تحيا جهود تحرير الأجانب.. واستعبـــــاد المواطـــــن ..

لميس ضيف

بقرار؛ فُرض انتقال العامل الأجنبي – دونما ضوابط حقيقة- حيِّز التنفيذ مطلع أغسطس، ضارباً عرض الحائط باعتراضات أصحاب العمل، ورأي وتوصيات ممثليهم في غرفة صناعة وتجارة البحرين، ورأي مجلس النواب الذي صوّت بالأغلبية في جلسته في مايو/ أيار الماضي على اقتراح بقانون يطلب تنظيم العملية، بحيث لا ينتقل الأجنبي إلا بعد مرور عام على الأقل في عمله، مع تعويض أصحاب العمل عن خسائرهم نسبةً وتناسباً؛ إنما ..
ما قيمة رأي هؤلاء في النهاية أمام رأي المسؤولين الذين يعرفون مصالح الشعب أكثر منهم، وتساوي رؤاهم الفردية المتبصرة/المتطورة رأي قوافل من الرعايا البسطاء الذين لا يفقهون نقيراً!!


ثلاث سنوات والمتضررون يحاولون إقناع المعنيين أن هذا القرار سيضربهم في مقتل، وسيمكِّن الأجانب في البلاد أكثر وأكثر، ولن يرفع تنافسية البحريني كما تأمل الوزارة.. وثلاث سنوات ونحن نسمع الإسطوانة ذاتها ”أن نظام الكفيل غير حضاري، وأن انتقال العامل سيجمِّل وجه البحرين دولياً” رغم أن القرار لن يمس نظام الكفيل لأن العامل – فعلياً- سيقفز من كفيل لآخر وسيبقى- دوماً- تحت كفيل ما؛ وإن كان المعنيون يعتقدون صدقاً أن نظام الكفيل نظام عبودية كما يروجون فليأخذوا أنظمة العمل المتقدم كاملةً؛ بحيث يدخل الأجنبي برخصة عمل للبلاد ”على نفقته الخاصة” ويتدرب على نفقته ويتحمل أشهر تعطله وحده وعليه أن يختار – دونما وصاية- جهة عمله دونما قيد أو شرط.. أما أن يأتي هؤلاء على نفقة مواطنين ويتدربون على نفقتهم ويبحثون عن فرص أفضل ”وهم تحت مظلة كفيلهم الوارفة” حتى إذا اشتد عودهم جاؤوا ليبتزوهم أو ليورطوهم أو ليذهبوا لمنافسيهم فهي عبودية نعم؛ إنما للمواطن؛ الذي اتخذته القوانين الفوقية عبداً تتلاعب به وبمصالحه كيفما تشاء وتفرض عليه ما لا يريد وتجبره على القبول بما يُفرض عليه من رسوم وقرارات ونظم ولا خيار لديه إلا صفع رأسه بالحائط أو الشرب من ماء البحر شريطة طبعا؛ أن لا يكون الساحل خاصاً!!

أما بخصوص تجميل وجه البحرين فمرددو هذه العبارة يعلمون أن ما جعّد وجه البلاد وهزّ سمعتها الحقوقية ليس نظام الكفيل المعمول به بطول الوطن العربي وعرضه بل البطالة؛ وتزايد العمالة الأجنبية؛ والفقر وتدني الدخل؛ والتمييز في التوظيف وحجب بعض الوظائف عن بعض الفئات؛ وتجارة اللحم الأبيض بالطبع.. ولكننا تعودنا في هذه البلاد بالطبع أن نسمع – فقط- ما نريد سماعه من التقارير الأولية ونستأنس – فقط- بما يناسبنا من الأطروحات..!!

وزير العمل وعد دوماً بحل توافقي حول المسألة ولم يترجم الوعد إلى واقع.. وصوريا أُديرت حوارات تشبثت فيها الجهات التابعة له ”تنظيم سوق العمل ووزارة العمل” برأيها حد التصلب ورفضت كل المقترحات والتوصيات التي سيقت للتخفيف من مضار القرار وتبعاته، موهمة نفسها أنها بذلك ستحد من العمالة الأجنبية لصالح العمالة الوطنية وهو ذاته ما قيل عند فرض الرسوم على الأجانب، ولكن أرقام العام الماضي دحضت كل تلك الإدعاءات.. فرواتب الأجانب ارتفعت وذهبت 95% من الرواتب العالية لهم؛ والعمالة الوطنية وصلت لأدني مستوياتها ” 23.9% من مجموع العمالة؛ وأزداد عدد الأجانب بمقدار 71 ألفاً في عام واحد.. وإن لم يقنع ذلك المعنيين بضلال سياساتهم فلن يقنعهم شيء، علما بأننا حذرنا سلفاً من عقم إجراءات ”زيادة جاذبية العمالة الوطنية برفع كلفة الأجنبية” ولم يسمعنا أحد؛ وها نحن نحذر مجدداً:
سترتفع رواتب الأجانب أكثر وأكثر.. ستزدهر ظاهرة تأجير السجلات بشكل غير مسبوق.. سيتضاعف التوظيف الوهمي وسيدفع مزيد من صغار التجار لشفير الإفلاس وسيضطرهم ذلك – نعم- لتأجير سجلاتهم بالباطن ليتمكن الأجانب من هذه الأرض أكثر فأكثر..
وتحيا جهود تحرير الأجانب.. واستعباد المواطن ..