ذكر أصحاب شركات مقاولات صغيرة ومتوسطة، أن حجم أعمالهم في السوق تراجع إلى أدنى مستوى، بسبب انخفاض الطلب على البناء؛ نتيجة عدم تمكن المواطنين من تحمل التكاليف التي ما زالت فوق قدرتهم المالية.
وقال أمين سر جمعية المقاولين، علي مرهون: «إن حجم أعمال المقاولين تراجع في السوق بشكل حاد، ما دفع بعض المؤسسات إلى إغلاق أبوابها والخروج من السوق».
وأضاف «نحن الآن نقوم بتقليل أعداد العمالة، والشركات مستمرة في تسفير العمالة لتقليل التكاليف والمصروفات في ظل الكساد».
وأرجع أسباب تراجع الطلب إلى توقف المشروعات نتيجة الأزمة المالية العالمية، وانخفاض الصرف الحكومي على المشروعات، إلى جانب ارتفاع تكاليف البناء الناتجة عن رسوم العمل إلى مستويات تفوق القدرة المالية للمواطن العادي، وبالتالي تراجع أعداد المواطنين القادرين على بناء السكن.
من جهته، قال رئيس شركة البداية للمقاولات إبراهيم طاهر: «الطلب وصل إلى مستوى من التراجع لم نشهده من قبل، وكأن السوق تكاد تتوقف». وأضاف «في السنوات الماضية كنا نستقبل عشرات المواطنين الراغبين في بناء مساكن لأسرهم بشكل شهري، حتى إننا نعتذر للزبائن لعدم قدرتنا على تلبية طلباتهم، أما اليوم فنستقبل زبونا واحدا، وأحيانا لا نستقبل أحدا».
وأكد أن أعمال المقاولين الصغار والمتوسطين تعتمد بشكل رئيسي على أسر الطبقة المتوسطة الراغبة في بناء سكن لها. مبينا، أن الطبقة المتوسطة أصبحت هي الأخرى غير قادرة على البناء، نتيجة تشديد المصارف على القروض وعدم توافر حلول تمويلية أخرى.
وأوضح أن تكاليف الإنشاءات تسببت في عجز آلاف المواطنين عن بناء مساكن لأسرهم، الأمر الذي زاد من تعقيد المشكلة الإسكانية في البحرين. مشيرا إلى أن نسبة تراجع المواطنين عن بناء مساكن لأسرهم تصل إلى 80 في المئة.
ويعتقد الكثير من الخبراء والاقتصاديين أن انخفاض تكاليف البناء سيساعد آلاف المواطنين على إنشاء مساكن لأسرهم بالاعتماد على قدراتهم المالية.
وبيَّن طاهر، أن انخفاض الطلب بشكل حاد أدى إلى قبول المقاولين عروضا مجحفة بحقهم، مبينا أنه قبل بعرض بناء منزل بقيمة أقل من 7 آلاف دينار عن القيمة الحقيقية، حتى لا تتوقف الشركة وتتوقف الأيدي العاملة. وأعرب عن تخوفه قائلا: «إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه سيؤدي ذلك إلى خروج وإفلاس شركات كثيرة في قطاع المقاولات».
وأضاف «قطاع المقاولات شهد عدة أزمات متتالية، بدأت بأزمة رمال، ثم أزمة أسمنت، أزمة حديد، أزمة أسعار، أزمة مالية وتمويلية، والآن أزمة انخفاض الطلب والركود». مؤكدا أنه ما أن تنتهي أزمة حتى تأتي مباشرة أزمة جديدة أخرى.
واستطرد قائلا: «الآن مواد البناء متوافرة من رمال وحديد وأسمنت، لكن لا يوجد طلب، فما الفائدة».
ودعا الحكومة إلى مساعدة المقاولين والتخفيف من معاناتهم، وتقديم تسهيلات مؤقتة. مطالبا بتأجيل تطبيق رسوم سوق العمل حتى انتهاء أزمة الركود التي شلت حركة شركات المقاولات، وأوقفت أعمالهم وأدت إلى تراجع إيراداتهم وأرباحهم إلى مستويات تنذر بالإفلاس.
ورسوم سوق العمل تفرض على صاحب العمل أن يدفع 10 دنانير شهريا، و200 دينار كل سنتين عن كل عامل أجنبي في الشركة. ويعتمد قطاع المقاولات بشكل شبه كامل على العمالة الأجنبية الكثيفة والرخيصة؛ إذ يعمل في القطاع نحو 350 ألف عامل في قطاع الإنشاءات.
وتساءل عن الحكمة من تطبيق رسوم العمل على قطاع المقاولات في وقت يشهد فيه القطاع أزمات متتالية لم يتم معالجتها بشكل جذري، وآثارها واضحة بتوقف مئات المقاولين عن العمل.
وأضاف «أعمال الشركة منخفضة بشكل حاد… إذا لم تكن هناك إيرادات للشركة فمن أين تدفع الرواتب والإيجارات والضرائب والرسوم الجديدة». وتحدث عن تأثير سلبي لتأثر قطاع الإنشاء بسبب الركود على حركة الصناعات والقطاعات والأسواق المرتبطة بالقطاع ما يقل الفرص الاستثمارية التي يبحث عنها المستثمرون.
وترتبط عشرات الصناعات والقطاعات التجارية بشكل مباشر وغير مباشر بقطاع الإنشاءات منها: العقارات، أدوات البناء، الخرسانة، الألمنيوم، الأدوات الكهربائية، أدوات المياه، الديكور الجبس، الصباغة، مواد الأرضيات والدهانات والسجاد والمفروشات، والنجارة، والصناعات الهندسية الأخرى مثل المكيفات إلى جانب الكثير من الصناعات المرتبطة بالعمران.
وعن الحلول، رأى أن تتحمل الحكومة توفير أراضٍ، وإعطاء المواطن قرضا يمكنه من بناء منزل، وعلى المكاتب الهندسية مراعاة المواطن في تصميم البناء، بحيث تكون التصاميم اقتصادية تتناسب مع قدرة المواطن المالية.
ودعا البنوك إلى فتح باب القروض أمام المواطنين بغرض إنشاء المنازل، ومن جملة الحلول أيضا تأجيل تطبيق رسوم سوق العمل على قطاع المقاولات، كما أن على المواطن أن يكون قنوعا بحجم وتصاميم البناء.