كشف الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص أسامة بن عبدالله العبسي عن افتتاح أول مركز خبرة وتدريب إقليمي في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص في مملكة البحرين أكتوبر القادم.
وأكد العبسي في تصريح لـ«أخبار الخليج» بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر والذي يوافق 30 يوليو من كل عام، ان هذا المركز يعتبر الأول من نوعه على مستوى العالم ويهدف إلى وضع المعايير وتدريب المدربين وتخريج الخبراء في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، لافتا إلى انه تم توقيع مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة للتعاون مع الخبراء البحرينيين في مجال الاتجار بالأشخاص من أجل إعداد 8 مناهج سيبدأ في تطبيقها المركز، تكون مصممة خصيصا للمشكلات التي تواجهها دول المنطقة في مجال الاتجار بالأشخاص.
وأوضح العبسي أن ما تواجهه دول الشرق الأوسط من مشكلات الاتجار بالبشر يختلف عما تواجهه دول أخرى في أوروبا أو أمريكا، وبالتالي كان لا بد من وضع مناهج ذات طابع خاص تناسب أدبيات دول المنطقة وتكون مطابقة لمعايير بروتوكول «باليرومو» لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص.
وذكر أن المركز الإقليمي سيمر بعدة مراحل، أولاها وضع المناهج والبرامج، ثم تدريب المدربين من خلال خبراء من الأمم المتحدة، مشيرًا إلى انه مع بداية فتح المركز سيكون قد تم تجهيز مجموعة من المناهج الثمانية المتفق عليها والتي تناسب دول الشرق الأوسط، وسيتم البدء بأول تلك المناهج والمتعلق بتدريب العاملين في المستشفيات، متوقعا أن يشمل هذا البرنامج 25 مدربا لتدريب الأطباء الممارسين على اكتشاف الحالات المصابة ما إذا كانت ناتجة عن اعتداء أو اتجار، وتدريبهم على كيفية تشخيص تلك الحالات والتعامل معها بأمان.
وقال إن هناك برنامجا للصحافة والإعلام لاطلاع الإعلاميين على طرق الاتجار بالأشخاص حتى يتمكنوا عبر منابرهم الإعلامية من رفع وعي الناس في كيفية مواجهة الاتجار بالأشخاص، وهناك أيضا برنامج آخر للعاملين في المطارات، موضحًا أن المطارات من الأماكن التي يمكن ان ترصد فيها حالات الاتجار بالأشخاص، وان تدريب العاملين في المطار يساهم باكتشاف مثل تلك الحالات.
وأضاف أيضا ان هناك برنامجا لإدارة دور الإيواء وآلية التعامل مع الضحايا وكسب ثقتهم، وبرنامجا للمفتشين العماليين، وبرنامجين لجهات التحقيق، أحدهما قانوني والآخر حول آلية التعاون مع الضحايا، لافتا إلى انه إذا ظهرت مشكلات أخرى ستتم زيادة البرامج في مركز البحرين الإقليمي لتتناسب مع كل مشكلة تظهر في ملف الاتجار بالأشخاص في دول الشرق الأوسط.
ولفت رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص الى أن المدربين الذين سيعتمد عليهم في مركز البحرين الإقليمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص هم مواطنون من كافة الأجهزة الموجودة في المملكة سواء من كليات الطب أو كليات الحقوق أو العاملين في وزارات الدولة، قائلا إن الهدف من تدريب هؤلاء هو أن يكون المدرب ممارسا وليس أكاديميا حتى يستطيع نقل خبراته بصورة واقعية ومباشرة في مختلف جهات الدولة، مؤكدا أن البحرين أصبح لديها عدد كبير من الخبراء المعتمدين من قبل الأمم المتحدة في هذا الملف وقاموا بعقد عدة دورات تدريبية في العديد من دول المنطقة مثل الإمارات والسعودية ومصر والمغرب بناء على طلب من تلك الدول في ملفات الاتجار بالأشخاص.
من جهته أكد محمد الزرقاني رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة بمملكة البحرين التابعة للأمم المتحدة أن ما حققته مملكة البحرين بالحفاظ على موقعها ضمن الفئة الأولى بتقرير وزارة الخارجية الأمريكية المعني بتصنيف الدول في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص للعام الثالث على التوالي، يعد إنجازا ليس فقط للبحرين ولكن للوطن العربي أجمع، مشيرًا إلى أن هذا الإنجاز يدل على أن البحرين تحولت إلى نموذج متكامل في كيفية مكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص.
وذكر أن تبوء البحرين هذا المركز لم يبدأ منذ 3 سنوات فقط، ولكنه بدأ منذ الإعلان عن رؤية البحرين لإصلاح سوق العمل التي أطلقها سمو ولي العهد والتي بنيت على بعد اقتصادي يتماشى مع حفظ حقوق الإنسان سواء للمواطن أو المقيم في البحرين، مضيفا أن هذه الرؤية كانت نقطة البداية والنواة لكي تصل البحرين إلى ما وصلت إليه في تميز في مكافحة الاتجار بالأشخاص.
وأوضح رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة بمملكة البحرين في تصريح لـ«أخبار الخليج» أن رؤية البحرين تعتمد على محور رئيسي وهو حماية وصون حقوق العمالة الوافدة مما يؤثر بشكل إيجابي على النمو الاقتصادي للمملكة وعلى أيضا سمعة البحرين إقليميا أو عالميا.
ولفت إلى أن إطلاق البحرين لمركز التدريب الإقليمي لمكافحة الاتجار بالبشر جاء استكمالا لقصة نجاح شكلت عبر جهود امتدت لسنوات في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، ورغبة من المملكة لاستكمال هذا النجاح ليمتد إلى باقي الدول المجاورة ودول المنطقة عبر نقل الخبرات التي اكتسبتها البحرين إلى أشقائها من الدول.
وبين أن هناك شراكة بين كل من المنظمة الدولية للهجرة ومكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص في مملكة البحرين من أجل توفيق الآليات والخبرات التي اكتسبت طوال المدة السابقة للوصول إلى دليل خاص بالمنطقة يعتمد على معايير أممية لخدمة البحرين أولا ولتعزيز قدرات دول الشرق الأوسط في مواجهة ومنع الاتجار بالبشر.
وكشف عن أن المنظمة الدولية للهجرة بمملكة البحرين تتعاون مع مملكة البحرين في إعداد 6 مناهج من أصل الثمانية مناهج التي سيطلقها مركز البحرين الإقليمي للتدريب في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص.
ونوه محمد الزرقاني, رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة بمملكة البحرين, أيضا بالإجراءات التي اتبعتها المملكة منذ بداية جائحة كورونا خاصة تجاه العمالة المخالفة، مشيرًا إلى أن رؤية البحرين أيضا اعتمدت على عدم الفصل بين سلامة المواطن أو المقيم أو المجتمع، مضيفا أن هذا النهج المتميز تسير عليه مملكة البحرين عبر التوازن بين البعد الاقتصادي والبعد الحقوقي وألا يجور أحدهما على الآخر.
وأكد أن منح العمالة المخالفة الفرصة وفترة السماح لتصحيح أوضاعها، أنقذ تلك الفئة من أن تكون عرضة لاستخدامها كضحية للاتجار بالأشخاص، مضيفا أيضا أن السماح بتقديم الخدمات الصحية للجميع حتى المخالفين كان له الأثر الإيجابي في حماية المجتمع ومنع هؤلاء العمال المخالفين من الاستغلال وخاصة في ظروف استثنائية مثل جائحة كورونا.
من جانبه أشاد د. حاتم فؤاد الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، بخطوات مملكة البحرين منذ تبوئها مركزا متقدما جدا في كافة التقييمات المتعلقة بتطوير منظومة مكافحة الاتجار بالبشر الوطنية، سواء في تقارير الأمم المتحدة أو حتى تقرير الخارجية الأمريكية، مضيفا أن هناك جهودا مشتركة تبذل بين البحرين والأمم المتحدة منها إطلاق المركز الإقليمي لبناء القدرات والتدريب في مجال رعاية ضحايا الاتجار بالبشر.
ولفت المسؤول الأممي في تصريح لـ«أخبار الخليج» إلى أن الفريق المشترك من خبراء مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وفريق خبراء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص برئاسة أسامة العبسي يعكفون حاليا على وضع باكورة أعمال هذا المركز الإقليمي وهي عبارة عن دليل تطبيقي لمنظومة رعاية ضحايا الاتجار بالبشر خاصة من فئة العمالة الوافدة سواء في أماكن العمل أو العمالة المنزلية وغيرهم طبقا لمعايير الأمم المتحدة للتعامل مع هذه الفئات والمعايير التي تناسب الواقع الخليجي الذي يعتبر من اكبر دول العالم التي لديها عدد من العمالة الوافدة.
ولفت إلى أن هذا الدليل يوفر آلية وكيفية التعامل مع حالات الاتجار بالأشخاص المشتبه بها وكيفية التعامل معها ورعايتها وحمايتها وما هي المعايير التي تفصل ما بين حقوقهم وحقوق أصحاب العمل، مضيفا أنه يتم حاليا العمل المشترك على وضع الطابع الخليجي على هذه المعايير الدولية ووضعها في معيار تطبيقي بالتعاون مع شركائهم في اللجان الوطنية بدول مجلس التعاون الخليجي، مشيرًا إلى أن هذا الدليل سيكون بمثابة عصب برامج التدريب في المركز الإقليمي الذي ستطلقه مملكة البحرين.
وأشار الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلى استمرار العمل في تطوير منظومة الإحالة الوطنية في مملكة البحرين ووضع منظومة الفيزا المرنة كنوع من أنواع الوقاية من وقوع العاملين كضحايا للاتجار في الأشخاص، مؤكدا أن هذا أسهم في أن تستمر البحرين في تبوئها الريادة في هذا الملف، ودفعها إلى أن تتعاون ليس فقط مع الأمم المتحدة ولكن أيضا مع العديد من المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية الموجودة في البحرين، معربا عن سعادته بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص في مملكة البحرين، وتأكيده على دعم هذه التجربة المميزة والمتفوقة إقليميا متمنيا استمرار تلك الجهود في إطار الشراكة مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.