رسوم «العمل» تسحب السيولة من السوق
الوقت – مازن النسور:
قال رجل الأعمال علي المسلم إن شركاته «أرجأت مشروعات داخل البحرين وخارجها بكلفة تجاوزت 22 مليون دينار، بسبب تداعيات الأزمة المالية وغياب التمويل من الأسواق».
وأكد أن «الظروف لن تتحسن في فترة قريبة كما يعتقد البعض، فالأزمة ستأخذ فترتها الطبيعية (دورة اقتصادية كاملة) قد تصل إلى 4 سنوات على أقل تقدير».
ودعا المسلم في حديث مع «الوقت» الحكومة إلى اتخاذ تدابير أكثر لمواجهة الكساد الذي قد يلحق بالسوق المحلية، من خلال المساهمة بشكل مباشر في المشروعات سواء المتوقع تعثرها، أو تلك التي أعلن عنها وحالت الظروف دون تنفيذها.واعتبر تدخل الحكومة الدرع الواقي لمواجهة توقف عجلة الاقتصاد، كونها ترسخ الثقة بالمشروعات وتعيد الحيوية من جديد.
وعلى صعيد منفصل، انتقد المسلم طريقة هيئة تنظيم سوق العمل في تدريب وتأهيل الكوادر البحرينية، موضحا أنه أمر يجب أن يترك للقطاع الخاص، فهو أقدر على توفير التدريب بشكل عملي.
ولكنه أيد قرار إلغاء الكفيل شريطة وضع ضوابط تضمن حقوق جميع الأطراف، داعيا إلى جعل العقود المبرمة بين الموظف وصاحب العمل المرجع الرئيسي لذلك.
وتعمل شركات علي المسلم بعدد من القطاعات والمجالات أهمها النقل البحري من خلال شركة يوكو للملاحة، والمقاولات (مؤسسة علي المسلم للمقاولات)، وتوريد مواد البناء من خلال شركة «نوفه مارين»، فضلا عن القيام بأعمال ترتيب نقل هذه المواد من وإلى مجلس التعاون.
ويعمل المسلم كذلك في مجال الاتصالات اللاسلكية البحرية (يوكو للهندسة)، وهي شركة تزود المراكب والسفن بالرادارات الراديوية، ولديه أعمال كذلك في مجال السيراميك، حيث يساهم في مصنع سيراميك رأس الخيمة بنسبة 25%، الذي أنشىء في العام 1995 بالشراكة مع حكومة رأس الخيمة (50%) وشركة إماراتية (25%).
وبلغ رأسمال المصنع وقت التأسيس 2.5 مليون دينار، في حين ارتفع الآن إلى 55 مليون دينار، وهو مدرج في البورصة الإماراتية.
وفيما يلي نص الحوار:
؟ كيف تقيم وضع الأسواق في ظل الأزمة المالية ؟ أين وصلت من وجهة نظرك؟
– الوضع صعب جدا في منطقة الخليج، وهو يبدو ظاهرا لأن هناك مقارنة بما يحدث اليوم وبما كانت عليه الأسواق في فترة الانتعاش في السنوات الماضية، (…) المشكلة بدت من جميع الجوانب سواء في العقار أو الصناعة أو الأسهم وغيرها من القطاعات.
عادة ما تأخذ الأزمات المالية دورة كاملة، أي فترة لا تقل عن 4 سنوات، وبعضها قد يصل إلى 8 سنوات، ما يعني أننا فيما بعد بداية الطريق، والأسوأ قادم.
لكننا لن نتضرر كما في الغرب كون حجم الاقتصاديات والأعمال أقل بكثير، فضلا عن أن مركز الزلزال كان بعيدا بعض الشيء.
* الجهات المعنية دائما تطمئن. ما رأيك؟
لن يتأثر المواطنون العاديون كثيرا، فمعظمهم موظفون وليس لديهم تجارة، وبالتالي هم بمنأى نسبيا عما يحدث، إلا أولئك الذين يسرحون من أعمالهم، والذين أعتقد بأن مسؤوليتهم تقع على عاتق الجهات المعنية.
جميعنا يعلم بأن معظم المشروعات التي تم تأجيلها في البحرين – وهي قليلة – مقبلة من دول أخرى، أو تكون بحرينية ولكن بتمويل من مؤسسات وشركات من خارج المملكة.
على الحكومة تنشيط الأسواق ودعم التجار بشكل أكبر، وإلا فإننا سنرى تداعيات أكثر.
* لكن كيف لها أن تدعم السوق؟
المطلوب منها زيادة الإنفاق ودعم المشروعات القائمة، كأن تدخل كمساهم، لأن المسألة في النهاية تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، وأي مشروع يقام سيقدم قيمة إضافية للبحرين، وتعثره يضر بالسمعة التي بنتها على مرور عشرات السنين.
* ماذا عليكم أنتم؟
نحن تأثرنا كغيرنا من الشركات العاملة في المنطقة، حيث تم تأجيل بعض المشروعات في الكثير من القطاعات داخل البحرين وخارجها، قد تصل قيمتها مجتمعة إلى نحو 22 مليون دينار تقريبا.
كنا نفكر بالبدء بمشروع تطوير رصيف بغاطس عميق يصل إلى 9 أمتار بهدف فتح المجال لرسو البواخر ذات الحمولة الكبيرة، أي التي يتراوح وزنها ما بين 40 و50 ألف طن، والتي تحمل مواد البناء من كنكريت وأسمنت ورمل والتي نحضرها من الإمارات.
ومن المعلوم أن جلب كميات كبيرة يقلل من الكلفة، ويرفد السوق باحتياجاتها ما يضمن استمرارية العمل بهدوء وسلاسة من دون انقطاع.
وتصل كلفة المشروع المبدئية – بحسب الدراسات – نحو 5 ملايين دينار، (…) تريثنا قليلا في التنفيذ إلى حين تحسن الأوضاع.
ويشمل المشروع إضافة إلى الرصيف العميق، تهيئة مخازن وصوامع للاسمنت، فضلا عن تعزيز الأسطول ببعض القطع البحرية كالصنادل والجرارات والمراكب.
كنا ننظر إلى توسعة المشروع مستقبلا بقيمة استثمارات تصل إلى 50 مليون دينار.
كما قلصنا وأرجأنا بعض المشروعات والاستثمارات خارج البحرين، وذلك بسبب عدم توافر الأموال، حيث تم إيقاف إنتاج مصنع في سوريا متخصص في صناعة السقوف (جبصن يورد)، وهو بشراكة بحرينية سورية كندية ألمانية على رغم البدء بتشغيله.
ووصلت كلفة المصنع نحو 5 ملايين دينار، في حين أنتج مواد بيعت في السوق، لكنه عاد ليتوقف بسبب انخفاض السعر، وذلك عقب أن أغرقت تركيا الأسواق التي كنا نستهدفها بعد أن توقف تصديرها إلى أوروبا بسبب الأزمة وانخفاض الطلب.
وتم كذلك تأجيل فكرة توسعة في عقد (عطاء) تطهير (تنظيف) نهر النيل في مصر، حيث تعمل حاليا حفارتان تتبعان للشركة هناك، (…) طلبوا التوسع وإحضار 3 أخرى جديدة، لكن الأزمة أجلت المشروع.
تصل قيمة العطاء الحالي نحو 2 مليون دينار، والجديد (الذي كان من المفروض البدء به) 3 ملايين، ما يعني كلفة إجمالية للمشروع (المؤجل جزئيا) تبلغ 5 ملايين دينار.
كما كانت الشركة (يوكو) تبحث إنشاء زلاقة بحرية (شبيهة بسكك الحديد) لسحب السفن عليها إلى الشاطئ والقيام بأعمال الصيانة والتصليح، بكلفة تقريبية للمشروع تتراوح بين 8 و10 ملايين دينار.
* أنت مساهم في شركة طيران البحرين، ما هي الأوضاع في ظل هذه الظروف؟
– بحسب الجدوى الاقتصادية للمشروع، يجب أن تبدأ الشركة بتحقيق الأرباح بعد منتصف ,2010 ما يعني أن هناك نسبة من الخسائر يتحملها الشركاء في البداية وهو وضع طبيعي في مثل هذه المشروعات.
لكن الأزمة المالية وتراجع الطلب على النقل الجوي زاد هذه النسبة بواقع 20% عن المعدل المقدر.
لكننا نعتقد بأن الشركة تسير بالاتجاه الصحيح وهي تنفذ برامجها وخططها على أكمل وجه، وستبدأ بالتحسن وتغطية الخسائر وتحقيق الأرباح بنفس التوقيت الموضوع.
هناك توسعة للمحطات وللأسطول.
وتضم الشركة حاليا 5 طائرات من طراز إيرباص ,320 ستضيف اثنتين جديدتين في العام ,2012 ثم اثنتين أيضا في ,2014 في حين تم استئجار 3 ناقلات نهاية الشهر الماضي.
* هل هناك نية لتشغيل خط إلى العراق؟
– الخط مجد لأي شركة طيران. نحن مستعدون وكل شيء جاهز للتنفيذ، لكن المشكلة تكمن في التأمين على المسافرين وعلى الطائرة، لا توجد شركة مستعدة لذلك، وان وجدت فهي مرتفعة الكلفة ما يجعل التذاكر غالية وبالتالي تفقد قيمتها التنافسية.
* كيف ترى مستقبل الطيران الاقتصادي في المنطقة؟
– أعتقد أن مستقبل القطاع الجوي سيكون في يد الشركات الاقتصادية، فهي تنمو بشكل جيد وبوادر النجاح واضحة.
لكن ذلك لا يعني منافسة الطيران العادي، – أتمنى – أن تركز الناقلات الكبرى على درجات رجال الأعمال والمسافرين المهمين، وترك الدرجات المتدنية للشركات الاقتصادية.
وهذا – من وجهة نظري – سيدعم السوق، فهو سيعمق التعاون بالعمل، بحيث تستقطب الاقتصادية المسافرين من المناطق النائية، ما يعني رافدا للشركات الكبرى. فالفكرة ليست بالمنافسة وإنما بتكامل وتناغم العمل.
* ما رأيك بقرارات هيئة تنظيم سوق العمل؟
– الفكرة من حيث المبدأ تعتبر ثاقبة وعملية وتؤكد نظرة القيادة للمستقبل، لكن ذلك كان في أوقات الانتعاش والوفرة المالية، وما واكبها من نمو اقتصادي كبير.
أما الآن فهي ستضر بالسوق بسبب الظروف الصعبة التي تعيشها. فهناك انكماش اقتصادي، (…) أعتقد أنه على الحكومة ضخ المزيد من السيولة لتحريك الاقتصاد، وليس سحبها من خلال هيئة تنظيم السوق.
هم يقولون بأن الأموال تستثمر في تدريب وتأهيل الكوادر البحرينية، لكنني بصراحة لا أرى ذلك، فنحن لا نجد متدربا واحدا في بعض المجالات التي نعاني من النقص فيها.
مثلا لدينا مشكلة في توفير متخصصين بالاتصالات المتعلقة بأجهزة الرادار والخطوط البحرية.
وفي الوقت ذاته لا يسمحون بالتأشيرات.
أعمالنا تعطلت والشركة أغلقت انتظارا للحل.
أعتقد أنه من الضروري إيلاء مسألة التدريب للقطاع الخاص، فهو أقدر على ذلك، خصوصا أنه يوفر التدريب العملي، على عكس ما يحدث الآن حيث التأهيل يعتمد على المواد النظرية، وهولا يخدم السوق البحرينية.
أما إلغاء نظام الكفيل، فأنا مع هذا التوجه.
من حق الحكومة إلغاء نظام قديم لا معنى له.
لكن المهم هنا هو اعتماد عقد العمل سواء بالنسبة للبحريني أو الأجنبي والالتزام به من قبل جميع الأطراف وذلك لحماية أصحاب الأعمال.
الخطورة في انتقال العمالة تكمن في المهنيين المهرة وبالمحاسبين وبعض التخصصات المهمة، كونهم يعرفون أسرار الشركة، وبالتالي قد يؤدي انتقالهم إلى بعض الإشكالات.
كما أن بعض الأعمال كالمقاولات مثلا تعمل وفقا لعقود ترتب عليها غرامات في حال تأخير العمل الذي يرتبط إنجازه في تواجد العمالة.
أنا مع القانون ولكن يجب تنظيم المسألة بشكل يكفل حقوق الجميع.