إبراهيم بوصندل
لمن كان له قلب
فيما نحن نناقش بعض المواضيع المتعلقة بقانون العمل في القطاع الأهلي المعروض على مجلس النواب حاليا، وبالتحديد كنا نناقش المواد المتعلقة بمجلس للأجور والحد الأدنى للأجر، وموضوع وقف عقد العمل في حالة الإضراب؛ طلب أحد النواب من ممثلي العمال تصور أنهم هم أصحاب الأعمال أو ممثلي أصحاب الأعمال ، حينها قال أحد ممثلي العمال مازحا وبصورة عفوية: “أعوذ بالله” !!
عندها سألته مازحا أيضا: وهل أصبح تمثيل أصحاب الأعمال معصية أو ذنبا حتى تتعوذ بالله منه !!
في الحقيقة وبعيدا عن هذه الاستعاذة (العمالية)، فإن مما يصعب وضع النواب هو أنهم يجب أن يمثلوا الجميع، وأن يتصوروا أنفسهم محل كل الأطراف حتى يحققوا التوازن المطلوب في تشريع القوانين الدنيوية، وخصوصا مثل هذا القانون الذي سينظم العلاقة بين حوالي ستمائة ألف عامل وصاحب عمل بشكل مباشر، وبين مئات الآلاف من الأشخاص بشكل غير مباشر.
حق الإضراب مكفول بالقانون وهو ما يمكن وصفه في عالم المفاوضات العمالية بوصف (آخر الدواء الكي) فالإضراب هو أداة فعالة ولكنها في ذات الوقت خطيرة ومكلفة للجميع، لصاحب العمل، وللعامل أيضا.
يتخوف ممثلو العمال بأن الإشارة إلى وقف عقد العمل في حالة الإضراب قد يكون بمثابة العقوبة والانتهاك والتخويف للعمال من الإضراب ولكن صرف مرتبات وأجور العمال أثناء الإضراب قد يحول الإضراب إلى إجازة اختيارية مدفوعة الأجر، وسيجعل من الإضراب الوسيلة الأولى والمفضلة لدى العمال.
مع النية الصادقة في نفع العمال وتحقيق مصالحهم والاستجابة لمطالبهم العادلة؛ إلا أن على الجميع مراعاة أصحاب الأعمال والمجتمع أيضا، والذين يعتبر الإضراب بالنسبة لهم كارثة، فالعمل سيتوقف، والإنتاج سيتعطل، والدخل سينقطع، وربما تأثرت بعض المقاولات أو المهام عن الإنجاز والتسليم في الوقت المحدد، بل إن صاحب العمل سيوقف التعامل مع مصادر تمويله بالمواد الخام أو بالخدمات، كما أن زبائن المؤسسة قد يتحولون إلى مؤسسات الأخرى.
الإضراب إذا في حد ذاته طامة على أصحاب العمل، فيكف إذا أضيف له تكليف صاحب العمل بدفع الأجور والمزايا الأخرى !! لا شك أنها على أية حال قضية تحتاج إلى التأني وعدم الاستعجال.
أما قضية الحد الأدنى للأجور فهي حلم كل بحريني (العمال على الأقل) ولكنها هي الأخرى قضية معقدة نوعا ما، ولا بد عن دراستها من مراعاة عوامل كثيرة فبحسب النشرة الإخبارية لسوق عمل البحرين (العدد 3 الربع الثالث 2008) فإن إجمالي التوظيف هو (552,107) عامل، البحرينيون منها (134,718) عامل، بينما غير البحرينيين عددهم (417,389) عامل، أي أن نسبة البحرنة من مجموع العمالة هي (24.4 %) أي الربع، علما بأن العدد السابق يشمل الأفراد المدنيين الذين يعملون في القطاع الخاص والعام وخدم المنازل ومن في حكمهم.
نتفهم غيرة ممثلي العمال ورغبتهم في تحويل القطاع الخاص إلى قطاع جاذب للعامل البحريني، وهذا همّ مشترك؛ ولكن هل سيتم تحديد حد أدنى للأجور للبحرينيين فقط أم للجميع؟ وحتى لو قلنا بمنح علاوات خاصة للمواطنين كما اقترح البعض، فهل هذا سيجعل من العامل الوطني عنصرا مرغوبا لدى القطاع الخاص خصوصا مع السعي لإلغاء نسبة البحرنة !
ربما يكون من الحكمة حذف المواد المتعلقة بمجلس الأجور – والذي قد تكون قراراته استرشادية فقط – والمواد المتعلقة بالحد الأدنى للأجور من قانون العمل في القطاع الأهلي، والسعي لإعداد مقترح بقانون بشكل متكامل ومدروس ومتوازن وتقديمه لاحقا.