الرسوم المفروضة على القطاع الخاص نوع من التكافل الاجتماعي

يرى أنها لا تكفي لتحقيق البحرنة.. رجل الأعمال المحروس:

الوقت – فاضل عنان:

يرى رجل الأعمال حسن المحروس أن رسوم العمل المفروضة على القطاع الخاص هي شكل من أشكال التكافل الاجتماعي تساهم في حل مشاكل المجتمع والاقتصاد البحريني، إلا أنه يرى أيضا أنها لا تكفي وحدها لتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية وتحقيق هدف البحرنة.

يقول المحروس في حوار ”الوقت” معه إن الحل يكمن في الاتجاه نحو إحلال الآلة محل الإنسان في العمل، وهو ما يتطلب حملة وطنية لكي يقتنع رجال الأعمال بذلك. ويضيف أن فرض نسبة البحرنة هو تسطيح وتبسط للمشكلة.

وعلى عكس الكثير من رجال الأعمال فإن المحروس يرى أن انتقال كفالة العامل الأجنبي إلى الدولة بدلا من أصحاب الأعمال لن يؤثر على العملية الإنتاجية.

وينبه إلى أن هذا النظام معمول به منذ سنوات في المنطقة الحرة بجبل علي بدبي، ولم يؤثر على النشاط.

ورأى المحروس في معرض حديثه أن ”أحد جوانب مشاكل إدخال التقنيات الحديثة في العمل هي سيطرة ”عادات العمل” القديمة لذلك ”فالاقتناع” عنصر أساسي للنجاح في إدخال التقنيات الحديثة في الإنتاج”.

 واعتبر أن ” إدخال التقنيات الحديثة في الإنتاج يتطلب أيضا إصدار القوانين والتشريعات الجديدة في هيئة تنظيم سوق العمل والمنظمة لإصدار تصاريح العمل لاستخدام العمالة الأجنبية، بحيث يرتبط هذا الإصدار بمدى إمكانية إحلال الآلة محل عمل الإنسان” وأوضح المحروس أن تشكيل هيئة تنظيم سوق العمل جاء لحل حزمة من المشاكل الكبيرة التي يعاني منها المجتمع والاقتصاد البحريني، أهمها الازدياد المّطرد والكبير في حجم العمالة الأجنبية، وفي المقابل انخفاض في حجم توظيف العمالة الوطنية، وبالتالي ازدياد حجم البطالة بين المواطنين، وتفشي ظاهرة العمالة السائبة ومنافستها للعمالة الوطنية.

لقد فرضت هيئة تنظيم سوق العمل رسوما على استخدام العمالة الأجنبية بهدف زيادة كلفتها لدى القطاع الخاص لتفضيل العمالة الوطنية عليها، وفي الوقت نفسه ضخ الحجم الأكبر من هذه الرسوم في صالح صندوق العمل ”تمكين” لإعادة ضخها من جديد في السوق لرفع مستوى العمالة الوطنية بإعادة تأهيلها وتعليمها وتدريبها لتحل محل اليد العاملة الأجنبية، إضافة إلى دعم المؤسسات والشركات الوطنية الصغيرة والمتوسطة.

في رأيي أن هذه الرسوم المفروضة على القطاع الخاص هي شكل من أشكال التكافل الاجتماعي لحل حزمة المشاكل التي يعاني منها المجتمع والاقتصاد البحريني، والتي استدعت تشكيل هيئة تنظيم سوق العمل.

اعتماد القطاع الخاص على العمالة

وأكد المحروس إن فرض رسوم العمل زادت أم نقصت كإجراء وحيد لزيادة كلفتها لا يكفي لتقليل حجم العمالة الأجنبية في البلاد، إذا لم يواكبه توجه وطني جاد ومسؤول لتطوير الشركات والمؤسسات، صغيرها وكبيرها، بدفعها للاعتماد على التقنيات الحديثة لتنفيذ عملياتها المنتجة سواء التي تتطلب جهدا إنسانيا عضليا بدفعها لاستخدام الآلة كبديل أي ما يطلق عليه بالمكننة، أو الأعمال التي تتطلب عملا ماهرا بدفعها لاستخدام الآلات الأوتوماتيكية أي مايطلق عليه بالأتمتة”.

ورأى أن ”تجربة سنغافورة التي تقارب حجم البحرين جغرافيا، في سعيها لتطوير اقتصادها في نهضتها الكبرى للتحول من بلاد زراعية إلى بلاد صناعية وخدمية متطورة، اعتمدت في البداية على العمالة الأجنبية الماهرة وغير الماهرة لتنفيذ مختلف الأعمال الضرورية لهذا التطوير، إلا أنها مع الوقت شجعت القطاع الخاص ودعمته دعما كبيرا للتحول إلى المكننة والأتمتة، بل وربطت الفوز بالمناقصات العامة بإدخال التقنيات الحديثة التي تؤدي إلى تقليل الاعتماد على الأيدي العاملة”.

وأضاف ”قامت أيضا بجهد كبير لتطوير المستوى التعليمي والمهني للعمالة الوطنية السنغافورية، وقسمت الرسوم المفروضة على استخدام العمالة الأجنبية، بحيث تزيد هذه الرسوم على العمالة غير الماهرة التي يمكن أن تحل محل الآلة في عملها، وتقل بنسبة كبيرة على العمالة الأجنبية ذات الكفاءة العالية التي تزيد من سرعة وتيرة تطور الاقتصاد وتعتبر إضافة نوعية للعمالة السنغافورية”.

وقال ”تتركز العمالة الأجنبية في البحرين بكثافة في تنفيذ الأعمال غير الماهرة التي تتطلب جهدا عضليا وتعزف عنها العمالة البحرينية، كعمليات الحفر والهدم، تنظيف الطرقات والأرصفة والأسواق، غسيل السيارات، وغير ذلك ويمكن بالتقنيات الحديثة الاستغناء عن هذه العمالة الأجنبية وإحلال العمالة البحرينية لتدير هذه الآليات لتنفيذ هذه الأعمال”.

وفي الأعمال الإنتاجية التي تتطلب مهارة فردية إنسانية وتقوم بها العمالة الأجنبية وبكثافة حاليا، كما في صناعة الأثاث، يمكن للآلات الأوتوماتيكية أن تقوم محل عمل العمالة الماهرة” مشيرا الى أن ذلك ” يتطلب الاقتناع العميق بضرورة الاعتماد على التقنيات الحديثة كوسيلة أساسية للإنتاج وبديلا عن العمل اليدوي، وبديلا عن الآلات المنتجة ذات التقنيات القديمة والتقليدية سواء في قطاع المقاولات أو المصانع والورش والكراجات المختلفة”. وأوضح أن ”هذا الإقناع يجب أن يشمل الجميع أولا: الدولة وبالأخص المسؤولية عن قطاع العمالة أي وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل وغيرها من مؤسسات الدولة”.

وتابع ”شركات ومؤسسات القطاع الخاص الذي يكون أحيانا أسيرا لعادات عمل إنتاجية قديمة تعتمد على الجهد العضلي للإنسان، وكمثال على ذلك حفر القنوات في الشوارع لمد أنابيب المياه والصرف الصحي الفرعية أو لمد كابلات الكهرباء والتلفون الفرعية، فقد تعود المقاول وأكرر كلمة ”تعود” على إرسال مجموعة من العمال الأجانب لتنفيذ هذا العمل، في حين توجد آليات حديثة تقوم بهذا العمل وبشكل سريع حتى في الأماكن الضيقة والمكتظة بالسكان، ويمكن أن يدير هذه الآليات عمّال بحرينيون مدربون عليها، وتوفر الكثير من المال على صاحب العمل.”

ورأى ” أن أحد جوانب مشاكل إدخال التقنيات الحديثة في العمل هي سيطرة ”عادات العمل” القديمة لذلك ”فالاقتناع” عنصر أساسي للنجاح في إدخال التقنيات الحديثة في الإنتاج”.

قال ان إدخال التقنيات الحديثة في الإنتاج يتطلب أيضا إصدار القوانين والتشريعات الجديدة في هيئة تنظيم سوق العمل والمنظمة لإصدار تصاريح العمل لاستخدام العمالة الأجنبية، بحيث يرتبط هذا الإصدار بمدى إمكانية إحلال الآلة محل عمل الإنسان”.

مشيرا إلى أن ”تطبيق مثل هذه القوانين والتشريعات يتطلب الفهم العميق من قبل هيئة تنظيم سوق العمل للعمليات الإنتاجية ودرجاتها المختلفة في القطاعات المتنوعة للإنتاج والخدمات.

وأضاف ”أعتقد أننا في البحرين حاليا في حاجة لحملة وطنية شاملة لنشر الوعي بضرورة إحلال الآلة محل عمل الإنسان (المكننة والأتمتة) كبديل عن الاستخدام الكبير للعمالة الأجنبية، وكطريق رئيسي للبحرنة في ظل النمو السكاني المّطرد. وهذه الحملة الوطنية يجب أن تقودها الدولة بمؤسساتها والمجتمع بمؤسساته وجمعياته السياسية والمهنية”.

الاتجاه للتقنيات الحديثة

وأكد المحروس أن ” فرض نسبة البحرنة هو تسطيح لفهم جوهر العملية الإنتاجية، وتبسيط لحل مشكلة البحرنة ببعديها الاجتماعي والاقتصادي.

هذا التبسيط أدى إلى التعسف في فرض نسبة البحرنة على الشركات والمؤسسات التي تعتمد على العمل اليدوي أو على الآليات ذات التقنيات القديمة التي تتطلب التدخل الكبير لعمل الإنسان في إنتاجياتها.”

وقال ”هذا التعسف قاد إلى حالة من التعارضات والتجاذبات بين القطاع الخاص من جهة والدولة ممثلة في وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل من جهة أخرى، مما خلق بيئة غير صحية بين الطرفين. إن اعتماد إدخال التقنيات الحديثة وتطوير ملكات وقدرات الإنسان البحريني، ستنفي الحاجة الكبيرة للعمالة الأجنبية وسيكون البحريني هو المفضل في العمل بدلا عن الأجنبي، فلا حاجة للفرض والإجبار.

”’ ورأى أن ”العملية الإنتاجية المعتمدة على التقنيات الحديثة والآخذة في التطور وبالأخص في ظل الثورة المعلوماتية التي دخلت في مختلف الأجهزة والآليات بما فيها آليات الحفر والبناء، هذه العملية الإنتاجية المتطورة هي التي ستحدد مدى الحاجة للكفاءات العلمية الغير متوافرة محليا.

إن الاعتماد على مبدأ إدخال التقنيات الحديثة في الإنتاج كمبدأ تشريعي وقانوني لإصدار تصاريح العمل سيخلق الأرضية المناسبة لخلق مناخ صحي بين القطاع الخاص ووزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل، وسيحل التعاون والتضافر والتكاتف لتطوير العملية الإنتاجية، وحل مشاكل المجتمع بدلا من التعارض والتنافر في الرؤى والتوجهات.

فالجميع يبحرون في قارب واحد للفهم العميق والحديث للعملية الإنتاجية ولتطويرها بإدخال التقنيات الحديثة لها.

الكفــــالـــــة أمـــر ســيـادي للـــدولــة

قال رجل الأعمال البحريني حسن المحروس أنه ”في ظل النظام المعمول به حاليا تشترط قوانين استخدام العمالة الأجنبية أن تكون برخصة تجارية باسم صاحب العمل الشخصي أو الاعتباري.

 تصريح العمل باسمه أيضا وتأشيرة الدخول تحت كفالته.

أما في ظل النظام المستقبلي الذي يلغي نظام الكفيل فسيبقى الشرط الأول والثاني من مسؤولية صاحب العمل الشخصي أو الاعتباري”. ورأى أن ” كفالة الأجنبي فهي مسؤولية الدولة.

أي أن وزارة الصناعة والتجارة ستبقى جهة منظمة لإصدار الرخص التجارية، وهيئة تنظيم سوق العمل ستبقى جهة منظمة لإصدار تراخيص العمل، وستبقى إدارة الهجرة والجوازات بوزارة الداخلية الجهة المنظمة لإصدار تأشيرة دخول الأجانب للعمل في البلاد، ولكن تحت كفالة الدولة وليس تحت كفالة المؤسسة الفردية أو الاعتبارية، باعتباره أمراً سيادياً للدولة من جانب، وحقوقياً بالنسبة للمستقدم للعامل من جانب آخر”.

وأوضح ”مثل هذا النظام معمول به ومنذ سنوات طويلة في المنطقة الحرة بجبل علي في دبي مثلا، فجميع العاملين الأجانب فيها تحت كفالة سلطة المنطقة الحرة بجبل علي، وليس تحت كفالة الشركات والمؤسسات الخاصة، ولم تؤثر الجهة الكافلة (أي الدولة) على سير العملية الإنتاجية والخدماتية في المنطقة الحرة.

فأعتقد أن كفالة الدولة للأجنبي لن تؤثر سلبا على سير العملية الإنتاجية في البحرين، وانتقال العمالة من مؤسسة إلى أخرى تتطلب الالتزام بعقد العمل، والحصول على تصاريح جديدة صادرة من هيئة تنظيم سوق العمل”.

وأردف ”أود أن أؤكد على حقيقة غياب الوعي العميق في المجتمع البحريني بضرورة الإسراع بإدخال التقنيات الحديثة في الإنتاج كبديل عن العمل اليدوي، وعن الآليات التقليدية القديمة وكطريق رئيسي للبحرنة، ولو وجد هذا الوعي لغاب هذا الجدل الكبير حول نظام الكفالة، وهذا الانقسام بين مؤيد ومعارض له، لأنه بالمكننة والأتمتة تنتفي حاجة الإنتاج للعمالة الأجنبية الكثيفة الحالية، ويكون البحريني المؤهل فنيا وعمليا وإداريا وهو البديل للعمل، وتكون البحرين وخيراتها لأهلها”.