«الإحالة الوطني» يؤهل البحرين إلى الريادة الإقليمية

يعدّ الأول على مستوى المنطقة.. «سوق العمل»:
كشف الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل رئيس  أسامة بن عبدالله العبسي أن نظام الإحالة الوطني لضحايا الاتجار بالاشخاص هو ترسيخ وتوثيق لتكامل جهود جميع الأجهزة الحكومية والقضائية في مكافحة جريمة الاتجار بالاشخاص في مملكة البحرين.

وأكد أن تجربة البحرين التي تتخذ من الامم المتحدة ممثلة في مكتبها المعني بالجريمة والمخدرات شريكا في جهودها يتم بناؤها على أساسين رئيسين، هما: إنجاز كافة التزامات البحرين تجاه الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية حقوق الانسان سواء مواطن أو وافد، والأساس الثاني هو تحقيق الرؤية للمجتمع البحريني الرسمي والشعبي في تأسيس منظومة تشترك فيها كافة اجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني وتعمل على الأخذ بيد الضعيف ونصرة المظلوم.

وقال: «إن المجتمعات تقيس رقيها بقدرتها على رعاية اضعف فئاتها، وقد تحقق ذلك بدعم ومساندة من قبل الشركاء وفي مقدمتهم السلطة القضائية بشعبتيها الشامختين النيابة والقضاء، والسلطة التنفيذية ممثلة في وزارة الداخلية ووزارة الخارجية ووزارة العدل وهيئة تنظيم سوق العمل، ومؤسسات المجتمع المدني المعنية، كما اننا وضمن جهودنا لتحقيق اهدافنا رسخنا دور البحرين الريادي على صعيد دعم الحقوق الانسانية لمختلف الفئات ولاريب في ان هذا الملف الذي يحظى بإشادات دولية في سيضع مملكة البحرين في مقدمة دول المنطقة في المجال الحقوقي».

من جانبه أعلن مدير مكتب الامم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات بدول مجلس التعاون الدكتور حاتم علي عن نية المنظمة اعتماد تجربة مملكة البحرين ممثلة في الخطوات التي تتخذها اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالاشخاص وفي مقدمتها مركز الإيواء ونظام الإحالة الوطني لضحايا الاتجار بالاشخاص لتعميمها في المنطقة قريبا، مشيدا بسرعة الإنجاز ودعم الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني مايؤكد جدية الدولة في وضع آلية جادة وذات فاعلية للتعامل مع مشكلة الاتجار بالاشخاص.

وكانت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص قد دشنت الثلاثاء الماضي أول نظام من نوعه على الصعيدين العربي والاقليمي يؤسس لمنظومة إجرائية قانونية حمائية متكاملة لضحايا الاتجار بالاشخاص تحميهم وتوفر لهم الحماية والرعاية الانسانية والحقوقية في حال استغلالهم في هذه الجريمة.

و كانت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالاشخاص، وهيئة تنظيم سوق العمل قد اطلقت خلال حفل التدشين الذي أقيم في مقر هيئة تنظيم سوق العمل صباح الثلاثاء الموافق 9 مايو 2017 «نظام الإحالة الوطني لضحايا الإتجار بالأشخاص» الذي يعد الأول على مستوى دول المنطقة، وذلك برعاية اسامة بن عبدالله العبسي الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل، وبحضور رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالاشخاص، ومدير مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات في دول مجلس التعاون الخليجي الدكتور المستشار الدكتور حاتم علي، ومدير إدارة المشاريع الإقليمية بالمنظمة الدولية للهجرة محمد الزرقاني، كما شارك في الحفل أعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص وممثلين عن مكتب سمو النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء، والمجلس الأعلى للقضاء ووزارة الداخلية والسفارات والكنائس وجمعيات النفع العام.

ماهو نظام الإحالة:

إن نظام الإحالة الوطني آلية من الإجراءات القانونية المتكاملة الهادفة إلى تعزيز مكافحة الاتجار بالأشخاص، وتوضح تسلسل هذه الاجراءات وتنظم دور مختلف الجهات المعنية بمكافحة حالات الاتجار بالاشخاص وآليات تعاملها مع أي حالة اتجار أو يشتبه في إمكانية تحولها إلى حالة اتجار.

وقد وضع النظام بالتنسيق مع مختلف الجهات ذات العلاقة، بحيث يوثق كل حالة يتم اكتشافها من قبل «المتلقين الأول» سواء كانوا من رجال الأمن او الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية الأولية والطارئة، او مفتشي العمل، أو موظفي الخط الساخن، أو أفراد السلك الدبلوماسي العاملين في المملكة، أو رجال الدين والوعاظ، وغيرهم ممن قد تلجأ لهم الضحية للحماية او العون. ويأخذ النظام بالحالة من بداية اكتشافها فيوثق حالتها ويرشد الشخص المعني للخطوات الواجب اتخاذها حماية للضحية والأدلة التي قد تستخدم في الإجراءات القانونية، كما يشمل النظام مهام وادوار جميع الجهات الرسمية وتراتبيتها، وتوثيق لكل مراحل التحقيق وللرعاية المقدمة للضحية، ورغباتها وذلك حتى انتهاء الإجراءات سواء الإدارية او القضائية، ويشمل منظومة الكترونية وادارية لهذا التوثيق، الامر الذي سيسهل دراسة الوضع الفردي للحالات، ودراسة الإحصائيات العامة لتطوير السياسات والإجراءات المعمول بها.

وقد تم تلخيص النظام على شكل كتاب مطبوع باللغتين العربية والانجليزية ليسهل توزيعه على كافة الجهات التي يمكن أن تتعامل مع الضحايا المحتملين مثل المراكز الأمنية والمستشفيات، وجمعيات حقوق الانسان، والجهات الأخرى ذات العلاقة والتي من خلال اتباع الخطوات الواردة في النظام سوف تتمكن من التعامل مع أي حالة واتخاذ الإجراء الحمائي القانوني السليم تجاهها.

هذا النظام الوطني الذي دشنته اللجنة الوطنية قامت بتنفيذه وبنائه بالشراكة مع مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات في دول مجلس التعاون الخليجي والمنظمة الدولية للهجرة، يتضمن جانبين: تنظيميا ويشمل على المهام والمسؤوليات والاختصاصات للجهات المعنية ذات الصلة، وجانبا إجرائيا يشتمل على الخرائط التوضيحية للعمليات والمسؤول عن كل إجراء والنماذج المستخدمة متسلسلة تبعا لورودها في العمليات، وهو ما سيسهل عملية فرز الحالات بحسب الاختصاص سواء كانت قضية عمالية، أو إتجار بالأشخاص، أو شكوى عادية، خلال نصف ساعة فقط، وإحالتها للجهات المختصة، ممثلة في وزارة الداخلية أو هيئة تنظيم سوق العمل أو النيابة العامة أو المحاكم العمالية بحسب الحالة، ومن ثم متابعة سير الملف في هذه الجهات وتقديم العون والدعم للضحية ومتابعة حالتها، حيث لا يقفل الملف إلا بانتهاء جميع الإجراءات القانونية والإدارية.

إنجاز متقدم نتاج خطوات

إصدار «نظام الإحالة الوطني لضحايا الإتجار بالأشخاص» منجز متقدم عربيا وإقليميا لم يأت من فراغ، إذ أوضح الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص أسامة بن عبدالله العبسي في تصريح صحافي عقد عقب تدشين النظام، أوضح أن المملكة سباقة في إصدار قانون مكافحة الإتجار بالأشخاص في عام 2008 والذي يعرف حالات الاتجار بالأشخاص ويفرض العقوبات ضد كل من يقوم بحجز حرية العامل واستغلاله والإتجار به، تبع ذلك تأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص والتي تضم في عضويتها الوزارات والهيئات الحكومية إضافة إلى أعضاء ومؤسسات أهلية.

كما قامت هيئة تنظيم سوق العمل باستحداث وحدة خاصة لدعم وحماية العمالة الوافدة وتأسيس أول مركز شامل في المنطقة لدعم وحماية العمالة وفقا للمواصفات الدولية يضم مركزا للإيواء.

واليوم يأتي تدشين نظام الإحالة الوطني لضحايا الاتجار بالأشخاص الذي يعد الأول على مستوى دول المنطقة، يأتي ضمن هذه السلسلة من الخطوات التي اتخذتها المملكة في بناء منظومة متكاملة لمكافحة الإتجار بالأشخاص من خلال إصدار القوانين والتشريعات اللازمة وتفعيلها، وتسمية الجهات الرسمية ذات العلاقة وبناء القدرات الوطنية ونشر الوعي، كما أنه يتوج جهود المملكة في ترسيخ الثقافة المجتمعية المرتكزة على احترام حقوق الأفراد والمساواة بينهم دون النظر إلى اللون والجنس والدين.

وذلك إيمانا من المملكة بأن قضية الاتجار بالأشخاص تشكل تحديا يتطلب تكاتف الجهود الوطنية للإبقاء على المملكة خالية من هذه الجريمة العابرة للحدود بأنواعها وصورها كافة، والتصدي لها واستحداث الآليات الكفيلة بالقضاء عليها في حال ظهور مؤشرات تدل على وجودها، اتخذت المملكة مجموعة من التدابير لضمان التنسيق والتعاون بين الجهات الحكومية والأهلية لمكافحة هذه الجريمة ضمن الرؤى والآليات التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص.
وكشف العبسي أن نظام الإحالة هو خطوة كبيرة ضمن حزمة مشاريع ستنظم بصورة شاملة لهذا الشأن لتكون البحرين بذلك مكتملة النظام الحمائي القانوني للعمالة مايجعلها في مقدمة دول المنطقة في المجال الحقوقي الخاص بالعمالة.

قاطرة السبق انطلقت

هذا انجاز يحسب للبحرين على الصعيدين الخليجي والعربي، وقد انطلقت قاطرة الحماية القانونية للعمالة الوافدة تجاه جرائم الاتجار بالاشخاص، هذا ماقاله مدير مكتب الامم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات في دول مجلس التعاون الخليجي المستشار الدكتور حاتم علي، الذي كشف عن توجه مكتب الامم المتحدة لاعتماد تجربة مملكة البحرين ممثلة في منجزات اللجنة الوطنية للاتجار بالاشخاص، كنموذج استرشادي نموذجي للتطبيق في عدد من دول المنطقة تأكيدا على نجاح التجربة.

وقال ان إنجاز نظام الإحالة يحول جهود البحرين الى منجز مؤسساتي يعطينا تأكيدات على ان البحرين هي رائدة اقليميا على صعيد توفير الحماية للعمال الوافدين، كما اشاد بقدرة اللجنة على جمع كافة الجهات الرسمية والأهلية على طاولة واحدة لتختزل اجراءاتها وتحقق تقدما على ارض الواقع.

وفيما أعرب الدكتور حاتم علي، عن شكره وتقدير الأمم المتحدة للجهود التي تبذلها مملكة البحرين ممثلة في هيئة تنظيم سوق العمل واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص إلى جانب الجهات الحكومة ذات العلاقة في إطار تعزيز بيئة العمل وحماية العمالة الوافدة وتوفير الظروف المناسبة لتجنب وقوعها كضحية اتجار بالأشخاص، أكد أن مملكة البحرين سباقة في الالتزام بالمعايير والمتطلبات الدولية، قائلا إن هذا النظام الذي أسسته اللجنة الوطنية البحرينية لمكافحة الاتجار بالاشخاص يأتي نتاجا لعمل مشترك ودؤوب استمر لبضع سنوات وبالتناغم مع المؤسسات الاهلية والرسمية ذات العلاقة محليا واقليميا ودوليا.

كما أكد د. حاتم علي، دعم الأمم المتحدة للجهود التي تبذلها مملكة البحرين في تعزيز البيئة العمالة وحماية حقوق العمال دون الانتقاص من حقوق أصحاب العمل، معربا عن استعداد المنظمة الدولية لتقديم كافة أنماط الدعم والتدريب والاستشارات في هذا المجال، مضيفا أن النموذج الذي قدمته المملكة في مشاريع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالاشخاص نبحث الان استنساخه مع بعض الدول الخليجية تأسيسا على التجربة البحرينية، حيث قمنا بإستضافة خبراء بحرينيين من هيئة تنظيم سوق العمل في منتديات نظمتها الامم المتحدة في كل من سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية لينقلوا خبراتهم لأخوتهم الخليجيين في هذا المجال ولتعمم التجربة البحرينية السباقة، مما يثبت ريادية البحرين على الصعيد الاقليمي في هذا المجال حيث سيستفاد من تجربتها الفريدة.

البحرين نموذجًا استرشاديًا

أهمية نظام الاحالة الوطني الذي أصدرته اللجنة الوطنية البحرينية لمكافحة الاتجار بالاشخاص يمثل محطة فارقة في مسيرة الحقوقية بالمنطقة العربية لأنه يقدم النموذج المثالي والمتكامل الذي تسترشد به دول المنطقة للمضي في ترسيخ الحقوق ضمن انظمتها، هذا ماقاله مدير إدارة المشاريع الإقليمية بالمنظمة الدولية للهجرة محمد الزرقاني الذي شارك في حفل التدشين وبالمؤتمر الصحفي، وأوضح الزرقاني: تنسق المنظمة الدولية للهجرة وتدعم 160 بلدا ومن خلال 460 مكتبا تمثيليا لتوحيد الجهود والرؤى والقوانين والاليات الخاصة بمكافحة الاتجار بالاشخاص وضمان حقوق العمالة، ويأتي هذا النظام الذي تصدره اللجنة الوطنية البحرينية لمكافحة الاتجار بالاشخاص الأول من نوعه على الصعيد العربي والاقليمي، وهو النموذج الذي ستبنى عليه مستقبلا وعبر التطوير أنظمة احترازية محددة ومحترفة تتنباها الدول لضمان مكافحة الاتجار بالاشخاص، مثمنا الزرقاني هذا الجهد المتميز الذي قدمته اللجنة الوطنية لإصدار اول نظام نموذجي من نوعه على المستوى الاقليمي.

كما أوضح ان علاقة المنظمة بهيئة تنظيم سوق العمل واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالاشخاص قديمة ووثيقة، وتتمثل في التدريب ونقل الخبرات ورفع كفاءة الكوادر الوطنية البحرينية العاملة في هذا المجال، وكذلك الدعم الفني والاستشارات، منوها ان الدور الريادي الذي تلعبه مملكة البحرين في هذا المجال واضح، وقد أكد ذلك مدير عام المنظمة وليام لايسي في خطاب سابق وجهه لاسامة العبسي يهنئه فيه على منجزات مملكة البحرين في هذا المجال.