تمام أبوصافي من المنامة
رغم ما يشكله قطاع الفندقة من أهمية كبيرة كواحد من مقومات الجذب السياحي لأي من بلدان العالم فإن اجتذاب الأيدي العاملة البحرينية واستقطابها للعمل في هذا القطاع الحيوي لا يزال يسير بخطى متعثرة يعكسها واقع الأرقام عن نسبة البحرنة في مجالات الفندقة.
وإذا كانت الأرقام الرسمية تشير إلى أن هذا القطاع استطاع أن يخلق أكثر من 8 آلاف و25 وظيفة بما يشملها من وظائف في المطاعم والفنادق والمنتجعات السياحية، فإن نسبة العاملين البحرينيين من مجموع القوى العاملة بهذه الوظائف لم تتجاوز 21 في المئة، بحسب إحصاءات هذا العام. وهو الأمر الذي يشير إلى ان هذه الصناعة النامية مازالت لا تشكل واجهة جاذبة امام طموح الشباب البحريني بالحصول على وظيفة او بناء مستقبل مهني.
وذلك رغم الخطوات التي اتخذت طوال 32 عاماً لتحفيز الشباب البحريني للاتجاه إلى العمل في هذا القطاع، ومنها تأسيس مركز التمويل للتدريب والفندقة منتصف السبعينات كأول مركز خليجي وثاني مركز عربي يعنى بتدريب الكوادر المحلية في مجالات الضيافة، أعقبه تأسيس المجلس النوعي للتدريب في قطاع الضيافة العام 1979 والعمل بنظام التدريب والتوظيف معاً وابتعاث الملتحقين لدورات بالخارج وتأسيس معهد بيسان البحريني المتخصص بقطاع الضيافة والسياحة وتحفيز الفنادق على رفع نسبة البحرنة بين طاقم العاملين من خلال اقتطاع 3في المئة من مدخول الفنادق لصالح التدريب والتأهيل في هذا المجال وتخصيص جائرة البحرنة للفنادق التي ترتقي برفع هذه النسبة، إلا أن الأرقام التي تصدر سنوياً عن المجلس النوعي تؤكد أن الحصة الأكبر من الوظائف في هذا القطاع مازالت من نصيب العامل الأجنبي.
الكوهجي: النظرة الاجتماعية تتحكم بقرار العمل بالقطاع
يرى رئيس المجلس النوعي إبراهيم الكوهجي أن النظرة الخاطئة التي تحيط بقطاع الضيافة مازالت تتحكم بقرار عمل البحريني في هذا المجال، مشيراً إلى أن هذه النظرة الخاطئة عززت ثقافة محلية ترفض خوض مجال العمل في الفنادق لاعتبارات دينية واجتماعية تفوق بتأثيرها طبيعة الرواتب التي يتقاضاها البحريني عند الالتحاق بالعمل في الفنادق.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه الكوهجي أن نسبة البحرنة شهدت تفاوتاً خلال الأعوام الماضية حين بلغت في احد فنادق العاصمة فئة الخمس نجوم حوالي 50 في المئة، فإنه أوضح الكوهجي أن التراجع في الإقبال على مجال الضيافة خلال الأعوام القليلة الماضية يعود إلى بروز مجالات أكثر قوة على استقطاب الأيدي العاملة المحلية لاسيما القطاع المالي.
يقول الكوهجي “ليس الراتب وحدة من يتحكم بقرار الشاب البحريني بالاتجاه للعمل في قطاع الضيافة، بل هناك عوامل كثيرة تتصل بالنظرة الاجتماعية الخاطئة إلى الفنادق بشكل خاص. فعندما نتحدث عن حد ادنى يصل إلى 250 دينارا بحرينيا يتقاضاها العامل المحلي عند الالتحاق بالعمل تحت التدريب فلابد أن نقارن هذا الراتب وان كان غير مثالي بما يتقاضاه عامل غير مؤهل في قطاعات أخرى”.
وأضاف “هناك عوامل عدة تتحكم بقرار البحريني للاتجاه نحو الضيافة وعلى رأسها النظرة الاجتماعية. فهناك من يعتقد أن الفندق ليس إلا حانات تباع فيها الخمور وهذا غير صحيح. الفندق يحتوي على إدارات مختلفة منها المكاتب الأمامية والحجوزات والتموين والمطابخ والصيانة وتقنية المعلومات والمطاعم والأمن والمبيعات وتدابير الغرف. نحن نتحدث عن مؤسسة متكاملة وموزعة بين إدارات تحكمها تخصصات مختلفة وليس حانة فقط يتناول فيها الزائر الخمور، ونحن بالتأكيد نسعى لاستقطاب الأيدي العاملة البحرينية لشغل الوظائف في هذه المجالات التي ذكرتها”.
الديلمي: الراتب سيد الموقف بالنسبة للعمل في الفنادق
ضعف الراتب والنظرة الاجتماعية واتساع دائرة الفرص امام البحرينيين، قللت من حجم الاقبال على الالتحاق بالعمل في قطاع الضيافة. هذا ما يؤكده الرئيس التنفيذي لشركة البحرين للسياحة عبدالنبي الديلمي وان كان يضع تدني الراتب في رأس قائمة الاسباب التي ادت الى عزوف البحرينيين عن العمل في الفنادق.
ويدافع الديلمي عن المجلس النوعي الذي كان ترأسه خلال التسعينات باعتبار ان المجلس قام بخطوات تدريجية من اجل تحسين وضع العامل البحريني في قطاع الضيافة.
يقول الديلمي “لا اعتقد ان هذا التدني يعود الى حالة اخفاق من قبل المجلس النوعي. انما هناك عوامل كثيرة لابد من التطلع اليها جدياً وعلى رأسها تدني الراتب بالنسبة للبحرينيين، فعندما نقارن بين الرواتب التي يتقاضاها المتدرب في مجال الفندقة ومستوى الرواتب في مجالات اخرى نجد ان رواتب قطاع الضيافة متدنية جداً بالنسبة للعامل البحريني مما يجعل العامل الاجنبي الخيار الافضل امام الفنادق”.
ويضيف “لقد اتخذ المجلس النوعي قرارات كثيرة خلال الاعوام الماضية ومنها تعديل الرواتب واعطاء حوافز للعاملين البحرينيين، ولكن هناك مجالات اخرى تحمل مزايا وظيفية ورواتب افضل تمكنت من استقطاب الايدي العاملة المحلية بشكل افضل”.
ممارسات غير لائقة وسمت القطاع بأكمله
لا ينفي الكوهجي أن النظرة الاجتماعية الخاطئة عن قطاع الضيافة وتحديداً العمل في الفنادق التي خلفتها ممارسات غير لائقة وسمت قطاعاً بأكمله بنظرة سلبية افتراضية لكل ما يجري في الفنادق.
ويضيف الكوهجي “لا أنكر أن هناك ممارسات خاطئة حدثت في الفنادق ولكن لا يمكن تعميم ذلك على صناعة بأكملها، هناك بلدان عربية نجحت بإحلال الأيدي العاملة المحلية بدلاً من الأجنبية في مختلف مرافق الفنادق بنسب تصل إلى 90 و95 في المئة. وهل يمكن أن نبقى نزايد على الآخرين بالبعد الديني والاجتماعي ولدينا صناعة نامية قادرة على خلق وظائف أمام المواطنين المحليين بدلا من الاستعانة بالعمالة الوافدة؟”.
ويؤكد الكوهجي أن المجلس النوعي كان اتخذ قرارات كثيرة لتحفيز المواطنين المحليين للعمل في قطاع الضيافة، منها تحسين الراتب الذي يبدو أحد العوامل الأساسية وراء تدني نسبة العاملة المحلية في قطاع الضيافة.
لا ينفي الديلمي ان بعض مرافق الفنادق تؤثر بشكل سلبي على استقطاب العامل المحلي للعمل في الفنادق، وهذا الجانب لا يمكن زيادة نسبة البحرنة فيه لاسباب معقولة جداً. يقول الديلمي “بلا شك هناك مرافق بالفنادق لا يستطيع ان يعمل بها البحرينيون لاعتبارات دينية واجتماعية، ونحن نقدر ذلك كثيراً ولكن بالنسبة للاقسام الاخرى بالتأكيد ان عامل الراتب هو المحرك الاساسي في عملية الاستقطاب، اذا اخذنا في الاعتبار ساعات العمل ونظام النوبات”.
ويستدرك بالقول “بلا شك ان نسبة البحرنة تدنت في السنوات الاخيرة ولكن لو وضعنا انفسنا في دائرة المقارنة مع بقية دول الخليج فسنجد ان البحرينيين كسروا الحاجز الاجتماعي والمفاهيم الخاطئة، وعملوا في مجالات كثيرة من مجالات الضيافة سواء في الفنادق او في شركات الطيران”.
إحصائيات
– بلغ مجموع القوى العاملة في الفنادق (من جميع الفئات) 9 آلاف و105 موظفين في العام 2008. من بينهم ألف و666 موظفاً بحرينياً فيما يصل عدد الموظفين الأجانب إلى 7 آلاف و439 موظفاً.
– بلغت نسبة البحرينيين في مجال الفندقة لعام 2007 حوالي 21 في المئة، فيما انخفضت هذه النسبة لهذا العام لتصل إلى 18.
– بلغ عدد الذكور البحرينيين الذين يعملون في الفنادق (جميع الفئات) ألفاً و391 موظفاً يتركز معظمهم في فنادق فئة الخمسة نجوم، اذ يصل عددهم الى 647 موظفاً، فيما ينخفض هذا الرقم تدريجياً ليصل الى 33 موظفاً بحرينياً في فنادق فئة نجمة واحدة.
– بلغ عدد النساء البحرينيات اللواتي يعملن في الفنادق لهذا العام 275 سيدة. يتركز العدد الاكبر منهن في فنادق فئة الخمسة نجوم اذ يصل عددهن الى 91 موظفة، فيما يتدنى هذا الرقم تدريجياً بحسب تصنيف الفندق ليصل إلى 7 موظفات بحرينيات في فنادق فئة نجمة واحدة.
يتوزع عدد الموظفين الأجانب في الفنادق من جميع الفئات إلى 5 آلاف و861 من الذكور وألف و578 من الإناث يتركز معظهم في فنادق فئة الخمسة والأربعة نجوم.
– بلغ دخل الفنادق في البحرين خلال النصف الأول من العالم الجاري حوالي 88 مليون دينار. منها 28.2 مليون دينار إيرادات فنادق فئة الخمسة نجوم. في حين بلغت الرسوم التي تحصلها إدارة السياحة للفترة ذاتها ما قيمته حوالي 4,4 ملايين دينار.
– حصل 12 مشروع فندق على تراخيص الإنشاء من ادارة السياحة، وهي مقسمة بين 6 فنادق من فئة الخمسة نجوم و6 فنادق من فئة الاربعة نجوم.