أكد معالي الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية ” أن مملكة البحرين وضعت الارتقاء بالإنسان وحمايته من كل ما من شأنه أن يمُس بكرامته على سلم أولوياتها”، مشيرًا إلى إطلاق مملكة البحرين مجموعة من المبادرات الريادة التي جعلت منها دارًا لبناء الخبرات والتدريب.
جاء ذلك خلال افتتاحه للمنتدى الحكومي لمكافحة الاتجار بالأشخاص في الشرق الأوسط مساء يوم الاثنين، والذي ينعقد تحت رعاية معاليه، بحضور عربي وخليجي ودولي متخصص في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص.
حضر الافتتاح من جانب مملكة البحرين معالي وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، وسعادة وزير العمل والتنمية والاجتماعية السيد جميل بن محمد علي حميدان، ورئيس الأمن العام بوزارة الداخلية اللواء طارق بن حسن الحسن، وسعادة الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص السيد أسامة بن عبدالله العبسي.
ويشارك في المنتدى الذي تنظمه اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص وهيئة تنظيم سوق العمل بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في دول مجلس التعاون، كل من مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت، وسلطنة عمان، وجمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، علاوة على ممثلين عن المنظمتين الدوليتين.
التزام انساني
وأكد معالي وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة “أن هذا المنتدى يُسلط الضوء على أحد أبرز المواضيع على مستوى العالم والتي تتصل بشكل مباشر بالإنسان، وذلك من خلال بحث ظاهرة الاتجار بالأشخاص ووضع الحلول والآليات المناسبة لمكافحتها وتبادل الخبرات في هذا المجال”.
ولفت إلى “أن مملكة البحرين وضعت الارتقاء بالإنسان وحمايته من كل ما من شأنه أن يمُس كرامته على سلم أولوياتها، مسترشدة في ذلك بتوجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى حفظه الله ورعاه باحترام قيم التعايش السلمي والاحترام المتبادل وصون كرامة الإنسان، دون تمييز بين دينٍ أو طائفةٍ أو لونٍ أو جنسٍ أو عرق”.
وأضاف ” إن هذه التوجيهات التي انتهجتها حكومة مملكة البحرين برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه، وبدعم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه، حتى أصبح واضحًا للعيان التقدم الذي وصلت إليه مملكة البحرين في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، الأمر الذي أهلها لتكون ضمن دول المقدمة في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، وقد كان لتصنيف المملكة في الفئة الأولى للعام الثاني على التوالي في تقرير الخارجية الأمريكية المتعلق بتصنيف الدول في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، دلالة بالغة على المستوى التي حققته المملكة”.
وأشار وزير الخارجية إلى “أن البرامج والمبادرات التي أطلقتها مملكة البحرين سواء لمكافحة الاتجار بالأشخاص أو لدعم ورعاية ضحايا الاتجار عبر اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص وهيئة تنظيم سوق العمل خلال السنوات الماضية، كان لها الفضل فيما وصلت له مملكة البحرين ولعل أهمها نظام الإحالة الوطني، وتصريح العمل المرن، ومركز حماية ودعم العمالة الوافدة”، مضيفًا “أن من أبرز المبادرات كذلك تأسيس أول مركز تدريب إقليمي في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، الأمر الذي يجعل من المملكة داراً لبناء الخبرات والتدريب لمكافحة هذه الظاهرة بكل جدارة”.
وأكد “أن القائمين على برامج مكافحة الاتجار بالأشخاص ودعم ضحاياه حول العالم يؤدون رسالة نبيلة وعملاً سامياً بهدف الارتقاء بحياة الإنسان إلى الكمال وحماية حقوقه وصون كرامته عن كل ما يمسها بسوء، لذا فقد أقامت مملكة البحرين هذا المنتدى ليكون ملتقىً لأصحاب الاختصاص لتبادل الرؤى والأفكار، ووضع الحلول لمكافحة كافة أوجه الاتجار بالأشخاص، وطرح المبادرات التي تساهم في دعم ضحايا الاتجار بالأشخاص وتمكينهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي ودمجهم مرة أخرى في المجتمع”.
وثمّن معالي وزير الخارجية الجهود التي تبذلها اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص وهيئة تنظيم سوق العمل برئاسة السيد أسامة بن عبد الله العبسي في تنظيم هذا المنتدى وكذلك النقلات النوعية التي حققتها المملكة في مجال التصدير لجريمة الاتجار بالأشخاص خلال السنوات القليلة الماضية.
وضع التعريفات والأدلة
وفي ذات السياق تحدث الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص أسامة العبسي، عن مدى حاجة المنطقة إلى الأدبيات والمراجع والأدلة التي يستند عليها مكافحي جريمة الاتجار بالأشخاص في هذه المنطقة، وعدم توفر فرص الاحتكاك وتبادل الخبرات بين الممارسين، مشيرًا إلى “أن هذه الحاجة دفعت المملكة إلى توقيع اتفاقية مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في دول مجلس التعاون لتقديم الدعم الفني لإنشاء مركز خبرة وتدريب في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص يعمل على وضع تعريفات وأدلة عمل وبرامج للدعم الإداري واللوجستي تكون مختصة بواقعنا الديمغرافي وتركيبتنا السكانية”.
وشدد على “أن هذا المركز يعمل بصورة تكاملية مع جهود الأخوة في أكاديمية الشرطة إمارة دبي والتي أطلقت دبلومًا دراسيًا متخصصا”، مشيرًا إلى “أن المركز قد باشر بالفعل خطة العمل، وسننسق مع المهتمين في منطقتنا جهود دراساته وأبحاثه وصولا لأدبيات ومراجع وبرامج تدريبية تخدم منطقتنا وتتناسب مع تحدياتنا”.
وأعرب العبسي عن أمله في أن يؤثر هذا المنتدى على نظرة دول المنطقة ونظرة العالم من منطلق الفهم العميق المؤدي إلى القدرة على مجابهتها وتوقع نتيجة إيجابية، معربًا عن طموحه في وضع الأسس لمنظومة معرفية تغطي النواقص في أدبيات مكافحة الاتجار بالأشخاص مما يهيئ لموجة جديدة من تحركات الفهم الإقليمي الدقيق لهذه الجريمة العابرة للحدود.
دعم الجهود
من جانبه تحدث سفير الولايات المتحدة الأمريكية المكلف بمراقبة ومكافحة الاتجار بالأشخاص السيد جون كوتون ريتشموند، دعم الولايات المتحدة لكافة الجهود المبذولة لمكافحة لجريمة الاتجار بالأشخاص، واستعداها لتقديم كافة الخبرات والبرامج التي تسهم في السيطرة على هذه الجريمة.
فرصة لتبادل الأفكار
من ناحيتها أكدت المفوض المستقل لمكافحة العبودية في العصر الحديث في المملكة المتحدة السيدة سارة ثورنتون، أن المشاركة في هذا المنتدى الهام تأتي متواكبة مع الجهود التي تبذلها المملكة المتحدة في التصدي إلى العبودية الحديثة بكافة صورها وأشكالها، مشيرًا إلى أنه بريطانيا أقرت في العام 2015 أول قانوني للعبودية الحديثة، كما شكلت في 2016 أول فريق عمل حكومي للتنسيق والتصدير إلى مثل هذه الجرائم والاستغلال.
وأكدت ثورنتون “أن التصدير لجرائم العبودية يعد على رأس الأولويات الدولية”، معربة عن تقديرها للمنتدى الذي يُشكل فرصة لتكامل جهود المنطقة، وفرصة لتبادل الأفكار والتعاون بين دول المنطقة والمملكة المتحدة”.
الشراكة مع الأمم المتحدة
إلى ذلك ثمّن سفير المنظمة ومدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة الإقليمي بدول مجلس التعاون القاضي الدكتور حاتم علي، إقامة المنتدى الحكومي لمكافحة الاتجار بالأشخاص في الشرق الأوسط وما يمثله من منصة للحوار وتبادل الرؤى والخبرات وتطوير وتحفيز السياسات الوطنية والإقليمية في مواجهة تحديات الاتجار بالأشخاص بالشراكة مع الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن المنظمة تربطها الشراكة الوثيقة وعلاقات التعاون مع العديد من دول المنطقة لتطوير جهودها في مكافحة هذه الجريمة وفقًا للمعايير الأممية والدولية.
وأكد الدكتور حاتم علي “أن العديد من دول المنطقة لديها الكثير من البرامج والممارسات الناجحة في مكافحة الاتجار بالأشخاص ورعاية ضحاياه، ولكنها ربما بحاجة إلى مزيد من التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات فيما بينها لتتكامل هذه الجهود وتبنى على أسس صلبة ومعايير إقليمية متجانسة ومتكاملة مع المعايير الدولية، كما أثنى على جهود مملكة البحرين، ممثلة بلجنتها الوطنية، على استضافتها لهذا المنصة الإقليمية”.
تطوير القدرات
أما رئيس بعثة منظمة الهجرة الدولية في مملكة البحرين السيد محمد الزرقاني، فأكد على أن المنظمة تدعم كافة الجهود التي تصب في التصدي لجرائم الاتجار والعبودية الحديثة من خلال مساعدة الدول في تعزيز قدراتها للتعرف على الضحايا وتطوير آليات محاسبة المذنبين علاوة على تقديم كافة خبراتها في مجال تدريب الكوادر المتخصصة في هذا المجال.
جدير بالذكر أن جلسات المنتدى المتخصصة تنطلق يوم الثلاثاء الموافق 15 – 16 أكتوبر الجاري على شكل المائدة المستديرة، وتدار من قبل ممثلين عن المنظمة الدولية للهجرة ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في دول مجلس التعاون.
وقد تم اختيار مواضيع النقاش بناء على تشابه أوجه الظاهرة في المنطقة وتكرار ورودها في التقارير الدولية، ومن أبرز المواضع التي سيتم بحثها أوجه الاتجار بالأشخاص في منطقة الشرق الأوسط، وإدارة قضايا الاتجار بالأشخاص ونظم الإحالة الوطنية، كما سيبحث المنتدى رعاية الضحايا وبناء الثقة إلى جانب التركيز على أهمية خلق نوع الشراكة مجتمع الوافدين في الدول المستقدمة للعمالة.