سوق العمل

مقالات

بقلم: علي محمد المسلم

في ظل الانفتاح الكبير والحركة الإصلاحية العظيمة التي يقودها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى نمت وترعرعت وازدهرت أنماط الحياة في شتى مناحيها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية كما صاحب ذلك تحديث عام للبنية التحتية وثورة عمرانية كبيرة في المجال العقاري والأسواق المركزية الشاملة ومن ضمنها مركز سوق العمل الذي تبناه صاحب السمو ولي العهد الأمين لمواكبة الحركة التطورية والإصلاح في مجال تنظيم العمل. من البديهي والطبيعي والمتعارف عليه محلياً وإقليميا وعالمياً أن يجد كل إنسان مبتغاه عندما يقصد سوقاً متخصصاً في نوعاً ما.

وما يهمنا هنا هو سوق العمل بمملكة البحرين الذي مع كل الأسف وهذا ليس هو رأيي أنا فقط إنما رأي الكثير من أصحاب الأعمال أن العرض لا يواكب الطلب فمن يبحث الآن في ظل هذه الثورة التطويرية بمملكة البحرين عن مهني واحد متخصص في أي من المجالات الفنية الحديثة لتطوير أعماله ربما لا يجد مبتغاه محلياً إنما يجد عرضاً قسرياً يفرض عليه في كل مرة توظيف 4 بحرينيين في مقابل الموافقة على أي طلب لاستجلاب أحد المتخصصين الأجانب وعليه حينئذ إما التخلي عن طلبه وبالتالي القبول بانحدار مستوى أعمال الشركة أو القبول مع كل طلب بتوظيف 4 بحرينيين للحصول على رخصة لاستجلاب فني أجنبي للمحافظة على السمعة التجارية والفنية مع العلم أن التوظيف القسري لهذا الكم من العمالة المحلية سوف يكون على حساب الهدر المالي للشركة ويسبب ازدحاما لا مبرر له في مكاتب الإدارة وبطالة جزئية وثرثرة كلام وأشغال للتليفونات والإنترنت والأجهزة الأخرى التي تلقى بظلالها على الميزانية العامة للشركة وبالتالي إفلاسها أو توقفها بعد حين عن العمل وتسريح جميع موظفيها.

إن مشروع سوق العمل يواجه كما يراه الجميع مشكلة كبيرة. مشكلة لابد من حلها قبل فوات الأوان حتى لا يتسبب في تهاوي مجالات الأعمال والتجارة والصناعة بسبب نقص العمالة الفنية حيث ان العمالة الوطنية غير جاهزة الآن للتسلم الفوري لمصانع لا ننتج آلاتها نحن وأعمال فنية لا نتقنها كما يجب وعلينا ألا ننسى أن الحاجة متزايدة إلى مزيد من العمالة الفنية الأجنبية المساعدة لضمان استمرارية التطوير ومن الجانب الحكومي التدريب لحين جاهزية واستلام العمالة الوطنية مراكز قياداتها إذاناً للانطلاقة الوطنية الشاملة المنشودة من ولي العهد والمواطنين. ان المشكلة الحالية التي تواجه المشروع ورجال الأعمال ليست في مشروع سوق العمل ذاته إنما في آلية التطبيق لذا علينا أخذ الحذر حتى لا يصبح مشروع سوق العمل بآليته الحالية كمن أراد نفعاً فأضر تماما كما أضرت القوانين والرسوم والضرائب التي فُرضت في سبعينيات القرن الماضي ولم تتراجع عنها الحكومة فأدت إلى كارثة الانحسار التجاري وانسحاب جميع الشركات الأجنبية والمحلية من دولة البحرين وأفضى إلى كساد اقتصادي عام مدمر عانى منه الكثير ثم بذلت دولة البحرين الجهد الكبير لمعالجة الموضوع استمر عشرات السنين حتى استطاعت الإرادة المحلية استعادة الثقة من جديد في استقطاب التجارة والأعمال وإعادتها إلى مملكة البحرين من خلال الانفتاح السياسي والتجاري.

أرجو ألا تتكرر المأساة وألا يكون ما نشهده هو بداية العد التنازلي لانحسار تجاري آخر كما أرجو في ظل تحسن أسعار النفط الذي سجل فوائض مالية كبيرة من جراء تصاعد اسعاره من 20 دولارا إلى 100 دولار للبرميل أن يعاد النظر في آلية تطبيق المشروع وأنماطه والسعي لتخفيف الاستنزاف المالي غير المبرر من الشركات الكادحة حتى لا تتعثر فليس من الخطأ من أجل الصالح العام تغير آلية تعامل سوق العمل مع احتياجات الشركات وتخفيف الرسوم المفروضة لتتواكب مع المعقول الممكن لضمان استمرار عطاء الشركات والمؤسسات لأداء رسالاتها التطويرية. «نسألك اللهم اللطف بنا«