إبراهيم بوصندل
من كان له قلب
أبعد زميلنا العزيز وابن فريجنا عضو مجلس الشورى فيصل فولاذ النجعة عندما عقد مقارنة بين المقترح بقانون لمعاقبة العامل الهارب وبين الفيلم المشهور (الجذور) أو (كونتا كونتي) كما اشتهر، والذي حاول أصحابه تصوير شيئ من تاريخ العبودية التي مورست على الزنوج في أوروبا وأمريكا.
المسافة بين الوضعين أبعد مما بين المشرقين، ولا وجه أصلا لأي مقارنة، فالمستعبدين كما يصورهم الفيلم وغيره كانوا يسرقون من قراهم، وينقلون رغما عنهم، ويباعون في سوق النخاسة وكانوا مسلوبي القرار، وكان من يتمرد منهم يعذب ويسجن، ومن يهرب منهم يقتل ويصلب ويحرق كما معروف فضلا عن التفرقة العرقية وهذا مجال آخر.
بينما القانون يحاول أن يعالج فراغا تشريعيا لمشكلة بل ظاهرة يدفع المجتمع بأسره ثمنها ويتجرع مرارة تبعاتها، وأنا أعني المجتمع بكامل شرائحه من أصحاب العمل، إلى ربات البيوت من جهة، ومن ينافسهم العمال الهاربون من أصحاب الحرف والمهن وأصحاب سيارات الأجرة وغيرهم، ومن جهة ثالثة السلطات التنفيذية كوزارة العمل ووزارة الداخلية والسلطات التنفيذية الأخرى.
وفي المقابل فقد أصاب سعادة العضو علي العصفور كبد الحقيقة عندما وصف المشروع بأنه أفضل قانون للحد منها، وقد استوعب العصفور ما لم يستوعبه بعض أعضاء مجلس الشورى والذين للأسف الشديد لم يوفقوا في قرارهم بدءا من اللجنة المختصة.
أعجب من عدم تفرقة البعض بين عامل هارب دون إذن صاحب العمل، ودون إخطار هيئة تنظيم سوق العمل بالمشكلة وبعنوانه الجديد، وبين عامل يتعرض للإساءة ويلجأ إلى السلطات المختصة والتي بدورها تحقق في دعواه.
وأعجب من ذلك عدم تفريق اللجنة وبعض الأعضاء بين شخص يؤوي عاملا هاربا بالخفية ليمكث في الأرض سنوات طوال، أو يشغله لحسابه أو في وظيفة أخرى، وبين من يوفر ملاذا لعامل يتعرض للظلم أو الإساءة بعلم الجهات المعنية، وهذا يمكن أن يكون صديقا للعامل، أو مؤسسة مختصة بذلك، أو حتى سفارة البلد الذي ينتمي إليه العامل.
وأعجب من كل شيء الإشارة إلى حقوق الإنسان، أو إنكار وجود عمالة هاربة أو نفي هروب العمال والخدم من مواقع العمل أو بيوت العائلات !
أما عن مقومات القصد الجنائي في فعل الهروب فيكفي قرينة عليه عدم استئذان صاحب العمل، أو إخطار هيئة تنظيم سوق العمل، أو حتى رفع دعوى في أجهزة الأمن على صاحب العمل.
أيها السادة، إن بعض خدم المنازل يهربون من كفلائهم خلال يومين أو أسبوع من وصولهم إلى البحرين، ويعملون في مؤسسات أخرى كالفنادق أو المقاولات أو ينضمون إلى بعض المواخير لتجارة الجنس.
أما القول بأن العقوبة يجب أن تنصرف إلى أصحاب العمل؛ فهذا موجود ومعمول به، والقانون اليوم يجرم من يستخدم عاملا ليس مسجلا على كفالته، ولكن الفراغ التشريعي هو في حالة هروب العامل وعمله لحسابه الخاص، وفي هذه الحالة لا يوجد صاحب عمل واحد أو معروف، وللحديث بقية.