نواب واقتصاديون يطالبون «التنمية» بتحديد خط واقعي للفقر
الوقت – جواد مطر:
اعتبر نواب واقتصاديون أن ”الأجور في القطاعين العام والخاص متدنية مقارنة مع متطلبات المعيشة، سواء بالنسبة للفرد، أو الأسرة”، معتبرين أن ” تحديد خط الفقر من شأنه أن يسهم في تحديد دخل العائلة، ومن ثم فرز شرائح المجتمع إلى فقيرة، متوسطة أو غنية”.
وأشاروا في تصريحات لـ ”الوقت” عقب تقريرها الذي نشرته أمس ومفاده أن أكثر من نصف البحرينيين فقراء إلى أن ”الأجر المدفوع للعمالة الوطنية لا يتناسب كلياً مع الواقع الاقتصادي في المملكة، وفقاً للأرقام والحقائق التي تم كشفها حديثاً في هذا الجانب، وأيضاً في ظل ارتفاع الأسعار المطرد”.
من جهته، طالب النائب عيسى أبوالفتح، وزارة التنمية الاجتماعية ”الإسراع في الإعلان عن خط الفقر الحقيقي والواقعي، الذي يتماشى مع الظروف الاقتصادية والمعيشية في المملكة”، مشدداً على أن”التأخير في الإعلان عن خط الفقر الصحيح ليس في صالح الوزارة أبداً، باعتبارها الجهة المسؤولة عن الفقر”.وقال إن ”السرعة في الإعلان عن خط الفقر، يجب أن تقترن بتحديد الأسس والمعايير التي بموجبها تم تحديد ذلك الخط”، منوها إلى أن ”الأجور في القطاعين العام والخاص، متدنية مقارنة مع متطلبات ومستلزمات المعشية، سواء بالنسبة للفرد، أو بالنسبة لدخل الأسرة، كما أن خط الفقر من شأنه أن يسهم في تحديد دخل العائلة، ومن ثم فرز شرائح المجتمع إلى فقيرة، متوسطة أو غنية”.
واستدرك ”لابد أثناء النظر إلى حجم العمالة الوافدة، قياس حجم المشروعات الموجودة في المملكة، فإذا كانت أكثر من طاقة العمالة المحلية والوافدة الموجودة حالياً، فمن الجيد الاستعانة بعمالة أخرى”، منوها إلى أن ”معظم دول الخليج بحاجة إلى عمالة للمساهمة في مشروعات البنية التحتية، والمشروعات الاستثمارية”.
المهدي: نسب العمالة واقعية
من جهته، رأى الاقتصادي حسين المهدي أن الإحصائيات التي كشفتها ”الوقت” أمس ”واقعية، وغير مستغربة تماماً، نظراً للتشوه الحاصل في الهيكل الاقتصادي لسوق العمل”، مضيفاً أن ”سوق العمل في الخليج، وبصورة محددة في البحرين يشكو من تشوه في الهيكلية، وفي تركيبة الأيدي العاملة”.
ولفت إلى أن ”هدف الاقتصاديات في الدول الغربية -كأمريكا- يتركز في تنشيط الاقتصاد الوطني لديها، سعياً منها لخلق وظائف وفرص تدعم مواطنيها وتعزز القوة الشرائية لديهم، وبالتالي الإسهام في تنشيط الحركة الاقتصادية والنمو الاقتصادي من ناحية، وتحقيق معدلات تنمية اجتماعية اقتصادية شاملة يعيش من خلالها الفرد المواطن حياة كريمة”.
وتابع ”إلا أن مثل هذه التوجهات، غير متحققة في دول مجلس التعاون عموما، والبحرين خصوصا، نتيجة لظروف اجتماعية (قلة عدد السكان)، واقتصادية (زيادة إيقاع العمل الإنمائي الإنشائي وغيره)، ما نشأ عنه عجز عن تلبية الطلب على مكونات الأيدي العاملة المحلية، ما استدعى استيراد أيدٍ عاملة وافدة لسد النقص”.
وشدد المهدي على أن ”هذا الواقع فرض تداعيات وآثار محددة على الجانب الاقتصادي، بعضها كان إيجابياً، مثل تحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة، خاصة في قطاع الإنشاءات والبناء، إضافة إلى آثار سلبية عدة، أبرزها زيادة عدد الأيدي العاملة الوافدة، مقارنة مع الأيدي العاملة الوطنية”.
وتابع ”بالتالي الاختلال في تركيبة المواطنين إلى الوافدين في مكون القوى العاملة في المملكة، بحيث بلغت نسبة الوافدين 80% و20% عمالة وطنية، والإخلال في هيكل الأجور”.
وأوضح المهدي أن ”أكثر من نصف المواطنين، يتسلمون في حدود 300 دينار، مع زيادة التحويلات المالية من قبل العمال الوافدين إلى دولهم، بإجمالي أكثر من حوالي 450 مليون إلى 500 مليون دينار”.
المحفوظ: الأجور دون المستوى
في سياق متصل، أكد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سلمان المحفوظ، أن ”مشكلة تدني أجور العمالة، والفوارق بين العمالة الوطنية والأجنبية على المستويين الوظيفي والاقتصادي، تؤرق الاتحاد منذ فترة طويلة”، لافتا إلى أن ”الأجر المدفوع للعمالة الوطنية لا يتناسب كلياً مع الواقع الاقتصادي في المملكة، وفقاً للأرقام والحقائق التي تم كشفها حديثاً في هذا الجانب، وفي ظل ارتفاع الأسعار المضطرد”.
وطالب المحفوظ ”ضرورة تحديد خط أدنى للأجر يتناسب مع المعطيات الاقتصادية القائمة”، مضيفا أنه ”قبل أعوام عدة، كانت هناك رؤية بأن دخل الأسرة البحرينية المكونة من 5 أشخاص، يجب ألا يقل عن 360 دينارا، والآن لم يعد هذا الرقم يتلاءم مع الواقع القائم، بل بحاجة ماسة إلى إجراء دراسة حديثة”. وأشار إلى أن ”الإحصائيات الصادرة من الجهات الحكومية التي كشفتها ”الوقت” تنبئ بضرورة وضع حد أدنى للأجر، ومراجعة دورية للأجور، إضافة إلى وضع رؤية معمقة في مسألة إعطاء المواطن الأهمية في مسألة التوظيف، مع زيادة توظيف المواطنين”.
وأكد المحفوظ أنه ”رغم محاولات توظيف البحرينيين، إلا أنه من المؤسف جداً تزايد عمليات توظيف العمالة الوافدة، وبالتالي إعطاء مؤشر رقمي بعدم وجود تحسن في عمليات التوظيف”، منوها إلى أن ”العمالة الوافدة في اضطراد، وهذا ما تؤكده الأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية”.
وقال ”كل ذلك جعل من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر، وهو أمر غير مرغوب به في دولة اقتصادية ريعية كالبحرين”.
وبشأن الزيادة السكانية، أوضح المحفوظ أنه سبق وأعلن الاتحاد رؤيته في هذا الجانب، معتبراً أن ”الطفرة السكانية ناتجة عن التجنيس الذي حصل مؤخراً”، آملاً ”ألا تخرج عمليات التجنيس عن إطارها القانوني، أو أن تؤثر بشكل أو آخر على المواطنين من حيث حصولهم على فرص العمل والخدمات الأخرى”.
وقال ”لا يبدو أن هناك مراجعة حقيقية واهتمام متزايد بالمواطنين في حال إصدار تأشيرات العمل للوافدين، علماً بأن هيئة تنظيم سوق العمل، وصندوق العمل وجدا من أجل أن يكون البحريني الخيار الأول”.
يذكر أن ”الوقت” كشفت في عددها الصادر أمس (السبت) عن إحصائيات تتعلق بالقوى العاملة، وواقع الأجور في المملكة، وفقاً للبيانات الصادرة من وزارة العمل، ديوان الخدمة المدنية، وهيئتي التأمينات الاجتماعية وسوق العمل، حيث أشارت إلى أن أكثر من نصف المواطنين البحرينيين يعيشون تحت خط الفقر الذي حدده مركز البحرين للدراسات والبحوث (300 دينار)، كما كشفت الإحصائيات التي اطلعت ”الوقت” على نسخٍ منها أن العمالة المحلية انحسرت لتصل إلى (75 ألفاً و679 عاملاً)، أي بنسبة تبلغ 20% مقابل العمالة الوافدة التي بلغ مجموعها 306 ألفاً و580 عاملاً وافداً، وبنسبة 80%، حسب إحصاءات هيئة تنظيم سوق العمل. كما أفادت الهيئة في إحصائية حديثة نقلاً عن التأمينات الاجتماعية أن إجمالي العاملين البحرينيين الذين يتقاضون أجوراً أقل من 300 دينار، كحد أدنى للفقر، وفقاً لمركز البحرين للدراسات والبحوث – بلغ 40 ألفاً 534 عاملاً، أي أكثر من نصف العمالة المحلية، وبنسبة تصل إلى 53,6%، كما أن 738 عاملاً منهم يحمل مؤهلا جامعيا يمتد ما بين الدبلوما إلى الدكتوراه.