إصلاحات سوق العمل تثير مخاوف رجال الأعمال البحرينيين الصغار

يعرب رجال أعمال بحرينيون صغار عن مخاوف إزاء قدرتهم على البقاء في السوق والوفاء بالتزامات فرضتها عليهم تدابير حكومية جديدة تهدف إلى إصلاح سوق العمل لاسيما عبر فرض رسوم على استقدام اليد العاملة الأجنبية.
وتحول اجتماع عقد في غرفة تجارة وصناعة البحرين السبت الماضي إلى مشادات كلامية بين رجال أعمال صغار ومسئولين في هيئة تنظيم سوق العمل، إذ ذهب بعض رجال الأعمال إلى اتهام الجهات الرسمية بـ (سرقة قوت أبنائنا)، وفق ما نشرته الصحف المحلية.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال أمين سر جمعية المقاولين البحرينية علي مرهون إن المعضلة الحقيقية هي أن الرسوم التي تفرضها هيئة تنظيم سوق العمل تمثل عبئا اقتصاديا كبيرا على المؤسسات الصغيرة.
وأضاف مرهون أن شركات المقاولات من الدرجة الأولى التي تدير أعمالا بالملايين لا تهمها الرسوم ولا تمثل أي عبء عليها (..) لكن ماذا يفعل المقاولون الصغار؟ فكيف يساوون بين المؤسسات الصغيرة والكبيرة في الرسوم مع الفارق في حجم الأعمال.
ونفى مرهون بشدة أن يكون رجال الأعمال وخصوصا في قطاع الإنشاءات يفضلون العمالة الأجنبية الرخيصة على العمالة المحلية. وقال: طلبنا من وزارة العمل قبل أربع سنوات تزويدنا ببحرينيين وبالأجر الذي تحدده الوزارة.
وتابع: لكن بصراحة.. هل يقبل البحرينيون بالعمل في قطاع الإنشاءات؟ (..) نحن لا نتمنى لأبنائنا أن يعملوا في مهن شاقة مثل الإنشاءات أو الحفريات.
وتقود جمعية المقاولين البحرينية التي تضم نحو 300 عضو احتجاجات ضد الرسوم التي بدأ تطبيقها منذ يوليو الماضي ضمن تدابير تهدف إلى رفع كلفة العامل الأجنبي ورفع كفاءة العمالة المحلية وجعلها الخيار المفضل لدى رجال الأعمال.
ويحتج أصحاب المؤسسات الصغيرة خصوصا على رسم يبلغ عشرة دنانير (نحو 26 دولارا) شهريا عن كل عامل أجنبي يذهب لصالح برنامج مستحدث لتدريب العمالة المحلية ورفع كفاءتها ومساعدة رجال الأعمال يطلق عليه اسم تمكين.
من جهته، قال نادر علاوي وهو صاحب ورشة نجارة مخصصة لتجهيزات المعارض لوكالة فرانس برس: ليس من المعقول أن يتساوى من يملك الملايين مع حرفي صغير يدير ورشة نجارة.
وقال علاوي الذي كان يتحدث بانفعال: بدأت عملي عبر القروض (..) علي التزامات عديدة والتدابير التي تم اتخاذها حدث فيها خلل جعلها تعزز الأقوياء وتضعف الصغار.
وتابع بشيء من المرارة: أخرجت أولادي من مدرسة خاصة لأنني لا استطيع أن ادفع لكل واحد ثلاثين دينارا (نحو 80 دولارا) شهريا فكيف سأتمكن من دفع 50 دينارا (نحو 133 دولار) شهريا عن خمسة عمال؟.
وأضاف: إذا استمر الأمر على هذا النحو فلن أتمكن من الوفاء بالتزاماتي وسأغلق الشركة أو ادخل السجن، لكن الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل علي رضي اعتبر في تصريح لوكالة فرانس برس أن بعض رجال الأعمال يشتكون لكن الحقائق تقول شيئا آخر معاكسا.
وقال رضي: إحصائياتنا تظهر أن هناك تصاعدا في استخراج تأشيرات للعمال الأجانب بنسبة تتراوح بين 60 و80% في قطاع الإنشاءات خصوصا شركات الدرجة الثالثة (الصغيرة).
وتساءل: هذا مؤشر ينفي ما يدعونه (..) طلبنا منهم مرارا تزويدنا بأي وثائق تثبت تضرر مؤسسات بسبب الرسوم لكننا لم نستلم شيئا حتى الآن.
واعتبر رضي أن التراجع عن سياسات إصلاح سوق العمل صعب الآن متسائلا: إلى متى سنبقى نعتمد على عمالة أجنبية كثيفة وأوضاع غير طبيعية في سوق العمل؟.
وتابع: عند إقرار إصلاحات سوق العمل كنا نعرف أن بعض الشركات ستتأثر فهذه طبيعة الاقتصاد (..) والرسوم تم تخفيضها بعد نقاش معمق مع غرفة التجارة من 75 دينارا إلى 10 دنانير، ولم يستبعد رضي أن يكون تصاعد الشكاوى قد نجم عن تأثيرات محتملة للأزمة المالية العالمية.
وقال: أتفهم تأثير الأزمة لكننا لا نستطيع أن نعمل بالعواطف. هناك حلول دوما في وقت الأزمات مثل الاندماج أو الانتقال إلى نشاط آخر أو إعادة الهيكلة وهذا ليس جديدا على أي رجل أعمال.
وقال: نتحدث عن حزمة سياسات لإصلاح سوق العمل واعتقد ان الجادين من رجال الأعمال هم الذين سيثبتون وهم الذين نريدهم (..) المتطفلون من مؤجري السجلات والمتاجرين بالتأشيرات سيخرجون من السوق (..) حتى في الأوضاع الطبيعية هناك شركات تخرج من السوق وأخرى تدخل.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس اعتبر اقتصادي بحريني انه: لا مجال للتراجع عن إصلاح سوق العمل، مؤكدا أن الرسوم المفروضة على استخدام العمال الأجانب مفروضة على الجميع وليست رسوما قطاعية.
وأضاف الاقتصادي الذي فضل عدم الكشف عن هويته حتى قبل فرض الرسوم كانت هناك صعوبات في سوق العمل (…) كانت هناك شركات تفلس وأخرى تدخل السوق، لكنه تابع: من المؤكد أن هناك حاجة إلى سياسات وأشكال من الدعم تساعد المؤسسات الصغيرة على التكيف لكن شريطة عدم إفراغ الإصلاحات من محتواها (..) الإصلاح يأخذ وقتا لكن من المهم أن نرى حقائق ومتغيرات جديدة.
وقال هذا الاقتصادي: إن المطلوب الآن من رجال الأعمال هو التكيف مع المتغيرات الجديدة، مؤكدا انه من الممكن بالمقابل بلورة سياسات دعم من قبل الحكومة لكن يتعين أن نرى نتائج ومؤشرات أداء أفضل.