العمالة السائبة… والقانون لا يحمي المُغفّلين

الكاتب: سهيلة آل صفر
إن موضوع العمالة السائبة، بات موضوع الساعة، والذي أصبح الهاجس الموجع الذي يؤرق الجميع. ونجد تكرار هروب العمالة ربما بسبب عدم أخذ الحزم بمعاقبة الهاربين أو تطبيق القوانين، وبذا يتشجع الوافدون الجدد لتكرار الظاهرة، وكأن الأمر كان مُبيّتاً قبل وصولهم، حيث يخبر بعضهم البعض عن ذلك.

وأحياناً تتدخل السفارات لحماية مواطنيها، وبدون حق تقف مع الذين نكثوا العهود والمواثيق، وتنسى المُتضرر من أهل البلاد، مع احترامنا للجاليات الوافدة للعمل وسفاراتها.

وإذ أتناول اليوم موضوع هروب البعض منهم، واستغلال بلادنا كطريقٍ أو ممر لتحقيق أغراضٍ أُخرى، كاللواتي يأتين تحت مسميات العمالة المنزلية، ويهربن دون سببٍ أساسي في الغالب.

وتقمن بعدها بالعمل بالساعة، وتتنقلن من بيت إلى بيت أو من مطعم إلى آخر، أو في الشوارع والعمل الحُر، دون أي نوعٍ من الانضباط أو التراخيص، وبذا تزداد الرذائل والسرقات والانحلال.

ويتمكنون بذلك من العمل بكل الأعمال المربحة حلالاً كانت أم حراماً، المهم أنه بعد انتهائهم من مهمتهم في جمع الأموال يذهبون إما للشرطة أو للسفارة للرجوع بلادهم، ليُغرّم الكفيل بتذكرة السفر دون أن يكونوا في خدمته، ويُعاني هروبهم، وخسارته لكل النفقات، والتي باتت تتعدى 1000 دينار، إضافةً إلى «فيزتهم»، التي خسرها، والوقت الضائع في الانتظار والبحث عن غيرهم.

ما يعني أن القانون لا يحمي المُغفلين أو الغافلين، بل يحمي الهاربين بلمّ شملهم مع أهاليهم، وتسفيرهم على نفقة الكفيل المخدوع.

وسمعت عن بعضهن ممن يعملن في صالونات الحلاقة أو المحلات بالأوقات المجزأة كي لا يُقبض عليهن بتهمة الهروب، وقد تطول المدة إلى عشر سنوات، وقد يتزوجن من مواطن، ويحصلن على الجنسية من خلاله، وبعقد غير شرعي لوجود زوج على ذمتها وأولاد في بلادها بانتظارها بالثروة الخليجية.

وهناك من يأتين للخليج كمحطةٍ للانتقال للغرب وأميركا إما بعد الهروب من العائلات التي تكفلنهن للحصول على «الفيزا» لمرافقتهم للسفر للخارج، ولاستحالة وصولهن إلى الغرب لولا الكُفلاء، أو قيام بعض الممرضات بطلب «الفيزا» للهجرة إلى الغرب وأميركا بمجرد وصولهن إلى هنا، ومن سفارات بلادنا أيضاً، ما يعني استغلال صاحب العمل لمآربهن وبتخطيط مُسبق لمجيئهن.

وكم من ممرضة تقوم باستغلال كفيلها من عيادة أو مستشفى كمحطةٍ للذهاب إلى أرض الأحلام؟ وباستغلال من قام بتدريبها ودفع التكاليف لينتهي به الأمر بالخسارة المعنوية والمادية.

وهنالك من يهرب من المقاولين أو الشركات، ويتسكع في الشوارع ببيع الخضراوات والأسماك، أو أن يتخصص في سرقة البيوت كما انتشر مؤخراً، ويبث الخوف والرعب في النفوس والعائلات البريئة.

والغريب في الأمر أن بعض السفارات تشجع هذه العمالة الهاربة، وتتدخل لحمايتهم بعد هروبهم، عوضاً عن الإبلاغ عنهم والالتزام بقوانين البلاد، وتطبيق العقود التي جاؤوا على أساسها. إن كل هذه المشاكل موجودة لدينا منذ عشرات السنوات، وقد آن الأوان لتُتخذ الخُطوات الرادعة لبترها.

ومن الواجب وضع حدّ لظاهرة تدخل السفارات في مهام الدولة وتجاوز القوانين، وترك الأمر لتصرف وكالة الاستخدام والكفيل وقوانين وزارة العمل والهجرة والجوازات.

وكل ما نرجوه من حكومتنا الموقرة هو تعديل القوانين، والانتباه لتلاعب هؤلاء، وحماية البلاد وأبنائنا، ومعاقبة الهاربين بتطبيق القوانين العادلة، والتي هي الخدمة لعامين ثم تُدفع له التذكرة. وأما الهروب فيجب أن يُعاقبوا عليه، ودفع أتعاب مجيأهم وسفرهم، وترحيلهم بعد دفع التعويضات كاملة للكفلاء المتضررين.

الآراء والأفكار الواردة في هذه المقالات تعكس آراء أصحابها وحدهم.. ولا تمثل بالضرورة رأياً أو موقفاً رسمياً للهيئة.