دعا الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل أسامة العبسي إلى استحداث برامج أكاديمية متعددة التخصصات والمهارات في الجامعات البحرينية لتحقق المواءمة المنشودة بين مخرجات التعليم الجامعي ومتطلبات سوق العمل، منوها إلى أن العمالة الوافدة ما تزال تسيطر على العدد الأكبر من وظائف القطاع الخاص بما نسبته 78%، منوها إلى أن عجلة الاقتصاد والتنمية هي التي تحدد فرص العمل المتاحة في السوق وأنواعها وكمياتها، ولا غنى للمعنيين عنها سواء في الجامعات والكليات أو لدى الجهات المختصة بتوظيف البحرينيين ومواجهة شبح البطالة.
فيما نوه رئيس الجامعة الأهلية البروفيسور عبدالله الحواج إلى أن جامعته تنبهت إلى خصوصيات سوق العمل البحريني والخليجي منذ انطلاقتها، وسعت قدر الإمكان إلى تنويع المهارات والمهن التي يمكن لخريجيها الالتحاق بها، فمزجت بين أكثر من تخصص في العديد من برامجها، كبكالوريوس المحاسبة والعلوم المالية أو بكالوريوس العلوم المالية والمصرفية أو بكالوريوس الإدارة والتسويق وهكذا، فضلا عن سعي الجامعة من خلال أنشطة متعددة أنتثري طلبتها بالمهارات المهنية الأساسية المطلوبة في العديد من قطاعات سوق العمل.
جاء ذلك في ندوة “المتغيرات الاقتصادية العالمية وسوق العمل المحلية” التي نظمتها إدارة العلاقات المهنية بالجامعة الأهلية مساء أمس الأول بمقر الجامعة في مجمع التأمينات، حيث تحدث الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل حول الإشكالية الكبيرة التي تقع بين المعنيين بسوق العمل والأكاديميين، وهي جدلية أن الجامعات معنية بتخريج كفاءات مهنية ملاءمة لمتطلبات واحتياجات سوق العمل كما يطلب أرباب العمل والمعنيين بالتدريب والتوظيف أم أن الجامعات معنية بنشر العلم والمعرفة.
وأكد البروفيسور الحواج على أن الجامعة الأهلية حريصة على تأهيل خريجيها لسوق العمل، بحيث يكون خريج الجامعة الخيار الأول لسوق العمل، موضحاً أن اهتمامه ينصب على تحديد الاحتياجات الفعلية لخطط التنمية، وليست الاحتياجات الشكلية لسوق العمل، مؤكداً إنه من هذا المنطلق تم التنسيق مع الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل لما يمتلكه من خبرة وكفاءة وحجم من المعلومات تثري الندوة، كما تم اختيار الموضوع المناسب ليصبح عنواناً للندوة.
وذكر السيد أسامة العبسي خلال الندوة بأن البحرين كانت في العام 1971 قد أجرت أول دراسة بعد الاستقلال مباشرة كلف فيها مجلس الوزراء شركة أمريكية بإجراء الدراسة التي تطلبت من الوقت 3 سنوات، ولكن نتائجهما المهمة لم تعد ذات قيمة حين قدمت لمجلس الوزراء في العام 1974، لأنه وببساطة شديدة فإن الطفرة النفطية في العام 1973م إثر استخدام سلاح النفط في الصراع العربي الاسرائيلي آنذاك قلبت الأوضاع الاقتصادية رأسا على عقب، وقد تحول الاقتصاد بعدها إلى اقتصاد نفطي، وكانت هذه الدراسة قد توقعت أن تجاوز نسبة البحرين 60% في العام 1986، لكنها لم تتجاوز 40% لإي ذلك العام.
واستدل العبسي بذلك ليؤكد أن البيانات التاريخية والحالية لا يمكن أن تعبر بالضرورة عن مستقبل سوق العمل وتوجهات الاقتصاد، لان الاقتصاد يتأثر بعوامل وأسباب عدة، وخاصة الحوادث الكارثية كالحروب والصراعات والأزمات التي يصعب في أكثر الأحيان التكهن بها أو تقدير نتائجها.
وأضاف: يشغل حملة الثانوية وما دونها 67% من وظائق القطاع الحكومي، ولكننا قطعا لا يمكن أن نستنتج توقعات مفادها أن الحاجة الحكومية من خريجي الثانوية تبلغ ثلثي حاجتها من خريجي الجامعات، لأن سوق العمل في تحولات مستمرة ومعقدة، وديوان الخدمة المدنية يتجه بشكل متسارع لقصر العديد من الوظائف الحكومية على خريجي الجامعات.
ونوه إلى أن اقتصاد البحرين هو أحد نماذج اقتصاديات الجزر حيث محدودية الخيارات، فالمشغلات في المملكة محدودة جدا، وبعضها لا يتجاوز الواحد كشركة طيران الخليج في مجال الطيران أو عدد محدود كمشغلي مجالي النفط والاتصالات بينما تعتبر الحكومة هي من أكبر المشغلات في المملكة، . لذا فان ربط خريجي الجامعات بتخصصات محددة يزيد من تعقيد المشكلة، وهو ما تشير إليه أرقام سوق العمل، حيث إن المؤسسات التي توظف أكثر من 50 شخصا تمثل ما نسبة 2% فقط من السوق، بينما 98% منها توظف أقل من 50 شخصا، وهي المؤسسات المتوسطة والصغيرة والمتناهية في الصغر.
وذكر أن إغراق سوق العمل بالعمالة الوافدة عديمة المهارات أو ذات المهارات المحدودة ممن تعوض تدنيها المهاري بالقبول بالعمل لمدد أطول وبأجر زهيد هو ما يعمق أزمة سوق العمل في المملكة، فلا بمقدور المستثمر الجديد أن يتجاوز المعادلة السائدة في السوق، ولا بمقدور الخريج البحريني أن يحجز مساحته في السوق بالشكل الصحيح، فإن طوعنا السوق وفصلنا وظيفة حسب مقاييسه نكون قد خلقنا منه بطالة مقنعة تؤكد المشكلة ولا تعالجها، مما يدعونا لتأكيد دعوتنا إلى أن تخرج الجامعات شبابا بحرينيين يمتلك المهارات الأساسية ومتعددة القدرات والتخصصات، ليستطيع فرض نفسه في السوق وبالتالي المساهمة الانتاجية فيها، فيحصل على أجر عادل ومستحق، ويسهم فعلا في عجلة الاقتصاد.
وأكد العبسي ضرورة توفير قيمة مضافة للخريجين حتى يتم استيعابهم من قبل سوق العمل، بالإضافة إلى برامج تدريبية على مستوى عال تساهم في تعدد مهارات الخريجين.
ورداً على سؤال طرحه أحد الحضور حول إمكانية التنسيق مع بلدان المنطقة لتشغيل المواطنين في الأسواق الخليجية، قال “أن البحرينيين لابد أن يجدوا فرص عمل في وطنهم”، مؤكداً أن سوق العمل البحريني بإمكانه استيعاب الخريجين طالما كان هذا الخريج مؤهلاً وعلى درجة عالية من الكفاءة والتدريب والقدرة على التأقلم مع احتياجات سوق العمل.
يشار إلى أن عمادة شؤون الطلبة ومن خلال إدارة العلاقات المهنية التابعة لها تقيم بشكل دوري ورش ودورات تدريبية تختص بالجوانب المهنية لتزويد طلبة الجامعة وخريجيها بمختلف تخصصاتهم بالمهارات المطلوبة لخوض غمار سوق العمل.