كتب- سماء عبدالجليل:
من المزمع أن يحسم مجلس الشورى اليوم التعديلات التي أقرّها مجلس النوّاب على قانون «تنظيم سوق العمل» والتي تنص على «اشتراط أن يكون العامل الأجنبي قد قضى في عمله الحالي سنة ميلادية على الأقل لكي يحقّ له الانتقال إلى عمل آخر بدون موافقة صاحب العمل»، وذلك بخلاف قرار مجلس النوّاب ورغبة غرفة التجارة والصناعة.من جانبها أيّدت هيئة تنظيم سوق العمل ما ذهبت له اللجنة، وأكّدت أنه لا حاجة إلى إجراء هذا التعديل، «خصوصاً وأن دول مجلس التعاون الخليجي تتّجه إلى تبني القرار، الأمر الذي يدل على نجاح التجربة في مملكة البحرين، خاصة وأنها جاءت بعد أن قام عدد من المسؤولين في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي بزيارة الهيئة واطلاعهم على هذه التجربة».
وأكدت هيئة تنظيم سوق العمل أن الواقع العملي يؤكد ذلك، إذ إنه منذ تطبيق القرار في 1 أغسطس 2009م ولغاية 31 يناير 2010م أظهرت بيانات الهيئة أن من أصل (13967) حالة انتقال، سجلت (132) حالة فقط التي انتقل فيها العامل الأجنبي إلى صاحب عمل آخر بدون موافقة صاحب العمل الأصلي، ويمثل هذا الرقم نسبة (1%) من عدد العمال الذين انتقلوا.
من جانبها اتفقت غرفة تجارة وصناعة البحرين مع قرار مجلس النواب بإلزام «العامل الأجنبي البقاء سنة ميلادية كاملة لكي ينتقل إلى عمل آخر»، واعتبرت أن هذه الصيغة توافقية وتوازن حقوق صاحب العمل والعامل، وحفاظا لمصالح طرفي العلاقة.
وقالت الغرفة أنها لا ترى في النص «مخالفة للمواثيق الدولية على نحو ما ذهب إليه البعض، ذلك أن الشرط نفسه الذي يضعه صاحب العمل في عقد العمل ويشترط مدة سنة للعمل معه قبل أن ينتقل العامل الأجنبي لصاحب عمل آخر هو شرط منتج لآثاره القانونية، ذلك أن السنة هي مدة معقولة، في حين أن الشرط لمدة غير معقولة أو مؤبدة هو ما يعتبر سخرة مخالفة للاتفاقيات والمعاهدات الدولية».
إلى ذلك قالت « جمعية المقاولين البحرينية أنه يجوز لصاحب العمل أن ينص في عقد العمل على شرط العمل لفترة محددة ينص عليها العقد، بموجبها يمنع العامل من الانتقال إلى صاحب عمل آخر إلا بعد أن يعمل لمدة محددة يكون متفقا عليها مع صاحب العمل الذي استقدمه.
كما أشارت الجمعية الى أن هذا الشرط ليس فيه أي مخالفة، منوهة إلى اعتباره نقطة جوهرية للحفاظ على استقرار المؤسسات وأصحاب العمل ليتسنى لهم القيام بالتزاماتهم تجاه السوق على أكمل وجه. أما الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين فرأى أن بقاء النص الحالي للقانون على ما هو عليه أفضل وأكثر إيجابية لصالح العمالة الوطنية، حيث ان صاحب العمل يتذرع غالبا بأن سبب عدم توظيف العمالة الوطنية يعود إلى أن هذه العمالة كثيرة التنقل محتجا أن العمالة الأجنبية أكثر استقرارا، ولذلك جاءت هذه المادة في القانون المذكور لكي تلغي هذه الذريعة بإعطائها العامل الأجنبي نفس الحق في التنقل الذي يملكه العامل الوطني فلا يعود هناك من أفضلية في الاستقرار لدى العامل الأجنبي.
وفي تقريرها استندت لجنة الخدمات بمجلس الشورى في رفضها للقرار إلى أنه لا يتوافق مع نص الفقرة (ج) من المادة (13) من الدستور والتي تنص على أنه «لا يجوز فرض عمل إجباري على أحد إلا في الأحوال التي يبينها القانون».
واشارت اللجنة إلى أنه من ناحية أخرى يؤدي إلى إيجاد تمييز غير جائز نصت عليه الاتفاقية الخاصة بالتمييز في الاستخدام والمهنة المصادق عليها من قبل المملكة بالمرسوم رقم (11) لسنة 2000م، ذلك لأن مشروع القانون إذ ينص على إلزام العامل الأجنبي فقط دون العامل المواطن على قضاء مدة سنة في عمله ليحق له الانتقال إلى عمل آخر؛ إنما يوجد تمييزًا يخالف أحكام الاتفاقية المشار إليها.
وأوضحت اللجنة أن الاتفاقية الدولية رقم (105) لعام 1957م في شأن إلغاء العمل الجبري، والتي انضمت إليها المملكة بالمرسوم رقم (7) لسنة 1998م حظرت أي شكل من أشكال العمل الجبري أو العمل القسري، وبعدم اللجوء إليه لفرض الانضباط على الأيدي العاملة، أو كوسيلة للتمييز العنصري أو الاجتماعي أو الوطني أو الديني.
وبينت اللجنة أن التجربة قد أثبتت أن حالات انتقال العامل من صاحب عمل إلى آخر بدون موافقة رب العمل الأول محدودة جدًا ولا تتعدى (1%) من حجم العمالة الأجنبية خلال عام 2010م، الأمر الذي لا يبرر أي تخوّف من تطبيق القانون، بالإضافة إلى ذلك، فإن المشرع قد ضمن لرب العمل الحق في الرجوع بالتعويض على العامل الذي أخل بالتزامه بشرط المدة المقررة في العقد إذا ترتب على ذلك أية أضرار له.