كلمة أخيرة
سوسن الشاعر
حين تم الإعلان عن الرؤية الاقتصادية للدولة لما ستكون عليه البحرين عام 2030 طلب من القطاع الحكومي أن يقدم استراتيجيته ويبني برامجه تماشياً مع تلك الرؤية، وكان متوقعاً أن تتحرك القطاعات الاقتصادية المختلفة للبحث عن الفرص الممكنة وللتباحث حول مدى مواءمة أنشطتها مع هذا المتغير وكيف يمكن أن تستفيد المنشآت الصغيرة والمتوسطة أو كيف ممكن أن تطور تلك المنشآت من أدائها في ظل ما تطرحه هذه الرؤية من فرص واعدة. إنما وقف القطاع الخاص يتفرج وركز على الاعتراض على قضية الرسوم فقط؛ في حين أن الرؤية ترتكز على تحفيز هذا القطاع، إنما يبدو أنه اعتاد رد الفعل لا الفعل وافتقد حس المبادرة. بالأمس احتج المقاولون الصغار واليوم يحتج أصحاب الفنادق الصغيرة و كان أمام الاثنين فرصة بعد الاطلاع على تلك الرؤية أن يجلسا ليريا فيها فرص التحفيز الممكنة وكيف يمكن أن يتماشى نشاطهم مع المرحلة المقبلة. فهناك رؤية عمومية خاصة بتنويع مصادر الدخل والتركيز على قطاعات خدمية ومنها السياحة، وتصاحبها رؤية ترتكز على الأنشطة الترفيهية العائلية والتراثية والثقافية، وكان حري بالقطاع الفندقي أن يقف أمام هذه الرؤية وتلك الاستراتيجية ويرى كيف يمكن أن يبني خططه المستقبلية تماشياً معها تماماً كما طلب من الحكومة أن ترسم خططها بناء على هذه الرؤية. ظل القطاع الفندقي يسير على ذات الوتيرة رغم أن الرؤية تحدثت عن طبيعة السياحة المنتظرة -وإن بعموميات- إلا أن بعضاً من ملامحها كان يشير إلى طبيعة الأنشطة السياحية التي ستلقى التشجيع و تلك التي لا يمكن القبول باستمرار نشاطها. ليس هذا فحسب بل حين قرر وزراء الإعلام السابقون غلق الفنادق المخالفة بناء على نصائح ”محافظة” اتخذوا هذا القرار دون سابق إنذار ووجدت تلك الفنادق نفسها خارج العمل دون أدنى استعداد أو فرصة لإعادة ضبط المنشأة التي يديرونها، ونظراً للضغوط التي مورست حينها على أساس أن القرار لم يميز بين المخالف وغير المخالف، وأن فنادق الخمس نجوم سيكون لها امتيازات على حساب غلق الفنادق الصغيرة تقرر تجميد تلك القرارات. ومضت سنة على قرار آخر وزير، وأكثر من نصف سنة على إعلان الرؤية؛ أي أن الحجة بمنح تلك المنشآت فرصة لتسوية الأوضاع قد انتفت، إنما يبدو أن أصحاب تلك الفنادق تصوروا أن المهلة هي ذر للرماد في العيون وأن القرار قد ألغي لأن ذلك كان ديدن الدولة سابقاً بلا وضوح في الرؤية وكل قطاع اقتصادي ينمو هكذا بعشوائية فإن وجد له دعماً استمر وإن لم يجد مات وانطفأت أنواره بلا هدى. الفرصة لم تفت بعد بالإمكان إعادة المنشأة للعمل إنما بشروط تتناسب مع التوجهات السياسية، وما يهمنا هنا مسألتان؛ الأولى أن يكون درس المقاولين الصغار ودرس الفنادق الصغيرة كافياً لبقية القطاعات كي تصحو من غفوتها فكما نرى أن ”الرسوم” ستكون أقل مصادر قلقها! أما المسألة الثانية فهي الاهتمام بالعاملين في تلك الفنادق إذ هم يعتبرون ضحايا أصحاب المنشأة وضحايا القرار، ولا يمكن التخلي عن هذه الفئة ولابد من تشكيل لجنة من أجل إعادة توظيف العمالة البحرينية، وعلى وزارة الإعلام أن تتعاون مع ”تمكين” ووزارة العمل للبحث لهم عن بدائل سواء في فنادق أخرى.