احتفاظ البحرين بتصنيفها في مكافحة الاتجار يعكس ثقافة مجتمعية.. جمشير لـ«الأيام»:
- تجربة البحرين في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص رائدة على المستوى الإقليمي والدولي
- تعزيز الشراكات القائمة مع سفارات وقنصليات الدول المصدّرة للعمالة
- رصد 81 حالة تحمل مؤشرات الاستغلال في بيئة العمل وتم إحالتها للجهات المختصة للتحقيق والبت فيها
- المركز الإقليمي لبناء القدرات لمكافحة الاتجار بالأشخاص يقدّم دورات في العديد من دول المنطقة
أكدت الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل نوف بنت عبدالرحمن جمشير على حرص المملكة على الاهتمام بكل ما يصب في تحقيق مبادئ حقوق الإنسان وفق مبدأ الوقاية والحماية والانصاف، مشدّدة على العمل بكل حزم للتصدي لأي ممارسات غير مناسبة.
وقالت جمشير، في مقابلة خصت بها «الأيام»، إن احتفاظ البحرين بتصنيفها في الفئة الأولى في مكافحة الاتجار بالأشخاص يعكس ما يتميز به المجتمع البحريني الذي يؤمن بالتعايش السلمي، وتعزيز ثقافة حقوق الانسان والاعتراف بوجود المشكلة، معتبرة أن التحدي هو تعزيز الثقة الدولية بالمملكة في ظل المتغيرات التي يشهدها سوق العمل.
وأشارت جمشير إلى أن الهيئة قد استحدثت إدارة الرصد الوقائي لتوثيق الممارسات في بيئة العمل، لتكون أداة استباقية، لا سيما فيما يتعلق بالعمل القسري.
وكشفت جمشير عن رصد 81 حالة تحمل مؤشرات الاستغلال في بيئة العمل خلال العام الماضي 2022، لافتة إلى أن جميع الحالات تمت إحالتها إلى الجهات المختصة للتحقيق والبت فيها وفقًا للإجراءت القانونية المعتمدة في هذا الشأن.
في السياق ذاته، اكدت جمشير أن مركز التظلمات والحماية قد استقبل خلال الربع الأول من العام الجاري 10.5 ألف عامل، إلى جانب استقبال أكثر من 4 آلاف حالة في نظام الإحالة الوطني، ومتابعتها بحسب الإجراءات المتبعة، وفيما يلي نص المقابلة:
] بداية نهنئكم بتحقيق مملكة البحرين الفئة الأولى في مكافحة الاتجار بالأشخاص بتقرير وزارة الخارجية الأمريكية للعام السادس على التوالي، واستمرار انفرادها بهذه المكانة الدولية على مستوى المنطقة. بتقديركم، كيف تمكنت البحرين من صنع هذا الإنجاز والحفاظ عليه؟
- نشكركم على اهتمامكم ومتابعتكم ودوركم الفاعل، فالإعلام شريك رئيس في صنع الإنجاز، وذلك من خلال دعمه للجهود المبذولة، وتسليطه الضوء على الإنجازات، إلى جانب دوره الكبير في خلق الوعي المجتمعي حول مكافحة الاتجار بالأشخاص.
بلا شك أن الوصول إلى الفئة الأولى ليس بالأمر السهل، وهو ما يمكن التدليل عليه بنظرة سريعة على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تخلو من أي دولة تتبوأ هذه الفئة باستثناء مملكة البحرين لست سنوت متتالية، حيث جاء هذا الإنجاز نتيجة مجموعة من العوامل، أولاها وأبرزها تاريخ وثقافة بلدنا الذي يعرف عنه التعايش السلمي، واحترامه لحقوق جميع الأفراد، فباتت هذه الثقافة جزءًا رئيسًا لأي عملية تنموية في البلاد، فلا يمكن أن نقبل بتنمية تؤثر على حقوق أطراف العمل، وقد ارتكزت جهود المملكة على قاعدة قانونية صلبة تتمثل في أحكام الدستور ومبادئ ميثاق العمل الوطني والتشريعات الوطنية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، ما يسهم في إبراز البحرين نموذجًا لاحترام الحقوق والكرامة الإنسانية للجميع، ومنها العمالة الوافدة التي تشكل نسبة كبيرة من سكان المملكة.
أما العامل الثاني فتمثل في الاعتراف بوجود هذه الجريمة، وبضرورة معالجتها وفقًا لإجراءات تشريعية وقانونية، مع توفير كافة سبل الوقاية والحماية والإنصاف لجميع الأطراف.
ومع تحقيق المملكة الفئة الأولى خلال العام 2018، بتنا أمام تحدٍّ جديد، هو كيف تتمكن المملكة من الحفاظ على الثقة الدولية بقدراتها وبجهودها، في ظل التغيرات الكبيرة التي يشهدها سوق العمل، والتحديات المستجدة، فحرصنا على متابعة مستجدات واحتياجات سوق العمل، فاهتمت المملكة بالاستدامة من خلال مأسسة العمل بما يضمن استمراره وتطوير أدواتها بما يواكب تطورات الجريمة ويضمن الدقة والسرعة في الإنجاز.
كما عملنا على التوسع في الأدوات والإجراءات القائمة والعمل على مراجعتها وتطويرها بصورة دائمة بما يتناسب مع أي مستجدات تتعلق بآليات وأشكال الاتجار، وتعزيز الشراكات القائمة مع سفارات وقنصليات الدول المصدرة للعمالة، لا سيما في مجال التوعية بمؤشرات الاتجار بالأشخاص وسبل الحماية، إلى جانب رفع الوعي المجتمعي بشأن بعض الممارسات التي ربما تندرج في إطار انتهاك الحقوق أو الاستغلال أو قد ترقى إلى جريمة الاتجار.
هذه الجهود نعتقد أنها أكسبت المملكة ثقة وسمعة دولية، حتى باتت نموذجًا يشار له من قبل المنظمات الدولية والأممية لتقديمه للدول الراغبة في تطوير إجراءاتها، لا سيما دول المنطقة، نتيجة للتقارب الثقافي والاجتماعي وطبيعة العمل في هذه المنطقة.
] لو عدنا إلى ما قبل نحو 23 عامًا، كانت هذه الجريمة تحدث لكن لم يكن لها تعريف أو بالأحرى لم يكن الكثير من مرتكبيها يعتبرون أن ما يقومون به يعد أمرًا يخالف حقوق الإنسان. بتقديركم، بعد كل هذه الأعوام من تعامل البحرين مع جريمة الاتجار بالأفراد بحرفية عالية، إلى أي مدى أسهم تقرير الخارجية الأمريكية لمكافحة الاتجار بالأفراد في حثّ الجهود المحلية للتصدي لهذه الجريمة المهينة؟
- مملكة البحرين حريصة على الاهتمام بكل ما يصب في تحقيق مبادئ حقوق الإنسان ضمن خطة عمل ترتكز على أضلاع ثلاثة: الوقاية، الحماية والإنصاف، وأبدت المملكة اهتمامًا خاصًا بعلاقة العمل بين العامل وصاحب العمل؛ لضمان عدم وجود أي نوع من التمييز لأي نوع من الاعتبارات، سواء الدين أو اللون أو الجنس، والعمل بكل حزم للتصدي لأي ممارسات غير مناسبة في مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية كالاستغلال والابتزاز والاتجار بالأشخاص.
هذا الحرص والاهتمام ليس وليد اللحظة، وإنما نابع من ثقافة مجتمعية أصيلة راسخة في مملكة البحرين التي تفخر بالانفتاح الثقافي والتعايش السلمي مع الجميع كما أسلفنا.
نعتقد أن التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية المعني بتصنيف الدول في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص أسهم – باعتباره مرجعية دولية – في إبراز هذه الثقافة وهذا السلوك المجتمعي على نحو مؤسسي مدروس ومنظم، ويظهر ويوثق جهود المملكة الاستباقية التي تحول دون وجود ضحايا، من خلال الارتكاز على التوعية والإرشاد إلى جانب تنظيم علاقة العمل، كما يظهر جهود حماية الضحايا أو الضحايا المحتملين، علاوة على الإجراءات القانونية لتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا.
كما أسهم – كونه أداة تقييم وقياس للجهود المبذولة في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص والحفاظ على حقوق العمالة – في الوقوف على مدى فعالية الجهود وقدرتها على مواجهة جريمة الاتجار بالأشخاص التي تعد جريمة عابرة للحدود، متطورة في صورها وأدوات ارتكابها.
وساعد التقرير – كذلك – في إبراز أوجه القصور عبر توصيات مبنية على ممارسات فضلى في هذا الشأن، تشمل جوانب الوقاية والحماية، وتنمية القدرات، والمقاضاة، وبناء الشراكات، ليتم العمل عليها ومعالجتها عبر نظام مؤسسي ووفق خطة عمل استراتيجية، من خلال التعاون والتنسيق المستمر مع مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية.
] دائمًا الجرائم العابرة للحدود تتطوّر أساليبها، ما أكثر أشكال الاتجار بالأفراد التي تتعاملون معها لآخر عامين على الأقل؟ هل برزت أشكال جديدة للجريمة، ما يتطلب تعديلًا تشريعيًا؟
- الجريمة بشكل عام هي الإتيان بفعل منافٍ للآداب والأخلاق والعدالة، ولا يكاد يخلو مجتمع منها، ولكن التحدي أمام أي دولة يتمثل في طريقة التعامل معها، ومع مرتكبيها، ومدى امتلاكها للآليات التي توفر الحماية للضحايا وتحقيق العدالة والإنصاف، وفي جريمة كجريمة الاتجار بالأشخاص – لله الحمد – فإن هذه الجريمة وعلى الرغم من محدوديتها، ومحدودية الممارسات التي تندرج تحتها في المملكة، إلا أن الحكومة حرصت على سنّ العديد من القوانين والأنظمة والإجراءات التي توفر الوقاية والحماية والانصاف، والعمل على مراجعتها بصورة دائمة، لمواكبة هذه الجريمة وتطور أساليبها، وهو ما يمكن الاستدلال عليه بقانون رقم (1) لسنة 2008 بشأن مكافحة الاتجار بالأشخاص، الذي جرّم جميع الممارسات التي يمكن أن تكون صورة من صور الاتجار بالأشخاص، لتشمل إساءة الاستغلال؛ استغلال ذلك الشخص في الدعارة أو في أي شكل من أشكال الاستغلال أو الاعتداء الجنسي، أو العمل أو الخدمة قسرًا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء، هذه الصياغة التي اعتمدها المشرع البحريني تجعل أي صورة من صور الجريمة متى اكتمل بنيانها القانوني محل تجريم.
كما أن البحرين تهتم بصورة كبيرة بتعزيز قدرات الموظفين والصفوف الأولى للتعرّف على الضحايا أو الضحايا المحتملين للحد من هذه الجريمة في داخل المملكة، وتعمل المملكة أيضًا بالشراكة مع المجتمع الدولي بإعداد الدراسات والبحوث، للاطلاع على تطورات أساليب الاتجار بالأشخاص وسبل التصدي لها، وتدريب إعداد المناهج التعليمية والتدريبية التي تتناسب مع خصوصية المنطقة.
] تقوم الهيئة مع الجهات المعنية بحملات تفتيش على العمالة غير القانونية، هل هناك تحقق من وجود ضحايا لجرائم اتجار بين هذه الفئات؟ وكيف تتعاملون معهم؟ وعن الجانب الإحصائي، كم عدد الحالات لآخر عام؟
في إطار مأسسة العمل الذي تمت الإشارة له، تم استحداث إدارة الرصد الوقائي في هيئة تنظيم سوق العمل، لتشكل أداة استباقية لرصد وتوثيق الممارسات في بيئة العمل بشتى أنواعها، لا سيما التي تحمل مؤشرات الاستغلال في بيئة العمل، والتي من بينها العمل الجبري.
وقد تم تزويد الإدارة بمفتشين مدربين على درجة عالية من الكفاءة، يحملون صفة مأمور ضبط قضائي، يمارسون دورهم من خلال القيام بالزيارات التفتيشية للمنشآت وأماكن العمل، والتعامل مع الحالات عبر اتخاذ الإجراءات اللازمة، كما يمكنهم الاطلاع على المستندات، وعقود العمل، وإثبات الظروف المحيطة، وإيلاء اهتمام بالضحايا والضحايا المحتملين، وذلك كله يتم من خلال نظام الإحالة الوطني لضحايا الاتجار بالأشخاص وبالتنسيق مع إدارة مكافحة الاتجار بالبشر وحماية الآداب العامة بالإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية بوزارة الداخلية، وصولًا إلى الإحالة إلى نيابة الاتجار بالأشخاص من خلال نظام الإحالة الوطني لضحايا الاتجار بالأشخاص.
أما بشأن عدد الحالات خلال العام الماضي، فقد تم رصد (81) حالة تحمل مؤشرات الاستغلال في بيئة العمل وتم إحالتها للجهات المختصة للتحقيق والبت فيها، وفقًا للإجراءات القانونية المعتمدة في هذا الشأن.
] لديكم دار إيواء تستقبل الضحايا، إلى أي مدى أسهم هذا الملجأ في تحقيق العدالة للضحايا، إذا أخذنا في الاعتبار أن غالبية الضحايا هم من الأجانب الوافدين؟
دعونا في البداية نشير إلى أننا لا نستخدم مصطلح «الملجأ»، إذ في الواقع نحن نقدم خدمات الإيواء، والفرق يكمن في أن الإيواء يحمل بُعدًا قانونيًا، يجد أساسه في القانون رقم (1) لسنة 2008 بشأن مكافحة الاتجار بالأشخاص، وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الذي انضمت له مملكة البحرين بموجب القانون رقم (4) لسنة 2004. هذا من جانب، ومن جانب آخر، إننا عندما نقول ملجأ فهو يمثل استقبال الحالات التي لا تجد مكانًا تقيم فيه لأسباب اجتماعية أو اقتصادية ذات بُعد شخصي، في حين أن الإيواء – وإن كان يشترك مع الملجأ من حيث توفير السكن – خاضع لأسباب تحددها ضوابط قانونية، بمعنى أن المستفيد منه إما ضحية من ضحايا جريمة الاتجار بالأشخاص، أو ضحية محتملة في أي شكل من أشكال الاستغلال أو الاستضعاف الذي يجعلها غير قادرة على الحصول على حقوقها، فهنا يأتي دور الإيواء الوقائي.
لذلك، فالإيواء هو جزء من منظومة حماية تنهض بدور فاعل باعتباره حقًا من حقوق الإنسان تقتضيه الكرامة الإنسانية المتأصلة في نفس الضحية، وللحيلولة دون التعرض مجددًا لأن تكون ضحية أو ضحية محتملة في أي استغلال أو جريمة اتجار بالأشخاص، وبث الطمأنينة في نفسها، وإزالة الخوف من انتقام الجناة، واسترداد ثقتها بنفسها، وفي سلطات إنفاذ وتطبيق القانون، إلى جانب كسب تعاونها مع أجهزة العدالة، وتشجيعها على التعاون مع السلطات، بدءًا من مرحلة الاستدلال، وصولًا إلى مرحلة التحقيق بمعرفة النيابة العامة، وانتهاءً بالمحاكمة، وذلك من خلال الإدلاء بشهادتها، والمساعدة في الكشف عن الجناة وضبطهم.
وفيما يتعلق بمركز الايواء في مركز الحماية والتظلمات، فيقدم هذا المركز العديد من الخدمات التي تقدم الدعم للضحايا أو الضحايا المحتملين بدءٍا من الخدمات الوقائية، والإرشادية والقانونية، وإيواء الضحايا والضحايا المحتملين في جريمة الاتجار بالأشخاص، بما يمنحهم الأمان والمساعدة في الوصول للعدالة والانصاف.
الجدير بالذكر أن مركز التظلمات والحماية يقدم خدمات متكاملة للوقاية والحماية للعمالة، وقد استقبل المركز خلال الربع الأول من العام الجاري 10.5 ألف عامل صاحب عمل، إلى جانب استقبال أكثر من 4 آلاف حالة في نظام الإحالة الوطني ومتابعتها بحسب الإجراءات المتبعة.
] ما التحديات التي تواجه الهيئة في التعامل مع ملف الاتجار؟
تُعد جريمة الاتجار بالأشخاص جريمة متطورة، من حيث وسائل ارتكابها، ومؤشراتها، وفي ظل التطور التكنولوجي، والحاجة المتنامية للعمالة الوافدة في سوق العمل تبرز تحديات ليس على المستوى الوطني فحسب، بل على المستوى الإقليمي والدولي، تتمثل في مدى القدرة على اكتشافها، والتعرّف على مؤشراتها، علاوة على تحدٍّ خاص يتمثل في خصوصية وطبيعية المنطقة.
ونظرًا إلى أن اهتمام المنطقة بالتصدي لهذه الجريمة العابرة للحدود بآلية مؤسسية كان حديثًا، فعملت البحرين استنادًا إلى خبرتها وسمعتها الدولية إلى المبادرة بإطلاق المنتدى الحكومي لمكافحة الاتجار بالأشخاص في منطقة الشرق الأوسط في العام 2019، ليتحول إلى ملتقى دولي سنوي.
ويهدف المنتدى إلى وضع معايير نموذجية لخدمات ومنظومة رعاية الضحايا التي تأخذ من معايير الأمم المتحدة الدولية وتنفيذها وفقًا لخصائص وأولويات دول المنطقة، ووضع تعريف وأدلة عمل وآليات لمكافحة الاتجار بالأشخاص تكون ذات علاقة بالتركيبة الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، إلى جانب بلورة رؤية خاصة بالمنطقة للتعامل مع تطور أساليب مكافحة هذه الجريمة، وتبادل الخبرات في هذا المجال.
أما التحدي الآخر فيتمثل في وجود ضحايا لا يعلمون أساسًا أنهم ضحايا، وهذا ناتج عن الخلفية الثقافية والاجتماعية لديهم، وهو ما يجعل من عملية الكشف والتعرّف ليس بالأمر السهل، وقد عملت الهيئة على التعامل معه من خلال زيادة جهود التوعية الاستباقية للعمالة بمجرد وصولها إلى المملكة، إلى جانب التعاون مع سفارات الدول المصدرة للعمالة للمساعدة في عملية توعية العمالة، علاوة على المبادرة في إطلاق المركز الإقليمي لبناء القدرات لمكافحة الاتجار بالأشخاص ليعمل على توفير قاعدة من المدربين المعتمدين من الممارسين والعاملين في الصفوف الأمامية في مجال التدريب بمكافحة الاتجار بالأشخاص، يتم من خلاله تقديم مناهج مراعية لسيكولوجية الضحية، وسبل التدخل المناسبة، إلى جانب العمل على بناء قدرات الفئات المستهدفة من مجالات مختلفة من المتلقين الأُوَل ممن قد يتعاملون مع ضحايا الاتجار بالأشخاص أو الضحايا المحتملين، وذلك بالتعاون مع عدد من الخبراء والمختصين والممارسين في هذا المجال.
] هل من بلدان أو جهات إقليمية استفادت من تجربة مملكة البحرين بالتعامل مع هذه الجريمة؟
تعتبر تجربة مملكة البحرين في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص رائدة على المستوى الإقليمي والدولي، ونموذجًا يحتذى به كممارسة فضلى أشادت بها الأمم المتحدة من خلال منظماتها المعنية، كالمنظمة الدولية للهجرة، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وكجزء من إيمان المملكة بالتصدي لهذه الجريمة ودعم الجهود الدولية والأممية في التصدي الجاد ومكافحة الاتجار بالأشخاص بصوره كافة، فقد حرصت البحرين على تسخير خبراتها كافة وتقديم خلاصة تجربتها سواء بصورة مباشرة، أو من خلال البرامج التدريبية التي يقوم بها المركز الإقليمي لبناء القدرات لمكافحة الاتجار بالأشخاص، ليقدّم جميع الدعم بالاستعانة بالخبرات الأممية في المنظمة الدولية للهجرة ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في دول مجلس التعاون، لجميع الدول الراغبة في الاستفادة من تجربة مملكة البحرين في تأسيس البنية القانونية والتشريعية والإجرائية الصلبة للتصدي لهذه الجريمة، وقد باشر المركز فعليًا بتقديم الدورات وتأهيل المدربين في العديد من دول المنطقة ومنها دولة الكويت، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والمملكة المغربية وغيرها.