تحتفل البحرين مع الأسرة الدولية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص الذي يصادف الثلاثين من يوليو من كل عام، الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة، في عام 2013، لدى عقدها اجتماعا رفيع المستوى لتقييم خطة العمل العالمية لمكافحة الإتجار بالأشخاص. واعتمدت الدول الأعضاء القرار الذي إعتبرت فيه يوم 30 تموز/يوليه من كل عام يوما عالميا لمناهضة الاتجار بالأشخاص. ويمثل هذا القرار إعلانا عالميا بضرورة زيادة الوعي بحالات الإتجار بالأشخاص والتوعية بمعاناة ضحايا الاتجار بالبشر وتعزيز حقوقهم وحمايتها.
وبهذه المناسبة دعا رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص أسامة بن عبدالله العبسي إلى بذل المزيد من الجهود لإنهاء هذه الجريمة الخطيرة التي تعد انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، يمس الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ممن يقعون فريسة في أيدي المتاجرين سواءا في بلدانهم وخارجها. موضحاً أن كل بلد في العالم يتأثر من ظاهرة الاتجار بالأشخاص، سواء كان ذلك البلد هو المنشأ أو نقطة العبور أو المقصد للضحايا.
وكان وزير الخارجية الشيخ خالد بن احمد ال خليفة قد اصدر في 11 يوليو الجاري2017 قراراً بإعادة تشكيل اللجنة برئاسة أسامة العبسي االرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل وعضوية عشرة اشخاص يمثلون المؤسسات الرسمية والاهلية ذات العلاقة.
وكشف العبسي أن اللجنة الآن بصدد إعداد خطتها التنفيذية للعامين المقبلين لتشرع في استكمال جهودها على جميع الأصعدة، مشدداً على أن البحرين في تطور مستمر في التشريعات والأدوات لإنهاء هذه الجريمة من المملكة، وضمن مفاهيم الوقاية قبل حدوثها، والمعالجة إن وقعت.
وأوضح أن احترام حقوق الأفراد والمساواة بينهم دون النظر إلى اللون والجنس يُعد جزءًا أصيلًا من الثقافة المجتمعية في مملكة البحرين، المرتكزة أساسًا على المساواة بين جميع البشر بغض النظر عن أية تمايزات.
وهذا ما مكّن البحرين وللعام الثالث على التوالي من المحافظة على استقرار تصنيفها في التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول تصنيف الدول في تعاطيها مع جريمة الإتجار بالأشخاص الصادر حديثاً، حيث حافظت على مركزها في الشريحة الثانية مؤكداً التقرير على تنامي جهود المملكة في محاربة تلك الظاهرة وبلوغها مرحلة مستقرة من وتيرة التطوير على هذا الصعيد.
ولفت التقرير إلى الجهود التي حققتها البحرين، مؤكدًا على تنامي الجهود لمحاربة تلك الظاهرة، ومنوهاً بآليات التحقيق في عدد من الحالات المتعلقة بالإتجار بالأشخاص، إلى جانب الجهود التي تبذل في تدريب مختلف المسؤولين على آليات التعامل مع الضحايا.
كما تطرق التقرير إلى منجز إصدار اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص نظام الإحالة الوطني لضحايا الإتجار بالأشخاص الذي يُعد الأول على مستوى دول المنطقة، و يساهم في تعزيز إجراءات مكافحة الإتجار بالأشخاص، وتوضيح وتنظيم دور مختلف الجهات وآليات تعاملها مع أي حالة إتجار أو يشتبه في إمكانية تحولها إلى حالة إتجار.
وأكد العبسي على حرص مملكة البحرين من خلال مختلف الجهات الحكومية الوطنية للإبقاء على المملكة خالية من هذه الجريمة العالمية بأنواعها وصورها كافة، والتصدي لها واستحداث الآليات الكفيلة بالقضاء عليها في حال ظهور مؤشرات تدل على وجودها، كاشفا أن المملكة إتخذت مجموعة من التدابير لضمان التنسيق والتعاون بين الجهات الحكومية والأهلية لمكافحة هذه الجريمة ضمن الرؤى والآليات التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص، مشددًا على أنَّ جريمة الإتجار بالأشخاص مخالفة لمبادئ جميع الأديان السماوية لانتهاكها الكرامة الإنسانية التي حرصت على صونها، وتُّعد مخالفة صريحة للمبادئ الإنسانية التي كفلتها التشريعات الوطنية بما تضمنته من أحكام مؤيدة لتلك النصوص ومنسجمة مع الاتفاقيات والمعايير الدولية بهذا الشأن.
من جانبه أكد مدير مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات في دول مجلس التعاون الخليجي الدكتور حاتم علي أن مملكة البحرين سباقة في الالتزام بالمعايير والمتطلبات الدولية، لافتاً إلى أن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص وهيئة تنظيم سوق العمل إلى جانب الجهات الحكومية ذات العلاقة بذلت وتبذل جهودًا كبيرةً للارتقاء ببيئة العمل مما يؤهل البحرين إلى الريادة الإقليمية في مكافحة الاتجار، مشيداً بإطلاق نظام الإحالة الوطني لضحايا الإتجار بالأشخاص الذي يُعد الأول على مستوى دول المنطقة، ويوضح وينظم دور مختلف الجهات وآليات تعاملها مع أي حالة إتجار أو يشتبه في إمكانية تحولها إلى حالة إتجار، والذي يأتي كخطوة إضافة واستكمالية إلى تدشين مركز حماية ودعم العمالة الوافدة، الذي يعدّ كذلك أول مركزٍ شاملٍ لتقديم الخدمات الوقائية والإرشادية للعمالة الوافدة، ويتضمن مركز إيواء للضحايا أو الأشخاص المحتمل تعرضهم لعمليات اتجار.
وأعرب، عن شكره وتقدير الأمم المتحدة للجهود التي تبذلها مملكة البحرين ممثلة في هيئة تنظيم سوق العمل واللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص إلى جانب الجهات الحكومة ذات العلاقة لتعزيز بيئة العمل وحماية العمالة الوافدة وتوفير الظروف المناسبة لتجنب وقوعها كضحية إتجار بالأشخاص، مؤكدًا دعم الأمم المتحدة للجهود التي تبذلها مملكة البحرين في تعزيز البيئة العمالة وحماية حقوق العمال دون الانتقاص من حقوق أصحاب العمل.
كما أعرب د. حاتم علي عن استعداد المنظمة الدولية لتقديم كافة أنماط الدعم والتدريب والاستشارات في هذا المجال، مضيفًا أن النموذج الذي قدمته المملكة في مشاريع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص نبحث الآن تقديمه والمعاونة في إستخدامه وتطبيقه في دول أخرى على المستوى الإقليمي بإعتباره أن البحرين قدمت نموذج جيد. نتطلع إلى المزيد من العمل والجهود في إطار الشراكة مع اللجنة لتطوير المنظومة الوطنية ودوام تقديمها كنموذج ليس فقط على المستوى الإقليمي ولكن على المستوى الدولي.
وكان المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة (IOM) وليم لاسي سوينغ قد أشاد قبلاً بإنجاز اللجنة الوطنية في خطاب وجهه إلى العبسي، قائلا: إن مملكة البحرين تعتبر نموذجًا عالميًا لأفضل الممارسات المتبعة للعمالة الوافدة، مشيدًا بمبادرات المملكة الهادفة إلى ضمان التوظيف الأخلاقي وحماية العمال المتعاقدين الأجانب ومكافحة الاتجار بالأشخاص في البحرين”، ومؤكدًا ” أن مركز إيواء ومحطة خدمات العمالة الوافدة” يعطي المثال الحقيقي على الرعاية الشاملة والوقائية ويمكن اعتباره نموذجاً للعالم عن أفضل الممارسات”.
ومن الجدير بالذكر ان اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص وفي إطار جهود المملكة في بناء منظومة متكاملة لمكافحة الإتجار بالأشخاص من خلال إصدار القوانين والتشريعات اللازمة وتفعيلها، دشنت مؤخرا «نظام الإحالة الوطني لضحايا الإتجار بالأشخاص» الذي يهدف إلى تعزيز إجراءات مكافحة الإتجار بالأشخاص، وتوضيح وتنظيم دور مختلف الجهات وآليات تعاملها مع أي حالة إتجار أو يشتبه في إمكانية تحولها إلى حالة إتجار.
وكما لفت العبسي الى أنه تم الاتفاق مع المنظمات الدولية على وضع خطة عمل للتعاون الفني وبالأخص في مجال التدريب لرفع مستوى الكفاءات وقدرات الكوادر الوطنية في مختلف أجهزة الدولة المعنية بمكافحة الاتجار بالأشخاص مثل العاملين في القطاع الصحي والامني والقضائي والمفتشين العماليين وغيرهم ، وذلك بهدف وضع حد أدنى من الجهوزية والارتقاء بالمستوى العام لجهود المكافحة وصولاً الى المستوى الدولي، بالإضافة وضع آليات للتعاون وتبادل الخبرات في المجالات الحقوقية العمالية، بالإضافة إلى دعمها إنشاء مركز وطني متخصص في مجال تنسيق الجهود الوطنية في مكافحة الإتجار بالأشخاص (National Referral System).
وقد دفع تنامي أعداد العمالة الوافدة في البحرين ومنطقة الخليج، الحكومة إلى مجاراة هذا النمو بتشريع قوانين حديثة تواكب المستجدات، وإطلاق العديد من المبادرات والحملات التوعوية والتعريفية للعمالة، حيث هدفت من خلال ذلك إلى تحصين حقوق العمالة لاسيما العمالة غير الماهرة وذات المستوى التعليمي المتدني التي تعتبر أكثر عرضة من غيرها للاستغلال والخداع.
وانسجامًا مع هذه الركائز الأساسية حرصت حكومة مملكة البحرين على الانضمام إلى مختلف المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة باحترام حقوق الإنسان واحترام حقوق العمالة، كما شرَّعت مجموعة من القوانين المتعلقة بصون هذه الحقوق.
وحصّنت الحكومة جهودها ببناء منظومة متكاملة لمكافحة الإتجار بالأشخاص، من خلال إصدار القوانين والتشريعات اللازمة وتفعيلها، وتسمية الجهات الرسمية ذات العلاقة وبناء القدرات الوطنية ونشر الوعي، فأصدرت في عام 2008 قانونًا متكاملاً يُعرّف حالات الاتجار بالأشخاص ويفرض العقوبات ضد كل من يقوم بحجز حرية العامل واستغلاله والاتجار به.
كما اتبعت الحكومة خطوة تشريع قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص، بتأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص في عام 2008، وذلك بمقتضى قرار وزير الخارجية، ولتضم في عضويتها الوزارات والهيئات الحكومية ذات العلاقة، إضافة إلى أعضاء ومؤسسات غير حكومية، كما عمدت الحكومة في 2015 إلى ربط رئاسة اللجنة برئيس هيئة تنظيم سوق العمل لزيادة فعالية تنفيذ الإجراءات المتعلقة بمكافحة الاتجار، وتضم اللجنة ممثلين عن وزارة الخارجية، وزارة الداخلية، وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وزارة شئون الإعلام، هيئة تنظيم سوق العمل، المجلس الأعلى للقضاء، النيابة العامة.
وتضم من المؤسسات الاهلية جمعية البحرين للعمل التطوعي، الجمعية البحرينية للمسؤولية الاجتماعية، و ممثل عن الكنائس و المجتمع المدني.
وفي خطوة إضافية لحماية العمالة الوافدة وصون حقوقها وضعت هيئة تنظيم سوق العمل بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص خطة لتطوير برنامج إيواء للعمالة الأجنبية التي تتعرض للتعنيف بما يستجيب للمتطلبات الدولية والمعاهدات التي وقعت عليها مملكة البحرين.
وتضمنت الخطة تدشين مركز حماية ودعم العمالة الوافدة، الذي يعدّ أول مركزٍ شاملٍ لتقديم الخدمات الوقائية والإرشادية للعمالة الوافدة، ويتضمن مركز إيواء للضحايا أو الأشخاص المحتمل تعرضهم لعمليات اتجار، تشرف عليه اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص بدعم من هيئة تنظيم سوق العمل.
وتبلغ الطاقة الاستيعابية لمركز الإيواء المجهز وفقًا للمواصفات الدولية نحو 120 شخصا من الجنسين مع إمكانية زيادتها إلى 200 شخص في حال الضرورة.
كما يتمتع المركز بخط تواصلٍ مباشرٍ مع عددٍ من الجهات الحكومية ذات العلاقة (وزارة الداخلية، وزارة العدل، وزارة العمل، وغيرها)، وسفارات الدول المصدرة للعمالة، إلى جانب دور العبادة بمختلف الأديان، ونوادي الجاليات الأجنبية، وغيرها.
و يقدم مركز الإيواء الذي يقع تحت مظلة مركز حماية ودعم العمالة الوافدة وتشرف عليه اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، خدمات متكاملة للضحايا أو المحتمل تحولهم إلى ضحايا منذ دخولهم إلى المركز والتي تتمثل في: توفير الحماية الأمنية. خدمات طبية (فحص النزلاء بصورة دورية بالتعاون مع متطوعين من عدد من المستشفيات الخاصة). خدمات الصحة النفسية (بالتعاون مع باحثين اجتماعيين). استشارات قانونية (تقديم المشورة القانونية للنزيل وتعريفه بحقوقه وآلية الحصول عليها، ومساعدته في التوصل إلى تسوية أو رفع دعوى قضائية في المحاكم).خدمات اجتماعية، آلية عمل الإيواء ،مركز اتصال على مدار الساعة بثمان لغات على رقم 995. تقديم المشورة والإرشاد للعامل. استقبال أي ضحية أو ضحية محتملة على مدار الساعة. إيواء خاص للضحايا من الجنسين (بشكل منفصل). تأهيل الضحية ورفع قدراتها. مساعدة الضحية في الحصول على عمل جديد إن رغب في البقاء بالمملكة. مساعدة العامل في العودة إلى بلاده إن رغب في ذلك
ويهدف مركز حماية ودعم العمالة الوافدة إلى: أن يكون نقطة وقاية تحول دون أن تصبح الفئات المستضعفة ضحايا، إيجاد مظلة لإيواء العمال الوافدين المستضعفين أو المعرضين للاستغلال، حفظ الحقوق الإنسانية للعمالة الوافدة، الاستجابة للمتطلبات الدولية والمعاهدات التي وقعت عليها المملكة، تحسين بيئة العمل في المملكة، الحد من حالات هروب العمالة وتعرضهم إلى حالات اتجار واستغلال.