تجاهات
فيصل الشيخ
اليوم يمر أسبوع على المقابلة التي نشرناها لرئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل الدكتور مجيد العلوي، والتي خرجنا منها بتصريحات عديدة ووعود واضحة من الوزير بشأن القطاع الذي يتولى مسؤوليته، وما سطورنا القادمة إلا لتذكير رئيس مجلس إدارة الهيئة بإعلانه الصريح عبر ”الوطن” بفتحه تحقيقاً بشأن الملاحظات التي أوردناها حول حالات فساد إداري وتجاوزات واضحة. لدينا ثقة في الأخ مجيد العلوي بأنه سيكون عند كلمته، نظراً لخلفية الرجل السياسية وكونه معارضاً سابقاً. وفي مفهومي الشخصي بأن المعارضة كما أراها في العلوي الذي بادر للتفاعل مع مشروع جلالة الملك الإصلاحي، تعني معارضة الخطأ بسعي لإبداله بما هو صحيح، بالتالي فإن كلمة الوزير العلوي ملزمة، وأن وعده بالبحث عن حالات الخلل في الهيئة أمر حتمي، ونحن ومعنا الكثيرون ممن تفاعلوا مع الموضوع ينتظرون نتائج هذه المساعي الباحثة عن الأخطاء، وما سيسفر عنها من تصليح وإصلاح للهيئة، حتى يمكن لها بعد ذلك أن تصلح سوق العمل. هنا أجدد رفضي الاقتناع بالمبررات التي ساقها رئيس مجلس الإدارة بشأن أسباب ”انحراف” المشروع بالتعبير الذي صدر عن سمو ولي العهد، وذلك حين سعى لتفسير ما عناه سموه، معتبراً أن الخلل في تركيبة مجلس الإدارة، نافياً وبشدة أي قصور في أداء الجهاز التنفيذي، هذا الجهاز الذي نراه أنه سبب المشكلة نظراً للمشاكل الكثيرة التي تسبب بها، سواء في سوء إدارة الهيئة من خلال التعيينات غير المبنية على أسس، وسط وجود رائحة ”للطائفية” الواضحة، والمحسوبية من خلال ”لوبيات” صريحة ومكشوفة.
رئيس مجلس الإدارة حمل مجلس التنمية الاقتصادية مسؤوليات كثيرة، اعتبرها أسباباً أسست للأخطاء الموجودة حالياً. فمجلس التنمية الاقتصادية ”متهم” -بحسب العلوي- بمشكلة ”الهرم المقلوب”، و”متهم” في بعض التعيينات، و”متهم” في صفقات وعقود الشراء التي سبقت مجيء الإدارة الحالية، بل ”متهم” في المبنى الذي ”تورط” به رئيس مجلس الإدارة -بحسب وصفه- وسجل ذلك في أول اجتماع رسمي له بهدف أن يؤكد أنه ”براء” مما حصل في السابق، طبعاً ليس هو وحده، بل معه رئيس الهيئة الذي استغربنا الدفاع المستميت عنه، ووصفه بأنه الوحيد القادر على إدارة هذا المشروع في البحرين! والغريب حين يكون هو الوحيد القادر على إدارة المشروع، وتنبع في قطاعه هذه المشاكل. في مسألة تفسير تصريح سمو ولي العهد، أجدني أقف رافضاً أيضاً لما صرح به رئيس مجلس الإدارة، إذ الوحيد الذي يملك تفسير هذه التصريحات هو صاحب المشروع نفسه، سمو ولي العهد الذي لم تصدر منه هذه الكلمات إلا تعبيراً عن عدم رضاه بما يحصل. وحين يقوم الوزير بتفسير كلام سموه، ويدلي به للصحافة وكأن إجابته هي التي ستضع النقاط على الحروف، حينها سنقول له: لحظة من فضلك، هل أوعز لك سمو ولي العهد أن تصرح وتفسر كلامه، وبالاتجاه الذي مضيت إليه؟!
هل سمو ولي العهد يرضى بما يحصل من أمور مرفوضة تماماً بما يخص حالات التوظيف الانتقائية، ومساعي تعزيز الطائفية في الهيئة، بما يدفع رئيس مجلس الإدارة لأن يصرح وبكل ثقة بأنه لا يرى أي فساد إداري في الهيئة؟! قلناها من قبل، ونرجو أن يوضع تحتها ألف خط أحمر، الوحيد الذي سنؤمن بقوله إن المشروع قد عاد لمساره بعد انحرافه هو سمو ولي العهد ولا أحد سواه. وتصريحات سموه ليست مجالاً لأن يجتهد أحدهم فيها، فيفسرها على هواه وعلى حسب الاتجاه الذي يريد للقضية أن تمضي فيه، أو حماية لأشخاص كثرت الملاحظات بشأنهم. هذه المسألة نرفعها إلى الأخ الفاضل الشيخ خليفة بن دعيج آل خليفة رئيس ديوان سمو ولي العهد، إذ لا نعتقد بأن ديوان سموه يقبلون بأن يتم تفسير تصريحات ولي عهدنا الأمين بهذه الطريقة، ومن قبل مسؤول كبير يضفي عليها -بحكم منصبه- طابع الحتمية والرسمية، وأن ما أورده هو بالفعل ما عناه سمو ولي العهد حفظه الله.
كما نلفت عناية الأخ الفاضل رئيس مجلس التنمية الاقتصادية الشيخ محمد بن عيسى بن محمد آل خليفة إلى ضرورة بيان موقف مجلس التنمية الاقتصادية مما أورده رئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل بشأن دور مجلس التنمية في بعض الأمور التي أشار لها في حديثه، خاصة مسألة ”الهرم المقلوب”، وتوقيع الاتفاقات والنظام والمبنى وبعض التعيينات. إذ كثير ممن قرأ المقابلة خلص إلى فهمه بأن مجلس التنمية الاقتصادية بات في موقع ”اتهام”، رغم قناعتنا بأن هذا المجلس الذي يوجد سمو ولي العهد كرئيس أعلى فيه جاء ليفتح آفاقاً واسعة لبحرين ناهضة اقتصادياً، متطورة في منظومات البناء المختلفة، ومن بينها عملية تطوير السوق وتأسيس أطر احترافية تقدمية لإدارته. طبعاً، الآن الاتهام سيوجه لنا بأننا نسعى لإثارة ”البلبة” بين الأطراف المتداخلة في القضية. إلا أن ردنا على ذلك بسيط جداً، متمثل بأن هناك تبريرات من طرف واحد، بعضها فسر تصريحات صادرة عن سمو ولي العهد، ووجدنا في التفسير ”توجيها” لتدعيم موقف الهيئة، هذه الهيئة التي باتت ”سيئاتها” أكثر من ”حسناتها”، وفي جانب آخر إلقاء اللوم على مجلس التنمية، ما يعني ضرورة أن نعرف وجهة نظر الأطراف الأخرى، وهي أطراف أساسية وأكثر تأثيراً ومسؤولية من رئيس مجلس الإدارة بهدف بيان حقيقة ما يحصل للشارع العام. بعيداً عن ذلك، هل يمكن لرئيس مجلس الإدارة أن يخبرنا بما فعل خلال أسبوع من المقابلة ونشر وعوده بفتح التحقيق في الملاحظات التي أوصلناها له؟!
هل حقق مع ذاك المسؤول الذي ألقى بـ”قنبلة طائفية” عن تباين النسب في الهيئة؟! هل حقق بشأن بعض التعيينات التي لا تتوافق مع متطلبات المناصب، وغيرها؟! حتى الآن لا شيء، في وقت لم تتوقف فيه الرسائل البريدية المتفاعلة مع الموضوع الداعية لإصلاح الخلل في الهيئة، يضاف إلى ذلك الاهتمام الواضح بالموضوع من قبل عديد من الأطراف، خاصة ديوان سمو رئيس الوزراء عبر الاتصال الذي تلقيته. بالأمس تحقق ”إنجاز” جديد يضاف إلى ”إنجازات” الهيئة، إذ بعد أن اصطف ”الطابور الصباحي” للمتعاملين مع الهيئة منذ الصباح الباكر لأخذ أرقام تنظم عملية دخولهم لإجراء معاملاتهم، يفاجئون بالاعتذار منهم بعدم التمكن من إجراء المعاملات لوجود ”النظام” في حالة صيانة سنوية شاملة! بهذا الشأن ننشر خبراً اليوم على لسان أحد المتحدثين في الهيئة، لكن الغريب في المسألة، أن يتم إجراء عملية صيانة دورية في ظل وجود العملاء، ما أعنيه أنه لو صحت مسألة ”الصيانة” ولم تكن بالأساس عطلاً مفاجئاً أو خللاً، كان من المفترض أن يصدر إعلان ”بتعطيل” خدمات الهيئة بالأمس لتجنيب المتعاملين تعب الانتظار والتواجد منذ الصباح الباكر، ولكانت اللافتة على مداخل الهيئة التي تشير لوجود الصيانة وتعد بمعاودة تسيير المعاملات من الغد (اليوم) قد ألصقت منذ أمس الأول بعد نهاية الدوام، لا أن تلصق بعد أن جلس العملاء ينتظرون تسيير معاملاتهم. يبدو أن ”نظام” الهيئة الذي صرفت عليه بضعة ملايين من الدنانير، بحاجة إلى صرف المزيد من ”الفلوس” لتأمين نظام ”دعم” له (Backup) يؤمن له ديمومة العمل تحت أي ظرف من الظروف.
إلا أن كان هذا الاختراع لم تتفتق عنه الأذهان بعد! المشوار مستمر، الكثير من المعلومات تصلنا، وكثيرون يريدون أن يتكلموا، لكن للأسف يتجهون لنا، ولا أدري هل ”باب الرئيس” الذي وعد بفتحه أمام أصغر موظف لم يتم فتحه بعد؟! عموماً الأسبوع القادم، سنثير قضية تعتبر أحد المصائب التي تسبب بها سوء التخطيط في الهيئة، ما يكشف بالفعل عن وجود كفاءات مذهلة (لا يهم تخصصها بقدر ما يهم حملها البكالوريوس) تضع سياسات مفصلية وخطط عمل الهيئة.