خليل بوهزّاع
تتواصل الحوادث التي تتعرض لها العمالة الأجنبية، والتي في كثير منها تؤدي إلى الوفاة، فبالأمس القريب لقي ثلاثة عمّال بنغاليين حتفهم حرقاً في المنزل الآيل للسقوط الذي أتى عليه حريق في منطقة جدحفص، كما تناقلت الصحافة أيضاً خبر وفاة آخر مقتول على يد ابن مخدومه، والقاتل الآن يقبع في مستشفى الأمراض العقلية، عسى أن يقر الأطباء بعتهه، لتذهب روح العامل في مهب الريح.
تلك الحوادث، والكثير منها يتكرر يومياً، وهي لا تعبر إلا عن حجم المآسي التي يتعرض لها العمّال الأجانب صباح مساء، سواء من قبل أرباب العمل الذين ليس لهم هم سوى الكسب السريع على حساب أرواح وسلامة العمال، أو من قبل الظروف السيئة التي أجبرتهم في بلدانهم إلى اللجوء إلى دول المنطقة سعياً لتحسين أوضاعهم المادية والمعيشية، وهو ما يتطلب وقفه جدية سواء من قبل الجهات الرسمية أو الأهلية لحجم ما تتعرض له حقوق هذه العمالة من انتهاكات.إن ما يتعرض له العمال الأجانب، والآسيويين بالتحديد، سواء في شركات المقاولات أو كعاملات في المنازل، لا يرتبط بالتحديد بالتشديد في العقوبات التي قد تفرض على رب العمل فحسب، بل يجب أن تتعدى ذلك إلى حملات توعية بحقوق بشر، أجبرتهم ظروفهم الاقتصادية على اللجوء إلى هذه المنطقة، سواء في دور العبادة أو المراكز التعليمية، لتصل إلى ربات المنازل في بيوتهن.
وتقع المسؤولية الأكبر على الجهات الرسمية ممثلة في وزارة العمل ووزارة الداخلية في تشديد حملات الرقابة والتفتيش على الشركات ليس للقبض على من انتهت رخصة إقامته في البلد، بل لتشمل أيضاً السكن الذي يتكفل بتوفيره رب العمل، والاطلاع على الظروف المعيشية التي يعيش فيها العمال الأجنبي، ومدى ملاءمتها جميعاً والشروط الواردة في القوانين المحلية، التي لا بد أن ترتقي إلى معايير منظمة العمل الدولية في معاملة العمالة الوافدة.
وفي ذات الوقت، لا يمكن إعفاء مؤسسات المجتمع المدني، وعلى رأسها الاتحاد العام لنقابات عمّال البحرين وغرفة التجارة والصناعة عن مسؤوليتهما في المساهمة في توعية المواطنين بحقوق هؤلاء البشر قبل أن يكونوا عمال، والتصدي لقضاياهم بكل جدية وحزم، بدلاً من الاكتفاء ببيانات تعزية ومواساة.
لقد جاءت العمالة الوافدة إلى بلدان المنطقة بحثاً عن فرص يمكنهم من خلالها تحسين أوضاعهم المعيشية، وهم قبل ذلك، صرفوا مبالغ طائلة على ما يتقاضونه هنا، من أجل تلبية متطلبات وكالات تصدير العمالة في بلدانهم، ونأتي نحن مرة أخرى بكل ما نملكه من جشع، لنظلمهم مرة أخرى.