تراجع البحرنة بنسبة 23% مقابل 1600 طلب يومي لتراخيص العمالة الأجنبية

رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها وزارة العمل في رفع نسبة البحرنة في وظائف القطاع الخاص إلا أن الرقم الذي أفصح عنه وزير العمل جميل حميدان حول تراجع نسبة البحرنة بنسبة 23% في القطاع الخاص قد يبدو نتيجة منطقية لتصريحات أخرى أدلى بها الرئيس التنفيذي لهيئة سوق العمل أسامة العبسي في نوفمبر الماضي بوجود 1600 طلب يومي لتراخيص العمالة الأجنبية.ويؤكد وزير العمل أن ازدياد استيراد العمالة الأجنبية الرخيصة في القطاعات الخدمية غير المنتجة هو السبب في خفض النسبة الإجمالي للبحرنة، مشيراً أن الحل يكمن في وضع مزيد من الضوابط لجلب العمالة الأجنبية، ويعزى سبب ارتفاع الطلب على العمالة الاجنبية لانتعاش الحركة العمرانية والطفرات الاقتصادية التي شهدتها المنطقة خلال الخمس عشرة سنة الماضية والتي تعتمد في مجملها على العمالة الاجنبية فلذلك تجد ان نسب البحرنة متواضعة ومتدنية في بعض القطاعات التي لا يرغب بها العمالة الوطنية مثل قطاع المقاولات والفندقة والمطاعم، ومن المعروف ان العمالة الوطنية لا تقبل على المهن الذي توفرها هذه القطاعات لكون هذه الفرص الوظيفية المتوفرة بها ذات أجور منخفضة لا تناسب المستويات المعيشية للمواطن.

من جانبها ترجع هيئة سوق العمل زيادة عدد تراخيص العمالة الأجنبية، مؤشراً على انتعاش القطاع الاقتصادي ونمو بعض القطاعات وإلى حالة الاستقرار في سوق العمل وزيادة ثقة المستثمر.

وتناط متطلبات البحرنة ومسؤوليتها بوزارة العمل، ولكن تعتبر البحرنة أحد إشتراطات هيئة تنظيم سوق العمل لإصدار تراخيص، ويؤكد العبسي أن الهيئة متفاهمة مع الوزارة حول السبيل الامثل، حيث تحاول الهيئة خلق الطلب على البحرينيين عن طريق البحرنة ووزارة العمل تقوم بتسكينهم في العمل.

وكانت وزارة العمل قد أقرت أن البحرنة في تراجع مستمر منذ 2007 حيث تراجعت من 28% قبل 5 سنوات إلى 23%، وأرجع الوزير ذلك إلى «انتعاش الحركة العمرانية والطفرات الاقتصادية التي شهدتها المنطقة خلال 15 سنة الماضية وتوسع قطاع المقاولات والفندقة والمطاعم، وهي القطاعات التي تقل فيها نسب البحرنة»، فيما كشفت إحصائيات هيئة سوق العمل بأن الحد الأدنى لنسبة البحرنة في قطاع المقاولات يصل إلى 8%، بينما في قطاعات أخرى كالبيع بالتجزئة يصل مابين 20 – 30%، وهناك قطاعات سجلت مستويات بحرنة أعلى بكثير مما هو مطلوب دون أن تفرض عليها الهيئة ذلك مثل القطاع المصرفي الذي تصل فيه نسبة البحرنة إلى نحو %87.

وقد حددت وزارة العمل نسب البحرنة لكل نشاط تجاري بحسب حجم المنشأة حيث يتم فرض نسب البحرنة على أغلب المنشآت التي يتجاوز فيها عدد العاملين عن عشرة عمال وحسب وزير العمل فإنه تم التأكيد على مبدأ المحافظة على عدد العمالة الوطنية مع عدم السماح بتراجع العمالة الوطنية لأكثر من 10% وفي حال قابل هذا التراجع إنخفاضاً لأكثر من 30% من العمالة الأجنبية لا يتم الأخذ بهذا المبدأ كما تم التأكيد على تقدير الحاجة الفعلية لتصاريح العمل المطلوبة حتى مع التزامه بنسبة البحرنة المقررة ويأتي ذلك تفادياً لإغراق سوق العمال بالعمالة الهامشية وغير الماهرة.

وفي حال تعذر على صاحب العمل توفير العمالة الوطنية يمكن الاستفادة طوعياً من نظام التعهدات المعمول به في وزارة العمل والمرتبط بنظام إصدار تصاريح العمل بهيئة تنظيم سوق العمل والذي يمكن صاحب العمل من الحصول على احتياجاته من العمالة الاجنبية نظير التزامه بتوظيف العمالة الوطنية في مدد محددة.

وتكشف الإحصائيات التي أعلنت عنها هيئة سوق العمل حول المستوى التعليمي للعمالة الوافدة بأن هناك 20 ألف عامل أجنبي يحملون درجة البكالوريس، و9 آلاف يحملون درجة دبلوم عال، و3 آلاف ماجستير و840 دكتوراه. ولو أخذنا على سبيل المثال مهنة المحاسبة نجد أن هناك 4 آلاف أجنبي يشغلون وظائف في مجال المحاسبة مما يعطي مؤشرا على إمكان توطين هذه الوظيفة بوصفها مهنة قابلة للبحرنة؛ لأن عدد البحرينيين العاطلين عن العمل يشكل سدس عدد الأجانب الحاصلين على البكالوريس.

وتعكف هيئة سوق العمل حالياً على إعادة النظر في نسب البحرنة المفروضة على عدد من القطاعات التجارية والصناعية في المملكة.

وقد طلبت غرفة تجارة وصناعة البحرين من الهيئة تشكيل لجنة مصغرة ومؤقته من أجل البت وإعادة النظر في نسب البحرنة بعد مناشدة العديد من التجار وأصحاب الأعمال لها في وضع حلول سريعة لهذه المشكة في ظل الأزمة التي يعانيها القطاع التجاري والصناعي في المملكة، وتتلقى الغرفة يوميا الكثير من الاتصالات التي تناشدها للتدخل في التخفيف من وطأة التأثيرات السلبية التي يواجهها أعضاؤها من التجار خصوصا فيما يتعلق برسوم العمل ونسب البحرنة المفروضة على عدد من القطاعات الاقتصادية، حيث يواجه هذا القطاع تحديات غير مسبوقة تمثلت في حال الركود الاقتصادي التي تواجهه مؤسساته وكياناته، مهددة العديد من الشركات والمؤسسات خصوصا الصغيرة منها والمتوسطة بالإفلاس، وضياع فرص العمل المتوافرة للمواطنين.

ولا يمكن أن تعالج مشكلة البحرنة من دون تهيئة وتأهيل البحرينيين الباحثين عن عمل، كما لا بد من إعتماد إجراءات مدروسة وواقعية تراعي ظروف ومعطيات ومتطلبات السوق، ولا تلغي حق الآخرين من أصحاب الأعمال في اللجوء إلى المهارات والتخصصات الأجنبية طالما هم في حاجة فعلية إليها. وتعمل وزارة العمل اليوم على فرض نظام جديد من البحرنة وهو البحرنة النوعية حيث توصلت إلى عدم فرض البحرنة في المهن المتخصصة الدقيقة و تلزم المؤسسات بفرض البحرنة في بقية الأجسام الإدارية.