ظاهرة تكاتفت لها جميع الجهات الرسمية والأهلية للحد من أبعادها الأمنية والاجتماعية والأخلاقية، إنها ظاهرة العمالة السائبة «العمالة الغير نظامية» بقوام يبلغ 40 ألف عامل، بنسبة تصل إلى 8% من عدد العمال الأجانب في المملكة، الأمر الذي دعا إلى صدور توجيهات من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس التنمية الاقتصادية، في نوفمبر من العام الماضي 2009 بتوحيد جهود كافة المؤسسات الرسمية المعنية للحد من هذه الظاهرة من خلال تشكيل لجنة عليا للإشراف على الحملة الوطنيـة لمعالجة ظاهـرة العمالة غير النظامية، تتمثل مهامها في تخطيط وتنفيذ وتنسيق الخطة الوطنية لإنهاء ظاهرة العمالة غير النظامية بالمملكة، ومكافحة كل أشكال المتاجرة بالبشر، كما تمثل التزام المملكة بالحقوقية الدولية، وذلك تنفيذا للرؤية الاقتصادية الوطنية لمملكة البحرين 2030 حافزاً رئيسياً للعمل بجد لإنهاء ظاهرة العمالة غير النظامية على أساس التخطيط العلمي الدقيق الذي لا يقبل العشوائية، وهذا التخطيط الدقيق يتطلب سوق عمل منظمة لا تعاني من تشوهات تمنعها من الاستجابة للخطط.
وتسعى الجهات الرسمية في البحرين لوضع حد لهذه الظاهرة وذلك عبر تضافر الجهود مع وزارتي التجارة والداخلية وهيئة تنظيم سوق العمل من أجل إصدار السجلات التجارية ومراقبة الوضع العام للعمالة واستحداث آليات جديدة من شأنها أن تخفف من حدة هذه الظاهرة، إضافة إلى ان استحداث نظام البصمة للعمال في مطار البحرين الدولي، كان له دور كبير في مكافحة العمالة غير النظامية والتي يتم ترحيلها من البلاد.
ومن جانبه أعلن اتحاد نقابات عمال البحرين بأن عدد العمالة غير النظامية (السائبة) في البحرين بلغ 46 ألف عامل بما يعادل 10% من مجموع القوى العاملة البحرينية، وأنها تعد القوى الأكبر في العالم مقارنة بعدد السكان، وكل هذه المعلومات والأرقام تفيد بأن نسبة العمالة السائبة في المملكة في ارتفاع متزايد وأنها بالفعل خارجة عن سيطرة الجهات المسؤولة رغم محاولاتها وذلك مؤشر على زيادة مشكلات هذه العمالة الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع.
وفيما يرفعها بعض الباحثين عدد العمالة غير النظامية في البحرين الى حدود 60 ألف عامل بنسبة تصل إلى 10 بالمائة من إجمالي العمالة الأجنبية بالبحرين، إذ كشفت إحصائيات هيئة تنظيم سوق العمل عن مؤشرات الربع الرابع من العام الماضي 2009، كشفت أن إجمالي حجم العمالة الوطنية والأجنبية بنهاية الربع الرابع بلغت 603,482 عاملاً ممثلاً بذلك أقل نسبة نمو سنوية وقدرها 4.4% منذ العام 2002، حيث كان حجم العمالة الإجمالي للربع الثالث من العام الماضي يبلغ 600,143 عاملاً، منهم الى 136,532 عاملاً مواطناً، و466,950 عاملاً أجنبياً.
ووفقا للتقرير الإخباري الصادر عن اللجنة فإن الجولات التفتيشية التي نفذتها الهيئة خلال عام 2009 بلغت 17,640 جولة تفتيشية على مختلف المناطق التجارية في البحرين، تم خلالها ضبط 518 صاحب عمل مخالف لأحكام القانون، وتركزت معظم المخالفات في استخدام عمال أجانب دون تصريح عمل وعددهم 854 عاملاً أجنبياً. كما تم ضبط 3818 مؤسسة غير قائمة فعلاً، مما يسهم في زيادة عدد العمالة الغير نظامية في المملكة.
هذا وقد أكدت هيئة تنظيم سوق العمل على سعيها للتعاون مع وزارتي العمل والبلديات والجهات المعنية الاخرى لوضع معايير نموذجية على أسس دولية لمساكن العمالة الوافدة تضمن أعلى درجات السلامة، على الرغم أن الهيئة ليست الجهة ذات الاختصاص في مسألة وضع الاشتراطات لسكن العمال الا أنها على اتم الاستعداد لتقديم الدعم لوزارة العمل من منطلق المسؤولية، ومتابعة للإنجازات والحلول الجذرية للانتهاء من العمالة غير النظامية، وتحسين وتطوير الآليات الضبطية بالتعاون مع وزارة الداخلية والجهات الرسمية الاخرى ذات العلاقة للسيطرة التامة وبكفاءة شاملة على العمالة غير النظامية.
وفي تصريح سابق لرئيس هيئة تنظيم سوق العمل أسامة العبسي فقد قال بأن الهيئة تبذل قصارى جهدها بالتعاون مع وزارة العمل وزارة البلديات والتخطيط العمراني والجهات الرسمية والاهلية ذات العلاقة من اجل وضع معايير نموذجية على اسس دولية لسكن العمال بأعلى درجات السلامة التي تضمن السلامة والكرامة الانسانية للعمالة الاجنبية الوافدة وتعطيه حقوقه وتحميه، بالإضافة إلى عدم تداخلها مع المناطق السكنية العائلية نظراً لخصوصية كل من البيئتين.