مشاهدات – عصمت الموسوي
المواطنون أولى بالاضراب من الصيادين, ذلك ان الاسماك قد تحولت الى وجبة بذخية فاخرة على موائد البحرينين لا يقدر عليها الا الاثرياء والميسورون, «الله يا زمان ربعة الشعري بثمان» قال شاعرنا الشعبي عبدالرحمن رفيع ذات يوم من ايام الستينات, فما عساه يقول اليوم في سلعة معيشية مهمة واساسية ينصرف عنها المواطنون من اصحاب الرواتب المتدنية والمحدودة وما يسمى بالوسطى هربا من ارتفاع اسعارها وشحتها وندرتها وربما انقراضها, بل ويطالبون بدعمها «للمستحقين» كي تكون متاحة للجميع وليست حكرا على بعض. مثلما جرى لتسوير وتسييج الأراضي الوقفية بعيدا عن التخطيط العام وتحديد ما للدولة وما للافراد, ما للمشاريع الاسكانية العامة وما للمشاريع الخاصة, رأينا انفسنا ايضا امام بحار مخصخصة، وتقول جمعية الصيادين ان 80% مما نأكله من اسماك هو من خارج المياه الاقليمية, اي الصيد في المناطق الممنوعة. وربما كانت مطالب الصيادين واضراباتهم وشكواهم هي الاكبر طوال السنوات الماضية لكن نحمد الله ان الملف ظل في اطار المهنة وشؤون المعيشة وقطاع الصيد والبيئة ولم يسيّس او يوظف كأداة لخدمة اجندات اخرى كما حدث في ملفات شائكة وعديدة من اين يبدأ الصيادون بطرح اشكالاتهم الكثيرة والمعقدة والمتشابكة التي من حسناتها القليلة انها واحدة وعامة وتنطبق على الجميع وبعدالة, لا فرق فيها بين سواحل البديع او سواحل المحرق او الجنوبي, انا اسميه الدفان العادل الذي رصد كل شبر بحري في جزيرتنا الصغيرة وعمل فيه دفنا وتدميرا للثروات البحرية واستخراجا للرمال قبل تحويله الى مشروع خاص . ما كان للصيادين ان يعترضوا على سن القوانين ودفع الرسوم المفروضة عليهم من هيئة سوق العمل اسوة بغيرهم من الشرائح لو ان البحر كان متاحا ومحكوما بالقوانين العادلة والمعايير والقيود الواحدة على الجميع دون استثناء وبالتعويضات المجزية والمطالب المسموعة. اعتقد ان اضراب الصيادين سيكون يوما معتادا في حياة المواطنين, فكثيرون لا يتناولون السمك الا نادرا, مطالب الصيادين على مائدة مجلس النواب ظلت بلا حراك بينما استمر قطاع الصيد في التراجع, وفي الوقت الذي يقترحون فيه تخصيص صندوق دعم لاهل المهنة والمتعثرين فيها والخارجين منها الى ضفة العطالة يتواصل الدفن والصيد الجائر يوميا, إن ثلاثين عاما جديدة من الدفان القادم وبناء الجزر البحرية قد تحول الجزيرة البحرية الى بلد بلا مياه اقليمية.