نظام الكفيل بين انتصار حقوق الإنسان وحماية مصالح التجار

مازال قائماً رغم وعود إلغائه واستمرار الدراسات

نظام الكفيل بين انتصار حقوق الإنسان وحماية مصالح التجار

من الواضح أن هناك علاقة ارتباطية بين مكافحة الاتجار بالبشر وإلغاء نظام الكفيل، وهو الملف الذي حملت الحكومة البحرينية رايته في طليعة الدول الخليجية، وتستعد لقطع شوط طويل بشأنه.

وكان هذا الموضوع قد طرح بقوة في اجتماع دولي واسع شهدته العاصمة الإماراتية أبوظبي في 21 يناير/كانون الثاني 2008 وشارك فيه ممثلون عن دول الخليج، ومنها البحرين، وكذلك ممثلون عن البلدان الآسيوية التي يأتي منها معظم العمال الأجانب.وقد يقتضي الأمر أن نحدد في هذا المجال مفهوم الكفالة، وهي أن يكفل مواطن من البلد أجنبياً ليستطيع استحضاره إلى البلاد من أجل العمل، غير أن هذا الأجنبي قد يحجب عنه حق اختيار مكان عمله وصاحب العمل الذي يعمل لديه، مما يجعله محدود الحركة في البلاد، وهو ما يعد متضاربا مع ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث تتضمن المادة 13 ”لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة، يحق لكل فرد أن يغادر أي بلد بما في ذلك بلده، كما يحق له العودة إليه”.

وبالطبع، فإن إلغاء الكفالة قد يسبب متاعب لأصحاب الأعمال، حيث إنه يلتزم باستحضار العامل ودفع رسوم ذلك، وقد يضطر حتى إلى تعليم أو تدريب العامل، وكل ذلك على نفقته، كما أن إلغاء نظام الكفالة قد يؤدي إلى تسيب العامل، أو أن يقرر تغيير رب عمله الذي أنفق عليه كل رسوم جلبه واستخرج أوراقا له، مما يسبب خسارة لصاحب العمل.

توجه خليجي لإلغاء نظام الكفيل رأت دول خليجية أنه يجب إيجاد نظام يخالف نظام الكفالة الحالي، حيث سبق أن قال المتحدث الرسمي باسم هيئة حقوق الإنسان السعودية زهير الحارثي ”العمالة ليست الوحيدة التي تضررت من نظام الكفالة، فهناك مواطنون أيضاً تضرروا من هذا النظام لاستغلال بعض العمالة ثغرات في نظام الكفالة، ومطالبتنا بضرورة الإسراع في إلغائه واستبداله بنظام آخر يراعي حقوق جميع الأطراف، ولا علاقة له بمطالبة المنظمات الحقوقية الدولية، وكل ما في الأمر أنه نظام أثبت فشله ويجب إلغاؤه”.

كما أشارت قطر إلى أنها ستدرس تجربة البحرين في إلغاء هذا النظام، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذا النظام، مازال قائماً، ربما لصعوبة إيجاد حل يرضي جميع الأطراف المعنية.

وقد نشرت صحيفة ”لوموند” الفرنسية وصفا للمساكن التي يشغلها عمال البناء في دبي، وجاء فيها ”سونابور” أو ”مخيم العمل” يشكلان نموذجاً عن وضع العمال الأجانب عموما، حيث تصل أعدادهم إلى الآلاف، وجميعهم محتشدون في مبانٍ تشبه المباني السوفياتية، حيث يتشارك الغرفة الواحدة 5 عمال، وتقام في الخارج مطابخ على نحو غير منتظم على السطوح المصنوعة من إسفلت، والمياه الراكدة ضمن الطرق الموحلة تفوح منها رائحة أشبه بالمجاري، والنفايات مرمية في كل مكان، باختصار، تبدو ”سونابور” بمظهر ”مدينة الصفائح”.

وفي الجريدة نفسها، تحدّث العاملون عن المستوى المعيشي الذي يعانون منه، حيث قال إسماعيل وهو عامل بدبي إنه ”يعمل في شركة للمعادن، ويعمل ساعات إضافية وأحياناً في الليل هو وأخوه حتى يجنيان ما يقارب 1200 درهم”.

وأضاف ”في البداية كنت أدخر المال ولكن ذلك لم يعد ممكناً، فالتضخم المتزايد والرواتب تبقى على حالها”.

وقال جاره وهو عامل أيضاً ”لم نعد نستطيع العيش، وبعد ثلاثة أيام سوف أعود إلى بلدي ولا يهمني إذا بقيت فقيراً”.