عن قراءتنا لبعض القرارات‮.. ‬قرار التأشيرات نموذجاً

أبعاد‮ – ‬سعيد الحمد 
الضجة المفتعلة حول قرار منح التأشيرات للروس والهنود عند وصولهم الى المطار وتداعيات هذه الضجة تبدو أكبر من القرار نفسه،‮ ‬اذا ما وضعنا بعين الاعتبار أنه قرار‮ ‬يأتي‮ ‬في‮ ‬سياق قرارات مماثلة تماماً‮ ‬ومعمول بها منذ العام ‮٦٧٩١ ‬لمواطني‮ ٣٣ ‬دولة مختلفة،‮ ‬اوروبية وغربية وغيرها من الدول‮.‬ وهذه الضجة التي‮ ‬اتسمت عند أصحابها برفض القرار وتهويل حيثياته بحسب بعض التصورات التي‮ ‬وضعوها وتصوروها وضخموها دون ان‮ ‬يطلعوا‮ »‬مجرد اطلاع‮« ‬على الضوابط القانونية والادارية التي‮ ‬وضعتها الجهة المعنية بتنفيذه وتطبيقه،‮ ‬تطرح علينا من جديد مسألة قراءتنا الشخصية لبعض القرارات وهي‮ ‬قراءة لاشك مخلصة ولا نشكك في‮ ‬نواياها الطيبة،‮ ‬لكنها باستمرار قراءة انفعالية او قراءة محكومة برد الفعل الفوري‮ ‬والمباشر والذي‮ ‬يتسم عادة بالانفعال وبالرفض المباشر دون ان‮ ‬يعطي‮ ‬لنفسه مساحة من الوقت والتأني‮ ‬للاستفسار عبر ملاحظات‮ ‬يسوقها ويرفعها للجهة المعنية‮. ‬ليس شرطاً‮ ‬ان ترفض القرار جملة وتفصيلاً‮ ‬كما فعل بعض النواب وبعض الكتّاب من زملائنا،‮ ‬ولكنها ملاحظات ترشد القرار وتضبطه على قاعدة المصلحة العامة بحيث تتم الاستفادة منه ومن ايجابياته ونتوخى سلبياته،‮ ‬وهو امر ممكن اذا ما بدأنا قراءتنا للقرارات ليس بالرفض المطلق وليس بالقبول المطلق ايضا،‮ ‬ولكن بالموقف الذي‮ ‬يفرز الايجابيات ويحذر من السلبيات‮.‬ مشكلتنا مع القرارات اننا‮ »‬مع أو ضد‮«‬،‮ ‬وهو موقف لا‮ ‬يعطينا مسافة لاستثمار الوضعية العالمية استثماراً‮ ‬مناسباً،‮ ‬وهي‮ ‬وضعية متغيرة ومتحولة على نحوٍ‮ ‬غير مسبوق،‮ ‬وبالتالي‮ ‬تتطلب منا وعياً‮ ‬وفهماً‮ ‬ومواقف‮ ‬غير تقليدية وغير محكومة بنظرة‮ »‬مع او ضد‮«‬،‮ ‬نحتاج نظرة مرنة تستطيع تكييف القرارات لصالح الوطن والمواطنين،‮ ‬فمثل هذا القرار‮ ‬يحتاج قراءة كالتي‮ ‬قرأتها‮ ‬غرفة تجارة وصناعة البحرين،‮ ‬حيث جاء على لسان القائم بأعمال الرئيس التنفيذي‮ ‬عثمان شريف بـ‮ »‬وضع ضوابط لمنح التأشيرات وتحديد الفئة المستهدفة تحاشياً‮ ‬لأية انعكاسات سلبية‮«.‬ وهو ما‮ ‬يتناغم تماماً‮ ‬مع تصريحات وتطمينات الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الهجرة والجوازات والإقامة الذي‮ ‬أكد‮ »‬الشروط والضوابط التي‮ ‬من شأنها تعزيز العلاقات في‮ ‬إطار المحافظة على القيم الأساسية للشعب البحريني‮«.‬ وفي‮ ‬تقديرنا ان الجماعة لو قرأوا التطمينات بثقة وقدموا ايضا ملاحظاتهم لضبط القرار وفق رؤاهم دون ان‮ ‬يبدأوا مباشرة برفضه على الاطلاق واثارة الزوبعة والتجاذبات،‮ ‬لاستطعنا جميعا ان نصوغ‮ ‬وان نطبق وننفذ قراراً‮ ‬في‮ ‬مصلحة وطننا،‮ ‬فثمة ضوابط وثمة شروط‮ ‬يمكن ان تضع حداً‮ ‬لمخاوفهم وهي‮ ‬مخاوف اذا كانت مشروعة فبالإمكان طمأنتها بتطبيق وتفعيل الضوابط والشروط بل ويمكن ازالتها كمخاوف اذا ما تم الحوار حولها مع الجهات المعنية او طرحها على الجهات المعنية،‮ ‬وهو ما لم‮ ‬يحدث حيث لاحظنا الموقف الرافض والذي‮ ‬لم‮ ‬يترك كما اشرنا لنفسه مساحة لقراءة ايجابيات القرار،‮ ‬لاسيما اذا ما طبق على رجال الاعمال والمستثمرين الروس والهنود الذين‮ ‬يعلم رجال المال والاعمال انهم‮ ‬يحركون الاسواق في‮ ‬الخليج وينشطون اقتصاديا واستثمارياً‮ ‬بشكل فعال في‮ ‬الاسواق المجاورة،‮ ‬وهو نشاط‮ ‬يمكن ان تستفيد منه البحرين بقرار منح التأشيرات في‮ ‬المطار،‮ ‬ويمكنها ايضا تحاشي‮ ‬سلبياته وطمأنة مخاوف المتخوفين بوضع الضوابط وتفعيلها،‮ ‬وهي‮ ‬امور مقدور عليها ويمكن الوصول فيها الى تفاهمات وترتيبات دقيقة‮.‬ ونتمنى من البعض إعادة قراءة القرار من جديد،‮ ‬وإعادة صياغة موقف لا‮ ‬يرفض بالمطلق ولا‮ ‬يوافق بالمطلق وانما‮ ‬يقدم ملاحظته حتى نستطيع جميعاً‮ ‬الاستفادة من ايجابياته وتحاشي‮ ‬سلبياته‮.‬ وبالمناسبة،‮ ‬متى نعيد النظر في‮ ‬طريقة قراءتنا للقرارات بحيث نخرج من طريقة‮ »‬مع أو ضد‮« ‬الى القراءة المتعددة للقرار الواحد وهي‮ ‬قراءة العصر‮.‬