كتب – جعفر الهدي : بلغ الجدل ذروته بشأن قرار السماح إلغاء نظام الكفيل من القرارات بعد أن دخلت الجمعيات السياسية حلبة الجدل الدائر بين أطراف العمل ويعتبر القرار من القرارات القليلة التي لقيت جدلاً واسعاً شارك فيه أطراف العمل والجمعيات الحقوقية ولقي القرار إشادة دولية من قبل منظمات دولية لحقوق الإنسان ومنها منظمة هيومن رايتس وكان لافتاً دخول الجمعيات السياسية الجدل بين مؤيد ومعارض. فقد سلطت الندوة التي نظمتها جمعية العمل الإسلامي (أمل) الضوء على الجدل الدائر وأدخلت الجمعيات السياسية في عمق الجدل، وللتعرف على الخارطة الموزعة بين تأييد ورفض القرار نشير إلى أن اتحاد العمال أيد بشكل واضح قرار إلغاء الكفيل مؤكداً البعد الإنساني للقرار، وفي الندوة حاول الأمين العام المساعد لاتحاد العمال الذي بات يعرف بمنظر الاتحاد عبد الكريم رضي أن يعطي القرار بعداً فلسفياً وثقافياً، ويرى المراقبون ان من الطبيعي أن يؤيد الاتحاد القرار خاصة إذا عرفنا أن قرابة 50% من أعضاء النقابات هم من العمال الأجانب في بعض النقابات العمالية وخاصة الشركات العائلية. فيما تصر غرفة تجارة وصناعة البحرين على رفضها للقرار مشيرة إلى أن القرار سوف يتسبب في تدهور بنية الاقتصاد البحريني التي تقوم في بعض القطاعات على العمالة الأجنبية وتؤكد الغرفة ان إلغاء نظام الكفيل من شأنه أن يخلق تسيباً في أوساط بعض القطاعات. ووسط ردود فعل منظمات حقوقية خارجية رحبت بالقرار كان هناك تأييد واسع النطاق في أوساط المنظمات الحقوقية البحرينية فلأول مرة يشهد قرار يتصل بالجانب الحقوقي اتفاقاً بين هذه الجمعيات التي تختلف في الكثير من الملفات إذ اتفقت جمعية مراقبة حقوق الإنسان من خلال مركز الدوي التابع لها ومركز حقوق الإنسان (المنحل) وجمعية الحريات العامة على تأييد القرار. وقد كانت ورقة الأمين العام لجمعية المنبر الوطني الديمقراطي فاضل عباس بداية دخول الجمعيات السياسية لخط الجدل إذ تحدث عن مبررات هيئة تنظيم سوق العمل والجهات الرسمية الأخرى لصدور القرار الوزاري رقم (79) لسنة 2009 مشيراً إلى تصريح وزير العمل رئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل خلال المؤتمر الصحفي المنعقد بتاريخ 4 مايو 2009 إلى أن أسباب صدور القرار هي التزام البحرين بمعايير حقوق الإنسان ولوائح منظمة العمل الدولية في مجال سوق العمل و إحداث تطوير شامل لبيئة العمل بالبحرين والقضاء على ظاهرة العمالة النسائية ورفع رواتب العمالة الوطنية والوافدة وتنفيذ المادة 25 من القانون رقم (19) لسنة 2006. وذكر بأنه لا توجد آثار سلبية لهذا القرار، واتخذ القرار بالتشاور مع غرفة التجارة كما أن وزارة الخارجية صرحت بتاريخ 12 مايو 2009 على أن القرار يتفق مع معايير حقوق الإنسان ويساهم في القضاء على الاتجار بالبشر. أما المحور الثاني لحديث فاضل عباس في الندوة فتضمن وجهة نظر التجمع اتجاه المبررات قائلاً إن الحكومة غير جادة في تطبيق معايير حقوق الإنسان ولا في تطبيق لوائح منظمة العمل الدولية، ولذلك فإن الحكومة تجاهلت أكثر من ثلاث رسائل من منظمة العمل الدولية تتعلق بضرورة السماح بتشكيل النقابات الحكومية وكذلك رسائل بخصوص حرية الإضراب ولم تنفذ الحكومة أي شيء بخصوص ذلك. وأضاف إن هذا القرار لن يقضي على العمالة النسائية بل سيعمل على توسيعها لأن الكثير من العمالة (غير السائبة) الآن بإمكانهم الانضمام إلى العمالة النسائية عبر القيام بتغيير الكفيل، وإذا كان الراتب قليلا أو لا يلبي الطموح فإن اختيار مكان عمل آخر حتى لو كان عمل حر (فري فيزا) لزيادة الدخل سوف يكون مدخل جيد لهذه العمالة. وقال هذا القرار سوف يؤدي إلى رفع رواتب العمالة الوافدة ولن يغير من وضع العمالة الوطنية؛ لأن العمال الأجانب الذين ينتقلون بسرعة من عمل إلى آخر هم في الأغلب العمالة غير الماهرة ولذلك فهم ينتقلون برفع رواتبهم بزيادة بسيطة جداً وهذا ما لا يستطيع البحريني القيام به بالإضافة إلى أن الفجوة بين رواتب العمالة الوطنية والوافدة سوف تستمر ففي تقرير مصرف البحرين المركزي الأخير (سجل فارق الرواتب بين الأجانب والبحرينيين في «العام» بما يعادل 21% حتى نهاية العام الجاري، وهو يسجل ارتفاعا غير مسبوق في متوسط أجور العمالة الوافدة في القطاع العام من فئة الذكور، إذ بلغت حتى ديسمبر / كانون الأول الماضي 1081 ديناراً « بينما متوسط أجورهم كان العام الماضي 1030 والعام 2007 لم يكن يتجاوز 1000 دينار». يأتي ذلك في الوقت الذي بلغ فيه متوسط أجور العمالة المحلية العام الماضي في القطاع نفسه 776 دينارا فقط، بزيادة مقدارها 97 دينارا عن العام 2007، حيث كان يبلغ متوسط الأجر الشهري لهم 679 دينارا، بفارق يبلغ 402 دينار «37% ». وفي المحور الثالث تحدث عباس عن الأثار السلبية الناتجة عن تطبيق القرار رقم (79) لسنة 2009 بصيغته الحالية وقال: حسب تقارير هيئة تنظيم سوق العمل فإن المؤسسات الصغيرة تشكل 80% من السوق ولذلك فإن عملية الانتقال سوف تكون في الغالب داخل هذه المؤسسات بما يعني أن حالة عدم الاستقرار واحتمال الإفلاس وغلق المؤسسات سوف تشكل بما يقدر بـ 80% من مؤسسات السوق ( لأن عمليات الانتقال سوف تحدث في المؤسسات الصغيرة بشكل رئيسي). وأضاف هذا القرار سوف يؤدي إلى استباحة أسرار الشركات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى وقد تصبح تلك الأسرار سلعة تباع وتشترى في السوق إضافة إلى زيادة الفجوة بين رواتب العمالة الوافدة والوطنية لصالح العمالة الوافدة وتعرض العديد من المؤسسات الاقتصادية إلى الابتزاز من قبل العمالة الوافدة وتحول العامل الوافد إلى رقم صعب في سوق العمل وهو ما يعني فرض شروطه على صاحب العمل وارتفاع الأسعار والخدمات المقدمة للمواطنين نتيجة ارتفاع أجور العمالة الوافدة في حال موافقة صاحب العمل على رفع أجورهم. وقال عباس لقد كلف سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة اللجنة الوزارية للشؤون المالية والاقتصادية بدراسة الملاحظات المقدمة حيال القرارات الاقتصادية التنظيمية وتقديمها إلى مجلس الوزراء لذلك نحن نؤيد هذه الخطوة ونأمل من سمو رئيس الوزراء تجميد العمل بالقرار رقم (79) لسنة 2009 لحين دراسة الملاحظة المقدمة على القرار والوصول إلى توافق وطني حولها.