الوقت – حسن عبد الرسول:
نفي الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل علي رضي أن يكون تأسيس الهيئة من أجل مخالفة صاحب العمل أو العامل، مشددا على أنها «تعمل على تصحيح أوضاع سوق العمل عبر أدوات قانونية منصوص عليها في المرسوم الملكي بإنشائها».
ولفت رضي في مقابلة أجرتها «الوقت» معه وتنشر اليوم حلقتها الأولى، إلى أن إدارة التفتيش «نفذت 10269 جولة تفتيشية أسفرت عن ضبط 343 صاحب عمل مخالف باستخدام 531 عاملا أجنبيا من دون تصريح، وأحالت إلى النيابة العامة 285 صاحب عمل، وحولت إلى دائرة الشؤون القانونية 386 قضية استكملت إجراءاتها».
وأضاف أن الهيئة «ضبطت من خلال حملاتها الذكية والميدانية 3818 مؤسسة تجارية غير قائمة. منها 739 مؤسسة مخالفة وغير قائمة مقيد تحت سجلها عمالة أجنبية، وهناك 3079 مؤسسة غير قائمة ولا يوجد عليها عمال».
وشدد رضي خلال المقابلة على أنه «ليس من اختصاص الهيئة ضبط العامل في الشارع، إذ لا يتيح القانون ذلك».
من وجهة نظركم. كيف يمكن الحد من انتشار العمالة السائبة في البحرين؟
بداية أؤكد على ضرورة استخدام مصطلح «العمالة غير النظامية»، ومن المهم الإيضاح أن توجيهات مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل والذي يمثل فيه أطراف العمل الثلاثة (الحكومة، أصحاب الأعمال، العمال) واضحة للجهاز التنفيذي للهيئة بوضع خطة استراتيجية بالتنسيق مع الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة، لمعالجة ظاهرة العمالة غير النظامية خلال فترة قياسية. وقد قامت الهيئة بالتعاون والتنسيق مع الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة بعدد من الجولات التفتيشية المشتركة المدعومة بقوة أمنية، تم خلالها القبض على العمال المخالفين لقانون الأجانب وقانون هيئة تنظيم سوق العمل.
ونحن في الهيئة وبموجب مهامنا كجهاز تنفيذي لا نعمل بمعزل عن الشركاء، بل بتوافق تام وكامل مع جميع الأطراف ذات العلاقة بالقطاعين العام والخاص، واستراتيجيتنا في إنهاء ظاهرة العمالة غير النظامية، تعتمد على تطبيق القانون عبر تنفيذ حملات التفتيش لضبط المخالفات، والتوعية المستمرة بضرورة تصحيح الأوضاع باستخدام جميع الوسائل الإعلامية والإعلانية المتاحة، وفي مرحلة ما قبل تدشين الهيئة رسميا للقطاعين العام والخاص قمنا بتنظيم فترة لتصحيح الأوضاع غير القانونية وأتحنا لأصحاب الأعمال والعمّال تصحيح أوضاعهم وترتيبها بحسب القانون رقم (19) بشأن تنظيم سوق العمل وإجراءات الهيئة، وأتاحت فترة تصحيح الأوضاع غير النظامية الفرصة لـنحو 61591 عاملا أجنبيا لتصحيح أوضاعهم القانونية.
ونعي تماماً أن الهيئة ليست مؤسسة لمخالفة صاحب العمل أو العامل، بل تعمل على تصحيح أوضاع سوق العمل المحلي وتعديل تشوهات السوق، بواسطة أدوات قانونية منصوص عليها في المرسوم الملكي بإنشاء هيئة سوق العمل، وباعتماد توجيهات وقرارات مجلس الإدارة. وبخصوص إنهاء ظاهرة العمالة غير النظامية نعتمد أداتين واضحتين وقانونيتين، وهما التوعية والتفتيش الميداني، وعلى صعيد التفتيش. وشكلت الهيئة لجنة مشتركة مع الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة، لتنظيم حملات تفتيش ترافقها قوى أمنية لضبط المخالفين لقانون تنظيم سوق العمل، وتقوم اللجنة المشتركة بالقبض على العامل المخالف وترحيله بشكل مباشر.
تغطية العدد المتزايد من المؤسسات والعمّال الأجانب
قامت هذه اللجنة المشتركة بترحيل العمالة المضبوطة بموجب قرار وزير الداخلية رقم (122) للعام ,2008 وطالت عملية الترحيل 171 عاملا، إضافة إلى 13 عاملا أجنبيا تم ترحيلهم في العام 2008 خلال الحملات المشتركة المتفرقة والمحدودة خلال الفترة الماضية.
وخلال الفترة الجارية ستقوم الهيئة بتفعيل دور التفتيش وتغطية العدد المتزايد من المؤسسات والعمّال الأجانب، كما اعتمدت الهيئة آلية التفتيش الذكي، التي تعتمد على تبادل المعلومات مع الجهات المعنية. وما يتوافر من بيانات في قاعدة بيانات الهيئة والتي يتم من خلالها التعرف على أصحاب العمل والعمّال الأجانب المخالفين لأحكام قانون تنظيم سوق العمل والقرارات المنفذة له والقوانين الأخرى ذات العلاقة بسوق العمل، حيث تعمد هذه المؤسسات «غير القائمة» إلى استقدام العمالة الأجنبية ومن ثم توزيعها أو تركها في السوق للحصول على الأموال.
وقد نفذت إدارة التفتيش بدائرة الضبط القانوني 10269 جولة تفتيشية في مختلف محافظات البحرين، أسفرت عن ضبط 343 صاحب عمل مخالف باستخدام 531 عاملا أجنبيا من دون تصريح عمل، كما أحالت الهيئة إلى النيابة العامة 285 صاحب عمل بسبب مخالفته أحكام القانون رقم (19) للعام 2006 بشأن تنظيم سوق العمل، وحولت الهيئة إلى دائرة الشؤون القانونية 386 قضية استكملت إجراءاتها، منها 285 قضية حولت إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفين من أصحاب الأعمال والعمال الأجانب، كما ضبطت الهيئة من خلال حملاتها الذكية والميدانية 3818 مؤسسة تجارية غير قائمة (غير قانونية)، ومنها 739 مؤسسة مخالفة وغير قائمة مقيد تحت سجلها عمالة أجنبية، تم تحويلهم إلى وزارة الصناعة والتجارة للمزيد من التحقق من أنها غير قائمة تمهيدا لشطبها وإلغاء تراخيص العمال الموجودين عليها، وهناك 3079 مؤسسة غير قائمة ولا يوجد عليها عمال، تم تحويلهم أيضا إلى وزارة الصناعة والتجارة من أجل شطبها نهائيا، وتمت إحالة المخالفات إلى النيابة العامة.
وعلى صعيد نظام الهيئة الالكتروني. تم إيقاف إجراءات جميع تلك المؤسسات، ما لم يصححوا أوضاعهم بالكامل. بحسب القانون الذي ينص على مغادرة العامل الأجنبي المسجل ضمن المؤسسة بعد مرور شهر على عدم التجديد لترخيص عمله، ونجحت عمليات التفتيش هذا العام في نقل تمركز العمالة من أماكن العمل إلى الشارع، لأن الهيئة ليس من اختصاصها ضبط العامل في الشارع إذ لا يتيح القانون ذلك.
لا علاقة بين العمالة السائبة وانتقال العامل
ما هي نسبة العمالة السائبة في الوقت الراهن. وبعد تطبيق قانون حرية انتقال العامل الأجنبي من كفيل إلى آخر؟
لا علاقة مباشرة بين العمالة السائبة ونظام انتقال العامل الأجنبي، فحين تم تدشين الهيئة قبل 3 أعوام كانت ظاهرة العمالة غير النظامية قد بلغت أرقاماً يقدرها البعض بنحو 40 ألف عامل من نحو 400 ألف عامل أجنبي إجمالي العمالة الوافدة في المملكة آنذاك، تلك الأرقام التي لا نعرف مدى دقتها قبل تأسيس الهيئة، لكن ما نستطيع أن نجزم به وبكل ثقة أن ظاهرة العمالة غير النظامية في تناقص مستمر، وبالأرقام الصحيحة والدقيقة، وما أستطيع أن أؤكده بكل ثقة أن قطاع السياسات بالهيئة وهو المسئول مباشرة عن رصد ومراقبة التغيرات في مؤشرات سوق العمل، يكشف أن إجمالي العمالة الوطنية والأجنبية بلغ بنهاية الربع الثالث من العام الجاري 2009 نحو 600.143 عاملاً بزيادة سنوية 8.7%، وكان حجم العمالة للربع الثاني من العام الجاري 599.017 عاملاً، فيما شهد توظيف العمالة الأجنبية انخفاضاً في المعدل السنوي للنمو من 16% في الربع السابق إلى 10.7 للربع الثالث، مواصلاً انخفاضه حيث انخفض في الربع الثاني إلى 16% مقارنة مع 18.8% في الربع الأول من العام الجاري.
وقد رصدت الهيئة، انخفاضا في عدد تصاريح العمل الجديدة، رافقها كذلك انخفاض في عدد التصاريح المجددة حيث بلغ عددها 31.376 تصريحاً منها 25.765 للعمل و5.152 للملتحقين، كما ارتفع معدل إنهاء تصاريح العمل بشكل ملحوظ للربع الثالث لقيام الهيئة بإلغاء التصاريح التي لم يتم تجديدها لفترة طويلة، كما انخفضت حصة قطاع المقاولات من تصاريح العمل الجديدة إلى 29% من إجمالي تصاريح العمل، وكانت تبلغ للربع الثاني 31%. وفيما يختص بإجمالي تصاريح العمل الجديدة التي أصدرتها الهيئة خلال الربع الثالث من العام الجاري فإنها بلغت 24.213 تصريح عمل جديد، بانخفاض ملحوظ خلال الربع الثالث مقارنة بالربع الثاني من العام الجاري بلغ 12.5%، كما انخفضت تصاريح العمل المؤقتة بين الربعين بمقدار النصف، حيث بلغت للثاني 1.013 تصريحاً مؤقتاً وانخفضت إلى 538 تصريح عمل مؤقت للربع الثالث، كما أن مجموع طلبات إنهاء تصاريح العمل من قبل أصحاب العمل بلغ 31.975 طلبا (28.433 للعمالة، 6 للمستثمرين، و941 للعمالة المؤقتة، و2.595 للملتحقين، وأغلب تصاريح العمل الجديدة الصادرة خلال الربع الثالث من 2009 تعود إلى قطاع المقاولات مشكلةً ما نسبته 29%، ويتبعه قطاع البيع بالجملة والتجزئة بنسبة 22%، ثم الصناعة بنسبة 16%.
لنترك للنظام الجديد فرصته
هل ارتفعت نسبة العمالة الهاربة والسائبة بعد تطبيق قانون حرية انتقال العامل؟
بالعكس تماماً، بل تشهد انخفاضاً مستمراً، لكن لنترك للنظام الجديد فرصته حتى يتم تطبيقه لنحصد النتائج. لقد بدأ سريان النظام الجديد لانتقال العامل الأجنبي مطلع أغسطس الماضي، ولم تمر الفترة اللازمة لمعرفة تأثيراته، لكن المؤكد أن النظام الجديد سيسهم في إنهاء ظاهرة العمالة غير النظامية وليس العكس، إذ يتيح للعمالة الأجنبية انتقالاً قانونياً لم يكن متوفراً من قبل، وفيما يختص بالآثار السلبية المترتبة على هذه النقلة النوعية في تحرير سوق العمل المحلي تستبعد دراسات الهيئة تماماً أي سلبيات جوهرية أو جذرية، إذ أثبتت التجربة أنه لا سلبيات على السوق المحلي من هذا القرار، حيث انتقل أكثر من 3800 عامل أجنبي بين أصحاب العمل خلال العام الماضي. ولم تحدث أية مشكلات.
وفي كل الأحوال فإن مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل برئاسة وزير العمل مجيد العلوي، يتابع تطبيق قرار حرية انتقال العامل الأجنبي، ويعتمد مؤشرات لرصد تأثيرات حرية انتقال العامل الأجنبي ويرصد الآثار السلبية والإيجابية المترتبة على القرار، وحتى هذه الأيام مر أكثر من ثلاثة أشهر على تطبيق النظام الجديد، لم نرصد أية تغيرات حقيقية في سوق العمل. فالمعدّل ثابت في تدفّقات العمّال الأجانب من وإلى أصحاب الأعمال، وليس هنالك قراءات تشير إلى عكس ذلك، أو تخلخل أو ارتباك في سوق العمل، فمثلاً بلغ عدد تراخيص العمالة منذ الأول من أغسطس الماضي وحتى الخامس من الشهر الماضي 12895 ترخيصاً، وهو عدد طبيعي في سوق العمل.
إجراءات الانتقال منضبطة
ما هي النتائج التي تسعى إليها الهيئة من خلال تطبيق قانون حرية انتقال العامل؟
ينبغي أن نوضح الخطوات الزمنية الذي أنجزت في موضوع حرية انتقال العامل، وإن كنت أتحفظ على مصطلح «حرية الانتقال»، إذ أن إجراءات الانتقال منضبطة في نظام يكفل لطرفي العمل من صاحب عمل وعامل حقوقهما، والمصطلح المعتمد رسمياً هو «نظام انتقال العامل الأجنبي» من صاحب عمل إلى صاحب عمل آخر دون اشتراط موافقة الأول، وذلك بحسب القرار الوزاري الخاص بالنظام، إذ أعلن رئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل وزير العمل مجيد العلوي عن اعتماد القرار الوزاري رقم (79) لسنة 2009 بشأن إجراءات انتقال العامل الأجنبي، في الرابع من مايو/ أيار الماضي، المنظم لإجراءات انتقال العامل الأجنبي إلى صاحب عمل آخر دون موافقة صاحب العمل الأول، وذلك دون الإخلال بالحقوق المقررة لصاحب العمل بموجب أحكام القانون أو نصوص عقد العمل المبرم بين الطرفين، وبحيث يبدأ سريانه اعتباراً من أول أغسطس ,2009 ونُشر القرار الوزاري في الجريدة الرسمية في عددها الصادر في 30 ابريل/ نيسان الماضي، وبحيث يبدأ في النفاذ بعد ثلاثة أشهر من نشره، وتضمن القرار تسعة بنود، أهمها إقراره بأن يكون للعامل الأجنبي دون موافقة صاحب العمل حق الانتقال للعمل لدى صاحب عمل آخر دون الإخلال بالحقوق المقررة لصاحب العمل، علماً بأن قرار انتقال العامل الأجنبي إلى صاحب عمل آخر ينطبق على القطاعين الخاص والعام، ووفق ضوابط تضمن حقوق كلا من أصحاب الأعمال والعمال في آن واحد، إذ يوازن هذا القرار بين طرفي العمل.
أما الأهداف التي يسعى إليها النظام الجديد، فأؤكد أن سوق العمل المحلي سيشهد إيجابيات ملموسة خلال فترة معقولة من تطبيق النظام، وأهمها رفع الرواتب للعمالة المواطنة والوافدة معاً، وهذا ما تؤكده مؤشرات الأجور وفجوة كلفة العمل، حيث ارتفع وسيط أجور البحرينيين في الربع الثالث من ,2009 بشكل طفيف من 429 دينارا بحرينيا في الربع السابق إلى 431 دينارا بحرينيا، كما بلغ وسيط أجور البحرينيين في القطاع العام 570 دينارا بحرينيا شهرياً. محققا بذلك زيادة بنسبة 3.3% مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي، وكانت الزيادة في وسيط أجور البحرينيين أكثر وضوحا في القطاع الخاص، حيث بلغت 9.9% لتصل إلى 309 دنانير بحرينية شهرياً،
ويمكن أن نوجز الأهداف الثلاثة الأساسية المتوخاة من تسهيل عملية انتقال العمالة الوافدة في تعزيز وتأكيد التزام البحرين بمعايير حقوق الإنسان في مجال سوق العمل، توفير مرونة أفضل لهذه السوق عبر توفير بيئة أفضل لمطابقة المهارات المتوفرة بالمهن المطلوبة، والمساهمة في تعزيز دور الرسوم الهادف إلى خفض فجوة الكلفة بين العمالة البحرينية والوافدة.
ويهدف القرار إلى إحداث تطوير شامل لبيئة العمل بالبحرين ورفع الرواتب والأجور عموما في سوق العمل، إضافة إلى القضاء على ظاهرة العمالة غير النظامية ومعالجتها جذرياً، فضلاً عن أنه لم يعد يليق بدولة متحضرة مثل البحرين التعاطي مع «نظام الكفيل» الذي لا يختلف كثيراً عن نظام العبودية.