحية وتوثيق الجريمة ومعاقبة المجرم، من المهم الإشارة إلى أن هذا الصندوق لا يقدم دعمه إلا للضحية التي تعاونت مع سلطات التحقيق في وزارة الداخلية والنيابة العامة وتم تصنيفها من قبل النيابة العامة التي هي شعبة أصيلة من شعب السلطة القضائية البحرينية، كضحية اتجار بالأشخاص، فتصنيفها كضحية اتجار بالأشخاص يعني أنها قدمت ما يكفي من الأدلة والشهادات على وقوع هذه الجريمة.
إذاً أحد أهم أهداف الصندوق تشجيع الضحايا للتعاون مع سلطات التحقيق والسلطات العدلية في المملكة مما يؤدي إلى معاقبة المجرم ومنع الجريمة، كما أنه يعتبر محفزاً للضحايا الذين قد يتجنبون مواجهة الجاني، أو ربما يخشون التعاون مع سلطات التحقيق إما لإحساس نفسي بالخجل أو الخزي مما أصابهم، أو لخوفهم أو تهديدهم من قبل الجاني، أما فيما يتعلق بالمستفيدين فهنا أحب أن أؤكد أنه لا يملك أحد تقديم الدعم المادي إلا بأمر النيابة العامة بعد أن تستكمل إجراءاتها.
مركز تدريب بحريني
* وقعتم مؤخراً مذكرة تفاهم مع مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة بدول مجلس التعاون لتقديم الدعم الفني لإنشاء مركز بحريني إقليمي للتدريب في مجال مكافحة الاتجار، هل يمكن أن تلقي لنا الضوء بشيء من التفصيل عن رؤيتكم لإنشاء هذا المركز، وموعد تدشينه؟
– تأسيس مملكة البحرين مركز خبرة وتدريب إقليمي في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص يعمل على وضع المعايير وتدريب المدربين وتخريج الخبراء في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، يعد قصة نجاح، وقصة بناء على النجاح.
فمع النقلة النوعية التي قمنا بها في مجال مكافحة الاتجار وإطلاق المبادرات التي تعزز جهود المملكة في هذا المجال منذ العام 2015، من خلال تأسيس مركز حماية ودعم العمالة الوافدة الذي يضم داراً للإيواء، وإطلاق النظام الوطني للإحالة في العام 2017 حرصنا على القيام بالعديد من الورش التدريبية للكوادر البحرينية والمتلقين الأُول في كافة أوجه الحياة، كمراكز الشرطة، والمستشفيات والمراكز الصحية، وموظفي الخدمة الاجتماعية ومفتشي العمل وغيرهم، حتى ناهز عدد الورش التي تم تنظيمها نحو 80 ورشة تدريب، وقد أشرف عليها وقام بها موفدون من مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة بدول مجلس التعاون، والمنظمة الدولية للهجرة، ومكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية وغيرها.
وبفضل هذه الورش التدريبية أصبح لدينا عدد من الخبراء المعتمدين من قبل الأمم المتحدة، الذين تلقوا مجموعة كبيرة من الدورات إلى جانب خبراتهم العملية من خلال معايشتهم وتصديهم لعدد من الحالات التي قد يشتبه في كونها اتجاراً أو استغلالاً وغيرها، علاوة على مشاركتهم في وضع الأنظمة والأطر التي تسهم في مكافحة الاتجار بالأشخاص ووضع الآليات المناسبة لذلك كنظام الإحالة الوطني.
ومع تنامي مبادرات الهيئة والمشاريع النوعية لمسنا اهتماماً بخبرائنا، حيث تلقينا في العام 2017 وبدرجة أكبر في العام 2018 العديد من الدعوات من قبل منظمة الأمم المتحدة لمسؤولي الهيئة للسفر على نفقة الأمم المتحدة لتقديم دورات تدريبية بعدد من دول الخليجية والمنطقة العربية وصولاً إلى المغرب العربي كخبراء في مجالهم، لتدريب كوادر والمساهمة في إعداد أنظمة مكافحة الاتجار بالأشخاص.
تزايد الدعوات التي نتلقاها لتقديم هذه الدورات بين لنا حجم وقوة وتمكن خبرائنا في مجالهم الذين انتقلوا من المحلية إلى العالمية، لا سيما وأنهم يجمعون بين الخبرة والتجربة العملية فهم مازالوا يمارسون أعمالهم ويتعاملون مع العديد من الحالات بصورة شبه يومية، هذا الاهتمام الدولي أوجد لنا فكرة تأسيس مركز تدريب بحريني يقدم خدماته على المستوى الإقليمي.
خاطبنا الأمم المتحدة في رغبتنا بإنشاء هذه المركز كبيت خبرة في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص وكمركز تدريبي فرحبوا، وعرضنا هذا الأمر على مجلس الوزراء الموقر الذي وافق مشكوراً على إنشائه، وقد وثقنا مؤخراً هذا الاتفاق في إطار قانوني، حيث تم الاتفاق مع مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة بدول مجلس التعاون على تقديم الدعم الفني للمركز وتوثيق إجراءات البحرين بطريقة تتناسب مع بروتوكولات الأمم المتحدة لكي تكون المعيار الإقليمي في مجال مكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص، والتعرف على الضحايا ورعايتهم، ومن المتوقع أن يباشر المركز عمله مع بداية العام الجديد.