كتب: عبدالرحيم فقيري
طالب رجل أعمال بحريني الحكومة بإلغاء جميع الرسوم التي يقوم بتسديدها المستثمرون لمختلف مؤسسات الدولة الرسمية مؤقتا، حتى تخرج الأسواق من تبعات الأزمة المالية العالمية التي بدأت تطال مختلف القطاعات الاقتصادية وقطاعات الأعمال في الأسواق المحلية، مشيرا إلى أن الكثير من المؤسسات الأهلية سوف تكون مرغمة على تسريح عدد كبير من الأيدي العاملة الموظفة لديها، وأن البحرينيين لن يستثنوا من التسريح، بل إنهم قد يكونون في مقدمة العمالة التي يتم تسريحها ولاسيما في قطاعات وأنشطة العمل التي تتطلب توافر خبرات قادرة على إدارة العمل.وأضاف: إن نسب البحرنة التي ما زالت هيئة تنظيم سوق العمل ترغم مؤسسات القطاع الخاص العاملة في البحرين، على استيفائها، تعتبر واحدة من أعلى نسب الضريبة التي تتم جبايتها من قطاع العمل الخاص في المملكة، فالأجر الذي يتقاضاه أي عامل غير مؤهل للقيام بمهام الوظيفة التي يشغلها في أية مؤسسة من المؤسسات المرغمة بإبقائه من قبل السلطات الرسمية، يشكل عبئا ماليا على هذه المؤسسة، وهو أمر ينبغي إعادة النظر فيه، وخاصة في هذه الظروف الاقتصادية التي تمر بها الأسواق الموعودة بركود كبير خلال العامين المقبلين حسب استقراءات وتصريحات محللي الأسواق والاقتصاد العالميين.
وقال رئيس مجلس إدارة المؤسسة العربية للطباعة والنشر السيد رائد محمود المردي في تصريح لـ (أخبار الخليج): إن قطاعات عمل كثيرة تواجه اليوم عقبات حقيقية تهدد استمرارها وبقاءها في ظل التراجع الكبير للطلب على الخدمات أو المنتجات التي تقدمها، مع بقاء أسعار المواد الأولية مرتفعة بمستويات قياسية، ومن هذه القطاعات قطاع الطباعة الذي يصارع اليوم من أجل البقاء في وجه إعصار الأسعار الملتهبة للمواد الأولية التي يعتمد عليها العمل في هذا القطاع.
لقد ارتفعت أسعار الورق إلى مستويات غير مسبوقة مع ارتفاع أسعار النفط، إلا أنها لم تتراجع بالقدر الذي ارتفعت به حين هبطت أسعار البترول من 147 دولارا للبرميل إلى 35 دولارا، فعلى سبيل المثال ارتفع سعر الورق المصقول (آرت بيبر) في الربع الأخير من 2007، بنسبة تتراوح بين 350 إلى 400% عن مستوياته السعرية في الربع المقابل من عام 2006، من 700 دينار إلى 2800 دينار للطن، فيما ارتفعت أسعار ورق الجرائد بنسبة لا تقل عن 100% خلال فترة المقارنة، ولكن لما هبطت أسعار النفط وتراجع الطلب العالمي على المطبوعات، لم تسجل أسعار الورق المصقول وورق الجرائد هبوطا إلا بنسبة لا تزيد عن 50% عن مستوياتها القياسية.
هذا، بالإضافة إلى أسعار الأحبار التي ارتفعت بمستويات قريبة من مستويات ارتفاع أسعار الورق، تأثرا بالغلاء الذي طال جميع السلع الاستهلاكية على خلفية الارتفاع الجنوني لأسعار النفط، فضلا عن المنافسة التي بدأت تشكلها لنا مطابع غير بحرينية، حيث تعمل مكاتب تابعة لهذه المطابع على الاستحواذ على الكثير من الأعمال التجارية من السوق البحريني وطباعتها في دولة مجاورة، وأعتقد أن الحكومة مطالبة من خلال مؤسساتها المعنية بتنظيم العمل في هذا القطاع من خلال وضع قوانين حمائية للمؤسسات الوطنية، تمنع حدوث مثل هذه الممارسات التي بدأنا نشك أن من ورائها مستفيدون.
ونقول: إن الحكومة مطالبة بمحاربة مثل هذه الظاهرة، لأن المؤسسات الأهلية البحرينية والتي تعتمد عليها الحكومة في توفير فرص العمل للمواطنين، معرضة لأكثر من سبب بالتوقف، مع تقلص الأرباح وتراجع المكاسب التي كانت لا تتعدى قبل الارتفاع الكبير لأدوات الطباعة في قطاع المطابع نسبة 10%، وهي نسبة تآكلت تماما استطاعت بعض المؤسسات موازنتها مرة أخرى عند حد اللاربح ولا خسارة، بعد التراجع المتواضع للأسعار مرة أخرى. أضف إلى ذلك، الرسوم الأخرى التي تستقطعها مؤسسات الدولة من المؤسسات الأهلية، كالتأمين الإلزامي، ورسوم تشغيل الوافدين، ورسوم استقدام العاملين، وهي رسوم أعتبرها شخصيا ضرائب باهظة تجبى من هذا القطاع من دون وجه حق، فعلى سبيل المثال، فلا أرى أي مبرر لجباية ضريبة استقدام الوافدين طالما أن المؤسسات المعنية بتوفير الكوادر والخبرات المطلوبة في قطاع الطباعة عاجزة عن توفيرها، فما زال الطلب على خبرات في مجالات معينة بمختلف أقسام المطبعة الخاصة بنا، مرفوعا لهذه المؤسسات غير أن فاقد الشيء لا يعطيه.
نعم أنا لست ضد البحرنة، ولست ضد توفير فرصة العمل الكريمة للمواطنين، غير أنني لست مؤسسة لرعاية شئون اجتماعية، ولست مؤسسة خيرية تابعة للهلال الأحمر، أنا مستثمر في مؤسسة تسعى للربح، تحاربها الحكومة بفرض رسوم وضرائب باهظة تقصم ظهر القائمين عليها وهم يمرون بأزمة مالية عالمية تحولت بسرعة البرق إلى أزمة اقتصادية عالمية طاحنة يتوقع أن تكون أكثر ضراوة على جميع القطاعات الاقتصادية والأنشطة التي لن تراهن على الإبقاء على ما يعرضها للانهيار، ولن تنتظر أن تحرر لها المؤسسات الجابية للضرائب شهادة الوفاة.
نعم الحكومة حاولت بدورها بجد وجهد في التخفيف على هذه المؤسسات فيما يتعلق بالرسوم التي يتم اقتضاؤها في الجمارك، لكن جهات لا ندري تحديدا كيف تسير دفة الأمور عندها، سنت قوانين ما أنزل الله بها من سلطان، حيث عمدت هذه الجهات إلى سن قانون الرسوم الصفرية (تاكس فري) بالنسبة الى المطابع التي تتخذ من المنطقة الصناعية بالحد مقارا لها.
هناك مؤسسات طباعة ودور نشر في البحرين يفوق عمرها العقود الأربعة، وهي لها مقارها داخل البحرين، وتشغل النسب التي تقررها الدولة من البحرينيين، وتجري عليها ما تجري من قوانين تصممها وتنفذها هيئة تنظيم سوق العمل وهي هيئة أمعنت الضرب على رؤوس المستثمرين وتفننت في تعذيبهم، وسوف تدفعهم إلى الهروب بما تبقى من استثماراتهم، فلماذا لا ينطبق على هذه المؤسسات ما ينطبق على المؤسسات التي تستأجر مقارا من الحكومة في المنطقة الصناعية فيما يتعلق بالرسوم الصفرية لوارداتها!! نحن نريد أن نفهم معنى هذا التصرف.. أهو تصرف طبيعي أم أن وراءه ما وراءه؟.
ونسائل الحكومة؛ مَنْ منْ المستثمرين العاملين في مجال الطباعة له القدرة في الوقت الراهن الذي يواجه فيه الجميع تحديات وصعوبات بالاستمرار في ظل ارتفاع أسعار مواد الطباعة والورق وغيرها من الضغوط التي تمارسها هيئة تنظيم سوق العمل وغيرها من الهيئات والمؤسسات الرسمية المماثلة، من منهم لديه القدرة على استثمار ملايين الدنانير في البناء في المنطقة الصناعية.
صدقوني لو كانت هذه المؤسسات لديها مثل هذه المقدرات، لكانت توسعت في أعمال الطباعة وعززت من مركزها التنافسي في واقع تغزو فيه مؤسسات طباعة الأسواق وتسرق الأعمال منها، وتقوم مطبوعات بحرينية بطباعة احتياجاتها خارج البحرين.
للأسف، وهذه حقيقة أقولها بالنيابة عن جميع التجار والمستثمرين، فإن الغرفة التجارية باتت مؤسسة لإصدار النصائح والمرئيات وعقد وتنظيم المنتديات والمشاركة (الفاعلة) في المحافل الدولية، لكننا لا نعرف ما هي الخطوات الحمائية (الفاعلة) التي نفذتها أو تمسكت بها أو أقرتها، أو جمعت موقف الشارع التجاري حولها.
ما نعرفه عن الغرف الصناعية والتجارية، أنها تمثل صوت الشارع الصناعي والتجاري، والجهة التي تحول دون المؤسسات العاملة في هذه القطاعات والتوقف عن العمل أو إعلان إفلاسها، غير أن الغرفة التجارية عندنا ليس لها دور في حلحلة المشكلات التي يتعرض لها التجار والصناع البتة.، ويؤسف أنها راضية قانعة بهذا الدور المخجل.