رسالة إلى سعادة وزير الداخلية

إبراهيم الشيخ

إلى سعادة وزير الداخلية المُحترم والمُجتهد، الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، أكتب إليك هذا النداء، وكلّي أمل -كما عهدناكم دائماً، اتخاذ الإجراء الذي يضمن إرجاع الحقوق لأصحابها، والعمل على كشف جانب الفساد الإداري الذي تضرّر منه العديد من المواطنين، الذين بُحّت أصواتهم، ولكن للأسف مازال حقّهم ضائعاً، ومازال من أفسد يصول ويجول، ليقتطع حقوق الناس من دون وازع من ضمير.القضيّة باختصار يا سعادة الوزير، أنّ أحد المواطنين، وهو من عائلة كريمة، يعرفها القاصي قبل الداني بتدينها وكرمها على الفقراء والمحتاجين، قد تقدّم قبل أكثر من سنة، لطلب الحصول على تأشيرة لجلب عامل للعمل في أحد محلاته، ولنتابع أحداث قصّته المثيرة:

بعد أن استكمل الإجراءات الرسمية للحصول على التأشيرة، وبعد مراجعة أوراقه تم إخباره لاحقاً أن الطلب مرفوض لأن المهنة لا تتطابق مع الشخص المطلوب جلبُه، لذا قام صاحبنا بطلب استلام التأشيرة الأصلية التي خرجت باسمه، لإحضار شخص آخر، وهذا حقٌ كفله له القانون، وهنا تبدأ الحكاية، حيث اكتشف صاحبنا وبعد (التمطيط) غير المقنع في الموضوع، أنّ هناك من تلاعب بالموضوع من داخل دهاليز الوزارة، وبدأت القصّة عندما طلب صاحبنا النسخة الأصلية من التأشيرة التي يستطيع من خلالها التحرّك لاستجلاب عامل آخر، ليفاجأ بالخبر أن النسخة الأصلية غير موجودة! وتم بعدها إعطائه نسخة منها، وتلك النسخة ينطبق عليها القول السائد: لا تسمن ولا تغني من جوع! حيث لا يتم اعتماد المعاملات، بل حتى إجراءات التقاضي إلا بالنسخة الأصلية فقط لا غير!

هنا أُخبر صاحبنا بالكارثة، وهي أن هناك عاملا أجنبيا موجودا ومُستقدما على نفس تلك التأشيرة، أي باسم صاحبنا ومن دون علمه، وعندما استوضح الأمر، قام الضابط المعني بعرض أوراق تخليص التأشيرة على صاحبنا، ليفاجأ بأن توقيعه مزوّر، وذلك في الوقت الذي كانت فيه أوراق معاملته مازالت في حوزة الجهة المعنيّة في الوزارة لاستكمال الإجراءات، ولم تنتقل بعدُ لأي جهة أخرى، يعني ذلك؛ أن التزوير قد تم داخل دهاليز المكاتب المعنيّة بالوزارة، وهناك قال له المحقّق في مكتب التحقيقات بالجوازات: «احمد ربك فهناك غيرك سُرقت لهم العديد من التأشيرات«! وهذا كلام جد خطير. وتتواصل الحكاية المثيرة، حيث كشف له الشرطي، أن هناك عاملاً مستقدما بتأشيرتك، وعرض عليه اسم العامل بل حتى اسم المخلّص الذي أنهى تلك المعاملة، وبعد البحث، تم التوصّل لذلك المخلّص، الذي بالطبع نفى بعد مواجهته، علمه بالشخص الذي أوكل إليه مهمة تخليص تلك المعاملة؟!

هنا طلب صاحبنا مقابلة الوكيل المساعد للمنافذ والبحث والمتابعة، حيث تم تسليم صاحبنا رقما للمراجعة، لكن لم يستطع مقابلة الأخ الوكيل، لسبب متكرر أن الوكيل مشغول! واستمرت هذه الحكاية طوال تلك المدّة، وهنا علامة تعجّب كبيرة، فرئيس الوزراء من السّهل أن تقابله، بينما وكلاء ومديرون، يُفترض أن يكونوا في خدمة الشّعب، تصعُب مقابلتهم والحديث إليهم، مع أن صميم عملهم يفرض عليهم التقاء الناس وحلّ مشاكلهم؟!

القضيّة لم تنته، فلم يسكت صاحبنا عن حقّه، وتوجّه بالقضيّة إلى النيابة العامة، بعد مماطلة لعدة أشهر، وهناك ضاعت (الحسبة) في الحصول على موعد مع النائب، مرّة لعدم تواجده، ومرة لانشغاله بقضية أخرى، ومرة بسبب تحديد موعد صادف سفر الشخص المعني بتخليص تلك التأشيرة، بعدها أخبر صاحبنا أن النائب المعني بتلك القضايا قد تحوّلت إدارته إلى نيابة المرور، حينها تم الاتصال ببدالة الداخلية للوصول إلى رقم تلك النيابة المستحدثة، فاتضح أن البعض مازال لا يعرف مكانها، ثم أخبر أنها حديثة التشكيل!

مع متابعة القضية، قيل له إن الموظّف المعني بالموضوع مريض، ولا يداوم سوى ساعة في اليوم، لذلك فالانتظار وضياع الحقّ هو سيد الموقف هنا! لا تسأل حتى متى؟ حتى لو كنت مطالباً -كما هو صاحبنا-، بدفع مبلغ التأشيرة إلى هيئة تنظيم سوق العمل، مع متأخراتها، على الرغم من أن العامل المُستقدم، قد سُرقت تأشيرته الأصلية وتم بيعها لشخص آخر!!

إلى سعادة الوزير المكرّم راشد بن عبدالله، لم أكتب هذه الرسالة، إلا لأنني متيقّن أنك لا ترضى أن يحدث هذا الأمر داخل دهاليز الوزارة، لأنه بلا شك؛ يسيء الى  سمعتها، وقد كان لدوركم الكبير في كشف أوجه من الفساد في إدارة المرور وفي بعض الجهات الأخرى، محفزاً لنا، لنُطلعكم على هذه القضية الخطيرة، التي تحتاج إلى تدخّلكم المباشر والسريع لاستئصال الموظفين الذين باتوا يسرقون تأشيرات المواطنين، لعلمهم ببعض الثغرات القانونية التي تخدمهم في ذلك، وكلّ ذلك إيماناً منّا بدوركم في الإصلاح ومحاربة أوجه الفساد في كل مرافق الدولة.

علمت بعد متابعتي للقضيّة، أن هناك العديد من القضايا المشابهة التي تضرّر منها العديد من المواطنين، والتي لم يُتّخذ حتى الآن أي إجراء صارم لمواجهتها، كتشكيل لجنة تحقيق لكشف ومحاسبة الأشخاص الذين امتهنوا سرقة تأشيرات المواطنين، علماً أن أسماء المخلّصين وأوراق التأشيرات فيها العديد من المفاتيح التي قد تساهم في الوصول إلى تلك الأسماء، تقبل تحياتي مجدداً، ونحن بانتظار موقفكم المشرّف.