معالي‮ ‬السيد‮ »‬مزفر‮«‬

كلمة أخيرة
سوسن الشاع

لم‮ ‬يكن اتصال معالي‮ ‬السيد‮ ”‬بابو‮” ‬الساعة الخامسة صباحاً‮ ‬ليضايقنا أو‮ ‬يزعجنا رغم أنه أيقظنا من عز نومنا،‮ ‬فقد حمل بشرى حصوله على تريب رمل‮!! ‬وما أدراك ما تريب الرمل هذه الأيام‮.‬
وليس الرمل وحده من‮ ‬غلا ثمنه بل العمالة الحرفية بدأت تصبح كالذهب وقد استنفذنا أنا وأبو بسام كل مفردات اللغة الاستعطافية التي‮ ‬يمكن أن تقنع سعادة السيد بابو وسعادة السيد كومار ومعالي‮ ‬السيد اوني‮ ‬وجميع العمال الهنود،‮ ‬وكذلك لم تبق ابتسامة ورقة في‮ ‬التعامل لم نقدمها للأخ العزيز نياز وعبدالقادر الباكستانيين ونسيبهم البنغالي‮ ‬مزفر‮ (‬مظفر‮) ‬من أجل البقاء وإتمام الأعمال الترميمية في‮ ‬منزلنا التي‮ ‬اعتقدنا أنها لن تستغرق أكثر من شهر وها نحن ندخل الشهر الرابع ولم ننته منها بعد‮.‬
كل المغريات قدمناها،‮ ‬كل الحوافز عرضناها،‮ ‬قبلنا بأسعارها المضاعفة عن تقديراتنا،‮ ‬قبلنا بكل الشروط التي‮ ‬فرضت وأمليت علينا فقط من أجل الانتهاء من مهمتنا المستحيلة التي‮ ‬أتحدى توم كروز أن‮ ‬يقوم بها في‮ ‬ظل ظروف العمالة النادرة التي‮ ‬تمر بها البحرين،‮ ‬فهل حسبت‮ ”‬ماكنزي‮” ‬حساب هذا المتغير وأثره على أصحاب المشاريع الإنشائية الصغيرة؟ لا أعتقد‮. ‬
ليس هناك مقاول صغير اليوم إلا ويشكو من قلة العمالة وقلة الرخص،‮ ‬ولجأ معظمهم لحيل توظيف البحريني‮ ‬تمويهاً‮ ‬حتى‮ ‬يتمكن من استكمال حاجته من العمالة الأجنبية،‮ ‬جاءت هذه الإجراءات وقت ندرة مواد البناء وغلاء أسعارها فأحدثت أزمة،‮ ‬التراب أصبح تبراً،‮ ‬والأسمنت أصبح الماساً‮ ‬والحديد زمرداً‮ ‬ومزفر صار صاحب المعالي‮!‬
في‮ ‬هذه الذروة تعاملت هيئة السوق مع قطاع المقاولات دون تفرقة بين مقاول كبير ومقاول صغير،‮ ‬ودون احتساب أثر إجراءاتها على المواطن الذي‮ ‬دفع الثمن‮ ‬غالياً‮ ‬من جيبه‮. ‬
ليس هناك عمل ترميمي‮ ‬إلا وقد تضاعفت كلفته وطالت مدة إنجازه،‮ ‬ليس هناك مقاول إلا وقد وزع عدد عماله المحدودين إلى عدة مشاريع كي‮ ‬يغطي‮ ‬مصاريفه،‮ ‬ويوم‮ ‬يحضر لك عامل واحد ويوم آخر‮ ‬يختفي،‮ ‬وكلمة واحدة منك تشتكي‮ ‬فيها أو تعترض‮ (‬وهذا ما فعلته وندمت‮) ‬إلا وسحب المقاول عماله ولا‮ ‬يهتم حتى بما تبقى له من مال وقال لك‮: ”‬في‮ ‬قرقر واجد أنا‮ ‬يروه‮” ‬بمعنى إن تكلمت كثيراً‮ ‬سأذهب‮! ‬فعلمنا أن عمال البناء اليوم دخلوا في‮ ‬شريحة الذين‮ (‬ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً‮ ‬كريماً‮) ‬وقد أخفضنا لهم جناح الذل وسكتنا كلما تذكرنا مناشيرهم الكهربائية‮!‬
سؤالي‮ ‬لهيئة تنظيم السوق هل تقع شريحة العمالة الحرفية ضمن الشرائح التي‮ ‬ستستبدل بالبحرينية؟ لا أعتقد‮.. ‬فلا‮ ‬يوجد بحريني‮ ‬سيعمل في‮ ‬هذه الشمس صباغاً‮ ‬أو‮ ‬يقطع سيراميك أو‮ ‬يوصل نقاط كهرباء،‮ ‬ولا‮ ‬يوجد مقاول‮ ‬يمكن أن‮ ‬يعتمد على عمالة بحرينية لإنجاز هذه المهام وإتمامها في‮ ‬وقتها،‮ ‬فإن لم‮ ‬يكونوا ضمن الشريحة التي‮ ‬عنيت بها ماكنزي‮ ‬فكيف شملتها الرسوم وشددت عليهم الرخص؟ هذا المثال الذي‮ ‬استعرضناه اليوم واحد من عدة أمثلة لنماذج وشرائح وقعت من قفة ماكنزي‮ ‬ولم تحسب لها حساب،‮ ‬وقعت آثارها على رؤوسنا‮.‬