المحفوظ :حلفاؤنا في الحركة العمالية العربية والدولية ساهموا في تعزيز دور الاتحاد

خسائر التأمين الاجتماعي في المشروعات وليس في مزايا المتقاعدين

قدر الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سلمان المحفوظ الحد الأدنى للأجور لأسرة متوسطة بـ(500) دينار.

وقال المحفوظ في مقابلة أجرتها معه ”الوقت” بمناسبة عيد العمال ”نعتقد أن سياسة احتساب الأجر اليوم تأتي بمعادلة بسيطة جدا، فهي مجموع ما يدفعه المواطن من أجرة سكن وغذاء وتعليم وصحة .. إلخ من ضروريات المعيشة”.

وبشأن وصف العمل النقابي في البحرين بالمسيس، رفض المحفوظ ذلك، وقال إن الانتماء السياسي حق لكل مواطن، وليس هناك تغليب للمصلحة السياسية على المصلحة النقابية.

وطالب أن يمنح مشروع تنظيم سوق العمل فرصة من أجل التطبيق الفعلي والوقوف على إيجابياته وسلبياته؛ ليتم نقد المشروع بعد ذلك من واقع التجربة.* كيف تقرأ الحراك العمالي طوال السنة الماضية؟ وهل الحركة العمالية في تقدم أم أصبحت تراوح مكانها؟

– أرى أن الحركة العمالية تمر بمد وجزر، إنما عموما هناك تقدم كبير في طريقة عمل الاتحاد العام وفي عدد نقاباته وفي القضايا التي عالجها، لقد نظم الاتحاد العام أول مؤتمر في تاريخ الحركة النقابية يخصص لموضوع معين، وهو مؤتمر الأجور الذي رعاه النائب الأول لرئيس الوزراء ويستعد لتنظيم مؤتمر الأزمة المالية.

وشارك الاتحاد العام بفعالية في مجلس إدارة التأمينات الاجتماعية وأبلى ممثلونا بلاء حسنا وهم يقاربون مشكلات الفساد والانحراف المالي، ويصرون على توحيد المزايا وفق أفضلها طبقا للمرسوم 3 لسنة 2008 وعمل ممثلونا في تمكين وهيئة تنظيم سوق العمل بلا كلل من أجل الدفع بتنفيذ ما يخدم العمالة الوطنية والاقتصاد والوطني، وبرز صوت الاتحاد نضاليا وإعلاميا وحققنا انتصارات في قضايا العمال المفصولين نقابيا والمفصولين بسبب التدوير في بعض الشركات، وحققنا حضورا على المستوى الدولي، حيث تمكنا من التجديد لولاية أخرى كأعضاء عن عمال آسيا في مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، وفي مشاركاتنا الدولية والعربية في المؤتمرات كانت كلماتنا محل الترحاب الكبير من جانب جميع من استمع إليها، واستمر تأسيس النقابات في الاتحاد العام حتى بتنا نقترب من عدد 60 نقابة عمالية في المنشآت ويتوجه بعضها إلى تأسيس نقابات قطاعية، وأصبح رأي العمال مهما على صعيد مناقشات القوانين والاتفاقات المتعلقة بالعمل.

* سبق وأن أعلنتم عن استراتيجية سيدشنها الاتحاد بعد انتخابات الأمانة العامة، إلى اليوم لم نرَ أو نسمع شيئاً عن تلك الاستراتيجية؟

– نحن ملتزمون بما أعلنا وقمنا بالفعل باستعراض الاستراتيجية أمام المجلس المركزي، كما قمنا بتنفيذ بعض ما ورد فيها وهي الآن المرجعية والآلية لعمل الاتحاد، وسيقوم الاتحاد بتنفيذ كل ما تضمنته هذه الاستراتيجية من خلال الأمناء العامين المساعدين كل وَفق اختصاصه، وسننشر أهداف الاتحاد ورؤيته ورسالته في مجلة عمال البحرين التي ستصدر بمناسبة الأول من مايو/أيار (يوم العمال العالمي).

* في ظل الخسائر المستمرة في التأمينات الاجتماعية وعدم قدرة العمال على وقف أي من المشروعات التي لا تصب في زيادة أموال المؤمن عليهم، كيف يرى الاتحاد دوره في الهيئة، وما هي السبل الكفيلة بالنهوض بوضع الهيئة؟

– علينا أولا أن ندقق في مصطلح ”خسائر”، هل بالفعل تتعرض التأمينات للخسارة فيما يتعلق بالفارق بين إيرادها من الاستقطاعات ومصاريفها على المعاشات، أنا لا أعتقد ذلك إطلاقا، أما إذا كنت تقصد الخسائر في المشروعات، فقد وقف الاتحاد من خلاله فريقه المتميز بمجلس الهيئة وقفة قوية ضد هدر الأموال، لكن بالطبع نحن نطمح إلى تحالف مع أصحاب العمل في هذا الشأن، أنت تعلم أن أصحاب العمل يدفعون ثلاثة أمثال ما يدفعه العامل، وبالتالي عليهم أن يكونوا أكثر حرصا على هذه الأموال، لكننا أخفقنا حتى الآن في التحالف معهم على أجندة موحدة، ومن دون التحالف بين العمال وأصحاب العمل باعتبارهم أصحاب مصلحة واحدة في وجود هيئة تأمينات قوية وقادرة، فمن الصعب جدا تحقيق اختراقات مهمة في الملفات الشائكة في التأمينات وعلى رأسها الهدر والشفافية وتوحيد المزايا.

* علاقاتكم مع غرفة التجارة، وزارة العمل، وإلى أين وصل التنسيق؟

– لدينا لجان مشتركة مع كل من غرفة تجارة وصناعة البحرين وأيضاً وزارة العمل ووقعنا كما تعلمون بروتوكول تعاون، ووقعنا أخيراً نموذج استرشادي للائحة تفاوض بين النقابات والإدارات، وسنعمل على تفعيل العمل بشكل أفضل.

نعتقد في الاتحاد العام أن لدى الطرفين مصلحة في حماية الاقتصاد الوطني من الإرباكات والهزات العنيفة. إن رأس المال بطبيعته حساس للمطالب المتعلقة بالمال، لكن الأزمة المالية الأخيرة أثبتت للعالم أن العمال وأصحاب العمل في قارب واحد، يغرق بهم معا، وينجو بهم معا، ونحن بحاجة – فعلا – لتنسيق أكبر فعلا في ملفات كثيرة.

* رؤيتكم بشأن مشروع تنظيم سوق العمل، وهل مصلحة رب العمل مأخوذة في الاعتبار بالنسبة للاتحاد؟

– نحن نقدر – بالفعل – هواجس وهموم أصحاب العمل، لكن نقول القانون 19 لسنة 2006 بشأن هيئة تنظيم سوق العمل والقانون 57 لسنة 2006 بشأن صندوق العمل ”تمكين” هما قانونان مر على صدورهما سنتان تقريبا، وبدأ تطبيقهما الفعلي من يوليو/تموز ,2008 الآن بالنسبة لأية اعتراضات، فقد سبق السيف العذل كما يقال، علينا أن نطبقهما حتى نهاية الدورة النيابية الحالية، حين ستكون اختمرت أفكار وحصلت تطورات على الأرض ترينا النواقص والمشكلات.

وعليك أن تعلم أننا ضحينا أيضا كثيرا، فبعد أن كانت البحرنة بحكم القانون أصبحت تنظم بقرارات هيئة تنظيم سوق العمل وَفق تطورات كل قطاع وهذا مقابل دفع الرسوم من جانب أصحاب العمل،

وإن الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين وضع المجهر الآن أمام الهيئتين، ونحن الآن نراقب أداءهما وإيجابية أو سلبية هذا القانون ومتى ما وجدنا أية سلبية، فإننا سنراجع الوضع ونعلن عن الموقف بشكل واضح.

* أوضاع العمالة الأجنبية في البحرين، وما رأي الاتحاد في الدعوات القاضية بعزلها في مناطق سكنية محددة (سكن العزاب)، ألا يعتبر ذلك تمييزاً؟

– تتباين الآراء بشأن ذلك بين من يرى في عزلهم ضرورة اجتماعية وأخلاقية وبين من يرى في العزل انتهاكا لحقوقهم الإنسانية. نحن نقول ما يهمنا أمران مهمان:

1. إن سكن هؤلاء العمال يجب أن يستوفي المعايير والشروط الإنسانية اللائقة وكذلك نقلهم من وإلى العمل، حيث لا يصح إنسانياً ولا دينياً ما يقوم به الآن أصحاب العمل من نقل العمال في صهاريج ”السكس ويل” مع أغراض البناء من ”خلاطة الأسمنت” وغيرها في عز الصيف أو في عز الشتاء كما لا يصح تكديس 8 أشخاص في غرفة لا تتجاوز مساحتها بضعة أمتار مربعة.

2. إن جلب هؤلاء العمال ما لم يكن لحاجة، فنجن في غنى عن ضخ مجموعات بشرية في مجتمعنا مختلفة في العادات والتقاليد والعقيدة ثم نأتي ونشتكي من هذه العمالة، وعموما نحن لا يجب أن نعمم أيضا سلبيات بعض أفراد هذه الجنسيات على جنسية كاملة أو أكثر.

* مسألة التحالفات بين الكتل العمالية التابعة للجمعيات السياسية، ما هي تأثيراتها على الساحة العمالية؟ والعلاقة بين العمل السياسي والنقابي في ظل اتهام الاتحاد بالتسييس؟

– إن اتهامات البعض الموجهة للاتحاد بالتسييس ننظر على أنها تستهدف شيئا واحدا هو إنكار حق المواطن في العمل السياسي والذي هو حق كفله ميثاق العمل الوطني ودستور البلاد، لكل مواطن أيا كان عمله ونشاطه المهني الحق الكامل دون نقصان في الانتماء السياسي لما يعتقد أنه يمثله خير تمثيل.

نرفض كل اتهامات البعض لنا بتسييس العمل النقابي، ونعتقد أنه بقصد حرمان المواطنين من العمل السياسي، وهذا أمر يخالف المبادئ التي جاء بها عهد الانفراج الذي نعيش تحولاته منذ مطلع القرن 21.

التحالفات التي تنشأ في الساحة النقابية ليست تحالفات سياسية في المقام الأول بل نقابية. ثمة تقدير ورشد كبيران في حركتنا النقابية للعلاقة بين النقابي والسياسي، وحتى الآن لم أجد من أي فصيل سياسي رغبة أو سعي لتحويل النقابات إلى ذراع يخدم أجندة السياسي، بل خلاف ذلك وجدنا من العمال في بعض النقابات من يختار تيارا غير التيار الذي يختاره كمواطن في الاستحقاق البلدي أو النيابي؛ لأن بوصلة العامل هي ما يتحقق له من مكاسب عمالية لا ما ينتمي إليه من تيار سياسي.

 أنا وفاقي الانتماء، لكني على طاولة الاتحاد العام أو النقابة، أرتدي قبعة النقابي، ولو جاءني عامل من أي فصيل في قضية فيها صاحب عمل من ”الوفاق”، فسأختار الدفاع عن العامل، طالما كانت قضيته صادقة وعادلة.

* الشكاوى المرفوعة من الاتحاد على الحكومة (الإضراب، النقابات الحكومية) إلى أين وصلت؟

– لقد خاطبت منظمة العمل الدولية الدولة بمجمل هذه الشكاوى وطلبت منهم التعليق عليها وقدمت الدولة الردود في ذلك، ونحن نتابع هذا الأمر في المنظمة ولن نتنازل عن حقنا في العمل ضد كل ما ينتقص من حقوقنا الأساسية في العمل.

 وعلى أي حال نستطيع توفير كل هذه الشكاوى والمواجهات لو قامت الدولة بالتصديق على الاتفاقيتين 87 و98 بشأن حرية التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية ليصبح لدينا مرجعية قانونية دولية ومحلية تريحنا وتريح أصحاب العمل والدولة من أية اجتهادات.

* المجلس الأعلى للأجور، بعد المؤتمر الذي عقده الاتحاد، هل هناك بوادر إيجابية بتشكيل المجلس من جانب الحكومة، وكيف يمكن تحديد حد أدنى للأجور بمعزل عن دول التعاون، وهل لديكم مقدار معين لما لا يجب أن يقل عنه الأجر، وما هي سياسات احتساب الأجور في رأيكم؟

– نعتقد أن أقل أجر يمكن أن تعيش به عائلة متوسطة العدد هو 500 دينار في البحرين، وأنا شخصيا أستغرب كيف يستطيع من يقبض مئتي دينار شهريا أن يعيش هو وعائلته.

لم نرَ بوادر من الحكومة بتشكيل مجلس للأجور رغم الإشارات الإيجابية التي شعرنا بها من جانب نائب رئيس مجلس الوزراء أثناء لقائنا به لتقديم توصيات مؤتمر الأجور، والآن شهدنا معارضة حكومية لتوجه الحكومة بإنشاء مثل هذا المجلس.

ونعتقد أن سياسة احتساب الأجر اليوم تأتي بمعادلة بسيطة جدا، أجرة السكن (سواء الإيجار أو القرض) + مصروفات الغذاء + مصروفات التعليم + مصروفات المواصلات + مصروفات الرعاية الصحية + مصروفات الخدمات من ماء وكهرباء وهاتف، وهذا حتى لا نبالغ، فنقول مصروفات المرح والترفيه والرياضة والتي أصبحت اليوم في الدول المتقدمة أساسية.

* دور الاتحاد في منظمة العمل الدولية والعربية، وعلاقاته مع الحركة العمالية العربية والدولية، كيف تقيمونها وإلى أين وصلت؟

– نعتقد أن اتحادنا بفضل قياداته حقق مكانة عربية ودولية ولعب حلفاؤنا في الحركة العمالية العربية والدولية دورا في حفظ هذه المكانة وتعزيزها، وهؤلاء كان لهم دور كبير حتى يوم كنا محرومين من حق التنظيم النقابي الحر والمستقل.

11-النقابات في القطاع الحكومي، لم يعد يسمع لها صوت، ألا توجد استراتيجية لدى الاتحاد في هذا الصدد، وما أسباب ضمور العمل النقابي في القطاع الحكومي؟

الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين وكما تعلمون تقدم بشكوى على حكومة البحرين في منظمة العمل الدولية والمنظمات الدولية الأخرى، ومن جانب منظمة العمل الدولية فإنها تتقدم إلى حكومة البحرين بتقارير دورية تبين انتهاك حكومة البحرين وتطالبها بالسماح لعمال القطاع الحكومي بإنشاء نقابات لهم، كما أن الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين وبشكل دائم يضمن كلماته في كل المناسبات والمحافل العربي والدولية في الداخل أو الخارج باستنكاره واحتجاجه على منع الحكومة لعمالها من حقها، وسيظل الاتحاد متمسكاً بموقفه حتى إثباته هذا الحق، كما أن النقابات القائمة في هذا القطاع تحاول جادة في إثبات وجودها رغم التهديدات.