أجمع مسؤولون حكوميون ورجال أعمال ونواب واقتصاديون على أن نظام البحرنة الموازي سيوفر المرونة للقطاع الخاص الجاد في الوقت الذي اعتبر بعضهم أن القرار ليس حلاً لمشكلة تدني فرص البحريني في القطاع الخاص أمام العامل الاجنبي.
وأشار المتحدثون في ندوة أقامتها «الأيام» تحت عنوان «نظام البحرنة الموازي.. تساؤلات» والتي شارك فيها الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل أسامة العبسي، النائب محمد المعرفي، ورجل الاعمال إبراهيم زينل، والخبير الاقتصادي أكبر جعفري إلى أن النظام يشكل بديلاً أفضل لنظام التعهدات دون أن يقللوا من حجم مشكلة المتاجرة بالسجلات التجارية التي أفرزت أمراضًا أخرى في سوق العمل، وفيما يأتي نص الندوة:
* الكثير من التساؤلات أثيرت بعد صدور قرار نظام البحرنة الموازي أبرزها الالتزام بالبحرنة، السؤال هل نظام البحرنة الموازي هو اعتراف غير مباشر بفشل فرض البحرنة؟
العبسي: يجب أن ننظر للبحرنة وتوفير الموظفين كإحدى مداخلات العملية الاقتصادية، اليوم صاحب العمل يبحث عن أفضل السبل لتشغيل استثماره، فلماذا نعتقد ان في ظل العملية المتغيرة للاقتصاد يجب ان تبقى مسألة العمالة ثابتة على مدى 30 عامًا؟ العملية الاقتصادية برمتها تغيرت، ومتطلبات التاجر في العام 1996 تغيرت عما هي اليوم، نظام البحرنة وضع منذ اكثر من 30 عامًا، وتم اعادة تحديثه في العام 1996 ولم يتغير حتى هذا العام رغم جميع المتغيرات التي طرأت على العملية الاقتصادية.
اليوم لسنا بصدد القول إن نظام البحرنة قد فشل أو لم يفشل، بل يجب أن يواكب المتغيرات، ولو عدنا قليلا للوراء نجد أن وزارة العمل وضعت نظام التعهدات الذي برهن على وجود قصور في الآلية التي اتبعت لتطبيقه، والدليل ان القطاع الخاص قد تعهد – وفق نظام التعهدات – بتوظيف 63 ألف بحريني خلال الأعوام الخمسة الماضية من أجل الحصول على تصريحات عمل، ولم يتوظف منهم فعليا الا 800 بحريني، إذاً نحن نتحدث عن نظام جامد لم يحتو متطلبات القطاع الخاص.
نحن لازلنا نقول ان البحريني هو الخيار الامثل لكن لدينا اقتصاد ينمو وهناك طلب على العمالة يفوق 100 الف عامل، ولدي 8000 بحريني داخلين الى سوق العمل، الامر ليس أعداد بل نوعية العامل الذي يحتاجه القطاع الخاص، وفرض الاعداد بدوره أدى الى ظهور امراض في سوق العمل مثل شراء البطاقات «التوظيف الوهمي»، لذلك كان لابد من خلق مرونة للايفاء بالمتطلبات، وبالتالي الرسوم التي تم وضعها (300 دينار) ليست ثابتة بل تخضع للإقبال والمتغيرات في سوق العمل، لأن الأهم من ذلك هو المبدأ والذي يقوم على الاحتفاظ بالبحرنة كشرط أساسي، للاسف تم التركيز عند قراءة القرار على رسوم 300 دينار، ولم يتم التركيز على ان الاحتفاظ بالعامل البحريني شرط اساسي ويحق للهيئة إلغاء تصريحه، وهذا التزامنا اتجاه العامل البحريني، وبالتالي عند التجديد العام القادم سيظهر هذا الالتزام.
* كيف تجدون تطوير آلية البحرنة التي تطبقها هيئة تنظيم سوق العمل اليوم؟
المعرفي: ما كنت أخشاه هو أن يكون الهدف من القرار جمع المال وأن الامور لا تسير وفق استراتيجيات واضحة، لاننا نريد ان نحافظ على حق البحريني بالتوظيف.
اعتقد من المناسب أن نترك للقرار أن يأخذ فترة زمنية مناسبة قبل ان نحكم على نتائجه، وإن كنتُ ارى ان فرص البحريني في القطاع الخاص ستقل وفق هذا النظام لان القطاع الخاص يميل للاجنبي.
*هل حقق هذا القرار المرونة التي يريدها التجار، أم مبلغ الرسوم 300 دينار سيصبح عنوان التذمر القادم؟
زينل: اتفق مع العبسي حول مبدأ التطوير واعادة النظر بالقرارات لمواكبة المتغيرات، اعتقد ان هذه خطوة لتسهيل الاجراءات امام القطاع الخاص الجاد، ففي المجتمع الاقتصادي هناك قطاع اقتصادي جاد وهناك قطاع اقتصادي «طفيلي»، وبالطبع الخوف ليس من الجاد، والدليل ان القطاع التجاري رحب بهذه الخطوة، واعتقد ان مجلس الوزراء عندما اتخذ هذا القرار كان يريد ان يكون هناك مرونة وسرعة في الاجراءات خصوصا الشركات الكبرى التي تأتي ولا تحصل على نوعية العمالة التي تريدها في السوق المحلي، بلا شك هناك ايجابيات للقرار، نأتي للسلبيات والتي قد تنعكس على سوق العمالة الوطنية، وأي تاجر هو مواطن قبل ان يكون اقتصاديا، وبالتالي يجب ان يكون هناك موازنة بين متطلبات الكتلة الاقتصادية
وبين الطلب على العمالة، للاسف نحن اعتدنا في البحرين على صدور قرارات وانظمة لكن الصورة تبقى غير واضحة امام القطاع الاقتصادي، والدليل اتحاد نقابات العمال قال ان العملية غير واضحة بالنسبة لنسبة البحرنة ومخاوفهم مشروعة، كذلك هناك تساؤلات حول إمكانية تطبيق نسبة البحرنة السابقة في ظل وجود امكانية لتوظيف المزيد من الاجانب وتسجيل بياناتهم في التأمينات الاجتماعية، فهل سيحرم صاحب العمل الذي دفع الرسوم الجديدة واتى بعمال اجانب من حقه بالدخول بالمناقصات باعتباره لم يلتزم بنسبة البحرنة؟ هذه التساؤلات أتت من اتحاد العمال قبل أي طرف اخر.
نقطة اخرى وهي عن فرص البحريني في القطاع الخاص في ظل توفير البديل الاجنبي عبر دفع الرسوم الجديدة، أرى أن الجادين في القطاع الخاص مثل الشركات الكبيرة لا يمكن ان تخل بنسبة البحرنة المعروفة وبطبيعة الحال فإنها لا تذهب للاجنبي الا في حال الحاجة الملحة.
أما بالنسبة لمبلغ الرسوم فلا اعتقد انه يشكل أي عبء على أي شركة جادة، لكن التخوف من استغلال ضعاف النفوس الذين يتاجرون بالتأشيرات والذي حتى الان لم يتم وضع حل نهائي له، وهذا يدفعنا للمطالبة بشكل جاد بتقنين اصدار السجلات التجارية، فالاقتصاد لا ينمو بكثرة السجلات لان السجلات التجارية باتت سلعة تشترى وتباع، وهناك اناس متخصصين بشراء وبيع السجلات التجارية وعبرها يتم المتاجرة برخص الاقامة.
*هناك دراسة اشارت الى نسبة البحرنة في القطاع الخاص لا تتجاوز 21% واتى قرار البحرنة الموازي ليضع بديلا ماديا لتوظيف الاجنبي، السؤال المطروح أليس هذا القرار هو بمثابة دق مسمار في نعش فرص البحريني في القطاع الخاص؟
جعفري: بلا شك ان القرار صائب اذا كنا نقرأ القرار من جانب المرونة امام القطاعات غير الجاذبة للبحريني مثل قطاع الانشاءات، والمبلغ الذي تم وضعه لن يؤثر على هذه القطاعات، اما القطاعات الجاذبة للبحريني فلن تتأثر، لذا فالقرار قد يبدو بديلا جيدا لنظام التعهدات لكنه لن يضع حل لمشكلة تدني فرص البحريني في القطاع الخاص بشكل عام.
* صدر القرار ودخل حيز التنفيذ لكن الكثير من الاسئلة حوله لا زالت غير واضحة، وربما أبرزها الاحتفاظ بنسب البحرنة السابقة بينما فتحتم فعليا الباب امام صاحب العمل ليدفع 300 دينار ويأتي بالمزيد من الاجانب؟
العبسي: الرسوم ثابتة لكن نسبة البحرنة تختلف من قطاع لآخر ففي القطاعات ذات القيمة المضافة للبحريني نسبة البحرنة من 35% الى 50% فيما لا تزيد عن 5% في قطاع الانشاءات، لذلك الرسوم الثابتة، لان تباين الرسوم من قطاع لاخر سيفتح الباب امام اختيار صاحب العمل القطاعات الاقل رسوما، اما بالنسبة لما طرحه زينل هو القطاع الجاد فانا اتفق معه تماما لان هذا القطاع يفضل البحريني الذي يرى فيه موظفا وزبونا ينفق راتبه في السوق،
ونحن في هيئة لتنظيم سوق العمل لا نواجه أي مشاكل مع القطاعات الجادة، لكننا نواجه مشاكل من «المتاجرين» بالسجلات التجارية، كذلك اود ان أوضح نقطة وهي ان شهادة الالتزام بالبحرنة للمناقصات تصدر بناء على سجلات هيئة تنظيم سوق العمل وليس التأمينات الاجتماعية، كما ان نظام البحرنة الموازي لا يعني الاخلال بنسبة البحرنة المفروضة على القطاعات بحسب نوعيتها، حيث ان العامل الاجنبي الذي يتم اضافته خارج النسبة المسموح فيها ويدفع عنه الرسوم لا يعتبر إخلالا بنسبة البحرنة التي تعتبر شرطا من شروط ترخيص العمل، اما بالنسبة لما تناوله حول نسبة البحرينيين في القطاع الخاص فهي تعني زيادة وليست تراجعا والدليل ان نسبة البطالة ثابتة، في حين ان عدد العمال الاجانب يعني ان هناك نموا لقطاعات فرض عليها هذا النمو استقدام عامل اجنبي.
ما اود التأكيد عليه هو اننا لا زلنا نتدارس المرحلة الثانية من القرار لاننا نتعامل بجدية كبيرة مع القرار وسيكون هناك مراجعات لاي تاثيرات والتي ستتضح عند التجديد حيث سنبدأ حملة بعد ثلاثة شهور من الآن لتذكير صاحب العمل بالتزامات البحرنة، اليوم في البحرين يوجد 81 الف سجل تجاري منها 9000 سجل تجاري تنطبق عليهم البحرنة، ومن هذه 9000 سجل هناك حوالي 3200 سجل تجاري تعدوا نسبة البحرنة المطلوبة، لذلك صاحب العمل الجاد تعدى نسبة البحرنة المطلوبة، فيما هناك 72 الف سجل تجاري يعملون بأعداد عمال لا تتجاوز الاربعة عمال ولا تنطبق عليهم البحرنة.
أمام هذه المعطيات عندما يأتي التجديد لن يكون هناك تأثير على القطاعات التي تعدت فيها نسبة البحرنة المطلوبة وكذلك القطاعات التي التزمت بالنسبة كما هي، اما اصحاب العمل الذين لا زالوا دون النسبة فهم بالطبع الذين سيتأثرون، وبالتالي التاجر الذي لا يلتزم بالبحرنة ستصبح قدرته على المنافسة في السوق اقل، اما بخصوص ما تناولته حول عدم الوضوح فقد حرصنا على الجلوس مع الصحافة وكافة القطاعات وكذلك اتحاد العمال، وكذلك لدينا خط ساخن وبريد الكتروني للرد على كافة الاستفسارات.